الموارد الغابية
(١) توزيع الموارد الغابية
يقدر الإخصائيون أنَّ الكثير من سطح الأرض كان مغطًّى بالغابات والأحراش بمُخْتَلف أَنْوَاعِها، ولكنَّ الإنسانَ قد قطع ما يقرب من نصف هذه المساحة ولا يوجد من الغابات سوى مساحة قدرها ٣٣٪ من اليابس.
- أولًا: حزام الغابات المَخْرُوطية الذي يمتد من سواحل المُحيط الأطلنطي في أسكتلندا والنرويج والسويد عبر فنلندا وشمال روسيا وسيبريا وكمتشكا ومُعظم اليابان في العالم القديم، وفي العالم الجديد يمتد هذا الحزام من سواحل ألسكا الجنوبية وغرب كندا وشمال غرب الولايات المتحدة عبر وسط كندا وشرقها إلى نيوفوندلاند.
- ثانيًا: غابات النطاق الجبلي في العروض المعتدلة الباردة، وأهم مناطقها جبال الألب الأوروبية وجبال القوقاز وإيران والأناضول من ناحية، وجبال الأبلاش في شرق الولايات المتحدة وجبال الروكي في غرب الولايات المُتحدة من ناحية ثانية، والألب الأسترالية وجنوب شيلي من ناحية ثالثة.
أمَّا غابات النِّطاق الحار فتتركز حول المنطقة الاستوائية، وأهم مراكزها في حوض الأمازون في أمريكا الجنوبية وفي الكنغو وساحل غانة في أفريقيا وفي جنوب شرق آسيا، وعلى وجه الخصوص في ميانمار (برما) وتايلاند وإندونسيا.
ورغم هذا الغنى وتلك الوفرة في النوع، فإن لذلك مساوئ واضحة في جانب الاستغلال الاقتصادي؛ فإن التبعثر النوعي يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكلفة جمع نتاج الغابة الحارّة، فلا شك أن قطع أخشاب الموجنة كان يمكن أن يكون أقل كلفة إذا ما كانت هناك مساحات كبيرة لا ينمو فيها سوى شجر الماهوجني.
ومع ذلك؛ فإنَّ هُناك بعض التعويض لمسألة التنوع الشجري، فكثير من شجر الغابة الحارَّة يُعَدُّ في حد ذاته مخزنًا عظيمًا للخشب، ذلك راجع إلى إنَّ أنواعًا عديدة من الشجر تنمو إلى أحجام هائلة، ويكفي أن نعرف أن بعض هذه الأنواع ينمو إلى ارتفاع يتراوح بين خمسين وستين مترًا. وعلى هذا فإن كمية الخشب الذي يمكن أن يقطع من الهكتار الواحد كبيرة. وهذا هو السبب الذي يجعل البرازيل وإندونيسيا من الدول الكبيرة في إنتاج الأخشاب.
ومعظم أشجار النطاق الحار صلبة وثقيلة جدًّا مما يجعل بعضها لا يطفو لثقله وبعضها يصعب تشغيله، وهذا هو السبب الذي يدعو دولًا مدارية بها موارد غابية إلى استيراد أخشاب من دول النطاق البارد والمعتدل، ولكن هناك أنواعًا قليلة من أشجار الغابة الحارة التي يسهل تشكيلها والتي استغلت منذ عهود متناهية في القدم في صناعة أنواع القوارب البدائية.
وعلى حافات الغابات الحارة المَطِيرة تنمو الغابات المدارية والموسمية التي تتميز بقصر السيقان، وبعدم التكاثف بالمقارنة بالأشجار الاستوائية، وكذلك تتميز بفصل نمو وفصل توقف؛ مما يجعلها تدخل ضمن نطاق الغابات النفضية، وهي أكثر قابلية للاستغلال التجاري من الغابات الاستوائية.
ولقد ساعد عدم التنوع الشجري، وسيادة نوع معين من الشجر في منطقة معينة على إمكانية التخصص الاقتصادي منذ القدم، وعلى إمكانية استخدام وسائل الإنتاج بالجملة؛ مما يؤدي إلى الاقتصاد في الوقت والتكلفة.
