استظهار الروح على الجسد
الرجل العائش في سلطان الآب يعلم أن حياته ليست خاصة به، بل هي عامة لجميع الناس، فمثل هذا لا يرى الشر، وما الموت الجسدي سوى الاتِّحاد مع الآب.
فحوى الفصل الثاني عشر
ولما أنهى يسوع كلامه مع تلاميذه، فبدلًا من أن يهرب أو يدافع عن نفسه، مضى لاستقبال يهوذا الذي أحضر جنودًا للقبض عليه، فتقدم إليه يسوع وسأله: لماذا حضر إلى هناك؟ فلم يُجبه يهوذا بشيء، وحينئذٍ أحاطت الجنود بيسوع، فهجم بطرس للدفاع عن معلمه، واستلَّ سيفًا وأراد أن يضرب به، فقال له يسوع: ردَّ سيفك إلى غِمده؛ لأن الذين يأخذون بالسيف، بالسيف يُؤخَذون، ثم قال يسوع لأولئك الذين جاءوا ليأخذوه: إني قَبلًا كنت أسير وحدي فيما بينكم، وما كنتُ أخاف، والآن لستُ خائفًا منكم، وها إني أُسلِّمكم ذاتي فافعلوا بي ما تشاءون، وفي هذه الأثناء هرب جميع تلاميذه وبقي يسوع وحده، فأمر رئيس الجند أن يُوثقوه ويأخذوه إلى حنانيا.
وحنانيا كان قَبْلًا رئيسًا للكهنة، وكان عائشًا في دار واحدة مع قَيَافا الذي كان في هذه الأثناء رئيسًا للكهنة، وهو الذي قال: يجب أن يُقتَل يسوع حتى لا تهلك الأمة كلها.
وكان يسوع يشعر من نفسه أنه يُتمِّم إرادة الآب؛ ولذلك كان مُستعدًّا للموت، ولم يقاوم عندما أخذوه، ولم يجزع عندما قادوه، ولكن بطرس الذي وعد يسوع بأنه لا ينكره وأنه يبذل نفسه عنه، والذي أراد أن يُدافع عنه عندما رأى أنهم أوثقوه وقادوه؛ خاف من أن يقتلوه معه؛ ولذلك لما سأله الخُدَّام: هل كنتَ معه؟ أنكر وذهب عنه وتركه، ولكن لما صاح الديك تذكَّر بطرس كل ما قاله له يسوع، وعلم أنه وقع في عثرتين: عثرة الخوف والمقاومة، وأن يسوع كان يقاومهما عندما كان يصلي في البستان، ودعا تلاميذه للصلاة.
ثم أخذوا يسوع إلى قَيَافا الذي أخذ يسأله عن مضمون تعليمه، ولكنه لم يُجبه بشيء؛ لأنه كان عالمًا أنه يسأله، ليس ليفهم تعليمه، بل لكي يُحاكمه، لكنه قال له: إني لم أكن أعلم في الخفاء، فإن كنتَ تريد أن تعرف ما هو تعليمي اسأل أولئك الذين سمعوه وأدركوا معناه، ولما قال هذا لطمه خادم رئيس الكهنة على خده، فسأله يسوع: لماذا ضربه؟ ثم أقاموا عليه شهودًا يشهدون أنه قال بأنه يهدم كل أساسات ديانة اليهود، فسأله رؤساء الكهنة عن ذلك فلم يُجبهم بشيء، ثم سأله قَيَافا قائلًا: قل لي: هل أنت المسيح ابن الله؟ فأجابه يسوع: نعم، أنا إنسان ابن لله، والآن وأنتم تعذبونني سترون أن الإنسان يستطيع أن يساوي الله.
فسُرَّ رئيس الكهنة لما سمع هذا الكلام، وقال لمحاكمي يسوع: يكفينا ذلك شهادة عليه لمحاكمته، فحكموا جميعًا عليه بالموت، وحينئذٍ هجم عليه الشعب وأخذوا يلطمونه ويضربونه ويبصقون في وجهه، ويستهزئون به، أما هو فكان صامتًا ولم يفه ببنت شفة.
