الأوبئة والجوائح
بمجرد أن يثبِّت فيروس ظهر حديثًا بصورة مفاجئة مثل سلالة جديدة للأنفلونزا أقدامه بنجاح داخل مجتمع ما، فإنه يتبع بصفة عامة نموذج الأوبئة الدوارة، فيصاب الكثير من المهددين بالخطر بعدواه ويصبحون محصنين ضد تجدد الهجوم. وعندما يصبح معظم الناس محصنين، يواصل الفيروس مسيرته منتقلًا إلى مكان آخر، ولا يعود إلا عندما يظهر مجتمع مهدد جديد، الذي يتكون عادةً من الرضع الذين ولدوا بعد آخر وباء، وقبل أن تصبح برامج التطعيم واسعة الانتشار، كان صغار الأطفال يعانون من سلسلة من الحميات المعروفة التي تسمى «حالات عدوى الأطفال». وشملت تلك الأمراض الحصبة وحمى النكاف والحصبة الألمانية والجديري المائي وجميعها أمراض فيروسية لم يبقَ منها ما هو واسع الانتشار في الغرب إلى اليوم سوى الجديري المائي.
حتى نكتشف متى وكيف عانى البشر لأول مرة من تلك الحميات التي تصيب الأطفال، نحن بحاجة إلى العودة إلى الماضي حوالي ١٠ آلاف عام، وتحديدًا إلى الثورة الزراعية التي بدأت في الهلال الخصيب (وهي المنطقة المحصورة بين نهري دجلة والفرات، فيما يعرف الآن بالعراق وإيران) وانتشرت سريعًا في الأقاليم المجاورة. وحوَّل هذا التغير الجذري في نمط الحياة — الذي اتُّبِع بعد ذلك بصورة منفردة في مناطق أخرى من العالم — أجدادنا من صيادين وجامعي ثمار جوالين إلى مزارعين يعيشون في مجتمعات مستقرة. وكانت عواقب هذا التغيير فيما يختص بالميكروبات التي تصيبهم بالعدوى لا تقل ضخامة. فقد أدى إلى فترة من الأوبئة الآخذة في ازدياد من حالات العدوى الشديدة التي كثيرًا ما تكون مهلكة تتسبب فيها ميكروبات من بينها تلك التي نتعرف عليها حاليًّا بين أمراض الطفولة الحادة.
كانت هذه الهجمة الشرسة مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتغير أسلوب الحياة. فقد استبدلت بالمخيمات المتنقلة مساكن ضيقة مزدحمة دائمة داخل قرى مكتظة بالسكان، تتيح للميكروبات التي يحملها الهواء سهولة الوصول إلى عوائلها؛ في ذات الوقت الذي صار فيه الطعام والشراب اللذان كانا فيما مضى يجمعان يومًا بيوم، يخزنان في ظروف غير صحية، ما شجع على انتقال الميكروبات المعدية للأمعاء بالطريق الشرجي-الفموي. وكان العامل الرئيسي في إدخال ميكروبات جديدة لأجساد المزارعين الأوائل متمثلًا في قربهم الشديد من الحيوانات التي صارت تربى في المنازل حديثًا والتي صارت حينئذ تقاسمهم مساكنهم، والتي كانت تحمل تركيبتها الخاصة بها من الميكروبات.
وكما رأينا من قبل في الفصل الأول، توضح تقنية الساعة الجزيئية أن فيروس الجدري هو الأقرب صلة بفيروسات الجدري التي تصيب الجمال واليرابيع، لا بجدري البقر كما كان يعتقد في السابق. ويرى العلماء أن فيروس جدري القوارض ربما وثب للإنسان والجمال في الحقبة الزراعية الأولى، ووفق تقديراتهم فإن هذا الحدث وقع في وقت ما بين ٥٠٠٠ و١٠٠٠٠ عام مضت. وعلى النقيض من هذا، فإن أقرب الأقرباء إلى فيروس الحصبة هو فيروس «طاعون الماشية»، وطبقًا لحسابات العلماء فإن الفيروسين انحدرا من سلف مشترك لكليهما منذ ما يقرب من ألفي عام. لهذا يبدو أن تلك الفيروسات وغيرها كثير من ميكروبات الحيوان أصابت الإنسان بالعدوى عندما حدث اتصال لأول مرة خلال بدايات الحقبة الزراعية. كانت تلك هي الفيروسات الحديثة لذلك العصر، وكما هي الوسيلة المتبعة في معظم أنواع العدوى الحديثة، في البداية كان كل وباء يبدأ بانتقال الفيروس من الحيوان إلى العائل البشري وينتهي عندما يصاب معظم المهددين بالخطر في المجتمع بالعدوى. وبعدها، مع اتساع نطاق الروابط التجارية بين القرى والبلدات والبلاد، اتسع كذلك نطاق انتشار تلك الفيروسات «الجديدة»، مسببًا أوبئة أكبر حجمًا وأوسع انتشارًا.
