محاربة العثرات
ينبغي على الإنسان لكي ينجو من الشر أن يكون في كل ساعة مُتَّحدًا مع الآب.
فحوى الفصل العاشر
تحقَّق اليهود أن تعليم يسوع يُزعزع أركان المملكة وينقض أساس الدين، ويقلب الأمة ظهرًا لبطن، ثم إنهم أبصروا من جهة أخرى أنه ليس في استطاعتهم دحض تعاليمه أو مقاومتها؛ ولذلك فقد قرَّروا فيما بينهم أن يقتلوه؛ ولكنهم لم يجدوا ذنبًا يستحق عليه الموت، فتربَّصوا بُرهة طويلة يفتكرون في الأمر، وأخيرًا: وجد رئيس الكهنة قَيَافَا مخرجًا من ذلك الانتظار، وافتكر بأمر يحكم به على يسوع بالقتل ولو كان بريئًا، فقال: نحن لا يهمنا أن ننظر؛ هل هذا الرجل مُجرم أم بريء؟ وإنما ينبغي علينا: أن ننظر في أمر آخر أعظم من ذلك أهمية، وهو: هل نريد أن يبقى الشعب الإسرائيلي شعبًا خاصًّا منفردًا عن بقية الشعوب؟ أم نريد أن يهلك ويتشتت في طول البلاد وعرضها، وستلعب أيدي التفريق بين هاته الأُمة وتُمزِّق شمل اجتماعها إذا لبث هذا الرجل يسوع ينشر بينها تعاليمه؛ فإذن يجب علينا أن نقتله، فلما سمع الكهنة والشيوخ كلام قَيافَا صادقوا عليه، ثم أصدروا قرارًا عليه وحكموا بصحته، ثم أصدروا قرارًا أنه ينبغي قتل يسوع، وأصدروا منشورًا إلى ساكني أورشليم يطلبون منهم أن يُلقوا القبض على يسوع عندما يحضر إلى مدينتهم.
ومع أن يسوع علم بذلك تمام العلم، فقد حضر على عيد الفِصْح إلى أورشليم، واجتهد تلاميذه لإقناعه بالعدول عن ذلك، أما هو فقال لهم: كل ما يريد أن يصنعه بي الفريسيُّون، وما يستطيع فعله جميع الناس بي ذلك لا يُزعزع عقيدتي بالحق.
أنا أعلم: أين أنا؟ وإلى أين أمضي؟ ولا يخاف إلا ذلك الذي لا يعرف الحق وهو معذور؛ إذا ارتاب وحسب للأمور حسابًا وأخذ حذره من الناس، ولا يعثر في الطريق غير الأعمى الذي لا يُبصر نور الشمس.
وفيما هو ماضٍ إلى أورشليم عرَّج في طريقه على قربة بيت عَنْيا؛ حيث قبلته امرأة اسمها مريم وسكبت على رأسه قارورة طِيب كثير الثمن، وإذ علم يسوع أنه سيموت في أورشليم موتًا جسديًّا قال لتلاميذه عندما وبَّخوا مريم لأنها سكبت ذلك الطِّيب عليه: إنها إنما فعلت ذلك لتعُدَّ جسدي للدفن.
ولما خرج يسوع من بيت عَنْيا ومضى إلى أورشليم، استقبله جمهور عظيم من الناس وساروا وراءه، وقد حرَّض هذا الأمر رؤساء الكهنة على سرعة قتله، فأخذوا ينتظرون فرصة ليقبضوا عليه، وقد علم هو أن أقل كلمة يتفوَّه بها ضد الناموس تكون سببًا لإلقاء القبض عليه وقتله، ومع ذلك فقد دخل الهيكل، وأخذ يُجاهر بأن تعاليم الكهنة والفريسيِّين وطقوسهم كلها كاذبة، مبنية على الخرافات والأوهام، وأخذ يُعلِّم الشعب بتعليمه الذي كان مبنيًّا على أقوال الأنبياء، فلم يستطع الفريسيُّون إلقاء القبض عليه، ومن جهة أخرى: فإنهم رأوا أن سواد الأُمة الأعظم في جانبه، وكان في أورشليم على عيد الفِصْح وثنيُّون كثيرون، فهؤلاء طلبوا أن يروا يسوع ليسمعوا تعليمه، فلما علم بذلك تلاميذه خشيوا هذا الأمر كثيرًا؛ فقالوا: إذا علَّم الوثنيِّين؛ فإنه يجلب بذلك غضب الأُمة فتنفر عنه، ويجد إذ ذاك الفريسيُّون سببًا مهمًّا لإلقاء القبض عليه، ولم يريدوا في بادئ الأمر أن يجمعوا بين يسوع والوثنيِّين، لكنهم قرَّروا فيما بينهم بعد ذلك أن يُعلموه بطلب الوثنيِّين ففعلوا.