ولم يكن يحق لليهود أن يقتلوا شخصًا دون أن يُصادقوا على قتله من الحاكم الروماني؛ ولذلك فإنهم بعد أن حكموا على يسوع واستهزءوا به أخذوه إلى بيلاطس لكي يُصدر لهم أمرًا بقتله، فسألهم بيلاطس: لماذا تطلبون قتله؟ فأجابوه: لأنه رجل شرير، فقال لهم: فحاكموه إذن حسب ناموسكم، فقالوا له: نحن نريد أن نقتله؛ لأنه مجرم ضد القيصر الروماني؛ لأنه رجل مُهيِّج قد قَلَب أفكار الأمة، وحرَّضها على ألا تدفع الضرائب لقيصر، وقد ادَّعى أنه ملك اليهود؛ فدعا بيلاطس يسوع إليه وسأله: هل صحيح ما يدَّعون به عليك من أنك ملك اليهود؟ فأجابه يسوع: هل إنك بالفعل تريد أن تعرف ما هي مملكتي أو أنك تطارحني الأسئلة على عيونهم؟ فقال له بيلاطس: إنني لستُ يهوديًّا، وعندي سواء إن قلتَ: إنك ملك اليهود أو لم تقل، وإنما أريد أن أعرف من أنت أيها الإنسان، ولماذا يقولون عنك إنك ملك لليهود؟ فقال له يسوع: إنهم يقولون الحق من أني مَلِك، ولكن مملكتي ليست أرضية بل سماوية، إن ملوك الأرض يُحاربون ويُقاومون ولديهم جنود وأعوان، وأنت ترى أنهم أوثقوني وضربوني ولم أقاومهم بشيء، إنني ملك سماوي وقوي بالروح، فقال له بيلاطس: إذن صحيح ما يشتكونك به، وأنك تدَّعي بأنك مَلِك، فقال له يسوع: أنت تعلم ذلك، كل إنسان يسلك بحسب الحق فهو حر، أوبعبارة أخرى هو مَلِك وأنا حيٌّ بهذا، واعلم أن الناس أحرار بالروح، فقال له بيلاطس: أنت تعلم الحق، ولكن لا يوجد أحد يعرف ما هو الحق. قال هذا وجاء إلى اليهود وقال لهم: إني لم أجد على هذا الإنسان عِلَّة يستحق عليها الموت، فقال له رؤساء الكهنة: يجب قتله لأنه يُهيِّج الشعب، فطفق بيلاطس يستجوب يسوع أمام اليهود فلم يُجبه بشيء، حينئذٍ قال بيلاطس: لا أقدر وحدي أن أحكم عليه، فخذوه إلى هيرودس، ولما مثلوا بحضرته طلبوا منه أن يحكم عليه بالقتل، فأخذ يسأله أسئلة متعددة؛ فلم يُجبه يسوع بشيء، فعلم هيرودس أن يسوع رجل فارغ سخيف العقل، فأمر أن يُلبسوه استهزاء به طَيْلَسانًا أحمر، وأمر بإعادته إلى بيلاطس الذي كان مُشفقًا على يسوع، فأخذ يطلب إلى اليهود أن يسامحوه، ولو من أجل العيد، فلم يتنازل رؤساء الكهنة عن طلبهم، بل كانوا يصرخون مع جميع الشعب طالبين أن يُصلَب يسوع على الصليب، فكرَّر بيلاطس طلبه أن يُطلقوا يسوع فلم يرضوا، بل قالوا: لا بدَّ من قتله؛ لأنه يقول عن نفسه إنه ابن الله، فدعاه إليه بيلاطس وسأله على انفراد عن معنى هذا الكلام؛ فلم يُجبه بشيء، فقال له: لماذا لا تُجيب؟ ألا تعلم أن لي سلطانًا أن أُطلِقك وسلطانًا أن أصلبك؟ فأجابه يسوع: ليس لك عليَّ سلطان، فإن السُّلْطة لا تكون إلا من فوق. فخرج بيلاطس وجعل يطلب إلى اليهود للمرة الثالثة أن يطلقوا يسوع، فصرخوا كلهم بصوت واحد: يجب أن يُصلب؛ لأنه يُهيِّج الأمة ضد قيصر، وإن كنتَ لا تحكم بقتله، فإنك تكون عدوًّا لقيصر، فلما سمع ذلك بيلاطس رضخ لكلامهم وأصدر أمرًا بصلب يسوع، ثم عرَّاه وجلده، وأمر بأن يُلبِسوه الرداء القِرْمِزي، وكان الحاضرون يضربونه ويضحكون عليه ويهزءون به، ثم حمَّلوه صليبًا ليحمله إلى مكان يُسمي الجلجلة؛ حيث صلبوه هناك.
