العميل الفضائي!
رأى «أحمد» أن ما حدث لم يكن من قبيل المصادفة … وأن هذه الأحداث التي مروا بها … لم تكن من قبيل المصادفة … وأن هذا الكائن الفضائي موجود على الأرض منذ فترة زمنية إن لم تكن طويلة … فهي لا تقلُّ عن أيام … أيضًا هذه المركبة الفضائية قد زارت الأرض قبل هذه المرة … فلا يمكن لهذا الكائن أن يأتيَ وحده … وقد أثار هذا الكلامُ خيالَ الشياطين الساهرين معه حتى إن «إلهام» علَّقَت بقولها: تقصد أن هذه المركبة حضرَت إلى الأرض في مهمة … وحضر معها هذا الكائن كما يسافر زوار الفضاء في مهام إلى الكواكب الأخرى.
أحمد: نعم.
هذا يعني أن لهذا الرائد مهمةً معينة في الصحراء الغربية عليه إتمامها، ثم العودة مرة أخرى مع هذه المركبة؟
أحمد: تمامًا!
إلهام: إذن ما علاقةُ المقرِّ السريِّ أو المنظمة بكل هذا؟
أحمد: أنسيتَ أنهم أبلغونا أن طائرة حربية سوف تحملنا عند الكيلو ٢٨.
إلهام: لم أنسَ.
أحمد: هل حضرت؟
إلهام: لا أرى لهذا علاقة بالأمر أيضًا.
وهنا تحمَّس «قيس» لفكرة «أحمد»، وقال: لقد سمعنا هناك صوتَ الصفير المتقطع … والطنين العالي الذي يصمُّ الآذانَ … وبدأت الخطوط تتضح ﻟ «مصباح» … الذي قال مُعلِّقًا: ألم يكن هذا صوت المركبة الفضائية؟
أحمد: نعم هي … وكانت هذه أول مرة نسمعه فيها.
إلهام: إذن اشرح لنا سيناريو كاملًا عن علاقة المنظمة بهذا الأمر.
أحمد: لقد عثر العاملون في المقرِّ المركزي على هذا الكائن … وأخضعه علماءُ المقرِّ لاختبارات كثيرة … ولكنه بطريقةٍ ما استطاع أن يفرَّ منهم … وفعلوا ما بوسعهم … فلم يتمكنوا من الوصول إليه … فأرسلوا لنا يستدعوننا دون أن نعلم عن الأمر شيئًا … حتى يظلَّ هذا الموضوعُ سريًّا.
إلهام: وهل كانوا سينتظرون وصولَنا إلى المقرِّ ثم يكلفوننا بالمهمة في سرية بالغة؟
أحمد: نعم … ولكن المصادفة وحدها جعلَتنا نبدأ المهمة مبكرًا …
قيس: سيناريو معقول جدًّا ولم يبقَ أمامنا غير «عثمان».
لفَّ الصمتُ الجميعَ … ومنهم مَن انشغل برشف ما تبقَّى من كوب الشاي … ومنهم مَن انشغل بالرسم في الرمال بخنجره.
ولم يُعجِب «أحمد» هذا الصمت. ولم تُعجبْه هذه الروح؛ فهم كمحاربين عليهم توقُّعُ كلِّ شيء … وعليهم تقبُّلُ كلِّ النتائج أيًّا كانت بروح المحارب … وبرضاء الجندي.
وهم يعرفون ذلك جيدًا … إلا أن فقْدَ «عثمان» ليس بالأمر الهين … وهنا قال لهم: مَن الذي قال لكم إننا فقدنا «عثمان».
ونفض الجميعُ رءوسَهم … وهم غيرُ مصدقين لهذه اللهجة الجديدة.
وقالَت له «إلهام» تذكرُه: أنت الذي قلت هذا يا «أحمد»!
ولم يُنكر أنه قال هذا … بل أكَّد ذلك قائلًا: لقد قلتُه في لحظةٍ … كانت مواجهة الخطر فيها تحتاج إلى تركيزِ ذهنٍ. وإلى روح قتالية، فإذا انشغلنا ﺑ «عثمان» لن نستطيعَ أن نصفوَ لهذه اللحظة ونُواجهها بما يستحقُّها.
وفي نبرةِ أملٍ سأله «قيس» قائلًا: أتقصد أن «عثمان» لا يزال على قيد الحياة؟
أحمد: لو كنَّا نفهم «عثمان» جيدًا لعلمنا الآن أين هو.
مصباح: وهل تعرف أنت؟
أحمد: إنه هاربٌ في الصحراء … وعلينا أن نعثرَ عليه.
ومن قلب الظلام … لمح «مصباح» شبحًا يتحرك … فانتفض واقفًا ويدُه على مسدسه، وما إن لمحه يقترب حتى سحب أمانَ المسدس ووضع إصبعَه على الزناد، وصاح فيه قائلًا: مَن أنت؟
ولم يُجبْه … وظلَّ يتقدم خطوةً بخطوةٍ … و«مصباح» يصيح فيه: مَن أنت؟
وأثار صمتُه أعصابَ «مصباح»، فأطلق رصاصة في الهواء … جعلَت الشبحَ يصيح قائلًا: وماذا تفعل يا «مصباح»؟
وعرَف من صوته أنه «رشيد»، فقال له: لماذا لم تُجبني؟
وفي غيظٍ قال له «رشيد»: لقد شعرتُ بحركة غريبة … وكنت أراقبها عن بُعد لأعرف مصدرها.
أحمد: قد يكون حيوانًا بريًّا …
رشيد: ولماذا لا يكون الكائن الفضائي؟
إلهام: يا «رشيد» الكائن الفضائي ليس بهذه السذاجة!
رشيد: إذن فهو «عثمان».
وهنا صاح فيه «أحمد» قائلًا: ما بك يا «رشيد» … ألا زلتَ نائمًا؟
رشيد: لقد كنت مرهقًا جدًّا … إلا أن الأحلام المزعجة أيقظَتني … وكذلك قلقي على «عثمان».
ورأى «أحمد» أن يُطمئنَه عليه، فقال له: «عثمان» بخير …
وفي بهجة ودهشة سأله قائلًا: حقًّا يا «أحمد» … وكيف عرفت؟
أحمد: ستعرفون جميعًا قريبًا … ولكن الآن، هل يمكنني الاعتماد عليك؟
رشيد: طبعًا، ولكن في ماذا؟
أحمد: سنتركك لحراسة المجموعة … وسنخرج نحن إلى الصحراء.
رشيد: للبحث عن «عثمان»!
واستيقظ «رشيد» من نومه تمامًا، وقال له: أنت لم تعرف عنه شيئًا بعد … ولكنك تعرف أسلوب تفكيره.
أحمد: أنت الآن في كامل يقظتك.