السيطرة على العاطفة
«كل خصائصها تبدو متغيرة، مع تغيُّر قدرها. أسفها، اكتئاب الروح، استرجعت كل بساطتها، وحيويتها، عقلها الشاب … كانت لعوبًا، وبكامل ثقتها، لطفها، وتعاطفها. شفت عيونها عن بريق جديد، وخداها عن لون جديد، ونعومة. أصبح صوتها مرحًا، ومزاجها خاليًا، مع لطف الكون. وابتسامتها العطوف الساحرة، من يوم إلى يوم، تُضيء محيَّاها.»
إن الحب الرومانسي واقع، مطلب، احتياج، دافع إلى اللقاء، يمكن أن يكون أقوى من الجوع.
(١) مدمنو الحب
أما ريتشارد دي فورنيفال، في كتابه «فضيحة في الحب» بالقرن الرابع عشر، تحدَّث عن هذا السحر، قائلًا: «الحب، حريق بلا انطفاء، وجوع بلا شبع.»
ولأن الغرام مثل النشوة «علو الدماغ»، ولأن هذه العاطفة يصعب جدًّا التحكم بها، ولأنها تبثُّ الاشتياق، الاستحواذية، القهرية، تحوير الواقع، والاعتماد العاطفي والجسماني، وتغيرات الشخصية، وفقدان القدرة على التحكم بالذات؛ لذلك يعتبر العديد من الأخصائيِّين الاجتماعيِّين، أن الحب الرومانسي (الغرام)، مثل الإدمان، وهو إدمان إيجابي، حين يكون متبادلًا، وتثبيت سلبي فظيع، حين يزدريك حبيبك، وتعجز عن فعل أي شيء.
فضلًا عن ذلك، فهذا المحب المسحور، يظهر الأعراض الثلاثة الكلاسيكية للإدمان: التحمل، الانسحاب، والانتكاس. في البداية، يحاول المحب أن يرى محبوبه، كلما أمكن. ولكن مع الإدمان، يحتاج إلى الأكثر والأكثر، من هذا «الدواء»، ومع الوقت يهمسون، «أنا أشتاق لك»، «أنا لا أشبع منك.»
انتهاءً ﺑ «أنا لا أستطيع الحياة من دونك.»
وحين يكون المحب بعيدًا عن محبوبه حتى لو لساعات محدودة فإنه يتلهف للالتقاء به، من جديد. وكل مكالمة هاتفية، ليست من المحبوب، تُصيبه بالإحباط. وإذا قطع المحبوب هذه العلاقة، نجد أن المحب يظهر كل الأعراض الشائعة لانسحاب الدواء من الجسم، بما فيها الاكتئاب، نوبات البكاء، القلق، الأرق، فقدان الشهية (أو الإفراط في تناول الطعام)، التبرم والضيق، والوحدة المزمنة، مثل كل المدمنين. يصبح المحب في حالة يُرثَى لها، ويسعى بشكل خطر على حياته للحصول على نوع مخدره المحبَّب.
كما ينتكس المحب، مثل انتكاس المدمنين كذلك؛ فحتى بعد مدة طويلة من قطع العلاقة مع محبوبه، فإن أحداثًا بسيطة، مثل سماع أغنية معينة، أو زيارة مكان محدد، تُؤجج اشتياقه، وتدفعه للاتصال أو الكتابة، للحصول على مبتغاه بشكل قهري، ألا وهو اللحظات الرومانسية مع المحبوب.
لقد كان «راسين» صائبَ الرأي حين قال: «إن المحب عبد الافتتان.»
كيف يمكن لنا أن نُعيدَ بلطف الرحلة للعقل والتحرر، حين يرفضنا حبُّنا؟
كيف نُعيد مشاعرنا الرومانسية لشخص آخر، أو لذواتنا؟ كيف نُنهي حبَّنا؟
(٢) مرض الحب: دعه يذهب
لا شيء يؤثر في/أو يوقف التهور الضاري لسرعته. يؤمن «شكسبير» أن عواطف الغرام لا يمكن التحكم بها. وأنا أعتقد أن هذا الإدمان يمكن التغلب عليه، فقط يلزمنا القرار والوقت، إن بعض المعلومات البسيطة حول وظيفة الدماغ، وطبيعة الإنسان، تساعد كثيرًا على ذلك.
كيف تبدأ؟ أولًا يجب أن تُزيل كل الدلائل على هذه المادة الإدمانية «المحبوب». ولهذا يجب وضع الكروت والخطابات، وباقي المتعلقات في صندوق بعيدًا عن متناولك. لا تتصل أو تكتب تحت أيِّ ظرف من الظروف. غادر فورًا، إذا دعَتْك الظروف لمقابلة حبيبك السابق، في المكتب أو الشارع. لماذا؟ لأن «تشارلز ديكنز» قال: «الحب سوف يزدهر لوقت معقول، مع أقل القليل من الغذاء، حتى أقل تواصل معه أو معها، فإن ذلك يمكنه من إشعال دوائر مخك لحرارة الغرام، إذا أردت التعافي، فيجب عليك أن تمحوَ كلَّ بقايا اللص الذي سرق قلبك.»