ولما كان يسوع مصلوبًا على الصليب كان الشعب يستهزئ به، فقال يسوع: يا أبتِ اغفر لهم؛ لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون، ولماذا دنت ساعة وفاته، قال: يا أبتِ إني بين يديك، أُودِع روحي، ثم أحنى رأسه وأسلم الروح.
متَّى، ٢٦: ٤٦: وبعد ذلك قال يسوع: هيا بنا ننطلق الآن، فإن الذي يُسلِّمني قد جاء.
٤٧: وفيما هو يتكلم هذا إذا بيهوذا واحد من الاثني عشر قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعِصي.
٤٨: وقد سبق وأعطاهم علامة قائلًا: الذي أُقبِّله أولًا هو فأمسكوه.
٤٩: فللوقت تقدَّم إلى يسوع، وقال له: السلام يا معلم وقبَّله.
٥٠: فقال له يسوع: يا صاحب! لماذا جئتَ إلى هنا؟ حينئذٍ تقدَّم الجنود، وأرادوا أن يأخذوه.
٥١: فاستلَّ بطرس سيف عبد رئيس الكهنة وقطع به أُذُنه.
٥٢: فقال له يسوع: فعلتَ إثمًا، أما أوصيتك بأن لا تقاوم الشر! فرُدَّ السيف إلى صاحبه؛ لأن كل الذين يأخذون بالسيف، بالسيف يُهلَكون.
٥٥: وحينئذٍ قال يسوع للجموع: كأنه على لصٍّ خرجتم بسيوف وعِصي لتأخذوني! كل يوم كنتُ أجلس معكم أُعلِّم في الهيكل ولم تمسكوني.
لوقا، ٢٢: ٥٣: ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة.
متَّى، ٢٦: ٥٦: ولما رأى التلاميذ أنهم أخذوه تركوه كلهم وهربوا.
يوحنا، ١٨: ١٢: ثم إن الجند والقائد وخدام رؤساء الكهنة قبضوا على يسوع وأوثقوه.
١٣: ومضوا به إلى حنان أولًا؛ لأنه كان حما قَيَافا الذي كان رئيسًا للكهنة الذي أشار على اليهود أنه خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب من أن يهلك الشعب كله.
مرقص، ١٤: ٥٣: ثم مضوا بيسوع إلى دار رئيس الكهنة.
متَّى، ٢٦: ٥٨: فتبعه بطرس من بعيد إلى دار رئيس الكهنة، فدخل إلى داخل، وجلس بين الخُدَّام لينظر النهاية.
٦٩: فجاءت إليه جارية، وقالت له: وأنتَ كنتَ مع يسوع الجليلي؟
٧٠: فخاف بطرس لئلا يقبضوا عليه، فأنكر قدَّام الجميع قائلًا: لستُ أدري ما تقولين!
٧١: ثم إذا خرج إلى الدهليز رأته أخرى، فقالت للذين هناك: وهذا كان مع يسوع الناصري.
٧٢: فازداد خوفه، وأقسم أنه لم يكن مع يسوع، ولا يعرف من هو ذلك الرجل.
٧٣: وبعد قليل جاء الحاضرون، وقالوا لبطرس: حقًّا إنك واحد من أولئك الثُّوَّار؛ لأن كلامك يدلُّ على أنك من الجليل.
٧٤: فابتدأ حينئذٍ يلعن ويحلف أني لا أعرف الرجل، ولا رأيته قط، وللوقت صاح الديك.
٧٥: فتذكَّر بطرس تلك الكلمات التي قالها له يسوع عندما قال له: إذا أنكرك الجميع فأنا لا أنكرك، من أنه قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات، فخرج إلى خارج وبكي بكاءً مُرًّا، أما سبب بكائه فهو أنه صغرت نفسه وسقط في العثرة، فإنه أولًا لم يستطع ضبط نفسه عندما أخذوا يسوع وأخذ يدافع عنه، ثم سقط لخوفه من الموت وإنكاره يسوع.
مرقص، ١٤: ٥٣: ثم اجتمع في دار رئيس الكهنة جميع الشيوخ والكَتَبة.
يوحنا، ١٨: ١٩: فقدَّموا يسوع إلى رئيس الكهنة، فسأله عن تعليمه وتلاميذه.
٢٠: أجابه يسوع: أنا كلمتُ العالم علانية، أنا علَّمتُ كل حين في المجمع وفي الهيكل؛ حيث يجتمع اليهود دائمًا وفي الخفاء لم أتكلَّم بشيء.
