مرحبًا بالمواطن زاهر!
من واجب الشعب المصري الآن أن يشكر المنتخب السعودي … لأنه كان السبب المباشر في خلع السلطان سمير زاهر، بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة في زحزحته بعيدًا عن مملكة الجبلاية التي تربع زاهر فوق عرشها زمنًا شهدت خلاله الكرة المصرية نكسات فَشَر نكسة حرب الأيام الستة. ففي زمن السلطان سمير زاهر خرج المنتخب المصري خروجًا مهينًا من تصفيات البطولة الأفريقية، وانهزم المنتخب أمام منتخب ليبيريا وهو المنتخب الغلبان الذي يتكون من لاعب واحد هو «وايا» ومعه عدد من الأفراد.
وبفضل السلطان زاهر انهزم المنتخب المصري للمرة الأولى في تاريخه من المنتخب الكويتي، وبالرغم من ذلك لم يخجل السلطان زاهر ولم يشعر بالذنب. ولأن الطيور على أشكالها تقع؛ فقد استعان السلطان زاهر بالكابتن فاروق جعفر كمدير فني للفريق المصري، مع أن غاية طموحات فاروق جعفر أن يكون مدربًا لفريق المريخ البورسعيدي، أو فريق مزارع دينا. أما لماذا وقع اختيار السلطان سمير على الكابتن جعفر؟ لسبب وجيه للغاية وهو أن علاقة سمير بالكرة تشبه علاقة خالتي نفيسة باللغة الهيروغليفية. صحيح أن السلطان سمير كان يومًا ما لاعبًا في نادي دمياط ثم انتقل إلى النادي الأهلي ولعب له لمدة أسابيع، ثم اعتزل واكتفى بدور المتفرِّج والاكتفاء بالجلوس في المدرَّجات. وهو في واقع الأمر رجل أعمال يجيد عقد الصفقات وقبض العمولات. أما فن الكورة فلا علاقة بالسلطان سمير زاهر به. ولأنه من رواد الدرجة الثالثة فالنجم الذي اختاره سمير زاهر للإشراف على الفريق المصري هو الكابتن فاروق الذي يعتبر نجم جمهور الترسو. والكابتن فاروق في الحقيقة هو لعيب حَواري يجيد اللعب بالكرة الشراب، وأبرز إنجازاته الكروية هو تعمده السقوط في منطقة الجزاء واستغلال طيبة قلب الحكام الأفارقة والحصول لفريقه على ضربة جزاء. وهو سلوك غير رياضي وغير طيب وغير أخلاقي أيضًا. ومع ذلك كان الكابتن محمد لطيف — سامحه الله — يزف البُشرى لجمهور التليفزيون ويؤكد بأن ضربة الجزاء صحيحة و… برافو يا حكم … حكم عظيم فعلًا، ولا يسمح بأي خطأ في المباراة. يعني ببساطة كان المرحوم محمد لطيف يقوم بتحويل دجل فاروق جعفر الشخصي إلى دجل عام على المستوى الوطني. وبالطبع كابتن على هذا المستوى ويتمتع بمثل هذه الصفات لا يصلح ليكون قدوة للمنتخب الوطني، ولكن عند السلطان سمير زاهر … كله عند العرب صابون. وراس فاروق جعفر براس محمود الجوهري، وأي شيء مثل كل شيء … ولا فرق.
وأكاد أجزم لحضراتكم بأنه لم يكن هناك أي هدف للسلطان سمير زاهر من وراء تربُّعه على عرش اتحاد الكورة سوى المنظرة. أحاديث صحفية وصور على الصفحات الأولى وعلى الصفحات الرياضية، والدليل على ذلك هو سفر السلطان سمير زاهر إلى المكسيك، وفي المكسيك اجتمعت مجموعة منتخبات؛ منها: البرازيل، والمكسيك، وألمانيا، وبوليفيا، والسعودية، والولايات المتحدة، ونيوزيلندا، بالإضافة إلى مصر. فهل سافر إلى المكسيك رئيس اتحاد الكورة الألماني، أو البرازيلي، أو الأمريكي؟ لم يسافر أحد من رؤساء الاتحادات الرياضية سوى رئيس الاتحاد المصري. ليه؟ لأنه تصور أن الفريق سيحرز انتصارًا تاريخيًّا ويصل للمربع الذهبي، وعندما يعود المنتخب إلى القاهرة سيخوض السادة المسئولون عن الكورة بحرًا من جموع الناس، وستحملهم الجماهير على الأعناق. وهات يا أحاديث في التليفزيون وفي الراديو وفي الصحف.