تأمل، طوِّر أفكارًا تتغنى بها، وبهدوء ردِّدْها بداخلك، تذكَّر شيئًا ما إيجابيًّا عن نفسك، وعن مستقبلك، هذا هو أفضل شيء، حتى لو لم يكن حقيقيًّا بعد. شيء مثل «أحب أن أكون ذاتي، مع توءم الروح التي هي مني.» التقِ شيئًا يرفع من روحك المعنوية، وتقديرك لذاتك، ويُشغل عقلك، بعيدًا عن العلاقة الفاشلة، وتجاه شيء آخر ناجح. وحينما لا تستطيع التوقف عن التفكير فيه أو فيها، تناول سماته السلبية، اكتب أخطاءَهم، واحتفظ بهذه القائمة في حافظتك، أو جيبك.
يمكنك أيضًا أن تحاول، تخيَّلْ نفسك تسير ذراعًا بذراع، مع شخص ما يغرم بك، وتعتز أنت به، تخيَّلْه الشريك المثالي، اختلقه في خيالك، وأَضْفِ عليه صفات رائعة، شخص يخيِّم في عقلك، فمن الواجب عليك إلقاء الوغد بعيدًا.
لماذا؟ … لأن اليأس للحب المرفوض، غالبًا ما يُصاحبه هبوط في مستويات الدوبامين، وحين تركز اهتمامك للقيام بأشياء جديدة، فإنك تعمل على رفع هذه المادة، التي تُشعرك بالسعادة، وتُطلق الطاقة والأمل.
والرياضة بشكل خاص جيدة جدًّا للمحبين المرفوضين. ففي كل مرة تهوي إلى مقعد، تجلس إلى الهاتف، أو تحملق من النافذة، فأنت تعطي لحبيبك الذي هجرك الوقتَ المناسب، ليُذكيَ النار في قلبك المتألم.
«أبقني بتفاحات، أرحني بقناني الخمر، فأنا مريض بالحب.» صرخة مريض في أغنية الأغنيات. لقد ناشدت هؤلاء المحبين التعساء، البحث عن تشتيت الانتباه، ونور الصباح، وصناعة الأمثال والحكم المخففة، تناول علاجات من الأعشاب، والتمارين الرياضية، والابتسام، كي ينزاحَ عن كاهلهم مرض الحب، كما يحدث من مليون عام مضت.
(٣) نهج الخطوات الاثنتي عشرة: مدمنو الحب
هناك طريق واحد، لتُقابل أناسًا جددًا، وتتعلم آليات جديدة للتأقلم، وتطور منظورًا طازجًا للحياة والحب، ألا وهو أن تنضمَّ لبرنامج «الخطوات الاثنتي عشرة».
«اليوم بيومه»، هو الأساس. ولأعضاء «المدمنون المجهولون» فإن التوقف عن تعاطي الخمور، لباقي حياتهم، شيء غير واقعي إن لم يكن مستحيلًا، ولكن الواحد منهم يستطيع أن يقاوم الشيطان، ساعة بساعة.
«فقط لليوم»، هكذا يقولون، «لن أشرب». على نفس المنوال، فإن مدمني الشيكولاتة، يُقررون ألَّا يصلوا لقطعة الشيكولاتة، اليوم فقط. والمقامرون يقررون التوقف اليوم. والمحبون المرفوضون، يمكنهم القرار، بألَّا يتصلوا بالمحبوب اليوم.
«إذا كنت لا تريد أن تنزلق، فلا تذهب للأماكن الزلقة.» هذا شعار آخر للخطوات الاثنتي عشرة، ويمكن أن ينطبق على مدمني الحب.
وهذا يعني: ابتعد عن المطاعم، التي كنت تتناول فيها الطعام، مع حبيبك. اذهب لأماكن جديدة، للتسوق أو التريض مثلًا. لا تستمع للأغنيات، التي كنت تشاركه إياها. ابتعد عن الناس، والأماكن، والأشياء، التي تُؤجج الرغبة في شريكك الضال.
حكمة أخرى هي «إنها الجرعة/الكأس الأولى، التي تجعلك مخمورًا.» باختصار، يعرف المدمنون أنهم حين يبدءون في الكأس الأولى من المارتيني، أو الكعكات المحلَّاة بالشيكولاتة بالنسبة لمدمني الشيكولاتة فسوف يَصِل ذلك بهم إلى تناول الثانية والثالثة. وعلى المنوال نفسه، لا تبدأ الاتصال الأول، أو الرسالة الأولى، أو قيادة السيارة قرب بيته أو بيتها.
اتصال واحد بحبيب قلبك السابق، سوف يستدعي المزيد من الاتصالات، والمزيد من الشقاء ربما يكون شعار «فكر في الشراب عن طريق»، هو الشعار الأغرب لأعضاء «المدمنون المجهولون»، وهو يعني أنك إذا وقفت في حفلة زفاف راقية، وحملقت في الناس الجميلة، يحملون كئوس الخمر، والشامبانيا، فكِّر بالماضي، إن هذه اللحظة، ما هي نهايتها المحتملة، شيء مأساوي قد يستمر لمدة أشهر. على المنوال نفسه، فإن «المحبين المهجورين» يميلون إلى إضفاء الرومانسية، على الأيام الجميلة الرائعة؛ ولهذا فهم يلتقطون الهاتف، ويتصلون بحبيبهم النافر، وهم ممتلئون بكل هذه الذكريات الجميلة في أذهانهم، يفكرون بالماضي، واللحظات المفرحة. لكن ما يجب أن تفكر فيه هو فيما بعد هذه اللحظات الجميلة، في نهايات الأسبوع المريعة، التي لم يتصل بك فيها «حبك الحقيقي».
(٤) تناول مضادات الاكتئاب
لقد عرف الشاعر الفرنسي «ألين كارتيير»، بالقرن الخامس عشر، أن مشاعر الحب الرومانسي، يمكنها أن تبقى، باعتبارها محتلًّا عنيدًا بعقلك، وحينما تمضي الأشياء، بشكلٍ فظٍّ، فإنك يجب أن تطردَه.
