يوم القتل
من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س»:
«أوافق على خُطَّة «عثمان»، ما دام لا بديل لها، مع توفير الحماية الكافية له بالتنسيق مع عميلنا في القاهرة.»
ابتسم «عثمان» وهو يقرأ البرقيَّة … ثمَّ نظر إلى ساعته، وقال: الساعة الآن السابعة … ما هي خُطَّتنا للساعات القادمة؟
ردَّ «أحمد»: إنَّني أتصوَّر أن نذهب مُبكِّرين إلى الاستاد، ونقف قُرب الأبواب … كلُّ واحدٍ على بابٍ … فقد نشاهد ما يُريب، وقد نتصرَّف قبل أن يبدأ اللعب.
إلهام: من الصعب جدًّا أن نراقب عشرات الآلاف وهم داخلون … ومن الأفضل ترك هذه المُهِمَّة لرجال الأمن … وإنَّني أتصوَّر أنَّ القاتل سيكون قريبًا من «موجامبي»، أو بعد إقرار خُطَّة «عثمان» أن يكون قريبًا من «عثمان» وهو في مكان «موجامبي» … وعلى هذا، فإنَّنا إذا استطعنا أن نكون على مقرُبةٍ من المقصورة الرئيسيَّة، فإنَّ فرصتنا ستكون أفضل في رؤية القاتل.
أحمد: لقد طرأت لي فكرةٌ لا بأس بها … سأطلب من عميل رقم «صفر» أن يُدبِّر لي تصريح صحفيٍّ … أو مصوِّرٍ صحفيٍّ … فالمصوِّر الصحفيُّ ينزل إلى أرض الملعب، ومن حقِّه التنقُّل في كلِّ مكانٍ … كما أنَّه يستطيع أن يوجِّه الكاميرا إلى أيِّ مكانٍ في الملعب.
قالت «زبيدة»: خطرت لي الآن فكرةٌ غريبةٌ.
ونظر إليها الشياطين، فأضافت: لماذا لا يكون القاتل أحد المصوِّرين الصحفيِّين … أو بشكلٍ آخر … أن يكون مصوِّرًا صحفيًّا مزوَّرًا … إنَّ مصوِّري الصُّحُف يرتدون الآن معاطف صفراء بلا أكمامٍ … وهي مسألةٌ سهلةٌ أن يحصل أيُّ إنسانٍ على مثل هذا المِعطَف … وإذا كان وراء هذا القاتل قوًى خارجيَّةٌ، فمن السهل أن تحصل له على تصريحِ مصوِّرٍ صحفيٍّ.
عثمان: إنَّها فكرةٌ جيِّدةٌ … ولكن هل معنى هذا أن نُركِّز على المصوِّرين الصحفيِّين فقط؟
زبيدة: لا … ولكن ليكن اهتمامنا الأكبر بهم … وإذا كان من الممكن أن نحصل على تصاريح تصويرٍ صحفيَّةٍ فقط، فإنَّ هذا سيكون مفيدًا جدًّا.
أحمد: للأسف، إنَّ الصحفيِّين الرياضيِّين في مصر كلَّهم من الرجال … ومن الصعب أن نحصل على أكثر من تصريحين؛ واحدٍ لي، والثاني ﻟ «قيس».
قيس: هذا يكفي … سأكون أنا وأنت قُرب المقصورة، وسيقوم «عثمان» بدور «موجامبي» … وعلى «إلهام» و«زبيدة» أن يُراقبا المُدرَّجات المحيطة بالمقصورة.
أحمد: هذا تصوُّرٌ معقولٌ … وأوافق عليه.
عثمان: بقي أنَّني محتاجٌ لملابس تليق بزعيمٍ أفريقيٍّ.
أحمد: سوف أتَّصِل بعميل رقم «صفر» للتنسيق بيننا وبينه، وأعتقد أنَّه من السهل أن نحصل لك على الملابس الملائمة.
عثمان: والماكياج؟
ردَّت «زبيدة» على الفور: لعلَّك نسيت أنَّني مُتخصِّصةٌ في الماكياج، وأنَّني قمت بهذا العمل قبل الآن.
قام «أحمد» إلى التليفون، واتَّصَل بعمیل رقم «صفر»، الذي ردَّ على الفور.
قال «أحمد» له: نريد ملابس مقاس ٤٠ تناسب «عثمان»؛ للظهور بدور الزائر الأفريقى «موجامبي».
