أنا والآب واحد
طعام الحياة الحقيقي هو إتمام مشيئة الآب والاتحاد معه.
فحوى الفصل السابع
عندما طلب اليهود من يسوع أن يأتيهم بالبرهان على صحة تعليمه؛ أجابهم أن البرهان على صحة تعليمي هو أنني لست أُعلِّم من نفسي بل من تعليم أب الجميع، إني أعلم ما هو حسن لأب جميع البشر، فإذن يكون ذلك التعليم حسن للناس أيضًا.
اعملوا حسب كلامي، أتموا الخمس وصايا، وحينئذٍ تجدون أن تعليمي صحيح، إن إتمام الخمس وصايا يطرد الشرَّ من العالم، وذلك دليل على حقيقتها، ومما لا مراء فيه هو أن ذاك الذي لا يعلم من تلقاء إرادته، بل حسب إرادة الذي أرسله، فذاك دليل على أن تعليمه حق؛ إن ناموس موسى يأمر بإتمام إرادة الناس؛ ولذلك فإنه في كثير من مواضعه يناقض بعضه بعضًا، وأما تعليمي فهو يرشد الناس إلى إتمام مشيئة الآب، فإذن هو يرمي إلى غاية واحدة وهي الوحدة.
أما اليهود: فلم يفهموا كلامه، وسألوه أن يأتيهم بالبراهين المحسوسة الدالة على أنه المسيح الذي كُتِب عنه في الأنبياء، فأجابهم على ذلك: لا تبحثوا عمَّن أنا، وهل كتب أنبياؤكم عني أم لم يكتبوا؟ بل افقهوا تعليمي الذي أتكلَّم به عن أبينا العام، لا تُصدِّقوني كإنسان، وإنما صدِّقوا ما أقوله عن أب البشر؛ ولذلك لا تبحثوا عمَّن أنا ومن أين أتيت، بل اتَّبعوا تعليمي فتنالون به حياة حقيقية، لا يوجد برهان لتعليمي؛ لأنه نور، ولا يستطيع أحد إنارة النور، كما لا يستطيع الإتيان بالبرهان على حقيقة الحق، فتعليمي هو نور وحياة؛ ولذلك فلا يحتاج إلى برهان، وأما الموجود في الظلمة فذلك يمضي إلى النور.
فسأله اليهود أيضًا: من هو بحسب الجسد؟ فأجابهم: إني أنا ذلك الذي قلت لكم عنه أولًا، إنني إنسان ابن الآب الحياة.
ولكي تفهموا ما أقول يجب أن تعلموا أولًا: أن أبي ليس كأبيكم الذي تسمونه الله، إن إلهكم أب جسدي، وأما أبي فهو الآب روح الحياة، أبوكم الحقيقي وإلهكم هو قاتل البشر الذي يسعى في هلاكهم، وأما أبي فإنه يعطيهم الحياة.
ولذلك فنحن أولاد لوالدين مختلفين، أنا أفتِّش عن الحقيقة وأنتم تطلبون قتلي لترضوا إلهكم الذي هو شيطان أصل الشرِّ والضلال، فإذن أنتم تعبدون الشيطان، أما تعليمي فهو يتضمن أننا أبناء أب الحياة، ومن يؤمن بتعليمي ويعمل به ذلك لا يرى الموت؛ فقال اليهود: إن الموت مُحتَّم على جميع الناس، وهو يقول: إن الإنسان لا يموت، أليس أصفياء الله وأولياؤه كإبراهيم وداود قد ماتوا؟ فوجَّهوا الخطاب إليه قائلين: فكيف تقول: إنك والذين يؤمنون بتعليمك لا يموتون؟ أليس ذلك قول خرافة وسخافة؟
فأجابهم يسوع على ذلك: إني لا أقول شيئًا من نفسي، بل إني أتكلم عن ذلك الذي هو أصل الحياة الذي تسمونه أيضًا إلهًا والموجود في الناس، وإني أعرف هذا الأصل، ولا أستطيع إنكاره وأُتمم إرادته وأُصرِّح بأن هذه الأصل كان وكائن وسيكون، وأنه حيٌّ أزليٌّ لا يموت.
يوحنا، ٧: ١: وبعد ذلك كان اليهود يطلبون قتل يسوع، فمضى إلى الجليل، وأقام بين أقاربه.