والعلاج الحديث، يمكنه المساعدة.
هناك في الحقيقة أنواعٌ عديدة من الاكتئاب؛ فالمرأة التي تعاني من انخفاض المزاج بعد الولادة، لا تعاني الاكتئاب نفسه الذي يعانيه رجل فُصِل من عمله توًّا. والحب المرفوض، ربما يُحدث نوعًا آخر من الاكتئاب، مع بصمات كيميائية محددة، على المخ. علاوة على ذلك، فإن الناس الذين لا يزالون في المرحلة الأولى، «مرحلة الاعتراض»، من الحب المرفوض، يعانون من أعراض تختلف عن الذين فقدوا الأمل كليًّا.
وعلى الرغم من هذا، فإن كلَّ أنواع الاكتئاب «الإكلينيكي»، يبدو أنها تظهر بأربع علامات أساسية. اضطراب معرفي، ويشمل فقدان التركيز في العمل كالمعتاد، وعدم القدرة على تذكُّر الأحداث اليومية والواجبات. تفكير وسواسي حول مشكلتك وألمك. والاضطرابات الأخرى بالتفكير. اعتلال المزاج؛ فالرجال والنساء المكتئبون يكافحون ضد اليأس، والقلق، والخوف، والغضب، و/أو حالات الإعاقات المزاجية الأخرى.
كما تظهر مشاكل الجسم كذلك؛ فالمكتئبون بشكل عام يواجهون مشاكل بتناول الطعام، النوم، أو الولوج في ممارسات جنسية. والعديد منهم يفكرون في الانتحار.
الرجال والنساء المهجورون، غالبًا ما يصرِّحون بكل هذه الأعراض الخاصة بالاكتئاب الجسيم. ومنها عدم القدرة على التأقلم، كما يتناول العديد منهم مضادات الاكتئاب، ليخففوا من عذاباتهم.
الأهم في قصتنا، فإن المحبين المرفوضين، حين يخضعون للعلاج بمضادات الاكتئاب، التي ترفع مستويات الدوبامين بالمخ، يملئون ثانية المادة، التي يسبِّب نقصُها في الأغلب، أعراضَهم الانسحابية.
وحتى الآن لا يوجد عقار مضاد للاكتئاب، يخفف كل مريض؛ فالمرضى الذين يستعملونه، يجب أن يعملوا مع أطبائهم، ليجدوا ما هو مناسب لهم. علاوة على ذلك، لا يوجد هناك عقار، يتغلب تمامًا على عذاب حب ضائع. كما أن كلها ذات تأثيرات جانبية، بشكل أو بآخر.
ولكن حتى وإن لم يثبت أن مضادات الاكتئاب، رصاصة سحرية، في كل حالة، فإن هذه المنتجات الكيميائية بديلٌ أفضل بكثير من أن تترصد حبيبك السابق، في سيارتك، أو تبكي وتنشج، بشكل غير متحكم به، وأنت في الظلام، أو تجلس مذهولًا أمام التلفاز، مغمورًا بالغضب والأسى، وأي شيء يُنذر بالانتحار.
(٥) العلاج بالكلام
كتب «شكسبير» في رواية «هاملت» حكمة وهو يقول: «هل يمكن لنا أن نغيِّر من طبع الطبيعة؟»
إن الحديث عن ورطتك مع معالج، ومن ثَم تطوير طريقتك في التفكير والعمل (السلوك)، يمكن أن يغيِّر نشاط مخك.
بدلًا من قياس مزايا العلاج بالكلام، مقابل العلاج بالعقاقير، فإن العديد من الأطباء النفسيين يؤمنون أن دمجَ العلاجَين سويًّا، سيصبح أكثرَ تأثيرًا منه إذا تم الاعتماد على واحد منهما فقط.
(٦) وقتٌ للشفاء
«كل الأشياء تتدفق، لا شيءَ يثبت.» هكذا كتب «هيراكليتس» الفيلسوف اليوناني.
كما قمت بإزالة المحفزات، التي أثارت حماسك، سلِّح نفسك بذخيرة من الشعارات، ابنِ عادات يومية جديدة، قابِل أُناسًا جددًا، استغرقْ في اهتمامات جديدة، وربما ابحث عن مضاد الاكتئاب المناسب أو المعالج الصحيح، أو مرشد. مع كل ذلك فإن إدمانك لحبيب سابق بالتأكيد سيهدأ.
سنتماثل للشفاء، أحيانًا في أسابيع قليلة، وطبيعي أكثر نأخذ أشهرًا، وفي كثير من الأحيان، نأخذ أكثرَ من عامين من الانفصال.
«نحن نُدرك جيدًا ما نحن محرومون منه.» هكذا كتب الأديب الفرنسي «فرانسوا مورياك».
لكن من ضمن كلِّ الذين شفوا، من تجربة عاطفية سيئة، فإن المؤثر الفعال، هو أن تجد حبيبًا جديدًا، ليملأ قلبك.
«الحبيب الجديد، يطرد الحبيب القديم.» ولم يتغير شيء منذ القرن الثانى عشر، حين كتب هذه الكلمات، رجل الدين الفرنسي «أندريا كابيلانس».
وقد وافق العلم الحديث على ذلك؛ فحين تقع في الحب مجددًا، سوف ترفع مستويات الدوبامين، وباقي المواد الكيميائية الأخرى بالدماغ، التي تُشعرك بأنك في حالة جيدة، مرة أخرى.
