حياتنا والتليفزيون
جميل جدًّا أن نناقش الثقافة في صحافتنا، أنا شخصيًّا أحس بانتعاش كلما فتحت جريدة أو صحيفة ووجدت مشكلة ثقافية حقيقية مطروحة للبحث، فلا تُناقَش الثقافة إلا في مجتمع بدأ يرفع رأسه عن مشكلات أكل عيشه الملحَّة الخالدة.
وجميل جدًّا أن نناقش مشاكل المثقفين — ومنهم الكُتاب — في صحافتنا؛ إذ معنى هذا أننا تخطينا حدود التلقائية وبدأنا نُعنى بالمستقبل ونحسب لأصحابه كل حساب، وهو أيضًا مشغولية الشعوب إذا بدأت تنضج وتعد للغد منذ ساعات اليوم الأولى، ولكن — يا لها من «لكن» غريبة لا بد أن تدخل في كل مناسبة وكل موضوع — ولكن رغم ترحيبي الشديد بمناقشة القضايا الثقافية العليا، ابتداءً من مشكلة الكتاب ومشكلة الترجمة ومشكلة كتابة التاريخ وكل تلك المشاكل التي يتعرض لها البرنامج الثاني للإذاعة مشكورًا، رغم ترحيبي الشديد بمناقشة القضايا الثقافية الرفيعة كما يقولون، إلا أنني لا أستطيع ولا غيري يستطيع أن يغض الطرف عن حقيقة العصر الذي نحيا فيه ويدرك أن مسلسلة واحدة من مسلسلات الإذاعة أو التليفزيون تبث كمية «ثقافة» أو في معظم الأحيان «أنتي ثقافة — ضد ثقافة» أكبر بكثير من كل ما كتبه طه حسين وتوفيق الحكيم والعقاد وأثَّروا به في مثقفي مصر والعالم العربي منذ أوائل هذا القرن إلى الآن، ذلك أن جماهير هؤلاء الأساتذة الكبار جميعًا لا يمكن أن تكون قد تعدَّت ربع مليون «مثقف»، وهم ربع مليون بالغ ثقافيًّا ولا خوف عليه البتة من رأي خاطئ أو قلق خاطر، بينما جمهور أي مسلسلة إذاعية أو تليفزيونية لا يمكن أن يقل وبأي حال من الأحوال عن أربعة ملايين، وفي وقت مركَّز واحد لا يزيد عن الشهر، وإذا — كما يُقال — نجحت المسلسلة وأُخِذت للسينما أو للمسرح «أو العكس» فإن جماهيرها تتضاعف، وهي جماهير الخوف عليها شديد؛ إذ هي أرض عذراء لم يُخَطَّ في عقلها أو وجدانها خط ثقافي واحد، وما سوف تراه ستتأثر به تأثرًا خطيرًا جدًّا يؤثر في حياتها وفي سلوكها، وفي النهاية في صياغة مجتمعنا نفسه وقيمه وما يمكن أن يكون له من «عيب» أو «حرام». كذلك نفس الشيء بالنسبة للجدد أو الناشئين، فمناقشة قضايا الكُتاب الناشئين والأجيال الجديدة من خالقي الكلمة مسألة هامة وخطيرة جدًّا، فإذا كانت الأوضاع القاسية التي يواجهها هؤلاء الجدد — براعم مصر؛ الخيال والإبداع والعبقرية — مهدَّدة بواسطة السدود العالية التي تحول بينها وبين الوجود المؤثِّر كأصحاب منابر في ساحتنا الأدبية والثقافية؛ إذا كان هذا الوجود مهددًا بالتوقف واليأس والانطواء على أنفسهم نتيجة عدم وجود طريق ثابت ومعروف لنشر إنتاجهم وعرضه على كبار النقاد وإبداء الرأي فيه وإذاعته وإشاعته بين الناس وضمان استمراره وتدفقه تاركين الأمر للمجهود — أحيانًا البدني — الخاص وقدرة هذا الشاب أو ذاك على اقتحام استحالات النشر وحيدًا دون أن يُزوَّد بأي سلاح إلا سلاح المعرفة الشخصية لناقد إن وُجدت، أو لمشرف على صفحة أدبية، وهيهات. إذا كان هذا هو الحادث وهو الحادث فعلًا، فإنه