العميل: إنَّه يلبس ملابس عاديَّةً، ويضع نظَّارةً طبِّيَّةً ذات إطارٍ ذهبيٍّ.
أحمد: لقد تمَّ الاتفاق مع رقم «صفر» أن يقوم «عثمان» بدور «موجامبي» … وعليك الاتِّصال بجهات الأمن، بحيث يجلس «موجامبي» في مكانٍ آخر غير المقصورة؛ فسوف يكون «عثمان» في مكانه.
العميل: سأحاول.
أحمد: أرجو أن تُوفَّق … ثمَّ إنَّنا نريد تصريحَينِ لمصوِّرَين صحفيِّيَن؛ فسوف أقوم أنا وقیس بالمراقبة ونحن في الملعب … فالمصوِّر الصحفيُّ له حرِّيَّة الحركة، ويستطيع أن يوجِّه آلة التصوير إلى أيِّ مكانٍ … وهذا يعطينا فرصة مراقبةٍ ممتازةً لكلِّ المُدرَّجات.
العميل: هذا سهلٌ جدًّا … بعد ساعتين من الآن ستكون عندكم ملابس مناسبةٌ ﻟ «عثمان»، وتصاريح المصوِّرَين.
أحمد: شكرًا لك.
العميل: إلى اللقاء.
وضع «أحمد» السمَّاعة، وقد بدا أكثر ثقةً فيما يفعل … ولكنَّ سحابةً من الحزن كانت تُخيِّم على قلبه، وعلى قلوب كلِّ المغامرين، وهم يعرفون أنَّ صديقهم وزميلهم المغامر الممتاز «عثمان» سوف يتعرَّض للقتل بعد ساعاتٍ.
تمَّ كلُّ شيءٍ في موعده … ملابس «عثمان» … تصاريح التصوير في المباراة … وكانت عيون الشياطين طول الوقت على الساعات.
في الساعة الواحدة ظهرًا … كانت كلُّ تفاصيل الخُطَّة قد رُسمت بعنايةٍ؛ الملابس … الماكياج … نوع الأسلحة التي سيتمُّ استخدامها في الملعب.
في الساعة الثانية، كانت سيَّارةٌ مرسيدس تحمل علم دولةٍ أفريقيَّةٍ تقف أمام مقرِّ الشياطين اﻟ «١٣» … وخرج «عثمان» وقد تحوَّل إلى صورةٍ طبق الأصل من «موجامبي» إلى السيَّارة … وانطلقت به إلى جهةٍ غير معلومةٍ … على أن يصل إلى استاد القاهرة مع بداية المباراة.
بعد ذلك بدقائق قليلةٍ، كان بقيَّة الشياطين … «أحمد» و«قيس» في ملابس مصوِّري الصُّحُف، في طريقهم إلى الاستاد … بينما حملت كلٌّ من «زبيدة» و«إلهام» تذكرةً لحضور المباراة في المقصورة.
عندما اقترب «أحمد» من الاستاد، راعَهُ حجم الجماهير التي وقفت في صفوفٍ متراصَّةٍ أمام الأبواب لدخول المباراة … كان يعرف أهمِّيَّة المباراة؛ لأنَّها النهائيَّة للحصول على كأس أفريقيا … ويعرف شعبيَّة كرة القدم ونجومها الكبار من جميع الأندية، خاصَّةً النادي الأهلي والزمالك … وبقية الأندية التي أنجبت أشهر نجوم الكرة.
بتذكرة المصوِّر، استطاع «أحمد» و«قیس» أن يدخلا الاستاد … وقد كانت مفاجأةً لهما هذا العدد الضخم من المُتفرِّجين الذين ملئوا المُدرَّجات … وكانت أعلام مصر تُرفرِف في كلِّ مكانٍ … والأماكن تمتلئ تدريجيًّا بالمُتفرِّجين … وكانت الموسيقى العسكريَّة تقف في جانبٍ من الملعب؛ تَصْدَحُ بموسيقاها الحماسيَّة، فتُثير مشاعر كلِّ مَن في الملعب من أجل مصر، ورفع اسمها في كلِّ مجالٍ … كان شيئًا مُبهرًا حقًّا … حتى إنَّ «أحمد» تمنَّى أن ينسی مهمَّته، ويشارك الجماهير حماسها.