(٧) هل يمكننا استحضار الحب؟
عزيزتي «هيلين»، منذ أيام قليلة، تخطيت سنَّ السبعين وقد وقعت وأنا في هذه السن في الحب مجددًا، مع رجل مدهش، ويمثِّل لي العالمَ كلَّه، ولكنه اعترف لي بأنه لا يحبني. لدينا أوقات رائعة معًا، حين يسنح لنا الوقتُ بذلك (حيث إنه لا يزال يعمل). سؤالي لكِ الآن: هل تعتقدين أنه يمكن لشخص ما أن يقع في حبك، بعد عام من كونكما سويًّا؟ إنه يعتقد أنني رائعة، وكل هذه الأشياء الحسنة، ولكنه تأذى جدًّا بزواجه الأخير الفاشل، وأخبرني أنه لا يعلم، هل ما زالت لديه القدرة على الوقوع في الحب مجددًا، مشاعري، ليس لديَّ اختيار. سوف أُحبُّه حتى أسمع منك، لأن قلبي تحطَّم، ولا أعلم ماذا أفعل.
تلقيت هذا البريد الإلكترونى مؤخرًا من سيدة في كندا، ولقد كتبتُ لها أقول: «أعتقد أنها تستطيع أن تفوز بحب هذا الرجل مع قليل من الجهد.»
كيف تُشعل غرام مجنون، في آخر؟
افعل أشياء غير مألوفة معًا.
جسران للمشي يمتدان عبر وادي نهر«كابيلانو»، في شمالي «فانكوفر»، أحدهما جسرٌ معلق، غير متين، بعرض خمس أقدام، ويتأرجح ويهتز، من علو ٢٣٠ قدمًا، فوق صخور حادة صلبة، ونهر منحدر. والجسر الآخر على العكس، مستقر، واسع، ومنخفض.
«دتون» و«آرون»، سألَا عشرات الرجال، كي يعبرَا النهر، عبر أحد هذين الجسرين، في المنتصف من كلِّ جسر، وقفَت امرأة شابة جميلة، وكانت تسأل كلَّ الرجال العابرين، أن يجاوبوا على استبيان. وبعد أن يُكملوا الإجابة على تساؤلات البحث، تُبلغهم إذا كان لديهم أي سؤال عن الدراسة، فعليهم أن يتصلوا بها بالمنزل، وأعطَت كلًّا منهم هاتفها، ولم يكن أحد منهم يعلم أنها جزء من التجربة.
تسعة من اثنين وثلاثين رجلًا، من الذين مشوا على الجسر الضيق، العالي، المتأرجح، انجذبوا بشكلٍ كافٍ، ليتصلوا بها في المنزل. اثنان فقط، من هؤلاء الذين قابلوها على الجسر الثابت المنخفض، اتصلَا بها.
هذا الانجذاب التلقائي يترابط في الأغلب، بشكل مباشر مع الخاصية البدنية للخطر: الخطر يحفِّز إنتاج الأدرينالين، وهو بدنيٌّ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالدوبامين والنوريبينفراين.
لكن في دراسة أخرى، «أرت آرون» مع زملاء آخرين، «كريستينا نورمن»، أظهرَت أن النشاطات المثيرة فعلًا، تحفِّز الحب الرومانسي كذلك.
فقد سألوا ثمانية وعشرين ثنائيًّا، يتواعدون أو متزوجين، ليملئوا استبيانات متعددة، ثم يفعلوا نشاطًا معًا، ثم يعاودوا إجابة الاستبيانات مرة أخرى. واحدة من هذه النشاطات كانت مثيرة، والأخرى فاترة وقليلة النشاط، التجربة مع كلِّ ثنائي استغرقَت حوالي الساعة.
ربما صديقة بريدي الإلكتروني في كندا، والنساء والرجال المغرمون، والذين ينشدون تأجج الحب الرومانسي، مع شريك لهم، يجب أن يودعوا التواني والكسل، كي يصاحبَهم في مواقف مثيرة، وخطرة إلى حدٍّ ما.
ربما يزورون مدينة أجنبية معًا، أو يسيرون عبرَ ممرٍّ جبليٍّ وعرٍ وخطير، وهو ما يُؤجج عاطفة الحب.
أخيرًا، شاهدت رجلًا وامرأة مربوطين معًا بحبل مطاطي، يغطس بهما من حافة رافعة، من علو مائتي قدم ارتفاعًا. وحينما هبطَا أرضًا، كانوا في عناق شديد. وأنا لا أنصح بذلك، ولكن ماذا عن تجربة مطعم جديد، في جزء آخر من البلدة، التي تعيش بها، شراء آخر تذكرتَين لمسرح، أو حدَث رياضي، الاندفاع لمشاهدة استعراض، أو العوم بعد أن يخيِّم الظلام.
أي شيء مثير للحماسة، وغير اعتيادي، يمكنه أن يؤجِّج الحب الرومانسي.
حتى الشجار قد يُصبح مثيرًا، وله إمكانيات الرومانسية. وأنا لستُ مع جانب العراك، مع حبٍّ حقيقي. ولكن بعض الثنائيات أقروا أن الجدال يبعث الحيوية في العلاقة.
والأهم من ذلك، الغضب يحفز العقل والجسم، مطلقًا شرارةَ اندفاع الأدرينالين، والمحفزات الأخرى المصاحبة للحب الرومانسي.
«الحب لوحة افترشت بالطبيعة، ومطرزة بالخيال.» هكذا كتب «فولتير».