لوضع خطير؛ إذ نحن في عصر لم يعد يصلح فيه أن يُقال: إن الموهبة الحقيقية لا بد أن تظهر مهما كانت الظروف المحبطة المحيطة بها. في عصر أصبح القارئ والمتلقي ليس فردًا وإنما ملايين، وأصبحت وسائل النشر ليست في يد أفراد وإنما في أيدي مؤسسات ضخمة عريضة يقف أمامها المبتدئ وحيدًا متسائلًا عن الطريق لاقتحام هذه «الليقياتانات» الضخمة، في عصر كهذا لا يمكن أن يترك أمر ظهور الأديب لمجهود أقلام الصحوة مثلًا في الإسكندرية أو الطباعة على الجستتنر والبالوظة لإظهار كاتب، فما بالك بحركة أدبية جديدة قد تختلف في قليل أو كثير عن المدارس الأدبية المسيطرة على أمور النشر في صحافتنا! صحيح أن الصفحات الثقافية والأدبية في جرائدنا ومجلاتنا في أيدي شباب، ونقاد الأدب في الصحافة كلهم من الشباب وكلهم حماس لإنتاج الشباب وتقديم الشباب، ولكن الأمر لا يزال إلى الآن متروكًا للصدفة المحضة وقانون المعرفة الشخصية وأحيانًا الاستلطاف الشخصي، في حين أن تجدد الأدب والثقافة والفكر، وتوالي ظهور الجديد في كل فرع، مسائل في حاجة إلى طُرق علمية وجادة وشاملة لاكتشاف النبوغ وإشهاره ورعايته.
ورغم هذا فالمشكلة فقط ليست مشكلة الكتابة الجديدة والكتاب الناشئين والجدد. من حسن حظ هؤلاء أنهم كُتاب ويمتُّون إلى الكتابة وأن مشكلاتهم على الأقل تُناقَش على صفحات الجرائد وفي الأركان الأدبية التي يُشرف عليها شبان، ولكني — وأنا أتكلم عن الشباب والجديد — أنظر إلى الموضوع بمنظور الشعب كله والمجتمع كله بحيث لا بد أيضًا أن نتكلم عن الأطباء الشبان والمهندسين الشبان والفنانين التشكيليين الشبان والمدرسات الشابات والممرضات والعالمات الشابات والباحثين والباحثات الشبان، أتكلم عن الشباب كقطاع يُشكِّل ما لا يقل عن الخمسة عشر مليونًا من سكان مصر، جدد، يخوضون المستنقعات والوحول من أجل الوجود وإثبات الوجود، وأيضًا دون أن يأخذ بيدهم أحد، بل وحتى دون أن نسمع لهم صراخًا أو نتلقَّى منهم شكاوى، باستطاعة الكاتب الناشئ أن يناقش مشكلته في ركن الأدب، ولكن المهندس الناشئ والصحفي الناشئ والرسام الناشئ معاركهم تدور في صمت وبطولة، ولهذا فمعدل الخسائر كبير وبلادنا تكاد تُدار لمصلحة الأجيال الكبيرة فقط، والمطلوب مشاركة حقيقية وأصيلة في إدارة كل أمور حياتنا، وليس المشاركة فقط من أجل المشاركة وإنما المشاركة لكي يتَّسع حاضر اليوم وواقع اليوم والمعمول به اليوم لأفكار واختراعات وابتكارات وأرواح الشباب؛ إذ هو فترة الخصوبة في حياة الشعب وبدونها يئول المجتمع وتئول قوى الإبداع فيه إلى عقم — أو بالقليل — ترهل وضعف شديدين.
•••
ولهذا فحين أناقش مشكلة الثقافة في مجتمعنا لن أناقش طه حسين وتوفيق الحكيم والعقاد، سأناقش أسماء لا أحفظها إلى الآن ولم تعْلق بذاكرتي، ولا أملك تعدادها؛ فهي أولًا كثيرة، وثانيًا وهذا هو الغريب الخطير، لا يحفل بها كثيرًا متلقي هذه الثقافة نفسها وإن كان لها أكبر الأثر والخطر، ليس على حياته فقط وإنما على الحياة في مصر كلها.
