خاتمة للشارح
يقول حسن بن أحمد السندوبي: الحمد لله على حُسن تيسيره، وجميل توفيقه. وبعد، فقد كان الفراغ من مراجعة كتاب «البيان والتبيين» لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ بأجزائه الثلاثة، وتحقيق الكثير من عباراته، وإبانة الجم من مُشكِلاته، وتعليق حواشيه، والتعريف بالجمهور من رجالاته، وفيهم شيوخ المعتزلة، وزُعماء الفِرَق، ورءوس الخوارج، وكِبار القادة، وعُظماء الفاتحين، وسادة الوُعاظ، والزُّهاد والنُّساك، وثِقات السند والرُّواة، وجمهرة من الشعراء، مما لم يسبقني إليه سابق، وقد فصَّلت مُدمَجاته، وخلَّصت المُلتبِس من إشاراته، وضبطت المُبهَم من كلماته، ووضعت اللازم من عناوينه، وعرضته في هذا المَعرِض من الطبع الجميل في مساء السبت ٢٥ شعبان سنة ١٣٤/ ٢٦ فبراير سنة ١٩٢٧م.
هذا، ومن يُنعم النظر في هذه الطبعة، وكان له اطلاع على ما سبق من طبعاته، يعرف أني قد بذلت فيها من الجهود، وعانيت في أمرها من المجهود، الشيء الكثير. على أنني ما حاولت في ذلك إرضاء مخلوق جلَّ خطره، أو حقر أمره، وما قصدت إلا رضاء الله وحده، وهو الذي وفَّقني، وأعانني ويسَّر لي من هذا الشأن ما لم أكُن أتوقَّعه؛ فله الحمد على ما يسَّر، والشكر على ما وفَّق.
وليكن في عِلم المطَّلِع أنني كثيرًا ما لجأت في إيضاح بعض العبارات إلى ما رُوي عن الثقات، وتواتر عن الأثبات، وإلى محفوظي الخاص، وإلى الذوق الأدبي في اطِّراد السياق؛ فكنت أضيف إلى بعض الجُمل كلمات في ثناياها لا يمكن أن يستقيم أسلوبها أو تؤدِّيَ الصحيح من معناها إلا بها، غير أنني مع هذا لم أترك ما وضعت من هذه الكلمات تذهب بين ثنايا الموضوعات سُدًى، بل وضعت أكثرها بين معقوفَين هكذا [ ]، وكثيرًا ما بدَّلت بعض كلمات بغيرها، وأشرت إلى ذلك في ذيل صفحاتها، إلا ما سهوت عن الإشارة إليه. ولست أدَّعي العِصمة والسلامة في كل ما صنعت؛ فأنا أعترف أنه وقعت بعض أغلاط مطبعية لا يمكن أن يخلوَ كتاب من مِثلها، غير أنها لا تكاد تُذكَر، ولا تكاد تخفى على أقل المطَّلِعين إدراكًا؛ لذلك أغفلت تبيانها، والكمال لله وحده، وهو حَسبي ونعم الوكيل.