٢١: لماذا تسألني أنا؟ اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلَّمتُهم، فقد فهموا تعليمي.
٢٢: ولما قال هذا لطم يسوع واحد من الخُدَّام كان واقفًا قائلًا: أهكذا تُجاوِب رئيس الكهنة؟!
٢٣: فأجابه يسوع: إن كنتُ قد تكلمتُ رديئًا فاشهدْ على الرديء، وإن حسنًا فلماذا تضربني؟
متَّى، ٢٦: ٥٩: وكان رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع كلهم يطلبون شهادة زور على يسوع لكي يقتلوه، فلم يجدوا.
٦٠: ولكن أخيرًا تقدم شاهدا زور.
٦١: وقالا: هذا قال: إني أقدر أن أنقض هيكلكم المصنوع بالأيادي، وفي ثلاثة أيام أبني هيكلًا جديدًا لله غير مصنوع بالأيادي.
مرقص، ١٤: ٥٩: غير أن شهادتهما لم تكن كافية لقتله.
متَّى، ٢٦: ٦٢: فقام رئيس الكهنة وقال له: أما تجيب بشيء؟ ماذا يشهد به هذان عليك؟
٦٣: وأما يسوع فكان ساكتًا، ولم يُجب بشيء، فقال له رئيس الكهنة: قل لنا هل أنت المسيح ابن الله؟
٦٤: فأجابه يسوع: نعم، أنا المسيح ابن الله، وأنتم ستبصرون من الآن بأن ابن الإنسان مساوٍ لله.
٢٥: فقال رئيس الكهنة: إنه جدَّف، فما حاجتنا بعد إلى شهود؟ ها قد سمعتم جميعًا تجديفه على الله.
٦٦: ماذا ترون؟ فأجابوا جميعًا وقالوا: إنه يستحق الموت.
٦٧: حينئذٍ هجم الشعب والخُدَّام على يسوع، وأخذوا يبصقون في وجهه ويلطمونه على خديه، وكانوا يُغطُّون عينيه ويضربونه على وجهه ويسألونه: أخبرنا أيها النبي مَن ضربك؟ أما هو فكان صامتًا.
متَّى، ٢٧: ٢: وبعد أن استهزءوا به أوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطي.
يوحنا، ١٨: ٢٨: وأتوا به إلى دار الولاية.
٢٩: فخرج بيلاطس إليهم، وقال: أية شكاية تُقدِّمون على هذا الإنسان؟
٣٠: أجابوا وقالوا له: لو لم يكن فاعل شر لما كُنَّا قد سلَّمناه إليك.
٣١: فقال لهم بيلاطس: إذا فعل لكم شرًّا فخذوه وحاكموه حسب ناموسكم، فقالوا له: نحن أحضرناه إليك لكي تحكم عليه بالموت بأنه لا يجوز لنا أن نقتل أحدًا.
٣٢: وقد تم القول الذي قاله يسوع بأنه ينبغي أن يكون مستعدًا ليموت مصلوبًا من الرومانيين.
لوقا، ٢٣: ٢: ثم أخذوا يشتكون عليه لبيلاطس قائلين: إننا وجدناه يُفسِد الأُمة، ويمنع أن تُعطى جزية لقيصر قائلًا: إنه هو مسيح مَلِك.
يوحنا، ١٨: ٣٣: ثم دخل بيلاطس أيضًا إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له: أنت ملك اليهود؟
٣٤: أجابه يسوع: أمِنْ ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عنِّي؟
٣٥: فأجابه بيلاطس ألَعَلِّي أنا يهوديٌّ؟ أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إليَّ، فمن أنت إيها الرجل؟
٣٦: فأجاب يسوع: إني مَلِك، ولكن مملكتي ليست من هذا العالم؛ لأني لو كنت ملكًا أرضيًّا لكانت رعيَّتي تُجاهد عني حتى لا أُسلَّم إلى رؤساء الكهنة.
٣٧: فقال له بيلاطس: أفأنت إذن مَلِك؟ فقال يسوع: أنت تقول ذلك، إني أُعلِّم الناس الحق وأرشدهم إلى طريق الملكوت السماوي، وكل من يحيا بالحق فهو مَلِك.
٣٨: فقال له بيلاطس: تقول إنك تُعلِّم الحق، فما هو الحق؟ ولما قال هذا خرج أيضًا رؤساء الكهنة، وقال لهم: أنا لست أجد فيه عِلَّة واحدة.