حين نناقش الثقافة في مصر أفضِّل أنا أن أناقش الثقافة للملايين تلك التي يتلقاها شعبنا من خلال الإذاعة والسينما والتليفزيون. أناقش الثقافة التي يتلقاها الطفل والصبي من النادي وملاعب الكرة والمدرسة وإلى حدٍّ ما، وفي ذيل القائمة، الصحافة.
ذلك أن المسألة في رأيي ليست مناقشة.
المسألة أصبحت مسألة حياة أو موت.
إما أن نغير ثقافتنا تلك وإما سيحدث لنا شيء أخطر بكثير مما حدث لسادوم فالمسألة قد وصلت الحلقوم.
أو بالأصح قد وصلت الأوضاع إلى حد أن بدأت الثقافة السائدة وقد تلقفتها جموع المواطنين تهتدي بها في حياتها اليومية وفي حركتها؛ بدأت هذه الثقافة تشلنا وتمنعنا منعًا عن الحركة بل وبدأت تستحيل إلى سهام مرتدة إلينا. انظر إلى سلوك الجمهور مثلًا يوم مباراة الزمالك والمصري في بورسعيد، انظر إلى الشارع من حولك إن كنت تركب سيارة أو أتوبيسًا وكيف تتوقف الحركة فيه تمامًا؛ لسوء السلوك، وما سوء السلوك سوى ثقافة خاطئة لُقِّنت لأذن صاغية. انظر لسلوك الموظف والعامل وسلوك الموظفات والعاملات في أي موقع عمل، تجد … ما الداعي أن أخبرك وأنت أدرى مني بما ترى.
الواضح لكل منا ولأي زائر لبلادنا وأي قادم عليها من غيبة أن ثمة تغيرًا خطيرًا قد حدث لسلوك الشارع المصري، وليس فقط الشارع، البيت المصري والمسرح المصري والاستاد والسينما وكل مكان فيه بشر.
وأعتقد أن لا حاجة بنا لمناقشة علاقة الثقافة بالسلوك فهي قضية محسومة ولا داعي للخوض فيها، إن الثقافة هي كل ذلك الجزء المكتسب من العقل البشري، وبمعنى أدق كل ما يُضاف إلى عقل الطفل منذ أن يولد صفحة بيضاء لم يُخَط فيها حرف إلى حين يموت، وقد استحالت تلك الصفحة إلى كتاب ضخم دوِّنت فيه كل كلمة سمعها الإنسان أو قرأها أو تسرَّبت إليه.
والأجيال الشابة التي نراها في كل مكان هي أجيال وسائل الإعلام الضخمة؛ فالتليفزيون دخل الحياة المصرية في عام ١٩٦٠م، وكانت الإذاعة والسينما قبله؛ أي أن هذه قد عاصرت السنوات الأولى التي ربَّت وصنعت قيم كل الجيل الشاب وربما المتوسط في حياتنا.
وسلوك الجماهير والأفراد في مصر كان مختلفًا تمامًا قبل هذا التاريخ. كان المجتمع يتلقى ثقافته من الكتاب ومن البيت من الأب والأم، ومن المدرس ومن أفلام السينما ومن المربِّين السياسيين والاجتماعيين الذين كانوا لا يعانون من أزمة مساكن أو غلو أسعار أو البحث عن النقود بأية وسيلة وطريقة. كان مجتمعًا متوازنًا سكانه على قدر طاقته الثقافية والتربوية.
وإذا عرفنا أن دخول عصر وسائل الإعلام الضخمة قد صاحبته عملية الانفجار السكاني الرهيبة التي حدثت في نفس الوقت تقريبًا بحيث أفلت الزمام تمامًا، وأصبحت طاقاتنا الثقافية والتربوية وكم الرعاية والانتباه الذي نوليه للنشء أقل بكثير من عدد السكان. خفَّت أيدي المنزل والمدرسة والكتاب والمجلة كثيرًا وتركت ملايين الأطفال والصِّبية لوسائل الإعلام الهائلة تربيهم وترعاهم وتعلِّمهم التصرف والسلوك.