٢: وكان عيد اليهود لنصب المَظال قد قرُب.
٣: فأخذ إخوة يسوع يستعدون للذهاب إلى العيد، فدعوه لكي يمضي معهم.
٥: ولم يكن إخوته مُصدِّقين لتعليمه، فقالوا له: إنك تقول: إن عبادة اليهود لله غير حقيقية، وإنك أنت وحدك فقط تعرف عبادة الله الحقيقية، فإن كنتَ كما تدَّعي فهلمَّ معنا لحضور العيد، حيث يكون خَلْق كثير، فيمكنك أمام ذلك الجمهور أن تُصرِّح بأن ناموس موسى كذب محض.
فإذا صدَّق الناس أقوالك؛ فحينئذٍ تلاميذك أيضًا يُصدِّقون تعليمك.
٤: ولماذا تختفي؟ أنت تقول: إن عبادتنا لله كاذبة، وأنك وحدك فقط تعرف عبادة الله الحقيقية فأظهرها للعالم الآن.
٦: فقال لهم يسوع: إن لكم أوقاتًا محدودة لعبادة الله في أمكنة خاصة، وأما أنا فليس لي وقت محدود، بل إني دائمًا أبدًا أعبد الله في كل مكان وزمان.
٧: وسأُظهِر للعالم بأن عبادتهم كاذبة وأعمالهم شريرة؛ ولذلك فإنهم يبغضونني من أجل ذلك.
٨: اصعدوا أنتم إلى العيد، وأما أنا فسأصعد حينما أريد.
٩: فصعد إخوته، وأما هو فلبث في الجليل ثم صعد هو إلى العيد عندما بلغ منتصفه.
١١: وكان اليهود في اضطراب يسألون عنه ويُوبِّخونه فيما بينهم؛ لأنه لا يحترم أعيادهم.
١٢: وكانت في الجموع مهامسة كثيرة بشأنه، فبعضهم يقولون: إن تعليمه صادق، وبعضهم يقولون: إنه كاذب يضلُّ الشعب.
١٤: وعند انتصاف العيد صعد يسوع إلى الهيكل، وشرع يُعلِّم الشعب؛ أن عبادتهم لله كاذبة غير مستقيمة؛ لأن عبادة الله لا تكون بتقديم الذبائح في الهيكل، بل يجب أن تكون بالروح والأعمال الصالحة وإتمام الخمس وصايا.
١٥: وكان اليهود يسمعونه ويتعجَّبون؛ قائلين: كيف يتكلم بمثل هذه الحكمة وهو لم يتعلَّم؟
١٦: فأجابهم يسوع، وقال: إن تعليمي ليس هو لي، بل للذي أرسلني.
١٨: إن من يتكلم من عنده؛ إنما يطلب مجد نفسه، فأما الذي يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق ولا كذب عنده.
١٩: إن ناموسكم الذي أعطاه لكم موسى ليس هو ناموس الله، وإن من يسير بموجبه فلا يتمم مشيئة الله؛ بل يقترف الشرَّ والكذب.
٢١: أنا أُعلِّمكم أن تُتمِّموا مشيئة الآب فقط؛ ولذلك يستحيل أن يكون تناقض في تعليمي.
٢٢ و٢٣: وأما ناموسكم الذي كتبه موسى فهو كثير التناقض والاختلافات.
٢٤: لا تحكموا بحسب الظاهر؛ بل بحسب الروح.
٢٥: فقال كثيرون: أليس هذا هو الذي يقولون عنه: إنه نبي كاذب؟ وها هو يُكذِّب الناموس علانية، ولا أحد يعارضه بشيء.
٢٦: ألعل الرؤساء تيقَّنوا أن هذا هو النبي الحقيقي وآمنوا به؟
٢٧: إلا أنه شيء واحد يجعلنا أن نرتاب في أمره، ذلك أن رسول الله لما يجيء، فلا يعلم أحد من أين هو، ولكن نحن نعلم من أين جاء هذا، ونعرف جميع أقاربه، ولم يفهم الشعب تعليمه؛ لأنه كان يطلب لذلك أدلة محسوسة.
٢٨: فقال لهم يسوع: إنكم تعرفوني بالجسد، وتعلمون من أين أنا، ولكنكم لا تعرفونني بالروح الذي أرسلني، مع أن معرفته يجب أن تكون قبل كل شيء.