استُعين بالدراسات التي أجريت على نوبات تفشي فيروس الحصبة في المجتمعات التي تقطن الجزر ذات المساحات المختلفة مثل أيسلندا، وجرينلاند، وفيجي، وهاواي في تقدير الحد الأدنى من حجم التعداد السكاني المطلوب لكي يدور الفيروس باستمرار في مجتمع ما، مقارنةً بكونه آتيًا من الخارج، في بداية كل وباء. وتظهر النتائج أن تعدادًا سكانيًّا من حوالي نصف مليون نسمة تعداد كافٍ، وهذا الرقم قد يكون كافيًا أيضًا لغيره من الفيروسات المحمولة جوًّا. ونحن نعلم أن أولى البلدات التي بهذا الحجم ظهرت إلى الوجود حوالي عام ٥٠٠٠ قبل الميلاد في منطقة الهلال الخصيب، وهكذا منذ ذلك الحين وصاعدًا، أمكن لفيروسات مثل فيروس الحصبة أن تحطم ارتباطها بالعوائل الحيوانية بحيث صارت تسبب للمرض لدى الإنسان فقط.
تنتشر الفيروسات بين العوائل بعدة طرق مختلفة، ولكن تلك التي تتسبب في أوبئة حادة تستعمل بصفة عامة طرقًا سريعة تتسم بالكفاءة، مثل الانتشار جوًّا أو عبر المسالك الشرجية الفموية. الوسيلة الأولى هي أكثر السبل كفاءة للانتشار في الأمم الصناعية حيث يميل الناس إلى العيش في بلدات ومدن مكتظة بالسكان، في حين أنها تنتشر بالوسيلة الثانية في البلدان غير الصناعية، وبخاصة عند تدني معايير الصحة العامة.
وإذا تكلمنا بشكل موسع، فسوف نجد أن عدوى الفيروسات تتميز فيما بينها من خلال الأعضاء التي يصيبها كل منها، فالفيروسات المحمولة جوًّا تتسبب بصورة رئيسية في أمراض رئوية، مثل الأنفلونزا أو نزلات البرد أو الالتهاب الرئوي، أما تلك التي تنتقل عن طريق التلوث الشرجي الفموي فتتسبب في نزلات معوية، وغثيان وقيء وإسهال. والحقيقة أن هناك الآلاف من الفيروسات القادرة على التسبب في أوبئة للإنسان، غير أن القليل منها هو الذي يتسبب في أمراض تصيب الأطفال بشكل مميز مثل الحصبة والنكاف والجديري المائي وحتى عهد قريب للغاية، الجدري.
الفيروسات المحمولة جوًّا
يقع فيروس الجدري في فئة خاصة به باعتباره أسوأ فيروس قاتل على مستوى العالم. ونحن نعلم أنه أصاب الإنسان بعدواه لأول مرة منذ ما لا يقل عن خمسة آلاف عام، وقتل ما يقرب من ٣٠٠ مليون نسمة خلال القرن العشرين وحده. ويعتقد أن طاعون «أنطونين»، الذي بدأ في الانتشار عام ١٦٦ ميلادية يمثل أول جائحة جدري حدثت على مر التاريخ. لقد أصاب الطاعون الإمبراطورية الرومانية خلال فترة حكم الإمبراطور ماركوس أوريليوس أنطونينوس، الذي حكم مساحة شاسعة من الأقاليم تضم معظم أوروبا المعاصرة، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. وبدأ الوباء في سلوقية، وهي مدينة تقع على نهر دجلة، أثناء قيام الجنود الرومان بقمع تمرد، وإبان عودتهم منتصرين إلى روما، حملوا معهم الفيروس، ونشروه طوال الطريق. وعلى امتداد العشرين عامًا التالية، تفشى الجدري كالطاعون في جميع أنحاء الإمبراطورية وإلى ما وراء الهند والصين، فكان يقتل ٥٠٠٠ شخص في اليوم الواحد في روما أثناء ذروته. واعتقد الرومان أن هذا الطاعون كان عقابًا أنزلته الآلهة بهم لنهبهم سلوقية، وبخاصة تجرؤهم على فتح مقبرة كانت مغلقة بإحكام داخل معبد أبوللو. ووصف طبيب ماركوس أوريليوس، وهو جالينوس من برجاموم، «طاعونًا من الحمى» يتسبب في الشعور بالظمأ الشديد، والقيء، والإسهال، إضافة إلى طفح من بثور الحمى يتميز بأنه جاف، وأسود ومتقرح؛ مما يشير بشدة إلى أنه كان مرض الجدري.