فلما سمع ذلك يسوع اضطرب؛ لأنه كان واثقًا بأن تعليمه الوثنيين يظهر لليهود بأجلي بيان: أنه يرفض جميع أقوال وأوامر ناموسهم، ويدكُّ أركانه، وإذا شاع هذا الأمر؛ فإن الأُمة التي تحبه وتحافظ عليه تقلب له ظهر المِجَن وتُظهر له العداء، وإذ ذاك يسهل على الفريسيِّين محاكمته وتسليمه للقتل، ولدى افتكاره بهذا الأمر اضطرب كثيرًا، لكن من جهة أخرى: كانت واجباته تُلزمه أن يرشد الناس أبناء الآب الواحد، ويُعلِّمهم بقطْع النظر عن الجنس والمذهب، وعرف من وجهة ثالثة: أن خطوته هذه تُهلك حياته الجسدية، ولكنها تُرشد الناس إلى معرفة كلمة الحق والإقبال إلى الخلاص، فقال: كما أن الحبة تُطرَح في الأرض لتموت وتُعطي ثمرًا، هكذا يجب على الإنسان أن يُضحي حياته الجسدية لكي تُعطي ثمرًا روحيًّا، من يحافظ على حياته الجسدية ذلك يخسر الحياة الحقيقية، ومن يُهلك جسده ينال الحياة الحقيقية الخالدة، وقال: إني مضطرب مما هو قادم عليَّ، ولكني وُلِدتُ وعِشتُ منتظرًا هذه الساعة، فكيف لا أقوم بعمل ما يجب علي أن أعمله، فلتكن مشيئة الآب.
ثم التفت إلى الشعب اليهودي والوثنيين، وقال جهرًا ما قاله سرًّا لنيقوديموس، وهو أن حياة الناس ومذاهبهم المختلفة وحُكَّامهم المتنوِّعين ينبغي أن ينقلب كل ذلك انقلابًا عظيمًا، ولا بدَّ لكل سلطة بشرية من الانقراض، وينبغي على الناس أن يُدركوا بأن الإنسان ابن أب الحياة، وهذه المعرفة تهدم جميع سلطان البشر، وتُغيِّر أفكار الناس وتجعلهم أن يتَّحدوا معًا حتى يصبحوا كالشخص الواحد، فقال له اليهود: إنك بذلك تهدم جميع أساسات ديننا، إن ناموسنا يقول بإن المسيح سيأتي وأنت تقول خلاف ذلك، وعلى رأيك لا يوجد غير ابن البشر الذي يجب أن يُكرم ويُرفَع، فما معنى هذا الكلام؟ فقال لهم: أما إعلاء شأن البشر فهو إدراك كلمة الله الموجودة في الناس الذين ينبغي عليهم أن يعيشوا في النور ما دام النور موجودًا، وإني لا أُعلِّم بديانة جديدة، بل أُرشد كل واحد إلى ما في نفسه، كل يعرف أن فيه حياة أُعطيت له، ولجميع الناس على السواء من أب الحياة وتعليمي يرمي إلى غرضٍ واحدٍ، وهو أنه يجب على الناس أن يحبوا الحياة التي أعطاها الآب لجميع البشر.
كثيرون صدَّقوا تعليم يسوع وفهموه كما ينبغي، ولكن الفريسيِّين لم يُصدِّقوه ولم يقتنعوا به؛ لأنهم لم ينظروا إلى معناه نظرًا روحيًّا، بل نظروا إلى معناه الظاهري؛ ولذلك أرادوا أن يقتلوه، لكنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب تعلُّق الأُمة به؛ ولذلك أرادوا أن يقبضوا عليه خارج أورشليم سرًّا، وجاء إليهم مرة أحد تلاميذ يسوع المُسمَّى يهوذا الإسخريوطي، فرشوه بالمال لكي يُرشد خُدَّامهم إلى يسوع عندما يكون منفردًا، فمال إليهم ووعدهم بذلك، وعاد إلى يسوع منتظرًا فرصة مناسبة لتسليمه.