٢٩: فلو قلتُ: إني المسيح لآمنتم بي بالجسد، ولكنكم لم تؤمنوا بالآب الموجود فيَّ وفيكم أيضًا.
٣٣: وقال أيضًا: أنا معكم بعد زمانٍ يسيرٍ أمضي بعده إلى الذي أرسلني، فما دمت معكم أُريكم الطريق المؤدِّي إلى ينبوع الحياة الذي خرجت منه.
٣٤: أنتم تسألونني أدلة محسوسة ثم تطلبون محاكمتي، فإذا كنتم لا تعلمون ذلك الطريق الآن فمتى ذهبتُ عنكم فلا تجدونه مطلقًا، لا يجب عليكم أن تحاكموني، بل يُطلب منكم أن تتبعوني، وأن من يعمل بحسب كلامي ذلك يعلم أن ما أقوله هو حقٌّ لا ريب فيه.
٣٨: إن من لا يُقدِّم الجسد طعامًا للروح ذلك لا يسعى إلى الحقيقة كالعطشان إلى الماء، وأما العطشان إلى الحقِّ والصدق فليأتِ إليَّ ويشرب، ومن يصدق تعليمي ينال الحياة الحقيقية.
٣٩: ذلك ينال حياة الروح.
٤٠: وكثيرون صدَّقوا تعليمه، وقالوا: إن كلامه هو نفس الحقيقة صادرًا من عند الله.
٤٢: وآخرون لم يصدِّقوا كلامه، وكانوا يُفتِّشون في كتب الأنبياء عن البراهين الدالة على أنه رسول الله.
٤٣: وكثيرون ناقشوه وجادلوه، فلم يستطِع أحد أن يفوز عليه.
٤٤: فأرسل الفريسيُّون إليه مساعديهم لكي يناقشوه ويجادلوه.
٤٥: ولكنهم عادوا إلى الفريسيِّين ورؤساء الكهنة، وقالوا لهم: إننا لا نستطيع أن نعمل له شيئًا.
٤٦: لأنه ما نطق إنسان قط بمثل ما نطق هذا الرجل.
٤٧: ألعلكم أنتم أيضًا قد ضللتم وصدَّقتم بتعليمه؟
٤٨ هل أحد من الرؤساء أو من الفريسيِّين آمن به؟
٤٩: وأما هذا الشعب فإنه ملعون؛ لأنه جاهل ويُصدِّق كل ما يسمع.
٥٠: فقال لهم نيقوديموس أحدهم الذي كان قد جاء إلى يسوع سرًّا وفهم تعليمه.
٥١: لا تجوز محاكمة إنسان قبل أن نسمع منه أولًا ونعلم ماذا فعل.
٥٢: فأجابوه: لا نريد أن نسمعه مطلقًا؛ لأننا نعلم أنه لا يقوم نبي من الجليل.
يوحنا، ٨: ١٢: ثم كلَّم يسوع الفريسيِّين مرة أخرى، وقال: إن تعليمي لا يحتاج إلى برهان، كما أن النور لا يحتاج إلى مصباح ينيره، إن تعليمي هو نور ساطع، يستطيع به الناس أن يُفرِّقوا بين الحقِّ والباطل، ومن يتبعني فلا يمشي في الظلام، بل تكون له حياة، فالنور والحياة هما واحد.
١٣: فقال له الفريسيُّون: أنت تشهد لنفسك وليست شهادتك حقًّا.
١٤: فأجابهم: وإن كنتُ أشهد لنفسي فشهادتي حقٌّ؛ لأني أعلم من أين جئتُ وإلى أين أذهب، وتعليمي يتضمن معنى الحياة، وأما تعليمكم فليس فيه شيء من ذلك.
١٨: وعدا ذلك فإني لست أُعلِّم وحدي، بل أبي الروح يعلم ذلك أيضًا.
١٩: قالوا له: أين أبوك؟ فقال لهم: إنكم لا تفهمون تعليمي؛ ولذلك فلا تعرفون أبي.
٢١: أنتم لا تعلمون من أين أنتم، ولا إلى أين تذهبون، إني أقودكم، ولكنكم بدلًا من أن تتبعوني تسألون عمَّن أنا؛ ولذلك لا تستطيعون أن تنالوا خلاص الحياة الذي أرشدكم إليه.
٢٢: ولذلك فإنكم ستهلكون إذا لبثتم على ضلالكم ولم تتبعوني.