ومنذ ذلك الحين وصاعدًا، أحدث الجدري أوبئة آخذة في الازدياد بما يواكب نمو البلدات والمدن لتصير أكثر اكتظاظًا بالسكان. وقتل الفيروس عددًا وصل إلى ٣٠٪ ممن أصيبوا بعدواه، وتسبب بندوب وأصاب بالعمى كثيرًا ممن نجوا من الموت. ولكن بعد مضي قرون من الدمار قضي أخيرًا على فيروس الجدري من العالم عام ١٩٨٠. وسوف نشرح في الفصل الثامن نضال العلم في الوقاية من الجدري والقضاء عليه.
حتى ستينيات القرن العشرين كانت الغالبية العظمى من الأطفال تعاني من حميات الأطفال الفيروسية المعتادة، الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، ولكن في أعقاب توفير برامج التطعيم صارت تلك الأمراض نادرة الحدوث في العالم المتقدم. وتدخل الفيروسات الثلاثة جميعها الجسم من خلال الأنف والفم وتستوطن الغدد الليمفاوية الموضعية. حينئذٍ، وبعد فترة حضانة تستمر أسبوعين، يحيا الضحية خلالها سعيدًا غير مدرك لنمو الفيروس الغازي داخله، ينتقل الفيروس إلى تيار الدم ليصل إلى الأحشاء الداخلية. ويستحث تواجد الفيروس في الدم على هذا النحو أعراضًا غير نوعية مثل الحمى والإعياء والصداع ورشح الأنف، حيث يستوطن كل فيروس أعضاءه المستهدفة الخاصة به فتظهر العلامات المميزة لكل مرض منها: الطفح الجلدي الشهير للحصبة والحصبة الألمانية، وتضخم الغدة النكفية المؤلم في حالة النكاف. وقد تكون تلك الأمراض طفيفة في معظم الحالات، ويؤدي التعافي منها إلى حصانة تمتد طول العمر، ولكنْ كلٌّ منها مرتبط بمضاعفات قاسية تجعل الوقاية منها على مستوى العالم هدفًا لا يمكن النكوص عنه.
من بين الفيروسات الثلاثة، يعد فيروس الحصبة أكثرها قدرة على الإصابة بالعدوى والتسبب في أشد الأمراض وطأة. لقد كان يقتل ملايين الأطفال كل عام قبل أن تبدأ التطعيمات في منتصف القرن العشرين. وحتى يومنا هذا لا يزال هذا الفيروس يقتل ما يزيد على ٣٠٠ ألف طفل سنويًّا في البلدان التي تتدنى فيها التغطية بالتطعيم. ومعظم الوفيات من الحصبة تأتي نتيجة للالتهاب الرئوي، الذي يحدث إما بسبب فيروس الحصبة نفسه أو بسبب الميكروبات التي تغزو الرئة المصابة. في البلدان النامية، تقتل الحصبة من ١–٥٪ من أولئك الذين تصيبهم بالعدوى، ولكن هذه النسبة قد تصل إلى ٣٠٪ في الأحوال المعيشية شديدة الازدحام مثلما هو الحال في معسكرات اللاجئين. وقد افترض لمدة طويلة أن ارتفاع نسبة الوفيات سببه سوء تغذية موجود مسبقًا وغيرها من الأمراض المنهكة للصحة مثل الملاريا، غير أن الدراسات التي أجريت مؤخرًا في غينيا بيساو حددت بدقة عاملًا آخر. فقد اكتشفت تلك الدراسات أن نسبة الوفيات في الحصبة كانت أعلى في المناطق الريفية حيث تمر فترات أطول بين كل وباء والذي يليه. ومعنى هذا أن أطفال الريف يصابون بالحصبة في سن أكبر من أطفال الحضر. خلال الوباء الريفي، يكون هناك عدد أكبر في كل منزل معرضين للإصابة وكثيرًا ما تصيبهم العدوى بالتسلسل، فأحدهم يصيب الآخر وهكذا، في وباء واحد. وفي هذا الموقف، تكون نسبة الوفيات أعلى في ثاني وثالث طفل تصيبه العدوى أكثر من الحالة الأولى (الدليلية). والسبب أن فيروس الحصبة ينتشر بصورة أساسية عن طريق قطرات الرذاذ التي تخرج مع السعال وهو أكثر قدرة على الإصابة بالعدوى في حالة المسافات القصيرة داخل المساحات المغلقة. ومن ثم في هذه الدراسة، كانت حجة العلماء أن الحالة الدليلية أصيبت بعدوى الفيروس على الأرجح من خارج المنزل، حيث من المرجح أن الجرعة الفيروسية المعدية المنخفضة تؤدي إلى مرض طفيف نسبيًّا. وعلى النقيض من ذلك تكون الجرعة أعلى في الفرد الثاني من الأسرة الذي يصاب بالعدوى من الأول نظرًا لازدحام المنزل. ولما كانت العدوى تشتد كلما كانت أعداد الفيروسات التي ينتجها الضحايا المتتالون أكبر، فإن الجرعة المتلقاة تتصاعد في سلسلة الأسرة مواكبةً لشدة المرض.