مرقص، ١٥: ٣: أما هم فأصرُّوا على عِنادهم وطلبهم، وقالوا: إنه صنع شرًّا كثيرًا، وقد هيَّج الشعب وجميع اليهودية ابتداء من الجليل.
٤: فشرع بيلاطس يستجوب يسوع أمام اليهود، لكنه لم يُجب بشيء، فقال له بيلاطس: أما تُجيب بشيء؟ انظر كم يشهدون عليك؟
٥: فلم يُجِب يسوع أيضًا بشيء حتى تعجَّب بيلاطس.
لوقا، ٢٣: ٦: وتذكَّر بيلاطس أن الجليل تحت سلطة الملك هيرودس، فسأل: هل الرجل من الجليل؟ فأجابوه: نعم.
٧: إذا كان من الجليل فهو من رعايا هيرودس، فأنا أرسله إليه. وكان هيرودس إذ ذاك في أورشليم، فأرسل بيلاطس يسوع إليه لكي يتخلَّص من اليهود.
٨: أما هيرودس؛ فلما رأى يسوع فرح جدًّا؛ لأنه كان يريد من زمان طويل أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة.
٩: فدعا هيرودس يسوع إليه وسأله بكلام كثير فلم يُجبه بشيء.
١٠: فأخذ رؤساء الكهنة ومعلمو الشعب يشتكون عليه بإلحاح قائلين: إنه يُهيِّج الشعب.
١١: فاحتقره هيرودس كثيرًا فاستهزأ به، وألبسه لباسًا أحمر لامعًا، وردَّه إلى بيلاطس.
١٢: فصار بيلاطس وهيرودس صديقين مع بعضهما في ذلك اليوم؛ لأنهما كانا قَبْلًا عدوين.
١٣: فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة ورؤساء اليهود وقال لهم.
١٤: قد قدَّمتم إلي هذا الإنسان كمن يُفسِد الشعب، وها أنا قد فحصت قدامكم ولم أجد في هذا الإنسان عِلَّة مما تشتكون به عليه.
١٥: فأرسلته معكم إلى هيرودس، فلم يجد هو أيضًا أنه فعل شيئًا يستحق عليه الموت، فأنا أُؤدِّبه وأُطلِقه.
متَّى، ٢٨: ٢٠: فلما سمع ذلك رؤساء الكهنة صرخوا كلهم بصوت واحد قائلين: أمِته أمِته، واصلبه على الطريقة الرومانية.
٢١: فسمع منهم ذلك بيلاطس وقال: لكم عادة أن أُطلق لكم على عيد الفِصْح أحد الأَثَمة، وعندنا في السجن القاتل باراباس، فيجب أن أطلق لكم واحدًا من الاثنين يسوع أم باراباس، فحرَّض الرؤساء الكهنة أن يطلبوا إطلاق المسجون، فصرخوا بصوت واحد بلغ عَنان السماء: باراباس باراباس.
٢٢: فقال لهم بيلاطس: وماذا أفعل بيسوع؟ فقالوا: اصلبه اصلبه.
٢٣: فقال بيلاطس: لماذا اتَّفقتم كلكم على قتل هذا الرجل، فإنه لم يفعل شيئًا يستحق الموت، ولم يعمل لكم شرًّا؟
يوحنا، ١٩: ٤: ثم قال لهم: إني أُطلقه؛ لأني لم أجد فيه عِلَّة واحدة.
٦: فصرخ رؤساء الكهنة وخُدَّامهم: اصلبه اصلبه، فقال لهم بيلاطس: خذوه أنتم واصلبوه؛ لأني لست أجد فيه عِلَّة.
٧: أجابه اليهود: لنا ناموس، وحسب ناموسنا يجب أن يموت؛ لأنه جعل نفسه ابن الله.
٨: فلما سمع ذلك بيلاطس ازداد خوفًا واضطرب؛ لأنه لم يدرك معنى كلمة ابن الله.
٩: فدخل أيضًا إلى دار الولاية وسأل يسوع: مِن أين أنت؟ فلم يعطِه جوابًا.
١٠: فقال له بيلاطس: أما تُكلِّمني؟ ألستَ تعلم أن لي سلطانًا أن أصلبك وسلطانًا أن أطلقك؟
١١: فقال له يسوع: ليس لك عليَّ سلطان ألبتة؛ لأن السلطان من العلو فقط.
١٢: ومع ذلك فكان بيلاطس يريد أن يُطلقه.