٢٥: فسأله اليهود: من أنت؟ فقال لهم يسوع: أنا ذاك الذي كلمتكم عنه منذ الابتداء.
٢٦: أنا ابن البشر الذي أعترف بأن أبي هو الروح، وما علمته منه أُكلِّم به العالم.
٢٨: وعندما ترفعون ابن البشر؛ فحينئذٍ تعرفون أني أنا هو، وأني لست أفعل شيئًا من عندي؛ لأني إنسان، ولكن كما علمني الآب كذلك أقول، وبه أُعلِّم.
٢٩: والذي أرسلني هو معي، ولم يدعني وحدي؛ لأني أفعل ما يُرضيه كل حين.
٣١: إن من يثبت على كلمتي ذلك يُرضي الآب ويتعلَّم مني التعليم الحقيقي، ومن أراد أن يأتي إلى الحق عليه أن يصنع الخير للناس؛ لأن من يصنع الشرَّ للناس ذلك يحب الظلام ويمضي إليه، ومن يصنع الخير للناس ذلك يمضي إلى النور؛ ولذلك فمن أراد فهم تعليمي ما عليه إلا أن يصنع الخير والبر والإحسان.
٣٢: من يصنع الصلاح والخير يعرف الحق ويتحرر من الشرِّ والموت.
٣٤: لأن من يسير في الضلال يصبح عبدًا للضلال.
٣٥: والعبد لا يثبت في البيت إلى الأبد، وإنما الابن يثبت إلى الأبد، وهكذا فإن الإنسان إذا ضلَّ في هذه الحياة يصبح عبدًا لضلاله ويثبت في الضلال حتى يموت، ومن يثبت في الحق ذلك يثبت فيه إلى الأبد، والحق هو ألا يكون الإنسان عبدًا؛ بل ابنًا، وإذا أنتم لبثتم في ضلالكم فإنكم تصبحون عبيدًا وتموتون عبيدًا للخطيئة.
٣٦: وإذا أقبلتم على الحق؛ فإنكم تصبحون أبناء، وتحيون إلى الأبد.
٣٧: أنتم تقولون في أنفسكم إنكم ذُريَّة إبراهيم، وتعرفون الحق، ولكنكم تطلبون قتلي؛ لأنكم لا تفهمون كلامي.
٣٨: أنا أتكلم بما تعلَّمته من أبي، وأنتم تُعلِّمون بما تعلَّمتموه من أبيكم.
٣٩: أجابوا وقالوا له: إن أبانا إبراهيم، فقال لهم يسوع: لو كنتم بني إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم.
٤٠: لكنكم الآن تطلبون قتلي؛ لأني قلت لكم عمَّا فهمته من الله، وذلك لم يعمله إبراهيم؛ ولذلك فإنكم لا تعبدون الله، بل تعبدون أبًا آخر لكم.
٤١: فقالوا له: نحن لسنا مولودين من زنا، وإنما لنا أب واحد هو الله.
٤٢: فقال لهم يسوع: لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني؛ لأني خرجت من عند الآب، وإني لم آتِ من نفسي.
٤٣: إني وأنتم لسنا أبناء أب واحد؛ ولذلك فلا تفهمون كلامي؛ لأن ليس فيكم محل له، إذا كنت أنا من أب وكنتم أنتم من ذلك الأب لما كنتم تطلبون قتلي، وما دمتم تطلبون ذلك فلسنا أبناء أب واحد.
٤٤: أنا خرجت من أب الصلاح الذي هو الله، وأما أنتم فمن إبليس أبي الشر، وشهوات أبيكم تبتغون أن تعملوها، هو من البدء قتَّال وكذَّاب؛ لأن لا حق عنده، وإذا تكلم بالكذب فإنما يتكلم بما هو عنده؛ لأنه كذوب وأبو الكذب وعليه فأنتم خدمة إبليس وابنائه.
٤٦: هل أبصرتم كيف أنه من السهل توبيخكم على ضلالكم؟! فإذا كنت ضالًّا فوبِّخوني على ضلالي، وإذا لم أكن ضالًّا بل محقًّا فيما أقول فلماذا لا تُصدِّقوني؟
٤٨: فأخذ اليهود يشتمونه قائلين: إن به شيطان.