وفي ابتداء عيد الفِصْح كان يسوع يحتفل بالعيد مع تلاميذه، ولعلم يهوذا بأن يسوع غير عالم بخيانته كان بينهم، لكن يسوع علم أن يهوذا باعه، وعندما جلسوا جميعًا على المائدة أخذ يسوع الخبز، وقسَّمه إلى اثني عشر قسمًا ووزعه على التلامذة ومن بينهم يهوذا، ومن دون أن يُسمِّي أحدًا، قال لهم: خذوا كلوا جسدي، ثم أخذ كأسًا مملوءة خمرًا ودفعها إليهم؛ لكي يشرب كل واحد منها شيئًا يسيرًا، وقال: إن واحدًا منكم يُهرق دمي، فاشربوا دمي جميعكم، ثم نهض يسوع، وغسل أرجل جميع التلامذة، وعندما انتهى من عمله قال لهم: إن واحدًا منكم سيُسلِّمني إلى الموت ويُهرق دمي، وقد أطعمته وسقيته وغسلت رجليه، لكي أُعلِّمكم كيف ينبغي أن نتصرف مع أعدائنا الذين يصنعون بنا الشر، فإذا حذوتم حذوي تصبحون سعداء وتفوزون بالغِبطة الدائمة، فسأله التلاميذ واحدًا واحدًا من الذي سيُسلِّمك؟ لكنه لم يرشدهم إليه خوفًا من أن ينتقموا منه، ويُوقعوا به العقاب الشديد، وعندما حان الظلام أشار يسوع إلى يهوذا بالانصراف، فنهض هذا من على المائدة وفرَّ هاربًا، ثم قال يسوع: هذا هو معنى إعلاء شأن ابن البشر، أن يكون الناس صالحين كالآب العام، ولا ينبغي عليهم أن يحبوا الذين يحبونهم، بل يجب أن يحبوا أعداءهم ويصنعون الخير للذين يُسيئون إليهم؛ ولذلك لا ينبغي عليكم أنتم أيضًا أن تبحثوا عن مضمون تعليمي، بل انظروا إلى أعمالي التي صنعتها الآن أمامكم، واعملوا مثلها دائمًا أبدًا، وصية واحدة أوصيكم بها، وهي حبُّوا الناس، وبعد ذلك أحاق بيسوع خوف شديد، فمضى مع تلاميذه إلى بستان ليختفوا فيه.
وفيما هم في الطريق قال يسوع لتلاميذه: إنكم جميعًا جبناء غير ثابتين على محبتي، فإنه عندما يُلقى القبض عليَّ تهربون جميعًا وتتركونني، فقال له بطرس: إني لا أتركك مطلقًا، وسأدافع عنك دفاعًا شديدًا، ولو عرَّضتُ نفسي للموت، وقال جميع التلاميذ مثل ذلك، فقال لهم يسوع: إذا كان الأمر كذلك فاستعدوا للدفاع وتزوَّدوا؛ لأننا سنختفي عن الأبصار، وخذوا معكم سلاحًا لتدفعوا به، فقال له التلاميذ: عندنا سَيفان، ولما سمع هذا الكلام استولى عليه الحزن وأخذ يكتئب، ولما وصل إلى مكان مُقفِر انفرد وشرع يصلي، ونبَّه تلاميذه إلى الصلاة، لكنهم لم يفهموا قصده، فقال يسوع حينئذٍ: يا أبتي الروح! أجز عني هذه التجربة، وثبِّت عزائمي لإتمام إرادتكَ، وإني لا أريد أن أسير حسب إرادتي لأدافع عن حياتي الجسدية، بل أريد إتمام مشيئتك التي تأمرني بعدم مقاومة الشر، ولكن تلاميذه لم يفهموا كلامه هذا، فقال لهم: لا تفتكروا بالجسد مطلقًا، بل اجتهدوا أن تتعالوا بالروح؛ لأن القوة والنشاط بالروح، وأما الجسد فضعيف جدًّا، ثم قال: يا أبتِ إذا كانت الآلام العتيدة لا بدَّ منها فلتكن، ولكني مع ذلك أطلب أن تكون مشيئتك وليس مشيئتي، ولم يفهم التلاميذ شيئًا من ذلك أيضًا، أما هو فلبث يُصارع التجربة حتى غلبها، ولما تيقَّن من فوزه عليها دنا من تلاميذه، وقال لهم: ثِقوا، فقد انتهى الأمر، وقد عدلتُ عن الدفاع والمقاومة، وها أنا ماضٍ لأُسلِّم نفسي إلى أيدي أهل هذا العالم.
