المحترمون … من النواب!
أثار مقال العبد الله في الأسبوع الماضي عدة ردود أفعال. اتصل بالعبد لله الصديق الوزير بلدياتي كمال الشاذلي، مع أنه لم يتصل بالعبد لله منذ خروج الجنزوري من الوزارة، ولم نلتقِ في أي مكان منذ ذلك الحين وحتى الآن، وكمال الشاذلي سياسي جماهيري عملي يُجيد الحديث ولديه قدرة على الحوار. وعلى مدى ساعة كاملة راح يُعاتبني على الإشارة التي وردَتْ في مقالي عن دوره فيما جاء على لسان بعض النواب الذين تَناوَلوا ما أسموه بالمخالفات التي ارتكبتها وزارة الجنزوري، ومن بينها أشياء مُضحكة مثل إعفاء الجنزوري لهيئة السكة الحديد من ديونها مُجاملةً لصديقه وزير المواصلات. وقال الوزير كمال الشاذلي: لقد اتَّهمتَني بما أنا بريء منه. لأنني لست ساذجًا إلى حدِّ توجيه مثل هذه التُّهم، وموقفي الحقيقي من هذا الموضوع تشهد به مضابط مجلس الشعب. وأنت تعلم أن الدكتور الجنزوري بلدياتي، ومنزله في القرية يقع على مرمى حجر من منزلي في الباجور، كما أنه كان زميل دراسة في المرحلة الابتدائية، ولا شك أنك تعرف أيضًا أنني برلماني قديم وأومن بأن مهمة المجالس النيابية هي مناقشة الحاضر وليس البحث في الدفاتر القديمة، وإيماني هذا جعلني أرفض علنًا أغلب المحاولات التي قام بها بعض أعضاء المجلس للكشف عن بعض الأخطاء التي وقعت في عهد وزارة الدكتور الجنزوري، وهذا هو موقفي الحقيقي وتستطيع أن تتأكد من صدق كلامي لو سألت الدكتور يوسف والي وهو صديقك، وكان بوسعك أن تتأكد من الحقيقة لو سألتني عن حقيقة موقفي من هذا الموضوع، ولكنك لم تُكلِّف نفسك عناء الاتصال بي تليفونيًّا قبل كتابة مقالك، وهكذا ترى أنك ظلمتني واتهمتني بدون وجه حق.
قلتُ للوزير كمال الشاذلي: قد أكون ظلمتُك ولكنني مظلوم أنا الآخر، فكل ما يدور تحت قبة المجلس لا يمكن أن يدور بعيدًا عنك أو من وراء ظهرك. هذه هي فكرتي عن المجلس وعنك وهي فكرة أغلب الناس أيضًا.
قال كمال الشاذلي: وما دخلي بظنونك أو أوهامك؟
قلتُ: صدقني إنها ليست أوهامي وحدي ولكنها أوهام الأغلبية، وإذا كانت مجرَّد أوهام — كما تقول — فهذا قدَرُك ولا حيلة لك في هذا، ولا مَفرَّ من تَحمُّل المسئولية.
وإذا كنتُ قد ظلمتُ كمال الشاذلي فقد ظلمني النائب الشاب دكتور أيمن نور زميلي في المهنة، عندما اتهمني بأنني هاجمتُ المجلس كله وأغفلْتُ دور المعارضة التي لم تشارك في عملية محاسبة الماضي وفتح الدفاتر القديمة. ولا أعتقد أن دكتور أيمن نور يتصور أن العبد لله أهبل وبريالة حتى أتهم المعارضين الذين هم بالرغم من ضعفهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الأغلبية الكاسحة للحزب الوطني أدَّوْا واجبهم وقدَّموا الاستجوابات وطلبات الإحاطة، ومئات الأسئلة عن الممارَسات الخاطئة في عمل الحكومة الحالية — أية حكومة حالية — دون الوقوف عند أخطاء الحكومة السابقة — أية حكومة سابقة — وهل أنسى استجواب النائب أيمن نور لوزير الصحة الدكتور إسماعيل سلام؟ هل أنسى وقفة البدري فرغلي في مواجهة وزير الاقتصاد؟ هل أنسى ما حدث لاستجوابك لوزير الاقتصاد الذي تم إجهاضه عندما غاب الوزير عن الجلسة؟ ولكن هكذا هي اللعبة الديمقراطية، وإذا كان حُكم المحكمة هو عنوان الحقيقة، فما تقره الأغلبية هو القول الفصل وعلى الجميع الخضوع لرأي الأغلبية، وقد دافع دكتور أيمن نور عن موقف (بلدياتي) الوزير كمال الشاذلي، وشهد له بأنه كان هدفًا لانتقاد المعارضة بسبب تصديه للانتقادات التي كنا نوجهها لحكومة الجنزوري في وجودها وبعد خروجها من السلطة، والعبد لله لا يستطيع أن يجاري دكتور أيمن نور … لأن الفضل ما شهدَتْ به المعارَضة. وهكذا ترى يا دكتور أيمن أنك ظلمتَ العبد لله؛ لأنني لم أقصد إلا نواب الحزب الوطني الذين تفرغ بعضهم في الفترة الأخيرة لنقد تصرفات حكومة الجنزوري وتَعقُّب أقطابها، مع أنني لو كنت عضوًا بالمجلس لنذرتُ نفسي لتحقيق هدف واحد هو سحب الثقة من وزير التموين؛ لأن المصلحة العامة تقضي بإبعاد الرجل عن وزارة التموين وبأقصى سرعة لأن وجوده بالوزارة بالرغم من عدم درايته سيسبب لمصر مشاكل كثيرة. ولو كنتُ عضوًا بالمجلس لتفرَّغتُ لمحاسبة وزير الاقتصاد، الذي نسب البعض فشل حكومة الجنزوري إلى عدم استماع الجنزوري إلى نصائحه، وعدم تطبيق نظرياته. طيب الجنزوري راح، وحكومة الجنزوري سقطت، وسيادة وزير الاقتصاد يقف وحده على المسرح، وأنت الوحيد وكلهم ركش خصوصًا في مجال الاقتصاد، ومع ذلك فالحال أصبح أسوأ من أيام الجنزوري، والسوق في انكماش ووقف الحال هو سيد الموقف. فأين نظرياتك يا دكتور؟ وأين نصائحك يا عالم الاقتصاد ويا خبير سوق المال؟ وأريد أن أهمس في أذن الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء بأن مصلحة الوزارة ومصلحة مصر تحتم عليه ضرورة الإسراع في التخلص من وزير التموين الحالي، خصوصًا بعد أن خرب الوزارة وقعد على تلها، ولأن وظيفة هذه الوزارة هي طعام المصريين وخبزهم، ولا يصلح لهذه الوزارة وزراء هواة أو وزراء كل طموحهم ينحصر في نشر صورهم على صفحات الجرائد اليومية والظهور أحيانًا على شاشات التليفزيون. ويمكن استيعاب هذا النوع من الوزراء في مسرح التليفزيون أو في حفلات مارينا الصيفية. وأقول للسادة المحترمين من نواب مصر … أنتم ألسنة الحق وحرام استخدامها في مَعارك شخصية، ويمكنكم وضع مصر على الطريق الصحيح إذا كانت مصر هي همكم الأول وإن كان سلوك المجلس في السنوات القليلة الماضية لا ينفي وجود نواب يستحقون الاحترام بالفعل سلوكًا وأداء.
ويقترح العبد لله على السيد صفوت الشريف وزير الإعلام تخصيص قناة لمجلس الشعب لعرض الجلسات مباشرة على شعب مصر وعدم اختصارها أو تقطيعها أو اختيار لقطات منها تخضع لمزاج الرقيب والتعليمات التي عنده، وليصدقني وزير الإعلام إذا قلت له إن هذه القناة ستكون الإضافة الحقيقية التي تربط الناس بجهاز الإعلام المصري؛ لأنها ستكون خطوة غير مسبوقة في العالم العربي، كما ستكون دليلًا جديدًا على أننا بلغنا مرحلة الرشد وأننا ليس لدينا شيء نخفيه. وعلى العموم وداعًا لمجلس الشعب الحالي ومرحبًا بالمجلس الجديد، وأرجو أن تتسع مقاعده لعدد أكبر من النواب المعارضين ولنماذج جديدة من البرلمانيين الحقيقيين الذين يثرون حياتنا السياسية، ومصر والحمد لله غنية بهذا النوع من الرجال!
لكشة
كلما رأيت وجه الممثل محمود قابيل على شاشة التليفزيون أسرعتُ بقراءة الفاتحة على روح الفنان صلاح قابيل، إيه المناسبة؟ لست أدري!