لما كان البشر يمثلون العائل الوحيد لفيروس الحصبة، وكان اللقاح آمنًا وشديد الفعالية، فإن القضاء على مرض الحصبة أمر ممكن، وقد تحقق ذلك بالفعل في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا على امتداد فترات زمنية طويلة. لقد خفضت «مبادرة الحصبة» عام ٢٠٠١، التي أعدت بهدف نهائي وهو القضاء على مرض الحصبة في جميع أنحاء العالم، الوفيات العالمية من الحصبة بنسبة ٧٤٪ بحلول عام ٢٠٠٥، عن طريق زيادة مساحة التغطية بالتطعيمات في أفريقيا السوداء وشرقي المتوسط ومناطق غرب المحيط الهادي. والآن صار الهدف الفوري الحيلولة دون وقوع ٩٠٪ من الوفيات من الحصبة والتخلص نهائيًّا من الفيروس بحلول عام ٢٠٢٠ (انظر الفصل الثامن).
يُعرف مرض الحصبة الألمانية بهذا الاسم لأن أول من وصفه كان طبيبًا ألمانيًّا، وهو فريدريك هوفمان (١٦٦٠–١٧٤٢)، في القرن الثامن عشر، وأوضح طبيب ألماني آخر هو جورج دي ماتون الفارق بينه وبين الحصبة العادية والحمى القرمزية، وذلك في القرن التاسع عشر. وهذه العدوى بصفة عامة تعد طفيفة وقصيرة الأجل، وغالبًا ما تمر مرور الكرام دون أن يلحظها أحد. وكان من الممكن ألا تكون لهذا المرض سوى أهمية ضئيلة لو كانت تلك هي نهاية القصة، ولكن في أربعينيات القرن العشرين لاحظ الطبيب الأسترالي نورمان جريج (١٨٩٢–١٩٦٦)، وجود علاقة ارتباط بين الحصبة الألمانية التي تصيب النساء الحوامل ووجود تشوهات خلقية لدى أطفالهن، كان أكثرها شيوعًا عيوب بالقلب والعينين والصمم. إن فيروس الحصبة الألمانية الموجود في دم الأم يعبر المشيمة وينمو داخل الطفل، الذي لا يكون جهاز مناعته قد نضج مطلقًا كي يواجه المرض. وهذا كفيل بإتلاف الأعضاء النامية للطفل، وفترة الخطر هي فترة تكوين الأعضاء بين عمر ١٠ و١٦ أسبوعًا من الحمل. ويقدم تطعيم الحصبة الألمانية عادةً بجانب تطعيمي الحصبة والنكاف في مستحضر تطعيم واحد هو «إم إم آر»، وقد قضى بالفعل على الحصبة الألمانية الخلقية في البلدان ذات التغطية التحصينية المرتفعة، ولكن الحالة لا تزال تمثل مشكلة في البلدان النامية.
حمى النكاف أيضًا مرض طفيف نسبيًّا، ولا سيما في سن الطفولة، وقد يمر مثله مثل الحصبة الألمانية دون أن يلحظه أحد. وينصح بالتطعيم لتفادي المضاعفات الشديدة له مثل الالتهاب السحائي والالتهاب الدماغي والتهاب الخصيتين. وتصيب تلك الأخيرة ما يقرب من ٣٠٪ من الذكور الذين يلتقطون عدوى النكاف بعد البلوغ وغالبًا ما يصيب الخصيتين معًا، وهي الحالة التي ربما تؤدي إلى العقم.
لا يزال الجديري المائي مرضًا منتشرًا في المملكة المتحدة، وهو واحد من أكثر أنواع الحميات الحادة التي تصيب الأطفال انتشارًا. وهو يجتاح الحضانات والمدارس على نحو منتظم كل فترة، فيصيب بعدواه معظم الأطفال القابلين للعدوى قبل أن يزول. غير أن هناك تطعيمًا فعالًا متوفرًا له ويقدم لجميع الأطفال في الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، وبعض الدول الأوروبية، غير أنه ليس تطعيمًا منتظمًا في المملكة المتحدة. ومع أن الجديري المائي يسلك سلوك الحميات الحادة التقليدية المشابه لسلوك الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، فإن الفيروس يظل داخل الجسم طيلة عمر الإنسان بعد الإصابة الأولى بعدواه وربما يظهر على السطح من جديد ليسبب مرض القوباء المنطقية. وسوف نغطي هذا الفيروس بمزيد من التفصيل بجانب غيره من الفيروسات المستديمة في الفصل السادس.