وتتوزع أشجار الأخشاب الصلبة واللينة في النطاق البارد والمعتدل توزيعًا جغرافيًّا منتظمًا؛ فالأخشاب الصلبة تنمو في القسم الجنوبي من هذا النطاق؛ أي في اتجاه المناطق الحارة، بينما الأخشاب اللينة تنمو في اتجاه المَنَاطق البارِدة؛ أي: في القسم الشمالي، وينطبق هذا التوزيع على قسمي الغابات البارِدة؛ أي في الحزام البارد والنِّطاق الجبلي على حد سواء.
وفي النصف الجنوبي تظهر غابات الأشجار الصلبة في مناطق محدودة في النطاق الجبلي الساحلي الضيق في جنوب شيلي، وفي جنوب شرق أستراليا ونيوزيلندة وأقصى جنوب أفريقيا.
وهناك مناطق انتقالية بين الغابات الصلبة واللينة الأشجار داخل النطاق البارد والمعتدل، وأشجار هذا النطاق البارد أصغر في الحجم والارتفاع من أشجار الغابات الحارة.
ومن الأمثلة الواضحة على ذلك أن كمية الإنتاج الخشبي في جنوب شرق الولايات المتحدة أكبر من شمالها الغربي، رغم أن الشمال الغربي أكبر في مساحة الأشجار. والمثل الأوضح: هو النمو الوفير للغابة الاستوائية والنمو البطيء للغابة المخروطية. ولكن النمو السريع يُعرقله نمو نباتات طفيلية متسلقة تساعد على شد الأشجار بعضها إلى بعض بصورة تحتم جهدًا أكبر في قطع أشجار الغابة الاستوائية عن الغابة الباردة.
(٢) الضوابط الطبيعية والبشرية في استغلال الغابات
هناك عدد من الضوابط التي قد تساعد أو تعرقل استغلال الغابات؛ وأول هذه الضوابط: التضاريس. وثانيها: الأنهار. وثالثها: الحيوان. ورابعها: الإنسان.
أولًا: التضاريس
من المعروف أن التضاريس غير المنتظمة — وبعبارة أخرى الجبال ومنحدراتها — تشجع على النُّمو الشجري؛ لإنَّ ظروف انحدارها ووعورتها لا تشجع الإنسان على استخدام هذه المنحدرات كما هو الحال في السهول إلا إذا اضطر إلى ذلك اضطرارًا؛ ولكن يجب أن تتوافر لهذه المنحدرات الجبلية شروط مناخية أخرى، فالمطر والحرارة العالية ينجم عنهما غابات الجبال الحارة، والمطر والحرارة المنخفضة ينْجُم عنهما غابات النطاق البارد. أما الحرارة العالية والمطر القليل فيؤدي إلى نمو الأعشاب الحارة، والمطر القليل مع الحرارة المنخفضة يؤديان إلى الأعشاب الباردة، وعلى هذا؛ فإن الظروف الطبيعية الأخرى باشتراكها مع عامل التضاريس قد ساعدت على النمو الغابي طبيعيًّا في المنحدرات الجبلية، وزاد على ذلك تدخل العامل البشري الذي ترك المنحدرات الوعرة على حالها الغابي.
وعلى هذا يُمكن أن نؤكد القاعدة التالية: «إنَّ الغابات تميل إلى السيطرة على المظهر الجبلي الوعر إذا كانت ظروف التربة والمناخ ملائمة.» ويدل على ذلك بوضوح امتداد النطاق الغابي في أمريكا الشمالية إلى العروض الوسطى في جبال الكاسكيد والروكي والأبلاش.
ولا شك في أن وعورة التضاريس تقف حجر عثرة في سبيل استغلال المورد الغابي، فالانحدار الشديد يُعَرْقل نقل الآلات إلى الغابة ويُعَرْقل نقل الشجر المقطوع، ومن الأمثلة على ذلك أن هناك موارد غابية ممتازة، ولكن استغلالها في جبال النرويج وفي غرب كندا أمر يكاد يكون متعذرًا نظرًا لوجود شلالات كثيرة عالية ومندفعات مائية عديدة تُعرقل نقل الأخشاب إلى السهول الساحلية.