لوقا، ١١: ٥٣: وبعد ذلك أخذ الكتبة والفريسيون يحنقون جدًّا ويصادرونه على أمور كثيرة، وهم يراقبونه لكي يقتلوه.
يوحنا، ١١: ٤٧: فجمعوا محفلًا عظيمًا، وقالوا: يجب أن نعدم هذا الرجل؛ لأنه بتعاليمه يضحد تعاليمنا.
٤٨: وإن تركناه هكذا آمن به الجميع فيتركون ديانتنا، وقد آمن به الآن أكثر من نصف الأُمة، فإذا كان اليهود يُصدِّقون تعليمه القائل بأن جميع الناس أبناء أب واحد وكلهم أخوة، وأنه لا فرق بين شعب اليهود والشعوب الأخرى، فلا ريب أن الرومانيين حينئذٍ يستولون على أُمَّتنا، ولا يبقى ذكر للمملكة اليهودية.
لوقا، ١٩: ٤٧: وتفاوض الفريسيُّون ورؤساء الكهنة كثيرًا في أمر قتله، لكنهم لم يجدوا عليه عِلَّة تستحق القتل.
٤٨: وذهبت مفاوضتهم عبثًا؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يقرروا شيئًا معلومًا.
٤٩: فقال لهم واحد منهم اسمه قيافا، وكان رئيسًا للكهنة: إني قد افتكرت فكرًا مناسبًا.
يجب علينا أن نعلم أنه خير لنا أن يموت واحد عن الأمة من أن تهلك الأمة كلها، فإذا تركنا هذا الرجل فإن الأمة تهلك برمَّتها، وإني أؤكد لكم ذلك؛ ولذا فإني أرى من الصواب قتل يسوع.
٥٢: حتى ولو لم يهلك الشعب، فإنه يتشتت ويترك دين آبائه وأجداده بما يتعلمه من تعليم يسوع، وهذا وحده كافٍ لقتله.
٥٣: فصادق الجميع على كلام قَيَافا، وقرَّروا جميعًا فيما بينهم قتل يسوع.
٥٤: فبحثوا عنه لكي يُلقوا القبض عليه، لكنهم علموا: أنه اختفى في مكان مُقْفِر.
٥٥: وكان قد قرب عيد الفِصْح الذي تجتمع فيه جماهير اليهود في أورشليم.
٥٦: وقال رؤساء الكهنة والفريسيِّين بأنه لا بد له من القدوم إلى أورشليم على عيد الفِصْح.
٥٧؛ ويوحنا، ١٢: ١ و٢: وحدث أنه قبل الفِصْح بستة أيام قال يسوع لتلاميذه: قوموا بنا لنمضي إلى أورشليم.
يوحنا، ١١: ٨: فقال له تلاميذه: إن الفريسيِّين كانوا يطلبونك لكي يرجموك بالحجارة، فإذا ذهبت إلى أورشليم يقتلونك لا محالة، فخير لنا ألا نمضي جميعًا.
٩: فقال لهم يسوع: ليس يُخيفني شيء؛ لأني عائش بنور الكلمة، وكل إنسان يسير في النهار لا يعثر، بعكس إذا ما سار في الليل، وكل إنسان أيضًا يستطيع الحصول على نور الكلمة، وإذ ذاك يصبح لا يخشى شيئًا.
١٠: وإنما الرجل المتمتِّع بشهوات الجسد يتوغَّل في الضلال ويخشى كل شيء، وأما ذاك الذي أنكر ذاته واستنارت نفسه بنور كلمة الحق؛ فإنه يكون مطمئنًا لا يخشى شيئًا.