٤٩: أجاب يسوع: إنه ليس بي شيطان، لكني أُكرم أبي وأنتم تريدون قتلي؛ ولذلك فأنتم لستم إخوتي بل أبناء أب آخر.
٥٠: ولست أشهد لنفسي، بل الحق يشهد لي.
٥١: الحقَّ الحقَّ أقول لكم: إن كان أحد يحفظ كلامي؛ فلن يرى الموت إلى الأبد.
٥٣: مات إبراهيم، وأنت لا تموت! ألعلك أعظم من إبراهيم؟
٥٤: إن اليهود كانوا يبحثون فقط عن يسوع الجليلي؛ هل هو بالحقيقة نبي عظيم أو ليس كذلك؟ ولذلك لم يُوجِّهوا التفاتهم لفهم ما كان يكلمهم به، إنه لا يقول شيئًا من عنده؛ لأنه إنسان، ولكنه كان يتكلم عن الروح الحالِّ فيه، فقال يسوع: أنا لا أعمل شيئًا من عندي، بل أعمل أعمال أبي الذي تقولون أنتم: إنه إلهكم.
٥٥: لكنكم لم تعرفوه، وأما أنا فأعرفه، وإن قلت: لا أعرفه صِرت كاذبًا مثلكم، ولكني أعرفه وأحفظ كلامه وأتُمم مشيئته.
٥٦: إبراهيم أبوكم ابتهج حتى يرى يومي فرأى وفرح.
٥٧: فقال له اليهود: لم يأتِ لك بعدُ خمسون سنة، وكيف تقول: إنك رأيت إبراهيم؟
٥٨: فقال لهم يسوع: الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم كانت الكلمة موجودة.
٥٩: فأخذوا حجارة ليرجموه، لكنه توارى عنهم.
يوحنا، ٩: ١: وفيما هو في الطريق رأى رجلًا مظلمًا منذ ولادته، فسأله تلاميذه: من أخطأ حتى إن هذا الرجل منذ ولادته لبث مظلمًا، هل هو أم والداه لأنهما لم يُعلِّماه؟
٣: فأجابهم يسوع: لا هذا أخطأ، ولا أبواه، ولكن لكي تظهر أعمال الله لكي يحلَّ النور محل الظلام.
٥: فإذا وجد تعليمي؛ فإنه يكون نورًا للعالم.
٦ و٧: وأرشد يسوع الرجل المظلم (الجاهل) عن أنه هو ابن لله الروح، ولما فهم الرجل ذلك التعليم استنارت بصيرته بالنور الحقيقي.
٨ و٩: والذين كانوا يعرفون الرجل من ذي قبل أصبحوا لا يعرفونه الآن؛ لأنه تغيَّر تغييرًا يُذكر.
١١: فقال لهم: أنا هو بنفسي، ولكن يسوع أوضح لي بأني ابن لله؛ فانكشف لي النور، وأصبحت أرى ما لم أستطع رؤيته من ذي قبل.
١٣: فأتوا به إلى الفريسيِّين.
١٤: وكان اليوم سبتًا.
١٥: فسأله الفريسيُّون: كيف أصبح يدرك كل شيء مع أنه كان قبلًا جاهلًا جهلًا مُطبقًا؟ فأجابهم: لا أعلم، وإنما ما أعلمه أني أصبحت أُدرك وأفهم كل شيء.
١٦: فقالوا له: إن ما تفهمه الآن ليس من الله ولا عن الله؛ لأن يسوع فعل لك ذلك في السبت، وفوق ذلك فلا يستطيع رجل من العالم أن يُغيِّر أفكار الناس، وحصل بينهم انشقاق بسبب ذلك.
١٧: ثم سألوا الرجل الذي استنار بنور الحقيقة: ماذا تظن بيسوع؟ فأجابهم: أظن أنه نبي.
١٨: ولم يُصدِّق اليهود أنه كان قبلًا جاهلًا مظلمًا؛ فأصبح اليوم مُتنوِّرًا مُتعلِّمًا، فاستدعوا والديه وسألوهما عن ذلك قائلين.
١٦: أهذا هو ابنكما الذي منذ ولادته كان جاهلًا مُظلمًا، فكيف استنار بنور الحق الآن؟
٢٠: فأجاب والداه: نحن نعلم إن هذا ولدنا، وأنه وُلِد مظلمًا ولبث كذلك.