معظم الناس يصابون بنزلتي برد أو ثلاث كل عام، ما يوحي بأن جهاز المناعة — البارع للغاية في حمايتنا من هجمة ثانية من الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية — ينهزم أمام فيروس نزلات البرد. غير أن الأمر ليس كذلك. فحقيقة الأمر، أن هناك فيروسات كثيرة للغاية تسبب الأعراض النمطية المتمثلة في انسداد الأنف والصداع والإعياء واحتقان الزور والعطس والسعال وفي بعض الأحيان ارتفاع درجة الحرارة، لدرجة أننا حتى إذا عاش الواحد منا ١٠٠ عام، فلن يصاب بها كلها. ففيروس نزلات البرد، أو الفيروس الأنفي، يوجد منه وحده ما يزيد على ١٠٠ نوع مختلف، وهناك العديد من الفيروسات الأخرى التي تصيب بعدواها الخلايا المبطنة للأنف والبلعوم وتسبب أعراضًا مشابهة، وغالبًا ما يكون ذلك بتنويعات طفيفة. على سبيل المثال، على العكس من معظم الفيروسات التنفسية التي يكون أفضل وقت لانتشارها شهور الشتاء، كثيرًا ما يتسبب فيروس «كوكساكي» في نزلات البرد الصيفية، كما أن الفيروسات الإيكوية والفيروسات الغدية قد تتسبب في احتقان واحمرار بالعين إضافة لذلك وهي حالة تسمى التهاب الملتحمة. وكل تلك الفيروسات تحدث أعراضًا موضعية بعد فترة حضانة تمتد يومين أو ثلاثة أيام وتستمر ثلاثة أو أربعة أيام ولا تحتاج لأي علاج. على أن العدوى غالبًا ما تؤدي إلى التغيب عن العمل أو الدراسة، وبسبب الانتشار الشديد للعدوى، يصير عبؤها على الاقتصاد العالمي ثقيلًا.
إن أي شخص يذكر في ثقة أنه تغيب عن العمل بضعة أيام لإصابته ﺑ «الأنفلونزا» من المحتمل أنه كان يعاني من عدوى بواحد من الفيروسات العديدة المسببة لنزلات البرد، غير أن الهجمة الحقيقية للأنفلونزا التي يتسبب فيها أحد فيروسي الأنفلونزا «أ» أو «ب» أمر مختلف تمامًا. فعلى الرغم من أنها تحدث أعراضًا تنفسية مشابهة، فإن الأنفلونزا لها آثار عضوية أكثر حدة مصحوبة بأوجاع بالعضلات وارتفاع في درجة الحرارة، غالبًا ما تستمر حتى سبعة أيام. وحتى بعد التعافي، قد يشعر ضحاياها بالخمول والاكتئاب لبعض الوقت، مما يعمل على مزيد من تأجيل عودتهم للعمل. وفي الأجواء المناخية المعتدلة، تحدث نوبات تفشي الأنفلونزا «أ» و«ب» في معظم فصول الشتاء، مع نسبة لا بأس بها من الوفيات، وغالبًا ما تكون الوفاة بسبب الالتهاب الرئوي، في أوساط الأطفال الصغار وكبار السن، ومن يعانون من أمراض منهكة للصحة. وعلاوة على ذلك، فإن العبء الاقتصادي من خلال التغيب عن العمل ودخول المستشفيات يكون كبيرًا بقدر يجعل الحكومات تسعى جاهدةً لاتباع استراتيجيات وقائية وعلاجية.
الانتقال بالطريق الشرجي-الفموي
إن الفيروسات التي تستهدف الأمعاء لا تقل في تنوعها عن تلك التي تهاجم الجهاز التنفسي، وبنفس الطريقة يمكن للمئات من أنواع فيروسات الأمعاء المختلفة أن تهاجم الإنسان طيلة حياته. وتنتشر تلك الفيروسات إما انتشارًا مباشرًا عن طريق الأيدي غير المغسولة أو عبر مياه الشرب، والطعام، والأشياء الملوثة مثل الأسطح وأغطية الفراش؛ كما أنها متأقلمة أيضًا تأقلمًا كبيرًا على أجسامنا وأسلوب حياتنا. فهي تظل حية حتى داخل البيئة الحمضية للأمعاء التي تقتل معظم الغزاة الآخرين ثم تهاجم بطانة الأمعاء، فتقتل الخلايا ومن ثم توقف إنتاج الإنزيمات الهاضمة وتحول دون امتصاص السوائل. وكل هذا يستحث ظهور أعراض غير محببة لما يعرف ﺑ «الالتهاب المعدي المعوي» أو ما نسميه بالنزلة المعوية. تقوم تلك الفيروسات بتصنيع أعداد هائلة من ذريتها التي يمكنها الحياة لفترات طويلة خارج الجسم، كما أن كمية قليلة منها للغاية تكون كافية لإحداث الإصابة. وبعد فترة حضانة تتراوح بين يوم ويومين، يستحث المتهمان الرئيسيان، الفيروس العَجَلي وفيروس نورو، بداية مباغتة للقيء الشديد، والإسهال الغزير شديد الليونة، والأمغاص، التي تلوث البيئة بنجاح وتضمن لتلك الفيروسات البقاء الدائم.
