هل وجودنا المصري محاصر؟!
مثلما كانت لدينا يومًا قريبًا ما أزمة تعبير، إلى الآن لم نتجاوزها تمامًا، فالذي أستطيع أن أؤكده أن لدينا أزمة أخطر هي أزمة حوار، وإذا كانت كلمة أزمة تقترن في أذهاننا دائمًا بأنها شيء سيئ، أزمة مساكن، أزمة مواصلات … إلخ. فكلمة الأزمة حين تقترن بالحوار هي الوحيدة بين الأزمات التي حين لمستها عن قرب سعدت بها، ذلك أنها تعني أننا بدأنا نعود إلى لغة الحوار والعودة للتحاور كلامًا وكتابة تعني أننا كففنا عن التحاور صدامًا وعنفًا، تطرف في العقيدة عند الشباب يردُّ عليه بالإجراء البوليسي أو العقاب من قِبل الحكومة، معارضة تصطدم فيُقب عليها وتُخرس ألسنتها وتُغلق جرائدها، أو يحدث ما هو أخطر وينشأ صمت رهيب والصمت معناه استنفاد حتى وسيلة التصادم ومعناه التحفز وكل ما يمكن أن يعقبه من انفجار.
العودة للتحاور علامة صحة، بل في رأيي علامة تفاؤل؛ فأنت لا تحاور ولا تسأل شخصًا أنت قد فقدت الأمل فيه، إنك لا توجِّه الأسئلة مهما كانت جارحة وشائكة إلا لأن عندك ثقة أنك على الأقل ستظفر بجواب، مهما كان رأيك فيه ومهما غضبت منه فالمعنى الواضح لإصغائك له، ولو لكي تثور عليه أن عندك أملًا أكيدًا أن تساؤلك غير موجَّه إلى مذنب أو متهم؛ فنحن لا ندخل في حوار مع من قررنا أنهم مدانون أو متلبسون ومجرمون.
العودة للتحاور والتساؤل إذن علامة على نبذ لغة بدائية غير متحضرة والدخول في مرحلة إنسانية على الأقل ووسيلتها متمدينة.
أما أن هناك أزمة حوار فتلك حقيقة واضحة جلية، ومثلما أن أزمة المرور سببها الكم الهائل من السيارات التي تتزاحم ليكون لها أولوية السير، وضيق قنوات المرور، فأزمة الحوار، عند شعبنا كله، وبالذات عند شبابنا سببها كثرة الأسئلة المطروحة، وإلحاحها، وتزاحمها في العقول وعلى الألسنة، وضيق قنوات الاتصال الكائنة بين السائلين والمسئولين، وندرة الظفر بجواب، هذا إذا تم الظفر بجواب أصلًا؛ فعدد الذين يملكون القدرة على الإجابة قليل جدًّا، وكمُّ الأسئلة هائل جدًّا، ولقاء الشباب بالمسئولين الذين يستطيعون أو يملكون الحق في الإجابة أحداث نادرة في حياتنا السياسية والشبابية، وتكاد فُرص اللقاء تنحصر في الندوات التي تُخصَّص لقيادات شباب الحزب الوطني الحاكم، فما بالك بقواعده الشبابية، وما بالك بشباب المعارضة أليس لهم نفس الحق في طرح الأسئلة والظفر بإجابات بل ربما تكون حاجتهم لهذا أكثر حدة وإلحاحًا، بل ما بالك بجماهير الشباب وجماهير الشعب عامة والوزراء لا يلتقون بهم وحتى أعضاء مجلس الشعب والشورى لا يجتمعون بهم إلا إذا اقترب موعد الترشيح والانتخاب، مسألة لا تحدث إلا كل خمس سنوات مرة.
والخميس الماضي قضيتُه في الإسكندرية في ندوتين في مجالين مختلفين: تمامًا إحداهما كانت مع قطاع من قطاعات المرأة، وكنت أتحدث فيها عن أهمية أن تكون المواطنة امرأة أو بمعنى أعم أهمية وخطورة المرأة في حياتنا باعتبارها في أي مجتمع هي المسئولة الأولى في رأيي عن أي تقدم يحدث وأيضًا مسئولة عن تخلف أي مجتمع إذا عمَّه التخلف، ومسئوليتها تلك تزاولها من خلال نظرة المجتمع لها، ضيقها أو اتساعها، ومن خلال كم الحرية المسئولة الممنوحة لها، ولأنها قضية هامة جدًّا، وخطيرة ونحن غير منتبهين لها أبدًا وتعتبر قضية المرأة عندنا وكأنها نوع من تحصيل الحاصل أو أنها لا تشكل أهمية حتى لدى المرأة نفسها مع أننا لو عرفنا لأدركنا أن ثلاثة أرباع ما نشكو منه من مشاكل لن تحل، وأكرر لن تحل إلا على يد المرأة المصرية أو على الأقل بمشاركة متحمسة وصادقة وإرادة منها، أقول لأنها قضية هامة تمامًا وموضوع مستقل فأرجو أن أتمكن من بحثها في مرة عاجلة قادمة.