وهنا بدأت المشكلة.
•••
- المحور الأول: هو المادة التي يقدمها أو لا يقدمها «وهذا هو الغريب» التليفزيون.
- والمحور الثاني: هو المحور غير المباشر الذي يحدث دون قصد من العاملين فيه.
فإذا أخذنا المحور الأول، وتوقَّفنا عند مشكلة ما يقدمه التليفزيون سنجد بداية المأساة؛ فالتليفزيون باستطاعته ومن واجبه أن يقدم لنا كل شيء يخطر على قلب بشر، وهو يفعل هذا في البلاد الأغنى منا، تلك التي تملك مالًا وقدرات بشرية وتنفيذية تستطيع رصد ما يحدث في العالم كله وتقدمه بالصوت والصورة، ونستطيع عرض كل التراث المسرحي والسينمائي وعرض التاريخ والحقيقة باستطاعة التليفزيون أن يكون بديلًا عن حياة بأكملها وعن تعليم بأكمله من الروضة إلى أرفع درجات التخصص العلمي، ومَن المربي العبقري الذي يُربِّي بالإشارة واللمحة والطريق غير المباشر إلى المربي الفج الممقوت كما يحدث في بعض البرامج عندنا.
لهذا، فما كان يمكن أن يقدمه التليفزيون المصري كثير؛ فمن أروع وأبسط مبادئ البرامج التليفزيونية في العالم الغني برنامج الجامعة التليفزيونية، وفيه تقدم كل العلوم التي تفتق عنها ذهن البشر بحيث يستطيع أي مشاهد أن يختار أي فرع منها ويتخصص فيه بل ويُمنح شهادة بالضبط مثل الشهادات التي تقدمها الجامعات بحيث يحصل بها على عمل ويشق طريقًا جديدًا في الحياة.
كان مفروضًا أن يكون هذا ألف باء أي تخطيط لبرامجنا التليفزيونية في بلد تصل الأمية فيه إلى ٧٥٪ كان واجبنا الأول أن نمحو به أمية الأُميين، وواجبنا الثاني أن نأخذ بيدهم حتى يتخرج في الجامعة التليفزيونية من يشاء.
وبدلًا من هذا اكتفينا من الغنيمة بتعليم المتعلمين فعلًا.
لهذا وبدلًا من أحلام اليقظة ومناقشة ما كان يمكن أن يقدمه التليفزيون لنناقش ما يقدمه فعلًا فهو الأجدى والأنفع.
وسوف نبدأ بأخطر ما يقدمه هذا الساحر الغريب. المادة الدرامية تلك التي تنقسم إلى أفلام قديمة ثم المسرحيات ثم المسلسلات التليفزيونية؛ ذلك لأن البرامج المباشرة أو التي تقدم الثقافة المباشرة هي أقل البرامج تأثيرًا في سلوك الناس أو في ثقافتهم ليس لضعفها والعياذ بالله إنما برغم جودتها الرفيعة في بعض الأحيان مثل برنامج أمسية ثقافية، وسخافة بعضها مثل ذلك المُسمَّى عالم الأدب أو دنيا الأدب أو الثقافة، لا أعرف، والذي لم أرَ في حياتي برنامجًا ثقافيًّا له هذا الموات وثقل الدم بحيث يجعلك تكره الثقافة والأدب. هذه البرامج المباشرة هي أقل البرامج تأثيرًا في المتفرج لأنها مباشرة ولأن باستطاعة المشاهد مناقشتها ومناقشة قضاياها عقليًّا، أما الآثار الثقافية والتربوية والسلوكية الخطيرة فهي تلك التي تتسرب من الشاشة إلى الجمهور تسربًا غير مباشر تسربًا ضمنيًّا.