يوحنا، ١٢: ٢: وفيما هو ماضٍ إلى أورشليم عرَّج على بلدة قريبة منها اسمها بيت عَنْيا، ودخل بيت مريم ومَرْثا؛ حيث صنعتا له عشاء، وكانت مَرْثا تخدمه.
٣: وأما مريم؛ فأخذت رطل طِيب كثير الثمن، ودهنت به قدمي يسوع، ومسحتهما بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب.
٤: فقال يهوذا الإسخريوطي أحد تلاميذه.
٥: عبثًا عملت مريم هذا الفعل، لِمَ لم يُبَع هذا الطيب بثلاثمائة دينار ويُدفع للمساكين؟
٨: فقال يسوع: إن المساكين عندكم في كل حين، وأما أنا فلست معكم في كل حين.
٧: وقد فعلتْ حسنًا؛ لأنها أعدَّتْ جسدي للدفن.
١٢: وفي صباح اليوم التالي مضى يسوع إلى أورشليم؛ حيث كان مجتمعًا بها خلق كثير لا يُحصى.
١٣: فلما سمع الجمع أنه آتٍ إلى أورشليم خرجوا للقائه، وأخذوا سعف النخل، وكانوا يطرحونها في طريقه، والبعض الآخر كان يطرح ثيابه، وكانوا كلهم يصرخون قائلين: هذا هو ملكنا الحقيقي الذي سيُرشدنا إلى معرفة الإله الحقيقي الواحد الأزلي.
١٤: وأن يسوع وجد حمارًا فركبه، وكان الشعب سائرًا وراءه وقُدَّامه يصرخ صراخ التهليل والابتهاج.
متَّى، ٢١: ١٠: ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلين: من هذا؟
١١: فقال أولئك الذين عرفوه: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الخليل.
١٥: فدخل يسوع الهيكل وطرد منه أيضًا الباعة والمشترين.
يوحنا، ١٢: ١٩: فقال الفريسيُّون فيما بينهم: انظروا! إنكم لا تستفيدون شيئًا، ها إن العالم قد تَبِعه.
مرقص، ١١: ١٨: فالتمسوا كيف يهلكونه؛ لأنهم كانوا يخافونه؛ إذ الجمع كله كان يتعجَّب من تعليمه، وقد أجمع على محبته وإكرامه.
يوحنا، ١٢: ٢٠: وفي خلال ذلك كان يسوع يُعلِّم في الهيكل، وكان موجودًا بين سامعيه ما عدا اليهود كثير من اليونانيين الوثنيين، فهؤلاء لما سمعوا تعليم يسوع فَهِموه وصدَّقوه، وعلموا أنه يُرشد إلى الحق ليس اليهود فقط، بل وجميع الناس.
٢١: فأرادوا أن ينتظموا في سلك تلاميذه، فأخبروا فيلبس أحد تلاميذه بذلك.
٢٢: فقال فيلبس ذلك إلى أندراوس، وقد خاف التلميذان أن يجمعا بين يسوع والوثنيِّين؛ لأنهما علما أن الشعب ينقم عليه لتعليمه بأن لا فرق بين اليهود والوثنيِّين، ولبثا بُرهة واقفين يتحدثان بهذا الأمر، وأخيرًا تقدَّما إلى يسوع وأخبراه جليَّة الأمر، فاضطرب لدى سماعه ذلك؛ لأنه علم أن الشعب سينقم عليه إذا تَلمَذ الوثنيين.
٢٣: أتت الساعة التي أوضح فيها ما أفهمه أنا بابن البشر، ولا بأس من موتي في هذا السبيل؛ لأني أموت ضحيَّة مجاهرتي بالحقائق.
٢٤: الحق أقول لكم: إن حبَّة الحِنطة إن لم تقع على الأرض وتمت فإنها لا تُعطي ثمرًا.
٢٥: من أحبَّ حياته الجسدية، فإنه يُهلك حياته الحقيقية، ومن أبغضها في هذا العالم فإنه يحفظها للحياة الأبدية.
٢٦: من يريد أن يخدم تعليمي؛ فليعمل أعمالي التي أعملها أنا، فيكرمه أبي ويُجازيه علانية.
٢٧: الآن نفسي قد اضطربت، فهل أرضخ لأحكام الحياة الدنيوية أو أُكمل إرادة الآب في هذه الساعة؟ وما هذا العلني عندما دنت الساعة التي أحيا بها أقول: «يا أبتي نجِّني مما يجب عليَّ أن أفعله.» إني لا أستطيع أن أفوه بمثل هذا الكلام؛ لأني سأحيا في تلك الساعة.
