الكورة والتصريحات الخنفشارية!
لا أعرف لماذا أرعش جميع المسئولين عن الكورة في بَر مصر حواجبهم بعد ظهور نتائج قرعة تصفيات أفريقيا في كأس العالم، صحيح أن القرعة أوقعَتْنا في شر أعمالنا، وحشرتنا القرعة وسط منتخبات المغرب والجزائر والسنغال، وهذا يعني أن فُرص وصول منتخبنا إلى نهائيات كأس العالم أصبحتْ صعبة ولكنها ليست مستحيلة … ثم ماذا كان ينتظر السادة كهنة الكورة في بلدنا؟ أن يكون بين جهاز القرعة موظف بلدياتنا يحفظ العيش والملح، ويحشر فريقنا في قائمة تضم منتخبات رواندا وبوروندي ومالاوي وجزيرة بدران؟! وهل توجد بالفعل مجموعات كروية ضمن فعاليات كأس العالم، تضم منتخبات من هذا النوع؟ إن أحسن ما قيل تعليقًا على نتائج قرعة تصفيات كأس العالم، هو التعليق الذي جاء على لسان المدير الفني لمنتخب المغرب، قال الرجل … «إن مجموعتنا تضم منتخبات من الوزن الثقيل، ومهمة وصولنا إلى ملاعب كأس العالم أصبحَتْ صعبة جدًّا، ولكنها ليست مستحيلة»، ثم اختتم تصريحه قائلًا: «عمومًا ليس في تصفيات كأس العالم منتخبات ضعيفة وأخرى لقمة سائغة» … وهو قول حق أكَّدَته تصفيات دول أمريكا اللاتينية حيث تعادلت البرازيل بجلالة قدرها مع كولومبيا، وفازت على أرضها ووسط جمهورها على الأكوادور بنتيجة لا تليق بالبرازيل ملكة الكورة في العالم، ٣ أهداف مقابل هدفين!
وإذا نظرنا خَلْفنا في غضب أو في عبط على تصفيات منتخبنا في كأس العالم السابقة، سنكتشف أن المنتخب الذي كان السبب المباشر في إبعادنا عن ملاعب كأس العالم، هو أضعف منتخب في مجموعتنا، وهو منتخب ليبيريا، وهو الأمر الذي يثبت أنه لا يوجد في تصفيات كأس العالم فريق قوي وفريق ضعيف، وكل المجموعات في كل القارات صعبة ولسان حال كل المنتخبات «عليَّ وعلى المنافسين يا رب».
ثم … ما هو فضل الجهاز الفني؟ وما هو فضل حضرات كباتن الكورة تبعنا؟ إذا كنا سنخوض تصفيات كأس العالم، مع منتخب بلدية المحلة ومنتخب المريخ البورسعيدي، ومنتخب الأسد المرعب؟
في تصفيات بطولة أوروبا وضعوا الفريق الإنجليزي في مجموعة على رأسها منتخب إيطاليا، وكانت هناك فرصة واحدة أمام منتخبات هذه المجموعة للصعود إلى نهائيات كأس أوروبا، وكان معنى ذلك أن تُحْرَم إيطاليا من الاشتراك في كأس أوروبا، إيطاليا التي حصلت على كأس العالم ثلاث مرات، فإذا وصلت إيطاليا إلى نهائيات الكأس، فمعنى ذلك أن إنجلترا ستحرم من الاشتراك في نهائيات أوروبا، إنجلترا التي اخترعت لعبة الكورة وأهدَتْها إلى العالم … وهذا يعني ببساطة أنه لا يوجد في مجال الكورة فريق على رأسه ريشة، وليس أمام المنتخبات إلا الخضوع للنظم واللوائح والقوانين، وها هي قرعة تصفيات كأس العالم أوقعتنا في مجموعة لا شك أنها صعبة، ولكن ليس أمامنا إلا اللعب والمنافَسة وحَشْد كل الإمكانات لتحقيق النصر، وقد نفلح وقد نفشل … ولكن لا شيء يهم على رأي إحسان عبد القدوس؛ لأنه ليس علينا إلا أن نسعى وليس علينا إدراك النجاح، ولكن سيتحقق النجاح وسيكون مكافأة لنا عن دقة تنظيمنا وحسن تدريبنا وقوة التجارب التي شاركنا فيها وذكاء الخطة التي لعبنا بها، ولدى العبد لله حلم أسأل الله أن يتحقق، أن يفوز فريقنا في كل المباريات التي تدور على أرضنا ووسط جمهورنا، وأن نتعادل في كل المباريات التي نلعبها خارج أرضنا، ولو أكرمنا المولى الكريم، بالفوز مرة واحدة في المباريات التي نلعبها على أرض الفرق المنافسة، ولو تحقق الحلم سيفرح شعبنا لرؤية فريقه على ملاعب كأس العالم، وهي فرحة لا تعادلها فرحة؛ لأنها فرحة البسطاء من أفراد شعبنا وهم بالملايين … وأسأل الله أن يتحقق هذا الحلم … ولو مرة كل عشر سنوات.
•••
سبق للعبد لله لفْت نظر بعض الوزراء وبعض رؤساء الشركات والهيئات إلى التمهل في نشر البيانات التي تحمل أخبارًا سارة ومُبشِّرة عن الوظائف الجديدة التي وفرتها الحكومة، وعن كميات البترول التي اكتشفوها في الصحراء وفي البحر والتي يقدر الخبراء ثمنها بمليارات الدولارات، وقلتُ إن نَشْر مثل هذه الأخبار وإذاعتها على الناس هي أخطر ألف مرة من كتمانها، خصوصًا أنها غالبًا أخبار غير مؤكدة أو مُبالَغ فيها على الأقل، أو لم تعرض بعد على المستوى الأعلى في السُّلطة، وناس بلدنا أغلبهم طيبون وهم على استعداد للصبر والصمت وربط الأحزمة على البطون بشرط أن تصارحه بالحقيقة.
وزمان أيام الكفاح ضد قوات الاحتلال في منطقة القناة، وخلال النضال الشاقِّ لبناء السد العالي، شرب المصريون ملوخية على أنها شاي هندي فاخر ولم يَتذمَّروا، ولكن شعبنا الطيب يمتاز بالحداقة في الوقت نفسه، وإذا شعر أنك تخدعه فسيكون له موقف آخر، يوم الثلاثاء الماضي قرأت عنوانًا ضخمًا على الصفحة الأولى بجريدة «الأهرام» العنوان يزف للمصريين بشرى العثور على اكتشافات بترولية جديدة قدرها الخبراء بمليار ونصف المليار دولار، والخبر ليس اجتهادًا صحفيًّا، ولكنه تصريح لوزير البترول، والمدهش حقًّا أن الوزير قال في التصريح نفسه: إن هذه الاكتشافات ستُعرَض في اجتماع مجلس الوزراء قريبًا، طيب، فيها إيه لو تمهلتم حتى يصدر مجلس الوزراء قراره بشأنها؟
هل تعلمون ماذا حدث في الشارع؟
قابلني المواطن عبد العزيز على باب نادي الصحفيين النهري وبادرني قائلًا: خلاص هيقبضونا الفلوس؟ قلت: قول يا رب، قال: ما خلاص فُرِجت … شوف لقوا بترول بالشيء الفلاني، ومد يده بالنسخة التي تحمل الخبر.