لما كانت الفيروسات العجلية تدور في أنحاء المجتمع، مثلها مثل فيروسات الأنفلونزا، فإنها تحاكيها أيضًا فيما يعرف بالانحراف الجيني، حيث تتراكم مع الوقت طفرات بسيطة إلى أن يصبح الفيروس مختلفًا بدرجة كافية لإصابة أولئك الذين لديهم بالفعل مناعة تجاه السلالة الأم للفيروس. كذلك فإن العديد من سلالات الفيروس العجلي يتسبب في التهاب معدي معوي لدى صغار الحيوانات مثل العجول والخنازير الصغيرة والحملان والمهور والكتاكيت والأرانب صغيرة السن، التي يمكنها بذلك لعب دور المستودعات للفيروس العجلي. ومرة أخرى ومثله مثل فيروسات الأنفلونزا، يتعرض الفيروس العجلي البشري من حين إلى آخر لتحول جيني عن طريق الاندماج الجيني مع الفيروسات العجلية التي تصيب الحيوان. ومن الممكن أن يتسبب ذلك في ظهور سلالة جديدة تمامًا ذات قدرة على التسبب في وباء واسع الانتشار.
ثاني أشهر سبب للنزلات المعوية الفيروسية هي فيروسات نورو، التي تتسبب في مرض أخف وطأة ويستغرق مدةً أقل. وتتسبب تلك الفيروسات فيما يقرب من ٢٣ مليون حالة نزلة معوية كل عام، حيث تتركز الأوبئة عمومًا حول دور رعاية المسنين، والمستشفيات، والحضانات، والمعسكرات، والمدارس. وعادةً ما تكون الذاكرة المناعية لفيروسات نورو، على نحو غير معتاد، قصيرة، ولهذا تصيب الفيروسات الكبار والأطفال على السواء. وكثيرًا ما تتصدر عناوين الأخبار الرئيسية أنباء نوبات تتفشى بين المسافرين والعاملين على بواخر الرحلات البحرية القصيرة، فلا تفسد وحسب عطلة فاخرة لمن هم على سطح الباخرة ولكنها تتسبب أيضًا في خسائر جمة في العائدات لشركة البواخر السياحية حيث تخرج الباخرة عادةً من الخدمة ريثما يُحدد مصدر العدوى وتُطهر الباخرة. وفي مثال حديث على ذلك، أقلعت باخرة رحلات سياحية من فانكوفر متجهة إلى ألاسكا وعلى متنها ١٢١٨ راكبًا وطاقم من ٥٦٤ فردًا. وفي اليوم التالي مباشرةً لإبحارها، سقط ٥ ركاب مصابين بنزلات معوية، وعندما وصلت السفينة إلى مقصدها وحان وقت نزول الركاب كان ما مجمله ١٧٦ شخصًا قد دونت أسماؤهم في سجلات المرضى. وفي الميناء، طُهرت السفينة من العدوى قبل أن تقلع بمجموعة أخرى من القائمين بالعطلات، وفي هذه المرة كان على متنها ١٣٣٦ راكبًا و٥٧١ من أفراد الطاقم. وفي هذه الرحلة، أصيب ٢١٩ شخصًا بنزلات معوية، مما استدعى إلغاء الرحلة التالية لإخضاع السفينة لعملية «تنظيف وتطهير» شديدة. ولم يتمكن مفتشو الصحة البيئية من العثور على أي مصدر للعدوى أو على «عيوب صحية». وعادةً ما يكون الحال هكذا، وهذا يبين الاستراتيجية الانتشارية الناجحة التي ابتكرتها تلك الفيروسات. فالفيروس يحدث قيئًا شديدًا، والنوبة الواحدة منه تطلق ما يصل إلى ثلاثة ملايين جسيم فيروسي، وهذا من الناحية النظرية عدد كافٍ لإصابة ٣٠٠ ألف شخص بالعدوى.
الفيروسات المعوية فئة غير اعتيادية من الفيروسات لأنها، على الرغم مما يوحي اسمها، وكونها تنتشر بالسبيل الشرجي الفموي، وتصيب بعدواها الأمعاء وتخرج مع البراز، لا تتسبب في مشكلات إلا إذا انتشرت نحو أعضاء أخرى. ولعل فيروس شلل الأطفال أشهر مثال على تلك الفئة حيث إنه من الممكن أن يتسبب في مرض يهدد حياة المصاب به، وهو شلل الأطفال المصحوب بشلل الأطراف، غير أنه لا يتسبب في الوفاة إلا بنسبة ١ من كل ألف ممن يصيبهم بعدواه.
