العين على المحافِظين
في حُمَّى البحث عن ملامح التغيير الوزاري القادم، كان العبد لله مهتمًّا بحركة تغيير المحافظين، والسبب أن العبد لله يؤمن بأن منصب المحافظ أصبح أكثر أهمية من منصب الوزير؛ لأنه الجهة المكلَّفة بوضع القرارات موضع التنفيذ. وقد اتضح أخيرًا أن أحد المحافظين ضرب عرض الحائط بقرار مجلس الوزراء أعلى سلطة تنفيذية في البلاد، بأن يكون قرار تخصيص الأرض الحكومية من سُلطة مجلس الوزراء وليس من سُلطة المُحافِظين. وذهب السيد المحافظ الحدق بعيدًا، فأصدر قرارات عديدة بتخصيص مساحات واسعة من أراضي الدولة للمحاسيب وأصحاب النصيب، ومر الأمر في هدوء وفي كتمان وعندما انكشف الأمر قرَّر المحافظ أنه لم يكن يعلم بأن هناك قرارًا من مجلس الوزراء بهذا الشأن، واتهم كبار معاونيه بأنهم أَخفَوا عنه قرار مجلس الوزراء، ولأنه محافظ دوغري وحِمش فقد أصدر قرارًا بوقف عدد كبير من الموظَّفين الكبار عن العمل وأحالهم إلى التحقيق. وأيًّا كانت النهاية التي ستنتهي بها هذه الحكاية، فالأكيد أن السادة الذين حصلوا على الأراضي الحكومية بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء، قد ظفروا بالغنيمة وخرجوا بها في أمان الله، وإذا كان لهذه الحكاية دلالة، فهي تؤكد نظرية العبد لله وهي أن منصب المحافظ أكثر أهمية من منصب الوزير، وأكاد أقول أكثر أهمية من مجلس الوزراء كله؟ ولكن يبقى في يد الحكومة للحفاظ على هيبتها أن تقوم بإجراء تحقيق بإشراف النائب العمومي لمعرفة مصير هذه الأراضي التي ذهبت لأصحابها بتأشيرة من المحافظ «الجاهل» كما وصفه الأستاذ صلاح قبضايا في أحد أعداد جريدة الأحرار منذ أيام، والذي يجب أن يعرفه الناس لمن ذهبت هذه الأراضي؟ وما الثمن الذي دفع فيها؟ وما المصير الذي انتهت إليه؟ هل استخدمت في الأغراض التي بيعت من أجلها؟ أم جرى تقسيمها وبيعها لبناء مساكن فاخرة؟ وهنا مربط الفرس كما يقولون. إذا كانت الأرض قد بِيعَت بالثمن الحقيقي، وإذا كانت قد استخدمت في الأغراض التي بيعت من أجلها لخدمة الشعب وتحقيق أهداف الخطة المنشودة، فيا دار ما دخلك شر وليس عليَّ حرج … أما إذا كانت الأرض ذهبت بتراب الفلوس، وجرى التربُّح فيها، فمعنى ذلك أن العملية في النملية وأن المتسببين يجب أن يمثلوا أمام القضاء ليحكم عليهم بما جَنت أيديهم، وليكونوا عبرة لغيرهم من حضرات المستحفظانات وكبار الموظفين.
وأرجو من الله ولا يكتر على الله أن يأتي اليوم الذي يكون فيه شغل وظائف المحافظين بالانتخاب. وحتى لو أخطأ الناخبون واختاروا أسوأ الناس فلن يلوموا إلا أنفسهم، وستكون تجربة مرة وسيُجبرون على تصحيح الوضع في الانتخابات التالية! ولا أنكر أن تعيين المحافظين أسفر عن ظهور. كوادر عظيمة قدمت خدمات عظيمة وجليلة للشعب وللإدارة المحلية. نماذج رائعة من أمثال وجيه أباظة، وشعراوي جمعة، وحمدي عاشور في الماضي، وعبد الرحيم، وعبد السلام المحجوب، وعبد الحليم موسى، وعمر عبد الآخر في السنوات الأخيرة. وهناك غير هؤلاء بالطبع أنجزوا أعمالهم في صمت وفي طهارة واستحقوا الحمد والشكر على ما أنجزوه ابتغاء وجه الله … لا يريدون جزاء ولا شُكورًا. ولا أريد أن أذكر أسماء. حتى لا أذكر أحدًا لا يستحق أو أغفل ذكر أحد يستحق أن يكون على رأس القائمة.