ثانيًا: الأنهار والمجاري المائية
إنَّ وجود المجاري المائية أمر على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لاستغلال الموارد الغابية؛ ففي كل من نطاق الغابات الباردة والحارة، تكون المجاري المائية الشرايين الرئيسية لنقل الأشجار المقطوعة من الغابة إلى مكان استخدامها في محطات المناشر، وفي النطاق البارد ينتظم قطع الأشجار حسب موسم تجمد الأنهار وذوبانها، في هذه المناطق يقوم المشتغلون بهذه الحرفة بقطع الأشجار ونقلها إلى مجاري الأنهار المتجمدة طول فصل الشتاء، وحينما تذوب مياه النهر المتجمِدة يمتلئ النهر بهذه الكميات الكبيرة من الأخشاب في مسار مستمر حتى محطات المناشر.
واتجاه الأنهار إلى مناطق السوق أمر على جانب كبير من الأهمية؛ فأنهار السويد وفنلندا وجنوب كندا تتجه إلى السوق؛ وبالتالي فإنَّ هناك توفيرًا كبيرًا في تكلفة النقل، ويرتبط بالاتجاه إلى السوق اتجاه النهر جغرافيًّا، فالأنهار التي تتجه شمالًا — إلى المناطق القطبية، كأنهار سيبيريا وشمال روسيا وكندا — تكون عقبة أمام النقل الرخيص. فالمنابع تذوب مياهها قبل المصبات؛ وبالتالي فإن المياه القادمة من الجنوب تصطدم بالجليد المتراكم في الشمال؛ مما يؤدي إلى فيضان المياه على جوانب المجرى الطبيعي، وعلى هذا فإن كتل الأشجار المقطوعة تقف أمام حواجز الجليد هذه، وبعضها يطفو مع المياه المندفعة خارج المجرى؛ مما يجعل هناك فاقدًا في الكمية والزمن وزيادة في الكلفة.
أما أنهار المناطق الحارة فهي دائمة الجريان، ولا تتعرض للعقبات التي تتعرض لها أنهار المناطق الباردة؛ ولذلك فهي أصلح لنقل الأشجار المقطوعة، ولا يعيب هذه الأنهار إلا الذبذبة الموسمية الناجمة عن فترة الجفاف القصيرة التي تؤدي إلى خفض منسوب المياه في النهر بعض الشيء؛ مما قد يؤدي إلى توقف نقل الخشب إلى موسم الفيضان في الأنهار والروافد الصغيرة.
أما الأنهار الكبيرة؛ فإنَّ مِيَاهَهَا تكاد تحتفظ بمستوى قليل الذبذبة لكثرة ما يرد إليها من مياه الروافد والأمطار، وخاصة الأمازون والكنغو.
ثالثًا: دور الحيوان
للحيوان دور هام ذو شقين بالنسبة لاستغلال الموارد الغابية ونموها؛ الشق الأول: هدمي. والثاني: نفعي.
ويتمثل الشق الهدمي في أنَّ هناك أنواعًا من الحيوان مسئولة عن القضاء على أجزاء من الغابات أو بطء نموها؛ نظرًا لتغذيتها على الأشجار في مرحلة نموها، ومن أهم أعداء الأشجار الماعز وفصائله العديدة، والغزال الجبلي في المناطق المعتدلة والباردة، إلى جانب الأرانب وحيوانات الأشجار القارضة كالسنجاب.
وعلى الرَّغم من الأخطار التي تسببها هذه الحيوانات فإنَّ هناك قوانين تَحميها من الصيد الجائر في غالبية دول الغابات الباردة، كما أنَّ أخطار الماعز لم يتنبه لها المسئولون في دول الغابات الحارة إلا مؤخرًا.
رابعًا: دور الإنسان
إن للإنسان دورًا هامًّا أكبر بكثير من أي أثر طبيعي آخر، ولقد سبق أن ذكرنا أنَّ الغابات كانت تحتل مساحة كبيرة من سطح الأرض، وأنَّ الإنسان قد قضى على جانب كبير منها رغبة منه في إيجاد الأرض اللازمة للزراعة، خاصة بعد انتقاله إلى مرحلة الزراعة، وفي خلال العصور الطويلة قبل اكتشاف الزراعة، ومنذ اكتشافها حتى وقتنا الحاضر فإن الإنسان دائم الاستغلال لهذا المورد المتجدد، وقد أصبح الآن أكثر حرصًا على تجديده بما يخطه من قوانين وبما ينشئ من حيازات خاصة بالأشجار.