مثله مثل سائر الفيروسات المعوية، يمكن لفيروس شلل الأطفال البقاء حيًّا لفترات طوال داخل الماء وفي مياه الصرف الصحي، ولهذا، كلما كانت معايير الصحة العامة متدنية، انتشر الفيروس سريعًا بين الأطفال الصغار. تنمو فيروسات شلل الأطفال داخل الخلايا المبطنة للأمعاء والغدد الليمفاوية المرتبطة بها، ولا تتسبب في أي أعراض، ولكنها في حالات قليلة، تستهدف الأنسجة العصبية، حيث نجدها قد تتسبب في مرض خطير. لدى القلة البائسة، يستوطن الفيروس المخ، مسببًا التهابًا سحائيًّا (يسمى شلل الأطفال غير المصحوب بشلل حركي)، أو الحبل الشوكي، حيث يدمر الخلايا العصبية ويؤدي إلى شلل للعضلات التي تغذيها تلك الأعصاب (وهنا يكون مصحوبًا بشلل). وذلك الأخير مرض قاتل في حوالي ٥٪ من الحالات المصابة به، ويحدث هذا في الأساس عندما يصيب الشلل الأعصاب المرتبطة بحركات التنفس، مما يؤدي إلى هبوط تنفسي.
شلل الأطفال مرض من أمراض العصر الحديث، حيث لم يظهر بوضوح في الغرب إلا في القرن العشرين. ذات مرة تسبب في نوبات صيفية مرعبة، حيث بدا وكأنه يهاجم دون تمييز أطفالًا أصحاء تمامًا بدلًا من أن ينتقل من شخص إلى آخر. وربما لم يتوقف هذا الأمر إلا عندما أدخل التطعيم في الستينيات (انظر الفصل الثامن). في البلدان النامية في ذلك الحين، ويفترض أيضًا أنه في البلدان الصناعية قبل مطلع القرن العشرين، كان فيروس شلل الأطفال يتجول بحرية في المجتمع ولعله أصاب بعدواه بالفعل جميع السكان أثناء طفولتهم المبكرة. وفي ظل ذلك، كان النوع المسبب للشلل منه غير معروف تقريبًا. ويعتقد أن الطبيعة الصامتة للعدوى جاءت نتيجة لبقايا الأجسام المضادة الموجودة لدى الأمهات التي كانت تنتقل إلى أطفالهن عبر المشيمة أثناء وجود الجنين في الرحم فكانت تحميه من النوع الشللي من المرض عن طريق الحيلولة دون انتشاره خارج الأمعاء. وبعدها، ومع ارتفاع معايير الصحة العامة وقلة حدوث العدوى في سن الطفولة المبكرة، بقيت كثير من الأمهات دون أن تصيبهن العدوى ومن ثم لم تكوِّن أجسامهن أجسامًا مضادة يمكنهن تمريرها إلى أطفالهن كي تحميهم. ومن ثم فإن حدوث النوع الشللي من المرض يتناسب عكسيًّا مع مستوى الصحة العامة، إذ يرتفع كلما اتجهت أمة ما نحو التقدم الصناعي.
العديد من عائلات الفيروسات مثل الفيروسات العجلية التي تعتمد على الانتقال الشرجي الفموي وتتسبب في النزلات المعوية عند الإنسان تحدث نفس الأعراض لدى الحيوانات، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية في قطاع الزراعة. غير أنه عبر القرون، ربما كان فيروس طاعون الماشية، مسئولًا عن خسائر ومعاناة تفوق ما سببه أي فيروس آخر. وفيروس طاعون الماشية وثيق القرابة بفيروس الحصبة، غير أن المرض الذي يسببه مختلف تمامًا. فالفيروس يصيب بعدواه الحيوانات مشقوقة الحافر كالثيران والجاموس والياك والخراف والماعز والخنازير والجمال والعديد من الأنواع البرية من الحيوانات ومن بينها فرس النهر، والزراف، والخنزير الوحشي. وعادةً ما تنتشر الفيروسات عن طريق الاتصال المباشر، فتدخل جسم الحيوان عن طريق الفم، وتنمو داخل الغدد الليمفاوية للأنف والحلق، وتتسبب في إفرازات أنفية. ومن هنا، تمتد العدوى إلى الأمعاء بكامل طولها، مسببة تقرحات شديدة. ويوصف فيروس طاعون الماشية عادةً بثلاث كلمات وهي الإفرازات والإسهال والموت، وذلك الأخير يحدث بسبب فقدان السوائل من الجسم والجفاف السريع. ويقتل المرض حوالي ٩٠٪ من الحيوانات التي يصيبها.
عادة ما كان يمثل فيروس طاعون الماشية مشكلة كبرى في قارتي أوروبا وآسيا، وعندما دخل قارة أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، قتل أكثر من ٩٠٪ من الماشية بها، فتسبب في خسارة اقتصادية فادحة. وأنشئ «البرنامج العالمي للقضاء على طاعون الماشية» في ثمانينيات القرن العشرين الذي استهدف استخدام التحصين الفعال في تخليص العالم من ويلات هذا الفيروس بحلول عام ٢٠١٠. وكان هذا البرنامج ناجحًا، وفي أكتوبر ٢٠١٠ أعلن رسميًّا القضاء على المرض، وكان هذا أول مرض حيواني وثاني مرض معدٍ على مر التاريخ يُقضى عليه.