أنت محروسة بالمشايخ من أهل الله. ومن أراد لك سوءا كبه الله على وجهه!
•••
لكيلَا نُحلِّق في الفضاء ونذهب بعيدًا في الأحلام، لا بُدَّ أن نعترف بأن الكورة المصرية في ورطة. لأنها في أزمة والزمالك يعاني من المشاكل، والإسماعيلي في حالة انعدام وزن، والمصري في حالة توهان، والمنصورة في حالة ضياع. ولقد أتيح للعبد لله مشاهدة مباراتين هذا الأسبوع بين الزمالك والمصري قمة الكورة المصرية، والمباراة الأخرى بين التَّرجي التونسي وزميله فريق النجم الساحلي … قمة الكورة التونسية، الفرق كبير ورهيب بين الكورة هنا والكورة هناك. المباراة التونسية كانت تشبه مباراة في الدوري الألماني، أو الدوري الإنجليزي سرعة ولياقة عالية ومهارات فردية ممتازة. في المقابل كانت مباراة الزمالك والمصري هرولة وصربعة وكَر وفَر، وشوط في العلالي، وترقيص في الهوا، وإجهاد ترَك بصماته على الجميع. والأكادة على رأي شندي فنان قريتنا أن تونس ومصر وجهًا لوجه في البطولات الأفريقية. ولا بُدَّ من التحرك بسرعة لتعديل مسار الكرة المصرية بالنسبة للنوادي، وللمنتخب أيضًا.
وفي رأي العبد لله ليس هناك مخرج للكورة المصرية إلا بعودة الكابتن محمود الجوهري إلى المنتخب على الأقل لمواجهة المرحلة القادمة وما أصعبها في بطولة أفريقيا وفي تصفيات كأس العالم. ولا بُدَّ من تدخُّل الكابتن صالح سليم لإصلاح ما أفسده الدهر في الأهلي، ولا بُدَّ من وضع حد للمهازل التي تجري في الزمالك. أما الإسماعيلي فحكايته حكاية؛ كل الإمكانات متوفِّرة، وكل الطلبات مُجابة، والمدرب برازيلي ومع ذلك … البخت لو مال مين يعدله تاني؟! أما المنصورة فهي عين وصابته، فريق سبَح على السطح فترة ثم غطس فجأة وغرق في الأعماق. والأسباب بعضها معلوم وبعضها مجهول، ولكن يمكن لاتحاد الكورة أن يتدخل بسلطاته التي كفلها له القانون لوضع الأمور في نصابها. وعيب جدًّا أن يصل حال الكورة إلى هذا الوضع الذي لا يليق. هزيمة منكَرة في بطولة القارَّات، ثم خروج مبكر من بطولة الأمير فيصل بن فهد. وخروج مبكر للأهلي من بطولة النوادي الأفريقية وبالرغم من ذلك يخيم الهدوء على الساحة الكروية، فلا حس ولا خبر، ولا تحرُّك من أي نوع لضبط الأمور في نوادي الكرة، وفي المنتخب، لا شيء سوى تسريح الكابتن سمير زاهر وجلوس الدهشوري حرب مكانه.
وهو وضع لا يُرضِي أي أحد؛ لأن الكورة لم تَعُد رياضة فقط، ولكنها رياضة وسياسة وتجارة، ونيجيريا أصبح لها وضْع خاص في العالم بسبب منتخبها الذي هزم البرازيل وهزم الأرجنتين بكامل نجومها، وبلدنا تستحق كورة أفضل، وارحمونا يرحمكم الله.