هذا اللاجئ الصياني!
يبدو أن تغييرًا كاملًا وعميقًا سيشمل أشياء كثيرة في القرن الجديد، ففي القرن الماضي كنا نعرف اللاجئ السياسي، وهو الرجل المشتغل بالسياسة الذي يَلقى عنتًا واضطهادًا في بلاده، فيضطر إلى الهجرة ويلجأ إلى بلد آخَر، ويطلب حق اللجوء السياسي ولكن ها هو القرن الجديد يُقدِّم لنا صنفًا جديدًا من اللاجئين، ومن حُسن الحظ أن يكون طليعة هذا الصنف من اللاجئين مصريًّا من صلب مصري وأقصد به الطيار الذي طلب اللجوء إلى بريطانيا وعندما سألتُ السيدة الفاضلة حرمه عن سبب لجوئه، أجابت بأنه كان دائم الشكوى من الصيانة في شركة مصر للطيران … هو إذن يستحق لقب … لاجئ صياني، وهي صفة يبدو أنها ستنافس اللاجئ السياسي في قادم الأعوام، وبالقطع سيكون هناك لاجئ إداري يعني موظف زعلان من إدارته، ولاجئ علاوتي، يعني موظف لم يحصل على علاوته، وأتساءل في دهشة، الأخ الطيار إياه زعلان ومحتج من الصيانة، طيب لماذا لم تتقدم بشكواك إلى وزارة النقل، فإذا لم تنصفك فيمكنك التقدم بشكواك إلى مجلس الوزراء، فإذا لم يستمع أحد إلى شكواك فيمكنك رفع دعوى حسبة ضد شركة مصر للطيران باعتبارك صاحب مصلحة؟ ولكن يبدو أن أحلام الأخ الطيار أبعد من مسألة تحسين الصيانة، ويبدو أن الخطوة القادمة بعد اللاجئ الصياني يجري التفكير في إنشاء حزب الصيانة على وزن حزب العدالة، وبالتأكيد ستوافق عليه لجنة الأحزاب وتسمح له بإصدار جريدة يومية اسمها «المصونة».
وإذا كان ما أقوله ضربًا من الهزل، فهل يدلني أحدكم على الهدف من وراء لجوء الأخ الطيار إلى بريطانيا؟
وما هي الجهة المستهدفة من وراء هذه الحركات القرعة؟ من أول الشائعات التي تردَّدتْ في أجهزة الإعلام عن سبب سقوط الطائرة المصرية فوق سواحل أمريكا، إلى الصورة التي نُشِرت في الصحف الأجنبية، صورة فتاة ألمانية عارية كما ولدتها أمها ترقص على متن طائرة مصرية.
وأخيرًا حكاية اللاجئ الصياني.
وأكرر السؤال مرة أخرى، ما هي الجهة المستهدفة من وراء هذا «العك» الأزلي؟ هل هي مصر؟ أم هي شركة مصر للطيران؟
إذا كانت مصر هي المستهدَفة فلا بأس، فمصر في رباط إلى يوم القيامة. والشجر المثمر هو الشجر الذي يقذفه الأولاد بالطوب … أما إذا كان المستهدَف هو شركة مصر للطيران، فالعبد لله يعتقد أن وراء هذه الحملة المشبوهة جماعة من المستثمرين إياهم الخالق الناطق كالمستثمرين أبطال مشروع الحديد في أسوان الذين كشفهم الرئيس حسني مبارك في كلمته القصيرة الرائعة أمام جموع المفكرين الذين اجتمع بهم في معرض الكتاب، هؤلاء المستثمرون الذين كانوا يخططون لاقتراض ٨٠٠ مليون جنيه من أحد البنوك المصرية للمساهَمة في المشروع ثم السداد من دخل المشروع وهي نظرية اقتصادية قديمة اسمها «من دقنه وافتله»، فالثابت والأكيد أن هناك محاولات كثيرة بدأت منذ فترة طويلة لتصفية الشركة الوطنية، وتوزيع التركة على عدد من شركات القطاع الخاص التي تنتحل وظيفة الطيران، ويقول البعض إن هذه الشركات صادقة في دعواها، وإن الهدف من السيطرة على خطوط الطيران هو الحصول على ما خف حمله وغلى ثمنه وهات يا طيران!
ولدينا نماذج على مثل هذه الشركات.
فقد نشأت شركة طيران أهلية منذ أكثر من عشر سنوات وسيَّرَت خطوطًا غير منتظمة بين عدد من الدول الأوربية والعربية والقاهرة، وكان هدفها في الواقع تهريب الماس من بعض البلدان الأفريقية.