طرز حياتك بالجديد والمغامرة، ربما تربح حبك.
(٨) الجنس الحميم
يمكن للجنس أن يكون شرارةَ الغرام الرومانسي.
الجنس يساعدك على الاحتفاظ بجلدك وعضلاتك، وباقي أنسجة الجسم، في الحالة المثلى من التناغم. وهو يوفر الفرصة، كي تخلقَ الجدة والإثارة.
ومع النشوة، فإن المخ يُطلق «الأوكسيتوسين» في المرأة، و«الفازوبرسين» في الرجل، وهي الكيميائيات التي تُصاحب مشاعر الارتباط.
لكن العلاقة الجنسية ليست للاسترخاء، وتناغم العضلات، وإعطاء واستقبال البهجة فقط؛ فدائمًا ما يترافق الجنس مع ارتفاع مستويات التيستيستيرون، وهو ما ينمِّي إنتاج الدوبامين، الرحيق الذي يغذِّي الرومانسية.
لذا فمن الطريف، أن السائل المنوي يعتبر له القدرة على المساهمة في العواطف الرومانسية.
كتب وليام بلاك: «الامتلاء بالحيوية والنشاط، جمال.» فكلا الجنسين ينجذبان للشريك السعيد، وهذا ربما لأننا نفتقد هؤلاء في الطبيعة، من حولنا. وحينما يبتسم الآخرون، فنحن نبتسم أيضًا بشكل لا شعوري، وإن يكن أحيانًا بشكل بطيء جدًّا.
وإلى حد بعيد، كلما دبرت جديدًا، وغامرت بأشياء مثيرة جنسيًّا، وفعلت ذلك مع شخص، تتمنى أن تفوز به، باعتباره شريكًا عاطفيًّا. افعل ذلك بسعادة بادية على وجهك، فربما تحفز مشاعر البهجة والمتعة لدى حبيبك، وتبدأ شعلة الحب الرومانسي البدائية.
(٩) أَعِد تقييمَ عقاقيرك المضادة للاكتئاب.
إذا أردت المغازلة بشكل جدي، يجب أن تُعيدَ تقييمَ تأثيرِ أيِّ عقاقير مضادات للاكتئاب، التي تتناولها، خصوصًا إذا كنتَ عانيتَ من مشكلات جنسية، كتأثيرٍ جانبي للعقاقير، أو حتى تبلُّد المشاعر.
على سبيل المثال، معظم هذه العقاقير تُقلِّل من المشاعر. فأنت عندما تكون مكتئبًا بشكل رهيب، من قصة حب فاشلة، تنشد هذا التأثير. ولكن حينما يستمر استعمال مضادات الاكتئاب، لفترات طويلة، بعد انتهاء علاقة الحب الفاشلة، فإنها قد تمنع قدرتهم على الاستجابة الطبيعية، عند ظهور شريك جديد ومثالي. ويبدو كأنهم متبلدو الحس، كي يلاحظوه أو يلاحظوها.
إن الدليل المباشر الأول، على «بلادة المغازلة» هذه، تم العثور عليها. حيث سألت «ماريان فيشر» السيدات اللاتي تناولن مضادات الاكتئاب، من نوع محسنات «السيروتونين»، وأخريات لم يأخذنَ أيَّ عقار، كي تقيِّمَ مدى انجذابهن إلى وجوه بعض الرجال، في صور فوتوغرافية.
نتيجة لذلك، الناس الذين يستعملون هذه العلاجات، يُصبحون خجولين في كثير من الأحيان، مما يُبعدهم عن أيِّ ارتباط رومانسي محتمل، إنهم يهابون الفشل في غرفة النوم، وبالتالي يمتنعون عن التمسيد، التقبيل، وممارسة الجنس، التي تؤجج الحب الرومانسي.
إنهم يفتقدون فورة الأوكسيتوسين والفازوبرسين، في النشوة الجنسية أثناء هزة الجماع، والتي تؤدي إلى مشاعر الارتباط. والرجال الذين لايستطيعون القذف يفشلون في سكب كيميائيات السائل المنوي، التي تستطيع أن تؤثر في مزاج شريكاتهم.
هذه العقاقير المعززة ﻟ «السيروتونين»، لديها تأثيرات سلبية أخرى مختفية؛ فهزة الجماع لدى المرأة، تطورت على الأرجح، كي تلائمَ أغراضًا عدة. لكن العلماء ظلوا طويلًا يعتقدون أنها برزت على الأقل بشكل جزئي، كي تفرقَ بين أستاذ «صح»، وأستاذ «خطأ». هذه الاستجابة «المتقلبة» للنشوة، تساعد أسلاف المرأة من تمييز المحبين الذين لديهم الاستعداد للالتزام بوقت قيم، وطاقة لإرضائهن، ولا تزال تفعل الشيء نفسه.
لذا فالنساء اللاتي يتناولن مضادات الاكتئاب، من محسنات السيروتونين، تُهدد قدرتهن على تقييم الالتزام العاطفي لشريكهن.
ربما أسوأ من ذلك، فإن العديد من الذين يتناولون محسنات «السيروتونين» يُرسلون إشارات خاطئة، بعدم الملاءمة، وفقدان الاهتمام في غرفة النوم (في علاقة جنسية)، والتي تنفر منها الرفيق.
وهم أيضًا عرضة للاستنتاج بشكل خاطئ، ويشعرون بأنهم غير متوافقين مع هذا الشريك، وهم في الحقيقة فقط متأثرون بهذا العقار (محسنات السيروتونين).