هذا هو السر في سفر سمير زاهر إلى المكسيك. ولكن تقدرون فتضحك الأقدار، ويشاء السميع العليم أن يسقط المنتخب المصري في وكسة لم يقع في مثلها من قبل، خمسة واحد ليس أمام البرازيل، أو ألمانيا، ولكن أمام المنتخب السعودي، الهزيمة واردة مفيش كلام ولكن في حدود معينة باعتبار أن المستوى متقارب، ولكن خمسة في عين العدو، هذه هي إرادة الله ليكون خروج سمير زاهر مأساويًّا ويحتاج إلى مؤلِّف عبقري مثل صلاح جاهين، ومطرب شعبي مثل شفيق جلال، ويا خوخ خانونا الحبايب واحنا لم خونا، ويا برتقان برتقونا الحبايب واحنا لم برتقنا، ويا تَمْر حنا رحلنا وحنت منازلنا! على كل حال في ألف سلامة يا سعادة الباشا سمير زاهر يابو سيجارة مثل ماسورة المدفع. وعزائي الوحيد أنني لم أكتب عنك ولم أكتشف حقيقتك بعد استقالتك، ولكن العبد لله كان هو الوحيد الذي تَعقَّبك من أول لحظة تولَّيتَ فيها منصبك، وقلتُ فيك أكثر مما قاله مالك في الخمر. أما الآن وبعد استقالتك وابتعادك عن اتحاد الكرة … فصافي يا لبن، وليس بيني وبينك أي خصومة من أي نوع، ومرحبًا بك كمواطن وكرجل أعمال … أما كورة واتحاد كورة فاسمح لي؛ لأنك لم تكن الرجل المناسب في المكان إياه. لأنك مُجرَّد مشجع كورة عادي، ومرحبًا بك في مدرج الدرجة الثالثة بإذن الله.
ولكن اسمحوا للعبد لله بكلمة حق ينبغي أن تقال وسط هذا الجو المشحون بالهموم والأحزان. لا تُفرِّطوا في الكابتن الجوهري بحق الله. لا تُكرِّروا الخطأ نفسه الذي وقعتم فيه من قبل، عندما انهزم المنتخب ٦/صفر أمام فريق يوناني في مباراة ودية. وكانت النتيجة أننا وقَعْنا في براثن فاروق جعفر، وبصراحة وبوضوح … ليس في مصر كلها مدرب يصلح للمنتخب سوى الدكتور محمود الجوهري، وهو دكتور بإنجازاته التي حققها للمنتخب. والعبد لله يناشد الدكتور كمال الجنزوري أن يتجاوز هذا المطب بالنسبة للجوهري؛ فهو مدرب حقيقي، ومدرب عالمي، والكورة مكسب وخسارة. خصوصًا أن أمامنا بطولة أفريقية قادمة ثم تصفيات كأس العالم. وبقاء الجوهري على رأس المنتخب الوطني لا يحقق له أي مصلحة، ولكنها مصلحة مصر في الأساس، صحيح أن الجوهري له أخطاء ولكن أخطاء الجوهري هي عين الصواب بالنسبة لأخطاء الآخَرين. ثم يجب اختيار رئيس لاتحاد الكورة يمكن أن يكون عونًا للجوهري وليس عبئًا عليه، وأقترح ثلاثة أسماء، الكابتن صالح سليم إذا قبل المنصب، والكابتن عبده صالح الوحش، واللواء الدهشوري حرب.
وأقول للشعب المصري: الهزيمة في الكورة ليست مثل الهزيمة في الحرب، والكورة لعبة وينبغي وضعُها في هذا الإطار. وليس في الكورة كبير، فالبرازيل بجلالة قدرها انهزمت أمام الولايات المتحدة، وانهزمت مرة بكامل نجومها أمام ويلز. وهزيمة السعودية للفريق المصري ليست نهاية العالم. وينبغي أن ننهض من بين أطلال الهزيمة، ونستعد للمباراة القادمة. وعندنا والحمد لله فريق ممتاز يلعب كرة حقيقية وكان نِدًّا للمكسيك في أرضها وبين جماهيرها. ولم يتمكن من إحراز النصر على بوليفيا بالرغم من أنه كان قاب قوسين أو أدنى. واذكروا للجوهري فوزنا ببطولة أفريقيا في بوركينا فاسو بعد مرور زمن طويل لم نستطع فيه الصعود إلى دور الأربعة.
وليكن عقد الاتحاد الجديد مع الجوهري لحد البطولة الأفريقية. إن استطاع الاحتفاظ بها فأهلًا وسهلًا، وإذا لم يستطع فيكون لكل حادث حديث.
وهناك ملاحظة أخيرة، هي الأحاديث التي أدلى بها السادة الكباتن لمندوب القناة الفضائية المصرية. كلهم ألْقَوا باللوم على الحكم. وكلهم عملوا الواجب وكل واحد منهم ولا رونالدو ولا باجيو ولا زيدان. وزمان كنا نلقي اللوم على نقص الأوكسجين في هضبة الحبشة وعلى هطول الأمطار، ولكن الزمن تَغيَّر والأعذار أيضًا. وهو موقف لا يُطمئِن؛ لأن الإحساس بأن كل شيء على ما يرام، ولكن الهزيمة جاءت بسبب ظروف خارجية، يعني أن مسلسل الهزائم سيستمر. وسنخرج من نُقرة لنقع في دحديرة. ولا حول ولا قوة إلا بالله!