وهناك شركة أخرى كان مجال نشاطها الطيران التجاري وقد سقطَت لها طائرة في إحدى العواصم الأفريقية، وكشف الحادث عن مأساة؛ لأن الطائرة كانت تنقل حمولة كبيرة من الأسماك من منطقة البحيرات العظمى في فترة الحرب الأهلية بين رواندا وبوروندي، أو على الأصح بين الهوتو والتوتسي، وفي الوقت نفسه الذي انتشرت فيه آلاف الجثث على سطح البحيرات والأنهار هناك، مما دفع بأغلب الدول إلى تحريم استعمال هذه الأسماك للاستخدام الآدمي، وحمولة الطائرة التي سقطت كانت من هذه الأسماك الممنوعة دوليًّا، والطائرة نفسها كانت في طريقها من أفريقيا إلى بلجيكا ليس من أجل بيع السمك في أسواق أوروبا، ولكن للقيام بعملية نصب على المسئولين عن السوق المصري، فوصولها قادمة من بلجيكا يجعل السمك أوربيًّا وليس أفريقيًّا ولا يجوز الحظر عليه أو منعه من الاستهلاك الآدمي.
مثل هذه الشركات طبعًا ستكون السبب في تعريض سمعة مصر للاهتزاز، ووضع سمعة الطيران المصري في الحضيض؛ لأن الطيران «بيزنس» من النوع الثقيل جدًّا، ولو قارنَّاه بالملاكمة، مثلًا فالطيران كبزنس رأسه برأس تايسون، وهوليفيلد، وهولمز، ولويس بطل العالم الحالي، ولا يجوز السماح لشركات من وزن الذبابة أو وزن الريشة بالملاكمة مع أبطال الوزن الثقيل، ولكن إذا لم تكن هناك شركات عملاقة بحق وحقيق … شركات يحسب رأس مالها بالمليارات … فأفضل لمصر أن تحتفظ بشركتها الوطنية مع السماح لبعض الشركات الجادَّة بالعمل إلى جانبها في مجال الشارتر، أو بعض الخطوط الفرعية هنا أو هناك.
والعبد لله كان يتناقش مع الصحفي المصري الدولي عمرو عبد السميع مدير مكتب الأهرام في لندن حول هذا الموضوع بالذات، وسألته السؤال نفسه، من المستهدَف من وراء هذه الخرابيط التي تقع بين الحين والآخر؟ هل هي مصر؟! أم شركة مصر للطيران؟!
وأجابني عمرو … يبدو أنهما الاثنان معًا … ولو صحَّت نظرية عمرو فهي مسألة مُريبة وغريبة وينبغي أن نواجهها بكل حزم … ولكن المؤسف حقًّا أن بعض هذه الخرابيط مصدرها بعض المصريين الذين شربوا من مائها، وأكلوا من زرعها، وتنفسوا من هوائها … ويا مصر … من أراد بك سوءًا كبَّه الله على وجهه … أمين يا رب العالمين.
•••
العبد لله من المؤمنين بالعروبة والقومية والوحدة من الخليج إلى المحيط، ولكن بعض الأقزام يحاولون إخراجنا من جلدنا، وهؤلاء الأقزام ينتهزون مناسبات هايفة وصغيرة لإجبارنا على الكفر بعروبتنا ووحدتنا وقوميتنا.
والمناسبة الأخيرة كانت مباراة مصر وتونس، ولاعب كرة عربي شاب لا يزال جالسًا أمام عدسات إحدى القنوات الفضائية العربية، وقال في لغة الواثق والخبير: إن نتيجة المباراة محسومة وإن الفريق المصري سيصبح لقمة سائغة في فم الفريق التونسي، هل شاهدتُم المباراة؟ الحقيقة كما شاهدناها لم يكن هناك أي مباراة لا من الجانب المصري ولا من الجانب التونسي … وتفنن التوانسة في النوم على الأرض، ولولا العيب لنزل اللعيبة التوانسة ببطاطين شغل المحلة، كما نزلوا «ضرب» في اللعيبة المصريين بمناسبة وبغير مناسبة، والهدف الذي أحرزوه كان نتيجة لضربة جزاء تختلف فيها الآراء.
أين هي اللقمة السائغة التي ذكرها اللاعب التونسي المعتزل إياه؟ يا ناس حرام عليكم لا تجعلونا نكفر بالعروبة وبالقومية وبالوحدة، أغرب شيء أن الأخ إياه قال بعد المباراة، لقد انكشفَت مصر على حقيقتها، ما هي حقيقة مصر يا شاطر … التي انكشفت لسيادتك؟
ماذا أقول للكابتن إياه؟ روح إلهي يشفي الكلاب ويضرك!