قاطرة إلى الشاطئ
استيقظت في اليوم التالي وبدأت أصبغ جلد الكنجارو ظنًّا مني أنه قد ينفع. وعندما أخذت قسطًا قصيرًا من الراحة، بحثت عن إيرنست وجاك. ظنت زوجتي أنهما ربما اصطحبا تيرك ليؤنسهما وذهبا ليقتلعا المزيد من البطاطس أو إحضار مؤن أخرى. استبد بي القلق بشأن ذهابهما وحدهما، لكن لم يكن بوسعي فعل الكثير إزاء هذا. تركت زوجتي وفرانز الصغير، فيما اتجهت أنا وفريتز إلى قاربنا. وعندما كنا نعبر الجسر، إذ بإيرنست وجاك يندفعان من بين الأجمة ويفاجئاننا. انفجرنا جميعًا في الضحك، وقد توسلا إلينا أن نصحبهما إلى السفينة. لكنني أرسلتهما بدلًا من ذلك برسالة إلى والدتهما أخبرها فيها أنني سأقضي الليل في حطام السفينة لأنتهي من فعل المزيد من الأشياء، فذهبا عابسي الوجه ليخبرا والدتهما.
أخذنا قاربنا الصغير إلى البحر، وتحدثنا عن صنع قارب آخر لحمل الأغراض الثقيلة. وحالما صعدنا إلى متن السفينة المحطمة، عثرنا على الخشب الذي قد نحتاجه من أجل بناء المزيد، والبراميل والعوارض الخشبية من أجل صنع قارب أكبر، وبعض الصناديق الفارغة التي ستكون مثالية من أجل التخزين. وقبل نهاية النهار، صنعنا قاربنا الجديد وأطلقناه كسابقه. بعد كل هذا العمل الشاق، استبد بنا الجوع، فصنعنا وليمة عظيمة من مؤن السفينة ونمنا على الحشيّات كالملوك.
في الصباح التالي، أخذنا كل الصناديق التي استطعنا حملها، وحمّلنا قاربنا الأكبر بالأثاثات وأطر النوافذ، والمزيد من المؤن اللازمة للطهي، وكذلك صندوقًا مُلِئَ بالذهب. اكتشفنا أيضًا أن بعض أشجار الفاكهة الصغيرة لا تزال حية ففرحنا أننا سنتمكن من زرعها؛ أشجار تفاح، وكمثرى، وأبو فروة، وبرتقال، ولوز، وخوخ، وبرقوق، وكريز.
وضعنا أدوات، وطلاء، وعجلات، ومجارف، ومَساحي، وأجولة قمح وبازلاء مجففة، وأجزاء طاحونة. بدا غير معقول أن نعثر على كل هذه الأشياء، لكننا فهمنا أن كل ذلك كان من المفترض أن يُستخدم في بدء مستوطنة جديدة قبل أن تتحطم سفينتنا. وكان أعظم اكتشاف لنا هو الحشيّات؛ إذ كنا على يقين من أن أفراد عائلتنا ستطير بها فرحًا. لقد اعتبرنا أنفسنا محظوظين بحق!
تذكر فريتز القرش الذي قتله، فأحكم قبضته على الرمح الموجود بالسفينة متأهبًا تحسبًا لأي شيء. وعندئذ، بعد أن حملنا القاربين وصرنا على استعداد للانطلاق، سمعت فريتز يناديني من خلف الشراع.
– «أبي! أبحر في هذا الاتجاه بسرعة!» فعلت كما قال، وإذ بي أشعر بشيء يجر القارب إلى الشاطئ، نظرت حول الشراع لأرى منظرًا مدهشًا.
تمكن فريتز من أن يعلق رمحه في صدفة سلحفاة، وقد كانت تجرنا نحو الشاطئ بسرعة مذهلة. عندما وصلت السلحفاة، صعدت إلى الشاطئ ورسونا على نحو رائع. كانت السلحفاة في غاية التعب بعد جرنا، لذا كان من السهل أن نضعها في أحد براميلنا.