١٥: ولذلك قال لليهود: كيف تريدون أن أصلب مَلِككم؟
١٢: فقالوا له: إن كنت تُطلقه فلست محبًّا لقيصر؛ لأن كل مَن يجعل نفسه ملكًا فهو عدو لقيصر.
١٥: فليس لنا مَلِك غير قيصر فاصلبه.
١٣: فلما سمع بيلاطس هذه الكلمة رأى أنه لا يستطيع عدم معاقبة يسوع.
متَّى، ٢٧: ٢٤: فأخذ ماء وغسل يديه قُدَّام الجميع، وقال: إني بريء من دم هذا الإنسان البار.
٢٥: فأجاب جميع الشعب، وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا.
لوقا، ٢٣: ٢٣: وكانوا يُلحُّون بأصوات عظيمة طالبين أن يُصلب، فقويت أصواتهم وأصوات رؤساء الكهنة.
يوحنا، ١٩: ٢٣: حينئذٍ جلس بيلاطس على كرسي الولاية.
متَّى، ٢٧: ٢٦: وأمر بجلد يسوع.
٢٨ و٢٩: فأخذه العسكر ووضعوا على رأسه إكليلًا، وأعطوه عصًا بيمينه، وألبسوه رداءً قِرْمِزيًّا، وطفقوا يهزءون به، وكانوا يجثون أمامه قائلين: افرح يا ملك اليهود، وبصقوا في وجهه، وأخذوا العصا وضربوه على رأسه.
يوحنا، ١٩: ١٦: وبعد ذلك أسلمه لهم بيلاطس ليصلبوه.
متَّى، ٢٧: ٣١: ثم نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه، وحمَّلوه صليبه ومضوا به إلى مكان يُسمَّى الجلجلة ليصلبوه.
يوحنا، ١٩: ١٨: فصلبوه هناك وصلبوا معه اثنين آخرين على جانبيه، ويسوع في الوسط.
لوقا، ٢٣: ٢٤: فقال يسوع: يا أبتاه اغفر لهم؛ لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون.
٢٥: وكان الشعب يمر أمامه ويهزأ به.
مرقص، ١٥: ٢٩: وكانوا يُحدقون عليه وهم يهزُّون رءوسهم قائلين: آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام.
٣٠: خلِّص نفسك وانزل عن الصليب.
٣١: وكذلك رؤساء الكهنة، وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكَتَبة، قالوا: خلَّص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يُخلِّصها.
٣٢: لينزل الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب لنرى ونؤمن، قلتَ: إنك ابن الله وأن الله لا يتركك، فلماذا قد تركك الله الآن؟ ثم إن واحدًا من اللذين صُلِبا معه كان يُعيِّره.
لوقا، ٢٣: ٢٩: وكان واحد من المذنبين المصلوبين يهزأ به قائلًا: إن كنتَ أنت المسيح؛ فخلِّص نفسك وإيَّانا.
٤٠: فأجاب الآخر وانتهره قائلًا: أفلا تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحُكم بعينه.
٤١: أما نحن فبعدل؛ لأننا ننال استحقاق ما فعلنا، وأما هذا فلم يفعل شيئًا ليس في محلِّه.
٤٢: ثم التفت إلى يسوع، وقال: اذكرني يا رب إذا أتيتُ في ملكوتك.
٤٣: فقال له يسوع: الحق أقول لكَ: أنكَ أصبحت الآن سعيدًا مثلي.
متَّى، ٢٧: ٤٦: ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع من شدة الآلام بصوت عظيم قائلًا: إيلي إيلي، لماذا شبقتني؟ أي إلهي إلهي، لماذا تركتني؟
٤٧: فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا ضحكوا، وقالوا: إنه ينادي إيليا، فلننظر هل يأتي إيليا وينقذه!
٤٨: ثم طلب يسوع ماءً ليشرب، فركض واحد من الحاضرين وأخذ إسفنجة وملأها خلًّا وجعلها على قصبة وسقاه، فلما ذاق الخل قال: يا أبتي قد انتهى كل شيء، وبين يديك أستودع روحي، ثم أحنى رأسه وأسلم الروح. ا.ﻫ.
•••
وكان الفراغ من تعريبه في اليوم التاسع من شهر أغسطس سنة ١٩٠٤ في مدينة القاهرة، وإني أرجو الذين يطلعون على كتابي هذا أن يسدلوا ذيل الستر على ما يرونه فيه من الزلل؛ لأن العصمة لله، وله الحمد أولًا وآخرًا.