الناس الذين يعالجون بعقار مضاد للاكتئاب، محسنات «السيروتونين»، يحتمل تعرض قدرتهم على تقييم الشريك، وشَحْذ الرومانسية، وتكوين ارتباط مع شركائهم للخطر، ما يغيِّر حب حياتهم، ومستقبل جيناتهم.
(١٠) الحميمية الذكرية، الحميمية الأنثوية.
«على أنني، رسمتُ علامةً في المكان الذي سقطَت فيه رصاصةُ كيوبيد:/سقطت فوق زهرة غربية نحيلة، كانت بيضاء بلون الحليب، الآن غدَت قرمزية بلون جراح الحب،/يسمِّيه العذراوات «الحب الكسول»، فتِّشوا لي عن هذه الزهرة، تلك العشبة التي جلبتها لك مرةً:/عصيرُها الذي يرقدُ فوق جفون العيون الناعسة/يجعل الرجل أو المرأة تهوى بجنون/حتى يقع بصرُها على الكائن الحي التالي.»
أوبيرون – ملك فارس في رواية شيكسبير حلم ليلة صيف، يروي عن الزهرة القوية التي من شأنها أن تجعلَك تقع في الحب.
كم من ملايين، رجالًا ونساءً، خلال تطور الإنسانية، تاقوا إلى أن يجدوا هذه الزهرة؟ للأسف، إنها غير موجودة، حتى تناول العقاقير المخدرة، (أو مخدرات الشوارع، مثل الكوكايين والأمفيتامين)، وهي التي ترفع مستوى «الدوبامين» في المخ، لا تجعل أحدًا يقع في حبك، إذا لم يكن مستعدًّا، أو إذا كان يبحث عن شريك مختلف تمامًا.
لكن إذا كان خطيبًا موثوقًا، عبَّر عن اهتمامه لك، ما زالت هناك طرق أخرى لتحفز اهتمامه وقلبه، استعمل ما يعرف بالاختلافات الجنسية في المخ.
لكن الرجال والنساء، غالبًا ما يعرفون ويعبرون عن هذا القرب بشكل مختلف.
المرأة الذكية تُقدر هذا الاختلاف بين الجنسين، لكي تحقق الحميمية، مع شريك ذكر، يستطيعون أن يفعلوا الأشياء نفسها جنبًا إلى جنب، مثل السير في مجمع تجاري، أو حديقة، قيادة سيارة، الجلوس في السينما، أو الاحتضان لمشاهدة التلفاز بجانبه.
وبإعادة «النظرة الراسخة» لها، فسوف تُعطيها الهدية الأنثوية البدائية الحميمية، وربما تُشعل أيضًا الرغبة الرومانسية.
(١١) المغازلة
إذا كان الرجال يفضلون الأحداث الرياضية، وتلك التي تؤكد مهارتهم البدنية والجغرافية. فإن النساء يُحببن الكلام، البنات الصغيرات يتكلمن أسرع من الأولاد. مع دقة أعظم في النحو، ومفردات لغوية أكثر.
والرجال الأذكياء جدًّا، يغازلون بالكلمات في الهاتف، وفي اللقاء، أو على الوسادة.
صديقة لي أخبرتني مؤخرًا، أنها وقعت في الحب مع الرجل الذي أصبح زوجها، بعد أن بدأ في إرسال الشعر لها.
إن الرجال لا يحتاجون الموهبة الكلامية، إنهم فقط يحتاجون الشجاعة وبضع كلمات.
إن الرجال والنساء كليهما على وجه العموم، يصلون للعلاقة الحميمة عبر الكلام عن موضوعات مختلفة. على الرغم من ذلك، فإن رجالًا كثيرين يتمتعون بالكلام، عوضًا عن الرياضة، السياسة، العلاقات الدولية، والعمل. هذه عوالم النجاح والفشل، عوالم الأقوياء والفاشلين.
(١٢) الجنس كحميمية
هذا المنظور الذكري، له منطقٌ دارويني (نسبة إلى داروين). فالمضاجعة هي تذكرة الرجال للذرية، فإذا حملت شريكتُه، فهي ستُرسل جيناته إلى المستقبل. لذا على الرغم من أن الرجال لا يهتمون غالبًا على مستوى الوعي، بإنجاب الأطفال، هذه النتيجة التطورية، يبدو أنها ولدَت في الذكر نفسه، ميلًا لا شعوريًّا، لاعتبار العلاقة الجنسية، خلاصة للحميمية، والتعلق العاطفي، والرفعة.
على أيِّ حال، مهما كانت رؤيتك للجنس، فاعلم أنه لا يُنسى إطلاقًا، ومشبع حينما تكون الأشياء صحيحة. وهؤلاء الذين يمارسون الحب، ببراعة في علاقاتهم، لديهم سهام قوية في جعبتهم لتحفيز الحب الرومانسي.
(١٣) شراء الوقت
كلُّنا يعلم أن المرأة تنجذب إلى الرجل الذي يمتلك الموارد، ويشاركها بكرم أمواله، وقته، وعيه، ومكانته. لهذا فإن كل هذه الورود والشيكولاتة، وتذاكر الحفلات، ربما بالضرورة، تُوقعها في حبِّه.
الرجال يفعلون هذا، يتباهون، والمرأة تُنصت على الرغم من أنها غالبًا ما تفزع من هذا التبجح، والكلام الطنان، ولكنهم يُعجبون بذلك. هذا مثل استعراض المرأة للضعف، إذن فإن الفخر والغرور لدى الرجال، ربما يساعد في إشعال النار بقلب النساء.