كثير من فيروسات العدوى الحادة تزدهر أحوالها في المستشفيات ودور الرعاية، وتتسبب في نوبات تفشٍّ لعدوى تلتقط من المستشفيات (عدوى المشافي). وبالرغم من هيمنة أنواع من العدوى البكتيرية سيئة السمعة في الوقت الحاضر على عناوين الصحف الرئيسية مثل فيروس «مرسا» (اختصارًا لعبارة معناها المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيللين)، و«المطثية العسيرة»، و«الحشرة الآكلة للحم» أو «المكورة العقدية المسببة للتقيح»، فإن العدوى الفيروسية التي تلتقط في المستشفيات تمر دون ذكر وهي في حقيقة الأمر سبب شائع لنوبات عدوى شديدة بقدر كافٍ كي تغلق العنابر بسببها.
وللأسف، داخل الحدود الضيقة لعنبر المستشفى، يكون المرضى ضحايا من السهل افتراسها من قبل الفيروسات. فالفيروسات التي تتجول في المجتمع مسببةً أشكالًا صامتة أو طفيفة من العدوى يمكنها أن تكون مدمرة للأطفال المبتسرين، وأولئك الذين أنهكت أجسادهم أمراض السرطان وغيره من الأمراض المزمنة، والمسنين، وأصحاب المناعة المثبطة. في أغلب الأحوال، يكون مريض أدخل المستشفى حديثًا مصدرًا للعدوى، ولكن ليس من المستبعد أن يكون من بين العاملين بالمستشفى شخص يظل سليمًا معافى غير مدرك البتة أنه ينشر العدوى بفيروس من الممكن أن يكون مميتًا. إن فيروس نورو — بنوبة القيء البشع التي يبدأ بها بغتة — يكون من الصعوبة بمكان مقاومته، وبسبب فترة حضانته بالغة القصر التي لا تتجاوز يومًا أو يومين بحيث لا تسمح بالتعرف على مصدره في الوقت المناسب حتى يحال بينه وبين الانتشار من جديد، غالبًا ما يتسبب في إغلاق عنابر المستشفيات.
قد يصل الأمر، في بعض نوبات تفشي الأوبئة، إلى أن تصبح المستشفيات هي المسئولة عن توسيع مجال العدوى، حيث يحدث انتشار العدوى نحو المجتمع خارج المستشفى قبل التعرف على المشكلة. وحدث هذا بوضوح مع سارس في هونج كونج عندما حمل أحد زوار المستشفى الفيروس إلى «أموي جاردنز» وهي ضيعة إسكان خاصة، حيث أصاب بالعدوى ٣٠٠ شخص، توفي ٤٢ منهم. كذلك قبل التعرف على تفشي الإيبولا على أنه وباء، نقلت العدوى في الغالب من أحد المرضى المحتجزين بالمستشفيات عن طريق أحد العاملين أو الزوار إلى المجتمع الخارجي.
ومن المثير للاهتمام أن الحصبة في السنوات الأخيرة صارت مشكلة في المستشفيات. فنظرًا لندرة الحصبة في البلدان صاحبة التغطية الواسعة في التطعيم، كثيرًا ما تمر الحالات دون تشخيص إلى أن يظهر الطفح، وفي خلال تلك الفترة يكون المريض قابلًا لنقل العدوى لعدة أيام. وفي أيامنا هذه، نجد معظم حالات الحصبة الأولى واردة من المستشفيات، بصفة رئيسية عن طريق عاملين لم يحصلوا على التطعيم أو مرضى جاءوا من بلدان كانت التغطية التطعيمية فيها هزيلة أو زاروها مؤخرًا.
يجب على الفور تطبيق مبدأ التمريض من خلال حاجز بصرامة لمنع انتشار العدوى بين أولئك الذين يعانون من ضعف أجهزتهم المناعية، والذين تصل نسبة الوفيات بينهم جراء الحصبة إلى ٥٠٪.
إن المشكلة المتزايدة لحالات عدوى المشافي صارت تتطلب الآن وجود فرق من الخبراء في مكافحة العدوى في كل مستشفى كي يمنعوا انتقالها. وفي الفصل التالي، سوف نبحث في حالات العدوى الفيروسية التي لا يمكن منع انتقالها بهذه الطريقة حيث إن إنسانًا ما يظل حاملًا لها طيلة حياته، فتنتهز أي ثغرة في المناعة كي تتضاعف أعدادها داخل عائلها ومن ثم تنتشر منه إلى الغير.