٢٨: ولذلك فأقول: يا أبتي مجِّد اسمك وأظهره فيَّ.
٣١: ثم قال يسوع: قد حضرت ساعة هلاك هذا العالم البشري الآن، هلك رئيس هذا العالم ويُطرَد خارجًا.
٣٢: وعندما يتمجَّد ابن البشر ويرتفع شأنه على الحياة الأرضية، حينئذٍ يُجمع الجميع في واحد.
٣٤: فأجابه اليهود: قد سمعنا من الناموس أن المسيح يدوم إلى الأبد، فكيف تقول أنت: إنه ينبغي أن يرتفع ابن البشر؛ من هذا ابن البشر؟
٣٥: فأجابهم على ذلك يسوع بقوله: ارتفاع شأن البشر يتأتى من أنكم تعيشون بنور الحياة الموجود فيكم.
٣٦: وارتفاع شأن ابن البشر على الحياة الأرضية يتأتى من أنه يُصدِّق بوجود النور، ما دام النور موجودًا لكي يصبح ابنًا للحياة.
٤٤: من يُصدِّق تعليمي لا يجب عليه أن يؤمن بي، بل بذلك الروح الذي أعطى الحياة للعالم.
٤٥: ومن يفهم تعليمي يفهم ذلك الروح الذي أعطى الحياة للعالم.
٤٧: وإن كان أحد يسمع أقوالي ولا يحفظها فأنا لا أُدينه؛ لأني لم آتِ لأُدين العالم، بل لأُخلِّص العالم.
٤٨: ومَن لم يقبل أقوالي فإن له من يدينه. الكلمة التي نطقت بها هي تُدينه.
٤٩: لأني لم أتكلم من نفسي، بل تكلمت ما ألهمني إليه الآب الروح الساكن فيَّ.
٥٠: وما أقوله هو نفس ما قاله لي روح الكلمة، وأعلم به، وهو الحياة الحقيقية.
يوحنا، ١٢: ٣٦: قال يسوع هذا ثم مضى واختفى عن رؤساء الكهنة.
٤٢: ومع هذا فإن كثيرًا من الرؤساء والأغنياء وأصحاب النفوذ لما سمعوا تعليم يسوع صدَّقوه، لكنهم من أجل الفريسيِّين لم يعترفوا به ولم يُصرِّحوا بأفكارهم؛ لأنه ليس ولا واحد من الكهنة ورؤساء الكهنة صدَّق هذا التعليم.
٤٣: لأنهم أحبوا مجد الناس على مجد الله.
متَّى، ٢٦: ٣: حينئذٍ اجتمع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب في دار قَيَافا.
٤: فتشاورا فيما بينهم أن يُمسكوا يسوع سرًّا عن الشعب ويقتلوه.
٥: لأنهم خافوا أن يلقوا القبض عليه علنًا.
١٤: وقد جاء إليهم أحد تلاميذ يسوع الذي يقال له يهوذا الإسخريوطي.
١٥: وقال لهم: إذا كنتم تريدون إلقاء القبض على يسوع سرًّا دون أن يعلم الشعب، فأنا أنتهز فرصة وجوده منفردًا مع تلاميذه، وآتي فأُخبركم، فماذا تريديون أن تعطوني لأُسلِّمه لكم؟ فجعلوا له ثلاثين من الفضة.
١٦: فرضي، ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليُسلِّمه إلى رؤساء الكهنة.
١٧: وفي هذه الأثناء كان يسوع يبتعد عن الشعب منفردًا مع تلاميذه، وفي يوم عيد الفطير دنا التلاميذ منه، وقالوا له: أين تريد أن نُعِدَّ الفِصْح؟
١٨: فقال لهم يسوع: اذهبوا إلى أية بلدة، ومن تُصادفوه فيها قولوا له: إنه ليس عندنا وقت لإعداد الفِصْح، وارجوه أن يقبلنا في بيته لنُعِدَّ عنده الفِصْح.
١٩: ففعل التلاميذ كما أمرهم يسوع، ومضوا إلى قرية، وطلبوا إلى أحد رجالها أن يأذن لهم بإعداد الفِصْح في بيته فأجاب طلبهم.