٢١: وأما كيف أبصر الآن فلا نعلم، إنه كامل السنِّ فهو يتكلم عن نفسه.
٢٢: فدعاه الفريسيُّون مرة ثانية، وقالوا له: صلِّ لإلهنا الحقيقي؛ لأن ذلك الرجل الذي أنار بصرك هو رجل من العالم وليس من الله، نحن نعلم ذلك حقَّ العلم.
٢٥: فأجاب الرجل الذي كان مُظلمًا: أمن الله ذلك الإنسان أم من غير الله؟ لا أعلم، وإنما أمر واحد أعلمه، وهو أني لم أكن أُبصر النور قبلًا، وأما الآن فإني أبصره.
٢٦: فقالوا له: ماذا صنع بك حتى جعلك تُبصر؟
٢٧: أجاب: قد أخبرتكم؛ فلم تسمعوا، فإذا كنتم تريدون أن تصيروا له تلاميذ فإني أُعيد على سماعكم ماذا صنع بي.
٢٨: فشتموه، وقالوا: كن أنت تلميذه، فأما نحن فإنا تلاميذ موسى.
٢٩: أجاب الرجل وقال: إن في هذا لعجب، إنكم لا تعرفون من أين هو؟ وقد جعلني أُبصر.
٣١: لأن الله لا يسمع للخُطاة، ولكن إذا أحد اتَّقى الله وعمل مشيئته؛ فإنه يستجيب له.
٣٣: ولم نسمع منذ الدهر: أن رجلًا ليس من الله يستطيع إنارة أفكار رجل مظلم، فلو لم يكن من الله لما استطاع ذلك.
٣٤: فغضب الفريسيُّون من كلامه وقالوا له: إنك جميعك منغمس في حمأة الضلال والآثام، وتريد أن تُعلِّمنا وطردوه خارجًا.
يوحنا، ١١: ٢٥: ثم قال يسوع: إن تعليمي هو القيامة والحياة، ومن يُصدِّقه، وإن مات بالجسد لكنه سيحيا فيما بعد، وكل من كان حيًّا وآمن بي؛ فلن يموت إلى الأبد.
١٠: ١: ثم علَّم يسوع الشعب مرة ثالثة، وقال: إن الناس يُقبلون على تعليمي ليس لأني أشهد له؛ لأن الحق لا يطلب شهادة، وإنما يُقبلون عليه؛ لأنه تعليم واحد، ويَعِد الذين يسيرون بموجبه أن ينالوا الحياة.
٢ و٣: إن تعليمي للناس معلوم، مثل صوت الراعي للخِرفان، فإنه عندما يفتح الباب ويدعوها تعرفه وتتبعه؛ حيث يقودها للمرعى.
٥: أما تعليمكم فلا يصدقه أحدٌ؛ لأنه غريب للناس الذين يرون: أنه مطابق لأهوائكم وأغراضكم، وهو للناس كذلك الرجل الذي لا يدخل من باب حظيرة الخِراف، بل يتسوَّر من موضع آخر؛ فالخِرفان لا تعرفه وتعلم أنه لصٌّ سارقٌ.
٧: أما تعليمي فإنه واحد حقيقي كالباب الواحد للخِراف.
٨: جميع تعاليمكم عن ناموس موسى كلها كذب، وجميعهم كاللصوص والسارقين للخرفان.
٩: من يتبع تعليمي يجد حياة حقيقية، كما أن الخرفان تخرج وتجد مرعًى إذا تبعت راعيها.
١٠: لأن السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويُهلك، وأما الراعي فيعطي الحياة للخِراف.
١١: يوجد رعاة يحافظون على الخرفان كمحافظتهم على ذواتهم، ويبذلون نفوسهم من أجلها، وهؤلاء رعاة صالحون.
١٢: ويوجد رعاة مستأجرون لا يهتمون بالخرفان، فيرون الذئب مُقبلًا فيتركون الخرفان ويهربون، فيخطف الذئب الخِراف ويُهلكها.
١٣: وهؤلاء رعاة أشرار، وعلى هذا المثال يكون المعلمون، فمنهم أشرار لا يهتمون بحياة الناس، ومنهم صالحون يبذلون نفوسهم من أجل حياة الناس.
١٤: أنا مُعلِّم صالح.
١٧: لأن تعليمي يرمي إلى غرض واحد وهو أن أبذل نفسي من أجل حياة الناس.