عندما رسونا، ركض أفراد أسرتنا نحونا ليروا كل الأغراض التي عدنا بها، بما فيها سلحفاتنا القوية. ركض الأولاد ليحضروا المزلجة حتى نستطيع أن ننقل ما نستطيع قبل حلول الظلام.
تمكنا من وضع السلحفاة على المزلجة، وبعد أن حملنا بعضًا من أشجار الفاكهة، شققنا طريقنا إلى منزلنا متسامرين عن مغامراتنا.
قال إيرنست: «أود أن تلقي نظرة على بعض الجذور التي عثرت عليها. أظنها قد تكون نافعة.»
في الواقع، عثر إيرنست على أحد الجذور التي يمكن صنع الدقيق منها. من اللطيف أن نحصل على خبز للمرة الأولى منذ أن رسونا على الجزيرة.
عدنا جميعنا إلى المخيم، وأفرغنا كنزنا الذي عثرنا عليه. أعطتنا زوجتي عصير القصب الذي أعدّته لنا والذي كان حلو المذاق، وتناولنا جميعًا البعض منه على العشاء. في تلك الليلة نعمنا بليلة دافئة، في بيتنا على قمة الشجرة، على أَسِرّتنا الرائعة الجديدة.
استيقظت مبكرًا على رؤية بيتنا السعيد، وبعد إمضاء بعض الوقت في العمل، عدت لأجد الجميع ما زالوا غارقين في النوم. وعندما استيقظوا، اندهشوا من تأخرهم في النوم. ضحكنا جميعًا وألقينا باللوم على الحشيات الرائعة.
بعد تناول الإفطار، تأهبنا أنا وفريتز للعودة إلى الحطام مرة أخرى. في هذه المرة، بدا الحزن الشديد على جاك، فاصطحبناه معنا، وغمرته الفرحة لأنه سيشارك في الرحلة وساعدنا في تجميع عدد من الأشياء لنأخذها معنا. ولم تكن هناك أعباء على جاك مما أتاح له أن يستطلع الحطام. وكما هو متوقع، هلّ علينا باكتشاف عظيم: عربة يدوية صغيرة! شققنا طريقنا عائدين إلى الشاطئ كي نُفاجأ بمنظر غريب: جماعة على الشاطئ بدت كرجال منحنين يرتدون سترات سوداء وسراويل بيضاء.
قال جاك: «لعلهم أقزام!»
ضحكت وقلت: «لا يا جاك، إنها طيور البطريق!»
عندما رسونا على الشاطئ، ركض جاك وراءها. ومع أن معظمها هرب، فقد تمكن من الإمساك بنحو ستة منها، وقررنا أن نأخذها معنا. اتجهنا إلى منزلنا لنجد إيرنست وزوجتي متلهفين لعودتنا.
ما إن استرحنا، حتى باشرنا العمل على طحن الجذور التي عثر عليها إيرنست لنصنع منها دقيقًا من أجل الخبز. بشرنا الجذور على قماش الشراع، ثم عصرنا السائل مما طحناه إلى أن حصلنا على دقيق مبتل. وعندما انتهينا خَزّنّاه وقررنا أن نصنع خبزًا في اليوم التالي. في الصباح، أضفنا ماءً وملحًا إلى الدقيق، ثم وضعنا الخليط في طبق موضوع على النار حيث تحمص الخبز كما لو كان في فرن. وعندما انتهينا، كنا سعداء بتناولنا الوليمة الشهية.
في تلك الليلة، تناولنا البطريق (الذي كان طعمه يبدو كالسمك، وكان عسير المضغ) والبطاطس. أما بقية طيور البطريق فبدا أنها ألفت وجود الدجاج. أطلقنا سراحها وجالت في سعادة مع السرب، وقد أصبحت أليفة تمامًا. وقفنا جميعًا في ذهول، نشاهد سرب الحيوانات الغريبة التي باتت الآن جزءًا من عائلتنا.