ولقد كان استخدام الإنسان للأخشاب كوقود أحد أوائل أوجه استغلال الغابات، وما زال هذا الوجه يُكَوِّن نسبةً كبيرةً من الاستغلال الحالي. وتدُل على ذلك النسب التالية التي توضح استغلال الإنسان للغابات:
استغلال الخشب كوقود* | ٤١٪ من الإنتاج |
استغلال الخشب كمادة بناء | ٤٠٪ من الإنتاج |
استغلال الخشب في قضبان السكك الحديدية والمناجم | ٨٪ من الإنتاج |
أوجه أخرى لاستغلال الخشب | ١٠٪ من الإنتاج |
ويمكننا القول: إنَّ احتياج الإنسان للأخشاب هو أحد الأسباب الرئيسية للاستغلال الحديث للموارد الغابية العالمية. ويدل على ذلك أن أكبر سوق للغابات ومنتجاتها تتركز في العروض الوسطى والباردة؛ أي بعبارة أخرى في مناطق الإنتاج الكبير، في الاتحاد السوفييتي السابق وأوروبا وأمريكا الشمالية.
إنتاج الأخشاب
الخشب المستدير للصناعة | ٪ | خشب الوقود وخشب الفحم | ٪ | ||
---|---|---|---|---|---|
مجموع الإنتاج العالمي ١٫٥٢٨ مليار متر مكعب | مجموع الإنتاج العالمي ١٫٨٧٥ مليار متر مكعب | ||||
الولايات المتحدة | ٤٠٢٥٠٠ | ٢٦٪ | الهند | ٢٦٢٫٧٨٢ | ١٤٪ |
كندا | ١٧٣١٣٣ | ١١٫٣٪ | الصين | ٢٠٠٫٠٦٠ | ١٠٫٦٪ |
روسيا | ١٨٥٥٠٠ | ١٠٫٣٪ | البرازيل | ١٩٤٫٢٧٠ | ١٠٫٣٪ |
الصين | ١٠٠٦٠٨ | ٦٫٥٪ | إندونيسيا | ١٤٩٫٠٦٣ | ٧٫٩٪ |
البرازيل | ٧٧٨٠٨ | ٥٪ | نيجيريا | ١٠٩٫٧٨٩ | ٥٫٨٪ |
السويد | ٥٨٥٣٠ | ٣٫٧٪ | الولايات المتحدة | ٩٣٫٣٠٠ | ٤٫٩٪ |
ماليزيا | ٤٤٩٥٧ | ٢٫٩٪ | روسيا | ٤٨٫٩٥٢ | ٢٫٥٦٪ |
إندونيسيا | ٣٩٥٤ | ٢٫٥٪ | إثيوبيا | ٤٥٫٢٥٤ | ٢٫٤٪ |
فنلنده | ٣٥٤٨٣ | ٢٫٣٪ | زائير | ٤١٫٢٩٣ | ٢٫٢٪ |
فرنسا | ٣٣٦١٥ | ٢٫١٪ | كينيا | ٣٦٫٧١٠ | ١٫٩٥٪ |
ألمانيا | ٣٢٣٦١ | ٢٫١٪ | الفلبين | ٣٥٫٩٨٠ | ١٫٩٪ |
اليابان | ٣٢٢٠٩ | ٢٫١٪ | تايلاند | ٣٥٫٣١٣ | ١٫٨٪ |
ومنذ القدم عرف الإنسان البِدائي القيمة العِلاجية لأنواع من أشجار الغابة الحارة، وعرف أن بعضها يحتوي على سموم يمكن استخدامها في الحربة والسهم من أجل الصيد والقتال، ومن أهم المنتجات الطبية في الوقت الرَّاهن الكافور والكنين.