٢٠: فدخلوا بيت الرجل، وجلس يسوع على المائدة مع تلاميذه الاثنى عشر، ومن بينهم يهوذا.
يوحنا، ١٣: ١: وكان يسوع قد علم أن يهوذا وعد أن يُسلِّمه إلى الموت، ولكنه لم يُوبِّخه، ولم يقصد أن ينتقم منه، بل كان حتى هذه الساعة يُعلِّم تلاميذه أن يُحبوا بعضهم بعضًا على عادته من ذي قبل.
متَّى، ٢٦: ٢١؛ ومرقص، ١٩: ١٨: وفيما هم يأكلون، قال: الحق أقول لكم: إن واحدًا منكم سيُسلِّمني.
متَّى، ٢٦: ٢٣: أجل، ذلك الذي يأكل ويشرب معي هو يُهلِكني.
٢٦: ولم يقل شيئًا فيما سوى ذلك، حتى إن التلاميذ لم يعرفوا مَن يقصد بكلامه، وعندما شرعوا في الأكل أخذ يسوع الخبز، وقسَّمه إلى اثني عشر قسمًا حسب عددهم، وقال لهم: خذوا كلوا هذا هو جسدي.
٢٧: ثم ملأ الكأس خمرًا، وقال لهم: خذوا اشربوا كلكم، ولما شربوا قال.
٢٨: هذا هو دمي، فإني أُهرقه ليعلم الناس أني أغفر خطايا كل من يعمل لي شرًّا.
لوقا، ٢٢: ١٨: لأني سأموت قريبًا، ولا أكون معكم في هذا العالم، ولكني سأجتمع معكم في ملكوت السموات.
يوحنا، ١٣: ٤: وبعد هذا نهض يسوع من على المائدة وتمنطق بمِنْشَفة وأخذ إبريق ماء بيده.
٥: وأخذ يغسل أرجل جميع التلامذة.
فتقدم إلى بطرس الذي قال له كيف تغسل أنت رجلي؟
٧: أجاب يسوع وقال له: إن الذي أصنعه لا تعرفه أنت، ولكنك ستعرفه حالًا.
١٠: أنتم أنقياء، ولكن ليس كلكم؛ لأنه بينكم يوجد ذلك الذي سيُسلِّمني، الذي أعطيته من يدي الخبز ليأكل والخمر ليشرب، وأريد أن أغسل رجليه أيضًا.
١٣: ولما غسل يسوع أرجل الاثني عشر جلس وقال: هل فهمتم لماذا فعلت ذلك؟
١٤: إنما فعلت ذلك لكي تصنعوا مع بعضكم فيما بعد كما عملت لكم أنا معلمكم، قد صنعت هذا لتعلموا فيما بعد كذلك للذين يُسيئون إليكم ويصنعون لكم شرًّا.
١٧: فإذا فهمتم ذلك وعملتم به تصبحون سعداء وتنالون الغبطة الدائمة.
١٨: عندما قلت لكم: إن واحدًا منكم سيسلمني لم أتكلم عنكم جميعًا؛ لأن الذي يسلِّمني واحد فقط، ذلك الذي قد غسلت رجليه وأكل الخبز معي هو يُهلكني.
٢١: ولما قال هذا اضطرب بالروح، ثم قال أيضًا: نعم. نعم، واحد منكم يُسلِّمني.
٢٢: فجعل التلاميذ ينظرون إلى بعضهم بعضًا ولم يعرفوا من يقصد في كلامه.
٢٣: وكان أحد التلاميذ جالسًا بالقرب من يسوع.
٢٤: فأشار إليه سمعان بطرس أن يسأله من الذي سيُسلِّمه.
٢٥: فسأل ذلك التلميذ يسوع.
٢٦: فأجابه: إني أغمس الآن لقمة وأدفعها إلى مُسلِّمي، ثم دفعها إلى يهوذا الإسخريوطي.
٢٧: وقال له: ما تريد أن تفعل؛ فاصنعه بسرعة.
٣٠: فأدرك يهوذا أنه لا بدَّ له من الخروج، وبعد أن أخذ اللقمة خرج في الحال، ولم يستطع أحد أن يتبعه؛ لأن الوقت كان ليلًا والظلام حالكًا.
