يوم رياضي
بعدها بفترة وجيزة، أقنعت زوجتي أن أصطحب الأولاد إلى الحطام مرة أخرى فيما عدا فرانز، وهذه المرة كي نصلح القارب الشراعي الصغير الذي كنت قد رأيته محطمًا إلى أجزاء على سطح السفينة، ونجربه.
وافقت زوجتي، ما دمت قد وعدتها بأن أعيدهم في نفس اليوم ولا نقضي الليل في الحطام. اتفقنا على هذا وانطلقنا. وفي حين كان الأولاد يبحثون عن أشياء جديدة، حاولت أن أقرر كيف نخرج القارب. لم ننته من المهمة تمامًا وعدنا أدراجنا لنجد زوجتي وفرانز بانتظارنا عند الشاطئ.
قالت زوجتي في فخرٍ: «ريثما نحصل على كل شيء يلزمنا من السفينة، قررت أن نعيش في أرض الخيمة. هذا الترحال ذهابًا وإيابًا يضيع الكثير من الوقت.»
كان هذا قرارًا سليمًا، وبناءً عليه قضينا الأيام التالية ننتقل من الشاطئ إلى السفينة، نصنع القارب الشراعي، ثم نعود إلى خيمتنا الأولى على الشاطئ، سعداء لكنا متعبون. وأخيرًا بعد أيام انتهينا من بناء القارب الشراعي على متن حطام السفينة القديمة. لكن المعضلة التي تعترضنا الآن هي كيف ننزل المركب من السياج المرتفع فوق السفينة. الحل الوحيد أن نتخلص بطريقة أو بأخرى من هذا السياج حتى نتمكن من دفع القارب إلى الماء.
عثرت على مدفع كبير، وحشيته بالبارود، ووضعت فتيلًا طويلًا. دفعت الأولاد في عجالة إلى القارب الصغير والفتيل مشتعل. جدفنا عائدين إلى الشاطئ وكانت زوجتي بانتظارنا. وما إن رسونا، حتى سمعنا صوت انفجار عظيم على سطح المركب صاحبه دخان كثيف.
أصعدت الأولاد إلى القارب الصغير مرة أخرى، وأبحرنا مرة أخرى إلى الحطام حيث وجدناه أكثر تحطمًا! لقد نجحت «القنبلة»! ونُسف جانب السفينة المقابل للشاطئ. والآن أصبح في مقدورنا أن نضع بكرات تحت القارب الشراعي على سطح السفينة وندعه ينزلق إلى المياه مباشرة. عندئذ أمضينا الوقت أنا والأولاد نحاول تزويد القارب الشراعي ببندقيتين نحاسيتين صغيرتين تشبهان المدافع.
أخيرًا أبحرنا عائدين إلى الشاطئ بقاربنا القديم وقاربنا الشراعي الجديد، ولدى اقترابنا، جعلت الأولاد يطلقون النيران من واحدة من البندقيتين النحاسيتين لتحدث صوت فرقعة. ركضت زوجتي وفرانز من خيمتنا. استطعنا أن نراهما وهما يقفزان فرحًا عندما رأيانا. عندما رسونا تعالت ضحكاتنا جميعًا وتعانقنا فخورين بأنفسنا، وراق لزوجتي مركبنا الشراعي الجميل.
قالت زوجتي: «الآن لا بد أن تروا ماذا فعلت أنا وفرانز كي نحسن المعيشة في خيمتنا هنا!»
اصطحبونا في جولة للحديقة التي صنعوها. شرحت زوجتي: «زرعنا بطاطس، وقصبًا، وأشجار فاكهة، وبطيخًا، وبازلاء، وخضراوات أخرى، ووضعنا البذور في أماكن يمكنها فيها أن تنمو على نحو أفضل.» أخبرتها أنها أحسنت الصنع، وعندما بدأ الليل يرخي سدوله، اتجهنا إلى الخيمة كي نستريح لأننا كنا نشعر بالإعياء الشديد.
في اليوم التالي، علمت الأولاد طريقة استخدام الحبل لاقتناص حيوان ضارٍ. قضينا الصباح نمارس هذه الطريقة، فكان فريتز هو أكثر من برع فيها. بعدها قررنا أن نعود إلى «غابة اليقطين» (كما سميناها) كي نصنع المزيد من السلطانيات والملاعق وغيرها من الأشياء التي قد نحتاجها، فحمّلنا مزلجتنا بالبنادق والبارود، وبعد أن جعلنا حمارنا يجرها، دعونا الكلبين ليتبعانا. لم نستطع أن نترك قردنا الصغير، لذا حملناه معنا ليجلب لنا الحظ. عندما بلغنا بقعة أشجار جوز الهند، وقف إيرنست تحت إحداها.
قال إيرنست: «أتمنى أن أحصل على ثمرة جوز الهند.» وما إن خرجت الكلمات من فيه، حتى وقعت ثمرة إلى جانبه مباشرة فجعلته ينتفض من مكانه، إذ بدا الأمر كأنه سحر إلى أن وقعت واحدة أخرى. وكما توقعنا كان هناك شيء يلقي الثمر عليه.
رفعنا أعيننا لنرى أنه يوجد شيء على الشجرة، وقد وقع سريعًا وبدأ يطارد جاك، فيما نبح الكلبان وأخذا يطاردان كلاهما. ضحكت وقلت: «إنه سرطان جوز الهند!» الذي أخذ يطارد جاك إلى أن أمسكنا به أخيرًا.
كان من الصعب أن نشق طريقنا عبر الأجمة نحو القرع الذي نحتاجه. تقدمنا في طريقنا بشيء من الصعوبة إلى أن وصلنا الغابة حيث مكثنا للعمل في شق الأطباق والسلطانيات والصحون من اليقطين، وملء الأواني التي انتهينا منها بالرمال التي تساعد على تجفيفها.
أضرمنا النيران، وطهونا سرطان جوز الهند، وأعطينا قردنا بعضًا من لبن جوز الهند. وبعد العشاء ذهب إيرنست ليتنزه في الغابة، لكنه عاد سريعًا يصرخ: «خنزير بري! أسرعوا!»
طاردنا الخنزير البري عبر الغابة بجنون بمساعدة الكلبين إلى أن حاصرناه في أرض خالية من الأشجار. كانت تجتاحنا جميعًا الإثارة إلى أن اكتشفنا أنه في حقيقة الأمر أحد خنزيرينا وكان قد تبعنا. انفجرنا جميعًا في الضحك مرة أخرى. بعدها واصلنا سيرنا إلى أن صرخ جاك الذي يتقدمنا مرة أخرى صرخة دهشة.
– «تمساح! انظروا!»
ركضنا مرة أخرى، ووجدنا هذه المرة سحلية أكوانا ضخمة فأمسكنا بها. أوثقناها حتى يأمن حملها وأخذناها إلى المخيم وأنا أحملها فوق كتفي. وفي طريقنا إلى المخيم جمع الأولاد جوز البلوط، ونوعًا جديدًا من الفاكهة التي أعطيناها للقرد أولًا ليجربها، فتناولها في سعادة، لذا جربناها جميعًا وابتهجنا لدى اكتشافنا أنها جوافة. عدنا إلى منزل غابة الصقور حيث نعمنا بعشاء طيب من الأكوانا والبطاطس وجوز البلوط المحمص، وحلينا بالجوافة. وبدأنا نألف هذه الوجبات الغريبة.