خُذ مثلًا تسريحة شعر المذيعة أو طريقة ابتسامتها، إنها أول ما تعلم، تعلم الأجيال الجديدة الكذب. الكذب على الجسم بابتكار شعر صناعي لا علاقة له بالجمال الطبيعي الصادق وتسريحة لا تليق بمذيعة تظهر في جهاز إعلامي واسع الانتشار — في حين أن المذيعة مفروض أن يكون همها الأول هو الإتقان الكامل للموضوع الذي تقدمه أو تتحدث عنه بحيث لا تربك المشاهد بالغريب من التسريحات والأزياء. وأن تختارها أبسط وأذكى ما يكون. ثم هذه الابتسامة التي يعرف الجميع أن لا داعي لها مطلقًا؛ إذ ما معنى أن أبتسم وأنا أقول: وإليكم الآن نشرة الأخبار، إلا بهدف أيضًا أن «أصطنع» تعبيرًا أو عاطفة خاصة حين لا يكون ثمة شيء يدعو للابتسام أو العاطفة.
من اللحظة الأولى لبداية تقديم البرامج إذن تبدأ عملية الاصطناع يقول بها التليفزيون إن كل ما سوف ترونه صادر ليس عن تقديم الحياة الصادقة التي نحياها ونعرفها جميعًا، ولكننا ومن الآن إلى منتصف الليل سنقوم بعملية تقليد للحياة، متقن أو غير متقن هذا لا يهم، المهم أننا سنقدم حياة مقلَّدة.
وبما أن الدرس الأول الذي يتلقَّاه الطفل من أبويه هو ألا يكذب أو يصطنع أو يزوِّر فمعنى هذا أننا مع بداية البرنامج نبدأ الدرس الثقافي الأول: اكذبوا واكذبن.
ويا له من سلوك، ذلك الذي سوف يتمخض عن درس أول كهذا.
وقبل أن أتحرك خطوة أخرى في اتجاه رؤيا جديدة للتليفزيون في حياتنا، أرجو من كل الإخوة والأخوات العاملين والعاملات في التليفزيون وعلى رأسهم واحدة من ألمع شخصياتنا النسائية المعاصرة القادرة والمثقفة — أن يأخذوا كلماتي نفس المأخذ الذي قصدته بها. فلنبطل جميعًا حكاية إننا «نشتم» أو «نمدح» فالمسألة ليست برنامجًا ناجحًا أو برنامجًا يفشل أو مذيعة طبيعية ومذيعة بباروكة، بل ليست — حتى التليفزيون كله — كوسيلة توصيل واتصال، المسألة أكبر من هذا بكثير، المسألة حياتنا كلها وضرورة أن يعاد تقييمها ورؤيتها على ضوء جديد حتى نستطيع تغييرها وتسييرها وقد أدت إلى ما يُشبه الوقوف. القضية أكبر وأعم وأشمل قضية شعبنا؛ قيمه وسلوكه ومنغصات حياته، وما كنا نأخذ التليفزيون باعتباره المثل الأكبر والأوضح والمتاح إلا لخطورته العظمى وانتشاره وإلا لأنه الوسيلة التي حين نناقشها يتمكن المواطن العادي الذي لا يقرأ كتابًا ولا جريدة أن يتابعها، ويكفي العاملون والعاملات بطولة أنهم يعملون في وسط ظروف نلمس في تلك الساعات القليلة التي نزور فيها التليفزيون ضيوفًا أو سائحين كم هي شاقة وصعبة.
كلُّ ما في الأمر أننا نريد، معًا، جمهورًا وعاملين، أن نتغير، ولأن لا بد لكي نتغير أن نُغيِّر، فمن واجبنا إذن أن نقبل أن تناقش أعمالنا على الملأ، وفي المرات القادمة أرجو أن نتمكن من مناقشة الدراما في التليفزيون بحيث نصل بها إلى ما نريد، كذلك بقية المواد، ومن التليفزيون إلى الصحافة إلى المسرح إلى السينما إلى المدرسة إلى النادي لا بد من إعادة النظر، وبقوة، فلا بد أن هناك حياة أخرى جديرة بنا، ومن المحتم أن نصل إليها، ولا يمكن أن نسمح بتوقف الحركة في حياتنا مثلما تتوقف الحركة أحيانًا، ولسوء السلوك في شوارعنا.