الفصل الرابع

المشهد الأول

(أصوات طلقات من مكان بعيد.)

(ينامون ثانية، وتسمع طلقات جديدة عن كثب.)

(يرقد الجنود ثانية.)

(يعود الرقود الذين هموا بأن يرفعوا رؤوسهم إلى النوم مستسلمين.)

(يرى سيرانو متجهًا إلى إحدى الخيام.)

المشهد الثاني

تشرق الشمس، ويصطبغ الجو بحمرة خفيفة، وتبدو مدينة أراس في الأفق، وقد انعكست عليها الأشعة الذهبية.

يسمع قصف المدافع من بعيد، يتبعه قرع الطبول من جهة الغرب، ثم يسمع صوتها مقتربًا، وتتجاوب أصواتها وهي تدنو، ويتضاءل الصوت إذ تتباعد إلى أن تتلاشى جهة الشرق حول المعسكر.

وتدب الحركة في الخيام حين يستيقظ النائمون، وتسمع أحاديث الضباط من بعيد.

المشهد الثالث

(يتناول الشيخ الراعي الناي.)

(لا يبقى في الجنود أحد لم يطرق، ولا خلا منهم فرد لم يزفر، ولم يشهق، ولا تلبث أعينهم أن تشرد منها الأبصار واللمحات، كأنهم في حلم عذب تراءى لهم في نوم عميق وسبات، وهم يمسحون الدموع والعبرات، وهم سكوت والناي يتكلم.)

(يصيح الجميع صيحة تأفف وكراهية هوو! هوو!)

المشهد الرابع

(يدخل دي جيش فيبدو الجميع منهمكين في تسلياتهم، ويرى وجهه شاحبًا، يتجه إلى كاربون.)

(سكون، والجميع ماضون في ألعابهم وتدخينهم.)

(لا يبدي الجند رغبة في الاستماع، ولكنهم يكفون لحظة عن التدخين، ولعب الورق والنرد، ويخيم السكون في توقع حدوث شيء ما.)

(يتهلل الجميع، ولكنهم يظلون على صمتهم، وألعابهم، وتدخينهم.)

(يظل الجند على صمتهم ولعبهم.)

(يصعد هضبة، ويلوح بالوشاح ثلاثًا.)

(ينهضون في خطفة البرق من مجاعتهم إلى أسلحتهم؛ ليكونوا على أتم الأهبة والاستعداد، تسمع صلصلة السيوف، وقعقعة المناطق، وهم يتمنطقون بها.)

(يعود الجنود إلى الجلوس، ومتابعة ألعابهم.)

(يرى دي جيش في المؤخرة، وهو يتحدث مع كاربون، وتصدر الأوامر بالاستعداد للنزال، يتجه سيرانو نحو كريستيان الذي يقف مكتوف الذارعين في ذهول صامت.)

(تسمع جلبة من مكان بعيد، ثم يطرق أذنيهما صوت الحارس.)

(تسمع طلقات النيران، وجلبة وضوضاء، ورنين أجراس.)

(ينزلون من الهضبة، ويصطفون في نظام عسكري.)

(تظهر مركبة علاها الغبار، وتلطخت بها الأوحال، ولا تزال مسدلة الأستار، ومن خلفها جلس وصيفان، تدخل المعسكر مسرعة، ثم تقف مرة واحدة.)

(يدوي المكان بصليل السيوف، ودق الطبول، يرفع الجنود قبعاتهم تحية.)

(يتقدم رجلان نحو العربة، يفتح الباب، وتنزل روكسان من المركبة متهللة مشرقة المحيا.)

(دهشة عامة عند سماع صوت المرأة، ينتصب الجند، وكانوا قد انحنوا للتحية.)

المشهد الخامس

المشهد السادس

(يسارع الجنود مستبقين لكي يفوز أحدهم به.)

(ذهول ودهشة.)