أنا أعلم أن كل هذا الضجيج، مثل لعبة، لكن الحب لعبة، لعبة الطبيعة الوحيدة. وكل مخلوق على هذا الكوكب، يلعبها بشكل لا شعوري، كي يُمرِّرَ أيًّا من جيناته إلى المستقبل، إن الطبيعة تحافظ على تسجيلها للأهداف بعدد الأطفال الذين أُنجبوا للحياة.
(١٤) اجعل نفسك تقع في الحب
ما الذي كان سيحدث، لو أن «أوبيرون»، بطل قصة «شكسبير»، نثر عصارة «الزهرة الغريبة الصغيرة»، في عيونه هو نفسه؟
معظمنا قابل شخصًا ما، أُعجبنا به، واستمتعنا معه، هو أو هي كان لطيفًا، سخيًّا، أمينًا، سعيدًا، طموحًا، مرحًا، ناجحًا، جذابًا، مثيرًا للاهتمام، وعاشقًا بشكل يُلائمنا. لا يمكننا أن نستحضرَ مشاعر السحر، له أو لها. فهل يمكنك أن تُوقعَ نفسك في الحب؟
حسنًا يمكنك أن تحاول بصدق، ابحث عن الأشياء التي تُحبذها وتُحبها، لتفعلها مع الذي أُعجبت به. واجعلها أشياء جديدة مثيرة، أَبْعِد التشتيت، وخاصة المحبين الآخرين. افتح ذاتك بصدق، مع طريقته أو طريقتها في التفكير، والإحساس، وطريقة الحب. فربما تكون قادرًا على تحفيز دوائر المخ المناسبة للحب الرومانسي.
الأخصائي النفسي «روبرت إبستين» يحاول أن يفعل هذا. إنه كبير ناشري مجلة «علم النفس اليوم»، وصاحب أحد عشر كتابًا، وعشرات الموضوعات المدرسية.
ووضع «إبستين» عدة شروط، من بينها أن الاثنين سوف يتابعان إرشادًا نفسيًّا معًا، وسوف يقرأ الاثنان بشكل مكثف عن الحب في الروايات والكتب غير الخيالية، الاثنان سوف يقومان بكتابة يوميات، كما يقومان بعمل تمارين متعددة (مثل التنفس المتزامن)، وكلاهما سوف يعمل جاهدًا على أن يفهم الآخر فعلًا.
آمن «إبستين»، أنك تستطيع أن تقع في الحب؛ فكثيرون ممن دخلوا تجربةَ زواج مرتَّب له، أو اقتناء زوجات عبر الإعلان بالإنترنت، يبدو أنهم يؤمنون بأنك يمكنك القفز لتبدأ هذا السحر المسمَّى الحب.
أنا فعلت كذلك، وإذا أنت انتقيتَ شخصًا ما، جاهزًا أن يقع في الحب، ويلائم خريطةَ حبِّك، وإذا أنت احتفظتَ بقلب منفتح، وأقدمتَ على فعل أشياء جديدة معًا، فأنت ربما تكون قد نشطَت، دوائرُ مخِّك للمشاعر الرومانسية. إن رحيق كيوبيد «الزهرة الغريبة الصغيرة»، هو الإبداع والقرار.
لماذا يقلُّ الحب الرومانسي مع الوقت؟
«حياتهم خلال اللهب المتأجج للحب،
نوعٌ من فتيل الشمعة، سوف يخمد.»
هكذا قال «شكسبير»، الحب الرومانسي غالبًا ما يضمحل مع الوقت.
هذا التدهور في الحب الرومانسي، هو بلا جدال فعل تطوري. فالغرام الشديد يستهلك وقتًا وطاقة هائلة، وسوف يكون قرارًا محطمًا لسلامة الدماغ، والنشاطات اليومية (بما فيها تربية الأطفال)، كي تقضيَ سنوات متبعثرًا بوسوسة عن المحبوب. وبدلًا من ذلك، فإن هذه الدوائر المخية، تطورَت مبدئيًّا لسبب واحد، أن تقودَنا للبحث والعثور على شريك مميز للمواعدة، حصريًّا، معه أو معها، حتى يتمَّ التزاوج. عند هذه النقطة، فإن الأسلاف من الأزواج احتاجوا للتوقف عن التركيز على بعضهم البعض، والبدء ببناء عالم اجتماعي آمن؛ حيث يستطيعون تربية طفلهم الثمين معًا.
لقد حبَتنا الطبيعة بالعاطفة، ثم تُعطينا السلام، حتى نقعَ في الحب من جديد.
(١٥) اجعل الحب يدوم
لقد قابلت أزواجًا، مثل هؤلاء حديثًا، على عشاء عمل، وجدت نفسي أجلس بجوار رئيس واحدة من أكبر المنظمات غير التجارية، وهو في منتصف العمر، وكان وسيمًا، لامعًا، ولطيفًا. وحينما اكتشف أنني أكتب كتابًا عن الحب الرومانسي، أخبرني أنه لا يزال في حالة حب مع زوجته، وكانَا متزوجَين منذ ستة وعشرين عامًا. وفي الشهر التالي، كنت محظوظة بما فيه الكفاية، كي أقابلَ زوجته، وهي سيدة أنيقة، وذات أدب، ولم تُدرك أنني تحدثت مع زوجها، وقد أقرَّت واعترفت بأنها لا تزال تحب زوجها كثيرًا جدًّا، وحينما انضم إلينا زوجها، تجرأتُ لأسأل كليهما: كيف حافظَا على عاطفتهما، من التسلل والنفاد؟ ردَّت هي: المرح، بينما قال هو: الجنس.