٣١: ولما خرج يهوذا قال يسوع لتلاميذه: لقد أصبح الآن مفهومًا لديكم ما هو ابن البشر، وأصبحتم تعلمون أن الله حالٌّ فيه وأنه يستطيع أن يشبه الله في الصلاح وفعل الخير.
٣٣: يا أولادي لا أكون معكم زمنًا طويلًا، فلا تبحثوا عن تعاليمي كما قلتُ للفريسيِّين، بل افعلوا ما فعلت أنا.
٣٤: أعطيكم وصية واحدة جديدة، كما أني أحببتكم منذ البداية حتى النهاية، هكذا أنتم، حبُّوا بعضكم بعضًا من البداية حتى النهاية.
٢٥: وبهذا فقط تمتازون عن سائر الناس، حبِّوا بعضكم بعضًا.
متَّى، ٢٦: ٣٠: وبعد هذا صعدوا جميعًا إلى جبل الزيتون.
٣٠: وفيما هم في الطريق قال لهم يسوع: سيأتي وقت يتم ما جاء في الكتب، وهو أنهم يقتلون الراعي فتتبدَّد الخِراف، وسيتم ذلك في هذه الليلة، فسيأخذونني وأنتم تتركونني وتتبدَّدون.
٣٢: فقال له بطرس: إذا تركك الجميع وهربوا؛ فإني لا أتركك أبدًا، بل إني مستعد أن أمضي معك إلى السجن أو الموت.
٣٤: فأجابه يسوع: الحق أقول لك: إنه قبل أن يصيح الديك تُنكرني ثلاث مرات.
٣٥: فقال بطرس: كلَّا. كلَّا، لا أُنكرك، وقال قوله هذا جميع التلاميذ.
لوقا، ٢٢: ٣٥: فقال يسوع حينئذٍ لتلاميذه قَبْلًا: لم يعوزنا شيء مطلقًا، فقد كنتم تسيرون بلا كيس ولا حذاء ولا مِزْود؛ لأني أمرتكم بذلك.
٣٦: وأما الآن؛ فقد أحصوني مع الأثَمة الذين لا يسيرون بحسب الناموس، فلا يستطيع أن نبقى كما كنا قَبْلًا بلا شيء، فينبغي علينا أن نتزوَّد بكل شيء، ونقتني سيوفًا حتى لا يقتلوننا ويسفكون دمنا هَدرًا.
٣٨: فقال له التلاميذ: عندنا سيفان، فقال لهم يكفي.
يوحنا، ١٨: ١؛ ومتَّى، ٢٦: ٣٦: ولما قال هذا مضى يسوع مع تلاميذه إلى بستان الجسمانية، ولما بلغوه قال: البثوا ها هنا؛ لأني أريد أن أُصلي.
متَّى، ٢٦: ٣٧: ولما اقترب من بطرس وابني زَبْدي أخذ يكتئب ويحزن.
٣٨: وقال لهم: ما أثقل هذه الليلة عليَّ؟! فإن نفسي حزينة حتى الموت، فامكثوا ها هنا ولا تحزنوا مثلي.
٣٩: وابتعد عنهم قليلًا وخرَّ على وجهه ساجدًا، وقال: يا أبتي الروح، فليكن ليس كما أريد من أني لا أرضى الموت، بل فلتكن إرادتك ودعني أن أموت، وبما أنك روح فلَدَيْكَ كل شيء مستطاع، فارفع عني هذه التجربة الجسدية، فالروح قوي نشيط، ولكن الجسد ضعيف.
٤٢: ثم تباعد عنهم أيضًا، وطفق يصلي، فقال: يا أبتي إذا كان لا يُستطاع أن أتعذب وينبغي عليَّ أن أموت؛ فلا بأس من موتي، فلتكن مشيئتك.
٤٣: ولما قال هذا دنا من تلاميذه، فوجد الحزن مستوليًا عليهم حتى كادوا يبكون.
٤٤: فابتعد عنهم أيضًا وقال للمرة الثالثة: يا أبتِ فلتكن إرادتك.
٤٥: وحينئذٍ عاد إلى تلاميذه، وقال لهم: استريحوا الآن، ولا تضطرب أفكاركم، فقد تم الأمر؛ لأني سأُسلِّم نفسي إلى أيدي أهل هذا العالم.