وأهم مصدر للكافور سفوح الجبال في جنوب الصين وتايوان واليابان، وأجود أنواعه ينمو على ارتفاع ١٢٠٠ متر. وأهم مصدر للكنين الطبيعي سفوح الجبال في بيرو وإكوادور وكولومبيا وبوليفيا فوق ارتفاع ١٣٠٠ متر. وكما حدث للمطاط حدث للكنين؛ فقد انتقلت زراعته إلى جاوه وسريلانكا والهند ومدغشقر في مزارع علمية، وأصبحت جاوه الآن تحتكر إنتاج الكنين.
وإلى جانب العقاقير؛ فإنَّ أنواعًا عديدة من أشجار المنطقة الحارة وبعض أشجار المنطقة المُعتدلة يحصل منها على مادة دباغة الجلود، ولكن أكبرَ مصدر في الوقت الحاضر غابات المنجروف في مستنقعات السواحل الاستوائية.
أما ثِمارُ الغابة الاستوائية والمدارية فمتنوعة وعديدة، نذكر منها جوز الهند وزيت النخيل والأناناس، ويُقابل ذلك جمع ثمار النمو العشبي والشجري في الغابات المُعتدلة والباردة.
وأخيرًا فإنَّ أنواعًا من النُّمو الشجري الحار يمكن استخدامه في عمل أنسجة معينة كالقبعات والسلال.
السياسات الحكومية
معظم الغابات في معظم الدول ملكية حكومية؛ ففي فرنسا تمتلك الدولة ٣٧٪ من الغابات، وفي فنلندا تمتلك الدولة ٦٠٪، وفي كندا ٩٠٪، وفي الولايات المتحدة ٢٧٪؛ ولهذا فإنَّ الغابات تُعتبر من الموارد التي تهتم بها الحكومات — شرقية أو غربية — اهتمامًا مباشرًا، خاصة وأن إدارة الغابات تتم بواسطة أجهزة حكومية؛ لهذا السبب عُنِيت الحكومات بتدريب المتخصصين في الشئون الغابية وزيادة استثماراتها بواسطة الأبحاث العلمية. وتسعى الدول النامية إلى مثل هذا الوضع، ولكن التدريب ورأس المال والبحوث ما زالت تنقصها بشدة.
وعلى الرغم من وقوع حوالي ٧٥٪ من مساحات الغابات العالمية ملكًا للحكومات فإن هُناك اتجاهًا؛ مُتزايدًا في الدول النامية إلى زيادة رُقعة أَملاك الدولة من الغابات بواسطة شراء الغابات التي تقع في حوزة الأفراد.
ومن الأمثلة على ذلك إيران التي أصدرت قرارًا في عام ١٩٦٣ بتأميم كل الغابات، ورُبما كانَ الدافع لمثل هذه الدول الخوف من امتداد الزِّراعة إلى البقية الباقية من موارد الغابات، ورُبما كان الدليل على ذلك أن الدول النامية التي لا تعاني من الضغط السكاني لم تتخذ مثل هذه الخطوات، ومن أهم الأمثلة على ذلك دول أمريكا اللاتينية التي ما زالت الملكية الفردية كبيرة في مناطق غاباتها.
ومع ذلك؛ فإنَّ هناك اتجاهًا في أمريكا اللاتينية إلى التدخل الحُكومي بصورة معتدلة، والمثال على ذلك القوانين المكسيكية الجديدة التي تفرق بين الملكية من ناحية وتنظيم استغلال الغابات من ناحية أخرى، وذلك بغرض المُحافظة على الموارد الغابية وتنميتها تبعًا لسياسة التشجير. أما الدول كثيفة السكان في آسيا؛ فإنَّ الحكومات مضطرة إلى التدخل التدريجي خوفًا على مصادر الغابات من الاضمحلال، وفي أفريقيا ما زالت المشكلة غير ظاهرة، خاصة وأنَّ هناك انقلابًا تدريجيًّا بين قوانين الملكية القبلية ونمو الملكية الفردية. وأخيرًا فإنَّ الدول المتقدمة تتدخل بطريق غير مُباشر من ناحيتي الأبحاث العلمية وتشجيع نظام التعاون بين ملاك الغابات، خاصة وأنه لا توجد وسيلة حتى الآن للتدخل الحكومي من أجل تثبيت أسعار معينة للأخشاب دوليًّا.