١٨: ليس أحدٌ يأخذها مني، ولكني أبذلها باختياري من أجل الناس؛ لكي ينالوا الحياة الحقيقية، وهذه الوصية قبلتها من أبي.
١٥: كما أن الآب يعرفني، وأنا أعرف الآب، وأبذل نفسي من أجل الناس.
١٧: من أجل هذه يحبني الآب؛ لأني أتمم وصاياه.
١٦: وجميع الناس يسمعون صوتي، ويتَّحدون جميعًا في واحد ويكون تعليمهم واحدًا.
٢٤: فأحاط به اليهود، وقالوا: كل ما قلته لنا يصعب علينا فهمه؛ لأنه لا يُطابق ما في كتبنا، فلا تُعذِّبنا أكثر، بل قل لنا علانية: هل أنت مَسيَّا الذي كُتِب عنه في كتبنا بأنه سيجيء إلى العالم؟
٢٥: فأجابهم يسوع: قد قلت لكم من هو أنا، فلم تُصدِّقوا، فإذا لم تُصدِّقوا كلامي فصدِّقوا أعمالي التي تشهد من أنا، والتي لأجلها جئتُ.
٢٦: ولكنكم لا تُصدِّقون؛ لأنكم لا تريدون أن تتبعوني.
٢٨: ومن يتبعني ويسير بحسب سيري، ويعمل طبقًا لكلامي؛ ذلك يفهم تعليمي.
٢٧: ومن يفهم تعليمي ويعمل به ينال الحياة الحقيقية.
٢٩: أبي قد جمعهم معي ولا يستطيع أحد أن يفرقنا.
٣٠: أنا والآب واحد.
٣٢: فاغتاظ اليهود، وأخذوا حجارة؛ لكي يرجموه.
٣٢: فقال لهم يسوع: إني أريتكم أعمالًا حسنة كثيرة من عند الآب، فلأي عمل منها ترجمونني؟
٣٣: فأجابه اليهود: إنَّا لسنا لعمل حسن نرجمك، بل لأنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا.
٢٤: فأجابهم يسوع: أليس هذا نفسه مكتوبًا في كتبكم؟ فقد كُتِب: إن الله نفسه قال للحكام الظالمين: إنكم أصبحتم كالآلهة.
يوحنا، ١١: ٢٥: ثم قال يسوع: تعليمي هو القيامة والحياة، ومن يؤمن به، وإن مات بالجسد؛ فإنه سيحيا فيما بعد، وكل من كان حيًّا وآمن بي؛ فلن يموت إلى الأبد.
١٠: ٢٠: فوقع أيضًا بين اليهود شِقاق، فقال بعضهم: إن به شيطان.
٢١: وقال آخرون: إن من به شيطان لا يستطيع أن يُنير أبصار الناس.
٢٩: ولم يدرِ اليهود ما يصنعون به؛ لأنهم لم يمسكوا عليه شيئًا يستحق من أجله المحاكمة.
٤٠: وذهب أيضًا إلى الأردن، ومكث هناك.
متَّى، ١٦: ١٣: وسأل يسوع مرة تلاميذه قائلًا: أخبروني؛ كيف يفهم الناس تعليمي عن ابن الله وعن ابن البشر؟
١٤: فأجابوا: إن البعض فهموا تعليمك كما فهموا تعليم يوحنا سواء بسواء، وبعضهم كما فهموا نبوَّات أشعياء، وآخرون قالوا: إن تعليمك يشبه تعليم النبي أرمياء؛ وعليه: فالجميع يعتقدون أنك نبيٌّ.
١٥: فقال لهم: وأنتم كيف تفهمون تعليمي؟
١٦: فأجابه سمعان بطرس: على رأيي أن تعليمك يدل دلالة واضحة على أنك ابن إله الحياة المختار، وأنك تُعلِّم أن الله حياة موجود في الإنسان.
١٧: فقال له يسوع: سقيًا لك يا سمعان؛ لأنك فهمتَ ذلك، وأنه ليس إنسان كشف لك ذلك؛ لأن الله الموجود فيك، كشف لك عن ذلك، ولستُ أنا بتعليمي كشفت لك عن ذلك، بل الله أبي كشف لك ذلك مباشرة.
١٨: وعلى فهمك هذا سيوضع أساس لجماعة الذين سيختارهم الله من بين الناس الذين لا يذوقون الموت.