(يقف راجينو فوق مقعده من المركبة كما يفعل عادة دجالو الأطباء في طريق عام.)

(هتاف.)

(بينما يسترسل الحلواني القديم.)

(يتناقلون طبق اللحم بينهم.)

(يمد إليهم فخذًا من اللحم؛ فيتراقصون بها من الفرح، وقد أمسكت بها عشرون يدًا.)

(يذهب إليها تاركًا سيرانو في حيرة متناهية.)

(صيحة مدوية، يمزقون الوسادات، ويطلعون الطعام، وهم في مرح وضحكات ضاجة عالية.)

(سيرانو وكريستيان يتعاونان على نشر الغطاء.)

(يظهر الكونت دي جيش، فما هي إلا ومضة الطرف حتى كان كل شيء على الموائد من شراب، ولحوم، وخبز، وحلوى، قد اختفى في طيات أرديتهم، أو أردان أثوابهم، وتحت الصناديق.)

(سكوت.)

المشهد السابع

(لا تلبث الأطعمة أن ظهرت كأنما كان ظهورها بسحر ساحر.)

(يأخذ الجنود في الرقص والمرح.)

(يريهم صفًّا من الرماح البارزة فوق الهضبة.)

(تتأبط ذراعه، فيصعدان معًا إلى قمة الهضبة، يخرج الجند من مكامنهم ويتبعونهما.)

(تظهر روكسان فوق الهضبة، فتتوارى الحراب عن الأعين، وقد نكست للتحية، ويدوي المكان بالصياح، تنحني روكسان.)

المشهد الثامن

(روكسان، كريستيان، مشهد الجنود في المؤخرة يروحون ويجيئون، كاربون ودي جيش يصدرون الأوامر.)

المشهد التاسع

(كريستيان، سيرانو، روكسان في المؤخرة تتحدث مع كاربون، وبعض الجنود.)

(يخرج سيرانو مدججًا بالسلاح من فرعه إلى قدمه.)

المشهد العاشر

(يدوي في الفضاء صوت الرصاص.)

(يأتي لوبريه من جهة الأسوار مسرعًا.)

(يقبل جمع من شباب الفرقة يحملون على أكفهم بدنًا مسجى، وهم يحاولون إخفاءه عن روكسان.)

(ترتمي روكسان فوق جسده، يعود العدو إلى إطلاق النار، ويسمع صليل السيوف، ودق الطبول.)

(يقبل راجينو مهرولًا، يحمل الماء في خوذة.)

(تجثو روكسان عند صدره، وقد مزقت قطعة من ثوبها عند الصدر، وجعلت تبللها بالماء، وتمسح بها جرحه.)

(يشتعل الفضاء لهيبًا، ويتساقط الرصاص، وتحتدم المعركة، ويعلو الصياح.)

(يحملون الأمداد والمؤن، اصمدوا قليلًا.)

(ويمرق كالسهم ليلقي بنفسه في وسط المعركة الحامية، فيوقفه كاربون.)

(ضجيج المعركة، صيحات مدوية، يظهر الجنود مثخنين بالجراح، يهوون على الأرض.)

(يغرس عصا الحربة في الأرض، ويصرخ في الجنود.)

(صوت زمر.)

(يبدأ الزامر في الزمر، ينهض بعض الجرحى مرة أخرى، يلتف بعض الجنود منحدرين من الجسر حول سيرانو، وحول البيرق الصغير، ولما كانت العربة مكتظة بالجنود من الداخل والخارج، فقد برزت أسنة بنادق الجنود كالشوك، وبدت وكأنها قلعة منيعة.)

(يظهر فجأة فوق الجسر حشد رهيب من الأعداء، وتظهر ألوية الجيش الإمبراطوري العظيمة.)

(تطلق النيران من جميع المواقع.)

(يجري تبادل إطلاق النار، ويسقط الجنود صرعى من كل جانب.)

(يختفي بقية المشهد في غمار المعركة.)