في الرياضيات وفلسفتها عند العرب
«وكان الفارابي قد جعل الرياضيات تاليةً لعلوم اللغة العربية وعلوم المنطق، ويجعلها أبو حيان التوحيدي في موقع آخَر، وكذا إخوان الصفا … وفي كل حال سلَّم التراثُ الإسلامي بالعلوم الرياضية بوصفها مبرهِنات يقينية لا بدَّ أن تحتلَّ موقعَها بدِقة في بنية العقل.»
يتناول هذا الكتاب قضيةً رياضية ذات بُعد فلسفي عميق كان لعلماء الحضارة الإسلامية إسهامٌ بارز فيها، وهي القضية التي تتمحور حول مسألة الخط المقارِب؛ ذاك الخط الذي يتقارب من المنحنى تقارُبًا مستمرًّا بحيث تَئول المسافة بينهما إلى الصفر عند اللانهاية، مثيرًا بذلك مسألة اللاتناهي. وقد تطرَّق لهذه القضية اثنان من علماء المسلمين هما: «السِّجزي» أحد علماء القرن الرابع الهجري، الذي اشتغل بالهندسة، ونظر إلى مسألة الخط المقارِب وقضية اللاتناهي من زاويةٍ أعمق؛ هي الفجوة بين الاستعداد لتصويرِ خاصيةٍ ما، والقدرة على البرهنة عليها أو تأسيسها تأسيسًا مُحكَمًا. أما العالِم الثاني فهو «موسى بن ميمون» طبيب «صلاح الدين الأيوبي»، الذي أثار أيضًا هذه القضية من زاوية الخيال والعقل.