تجارة الأخشاب الدولية
وكانت جملة الصادرات حسب القارات كالآتي: أمريكا الشمالية ٢٤٫٥٪، أوروبا ٢٢٫٨٪، آسيا ٢١٫٦٪، روسيا ١٦٫٦٪، أوشينيا ٨٫٧٪، أفريقيا ٣٫٤٪، وأخيرًا أمريكا الجنوبية ٢٫٢٪.
أما تجارة الواردات العَالمية؛ فتظهر نمطًا مغايرًا، ليست أكبر الدول أو الأقاليم المصدرة أقلها استيرادًا للأخشاب في كل الحالات، مثال ذلك رُوسيا وأوشينيا وأمريكا الجنوبية التي تستورد كميات ضئيلة، وذلك لكفاية ما لديها من أخشاب، بينما تظهر آسيا على أنها مصدر ومستورد كبير، وذلك لكميات الاستيراد الضخمة لليابان «٣٧٫٤٪ من الصادرات العالمية» والصين ١٠٫٣٪. كما تظهر بعض الدول المصدرة على أنها أيضًا مُستوردة بكميات كبيرة مثل السويد «صادرات ١٫٥٪، واردات ٧٪ من التجارة العالمية» ورُبَّما كان ذلك مرتبطًا بسياسات الحفاظ على الغابات السويدية أو الكندية من هذا النوع من الأخشاب، وقد كانت تجارة الواردات العالمية عام ١٩٨٧ على النحو التالي: آسيا ٥٦٪، أوروبا ٣٦٫٥٪، أمريكا الشمالية ٦٫٩٪، بينما لم تتعدَ أفريقيا وأمريكا الجنوبية وروسيا وأوشينيا نسبة ١٪ لكل منها.
والمُلاحظ أن آسيا هي الشريك الأول في هذه التجارة؛ فكل واردات اليابان هي من آسيا «+ أستراليا والباسيفيك الغربي»، وكذلك واردات سنغافورة. أما معظم واردات أوروبا من الأخشاب المُستديرة فقادمة من أفريقيا وواردات الولايات المتحدة قادمة من أمريكا الجنوبية، بينما آسيا هي الشريك الأول لكافة الدول المستوردة من أخشاب الألواح وخشب الأبلكاش.
القارة | أخشاب الكتل المستديرة | ألواح | أبلكاش | |||
---|---|---|---|---|---|---|
ألف متر٣ | ٪ | ألف متر٣ | ٪ | ألف متر٣ | ٪ | |
مجموع | ١٥٢٦٥ | ١٠٠ | ٤٠٢٨ | ١٠٠ | ٣٢٧٥ | ١٠٠ |
آسيا | ١٣٤٩٤ | ٨٨٫٦ | ٣٦٢٩ | ٩٠٫٠ | ٣٢٧٥ | ١٠٠ |
أفريقيا | ١٧٧١ | ١١٫٦ | ||||
أمريكا ج | ٣٩٩ | ١٠ |
الدولة | أخشاب الكتل المستديرة ألف متر٣ | ألواح ألف متر٣ | أبلكاش ألف متر٣ | مجموع ألف متر٣ |
---|---|---|---|---|
اليابان | ١٣٤٩٤ | ١٢٤٨ | ٩٣٥ | ١٥٦٧٧ |
الولايات المتحدة | ٣٩٩ | ١٤٦٢ | ١٨٦١ | |
سنغافورة | ٩٨٤ | ٤١٢ | ١٣٩٦ | |
فرنسا | ٨٣٣ | ٣٥٨ | ١٢٤١ | |
ألمانيا | ٣٧٢ | ٥٠٧ | ٨٧٩ | |
هولندا | ٥٣٢ | ٥٣٢ | ||
إيطاليا | ٥١٦ | ٥١٦ | ||
بريطانيا | ٤٦٦ | ٤٦٦ |
وبذلك تتحدد جغرافيا أقاليم تصدير الأخشاب المُستديرة الثقيلة بالقرب المكاني: آسيا إلى اليابان «والصين» وأفريقيا إلى أوروبا وأمريكا الجنوبية إلى أمريكا الشمالية؛ فعامل القرب المكاني بالنسبة للأوزان والأحجام الثقيلة يلعب دورًا هامًّا في أسعار السلع والمنافسة الدولية.