لم أكن متفاجئة بإجابتيهما، حس المرح والفكاهة، يستند على التجديد والإبداع، غير المتوقع، وهو ما يعمل على رفع مستويات الدوبامين بالدماغ. والجنس يصاحبه ارتفاع مستوى التيستيستيرون، وهو في سلسلة تفاعلية، يستطيع أن يزيد من الدوبامين كذلك. إن هذا الثنائي الكاريزمي «ذا الصفات الفاتنة للآخرين»، استطاعَا إبقاءَ حبِّهما حيًّا، بشكل أو بآخر، فلقد كان كلاهما لديه مهنة استثنائية ومثيرة، ويصنعان العديد من الأشياء، غير المعتادة سويًّا. لهذا فأنا أعتقد أن أسلوبَ حياتهما يحفز مستوى «الدوبامين»، ومن ثَم استمرار عاطفتهم الرومانسية.
كتبت «أناتول فرانس»: «ليس مألوفًا، أن أحبَّ ما لديَّ.»
ولكي نُواجهَ هذا الفكر التقليدي، ينصح المعالجون الناس أن يتبعوا ممارساتٍ قياسيةً متعددة، الالتزام، الإنصات المتمعن لشريكك، اسألْ سؤالًا، أعطِ إجابةً، أعطِه قدرَه، ابقَ جذابًا، احتفظْ بنموِّك ونضجك العقلي، احتوِها، أعطِه خصوصيتَه، كُن أمينًا وجديرًا بالثقة، أخبِرْ شريكك بما تريد، تقبَّلْ أوجهَ القصور، فيه أو فيها، راعِ عاداتِك، مرِّنْ حسَّك الفكاهي، احترمِيه، احترمْها. وائِمْ، جادِلْ بشكل بنَّاء، أبدًا لا تُهدِّد بالهجر، انسَ الماضي، ارفض الخيانة الزوجية.
لا تفترض أن علاقتَكما سوف تستمرُّ للأبد، لكن ابْنِها يومًا بيوم، ولا تكفَّ أبدًا عن كلِّ هذا. والعديد من العادات الحكيمة يمكنها أن تبقى، مشاعر الارتباط الطويل. لكن ليس من المرجح أن ترفع مستويات الدوبامين، أو تبقى عاطفة الحب الرومانسي.
(١٦) العاطفة والمنطق
منذ زمن الإغريق القدامى، اعتبر الشعراء والفلاسفة، وكتَّاب المسرح، العاطفةَ والمنطق، ظواهرَ منفصلة، ومستقلة، وحتى متعارضة.
الاعتقاد أن المرء يجب أن يستخدم العقل كي ينتصرَ على رغباته الأساسية، تدفَّقت عبر العصور. اللاهوت المسيحيون الأوائل، عززوا هذا الإدراك في التفكير الغربي: المشاعر والرغبات فتن، خطايا يجب أن تُقهر بالعقل، وقوة الإرادة.
علماء الأعصاب يؤمنون الآن، مع ذلك، بأن العقل والعاطفة لا محالة مرتبطان في المخ. وأنا أعتقد أن هذه الارتباطات تقول شيئًا مهمًّا عن التحكم في الحب الرومانسي. وربما تتذكرون أن القشرة المخية ما قبل الجبهية للمخ تقع مباشرة خلف جبهتك، لقد تمدَّدَت بشكل كبير في الحجم، أثناء إنسان ما قبل التاريخ، وتكرَّست في معالجة المعلومات. إنه مركز الأعمال في العقل، مع القشرة ما قبل الجبهية (وترابطاتها)، فأنت تجمع وتعطي الأوامر التي تكتسبها/اكتسبتها، من الخطط وصناعة القرار.
فحينما يستقبل الفص اللوزي الإشارات مباشرة من القشرة المخية ما قبل الجبهية، لنتحكم في أنفسنا؛ فنحن نفكر قبل أن نشعر ونتحرك. هذا هو «الطريق الواسع العالي». لكن «الأميجدالا» أيضًا تستقبل معلوماتٍ مباشرةً من مناطق الإحساس بالقشرة المخية، والتي تتجنب منطقة القشرة، ما قبل الجبهية، الجزء المنطقي في المخ، هذا هو «الطريق السفلي»، وهو غير منطقي، عاطفي بقوة، أكبر بكثير من «الطريق العالي»، وصعب كبْحه جدًّا.
هذا الطريق السفلي يمكِّن المحب من أن يجرِّبَ النشوة الهائلة واللهفة، فيما يرون محبوبهم، حتى قبل أن يفكروا بعقلانية عنه أو عنها.
لكن هذا الطريق يستطيع أن يغمرَ المحب، المحبط، في غفلة، بغضب عارم خارج عن الإرادة، ويستفزهم كي ينفجروا باندفاعية، بضرب، أو حتى بذبح حبيب القلب!
وأنا أوافق على أن الفصَّ الجبهي للإنسان، الإنجاز الأكبر للحياة على الأرض، بُنيَ كي يفعلَ الأشياء، كي يحشدَ المعلومات بطريقة فريدة، يُعلل، يتخذ القرارات، ويتجاوز دوافعنا الأساسية.
وكما وضعها «أرسطو طاليس»: «المخ، يضبط الحرارة، ويغلي القلب.»
يمكننا السيطرة على الدافع إلى الحب، كيف سيكون هذا قويًّا، زئبقيًّا متقلبًا، قوة بدائية في عالمنا الحديث؟