الندوة الأساسية كانت في كلية الآداب وكان الأستاذ الدكتور عاطف غيث عميد الكلية قد تفضل وجعلها ندوة مفتوحة حضرها جمهور عريض من شباب كل الكليات ومن مثقفي ومحامي وأطباء الإسكندرية.
وكان اللقاء حافلًا.
حافلًا بالنسبة لي أيضًا؛ فأنا لا أذهب لهذه اللقاءات لكي أتخذ وضع الحكيم المرسَل، وأنا أذهب أولًا وأتحمس للذهاب لأستقبل وأتعلم وأتواصل مع جماهير شعبنا. لقد انتهى تمامًا عصر الكاتب الحِرَفي الذي يُجيد صناعة القصة أو المسرحية أو يديج المقالات من منزله أو برجه، كاتب العصر الحديث قد أصبح أكثر إدراكًا لوظيفته الاجتماعية كمساهم في خلق الضمير العام يعيش قضايا الناس وكأنها قضاياه الخاصة، يأخذ من الناس ويعطي الناس ويعلم ويتعلم ويكتشف ويستلهم مواضيعه. وحتى أشكاله الفنية المتطورة، والطليعية وهو داخل أحضان شعبه سامعًا دق قلبه مطمئنًّا على نبضه مفتوح العينين تمامًا على كل كبيرة وصغيرة من أمور حياته وهمومها، أفراحها وعثراتها، فمن الشعب حيًّا ومنتجًا يستمد الكاتب حياته ومن اجتهادات الناس الذاتية في الإبداع يستلهم ويوحى إليه بما لم يكن مطلقًا يستطيع الوصول إليه لو قضى عشرات السنين في صومعته وأمامه الأكوام من أدوات المنبهات والمغيبات، مثلما كان الناس قديمًا يتصورون حياة «التفنين». لقد سمعت من عجوز معاصر لسيد درويش في الإسكندرية أن ذلك الموسيقار العبقري كان يهوى التجول في شوارع الأنفوشي وغيرها من الأحياء، يستمع إلى نداءات الباعة الجائلين على بضاعتهم، ويتأمل طريقة كل منهم ومغزاها ومرماها، وأن كثيرًا من ألحانه الفذة قد تفتقت عنها قريحته وهو سائر يتابع صوت بيَّاع عنب أو تين، ويصف بضاعته بكلماته المنتقاة الخاصة وكيف يحولها إلى نداء وغناء. بالطبع لم يكن سيد درويش يقتبس ما يسمعه كما قد يُساور البعض وإنما مجرد وجوده في هذا الاحتشاد الشعبي المغني الحي كان يحرك طاقة الإبداع والخلق فيه فتنفجر عنه ومن ينبوعه الدرويشي الخاص مادة فنية كان لا يمكن أن تتدفق إلا بمثل تلك المعايشة للأصل في كل شيء، الشعب.
وأنا لا أريد الحديث عن كثرة الأسئلة التي دارت عقب الندوة التي كان موضوعها الوجود المصري الحالي إلى أين؟ والتي حاولت فيها أن أوضح أننا ومنذ اليوم الأول لمحاولتنا أن ننفض جبال التخلف وأن ننطلق في عصرنا الحديث الذي بدأ منذ ما يقرب مائتي عام، تلك الانتفاضة التي جعلت المصريين خلال ما يقل عن الربع قرن يصنعون السلاح والأساطيل ويبنون الجيش الحديث والطب الحديث والهندسة الحديثة، وفي أقل من خمسة وعشرين عامًا يطرقون أبواب الآستانة عاصمة الإمبراطورية العثمانية بعنف وتصل الجيوش إلى قلب أفريقيا مطبِّقة فكرة الوحدة بلغة ذلك الزمان موغلة في تطبيقها إلى الجزيرة العربية مشتبكة في معركة القرن الرهيبة والتي تكاتفت فيها أساطيل كل دول العالم الكبرى في ذلك اليوم، تصوروا أسطولًا يبنيه ويسلحه المصريون في ترسانتهم التي تحولت الآن إلى ملعب كرة قدم، يبنون أسطولًا هو المقابل للسلاح الجوي في القرن العشرين، تحتشد أساطيل بريطانيا وفرنسا القوتين العظميين في ذلك الوقت مع الأسطول العثماني وحلفاء آخرين، أي كانت المعركة دائرة بين مصر وحدها من ناحية وبين كل أوروبا (أي كل العالم).
منذ ذلك اليوم بنت الاستراتيجية الغربية سياستها على أساس إبقاء مصر في حالة حصار أو تحجيم. وما تاريخ المائتي عام إلا تاريخ المحاولات المصرية الدائبة من أجل فك الحصار ورفع الرأس، الحركة التي لا تكاد تبدأ حتى تستشري وحتى تسرع الدولة الأقوى في المعسكر الأوروبي على توجيه ضربة قاضية جديدة للوجود المصري لكي تعود بلادنا وشعبنا إلى حالة الحصار والتحجيم، ثورة عرابي محاولة لفك الحصار بالخديعة والرشوة والخيانة تم وأدها، لم تكد تمضي خمسة وثلاثون عامًا أخرى حتى بدأت مصر تدمدم وتستجمع قواها وتثور ثورة ١٩ وكان لا بد من استعمال سلاح أخبث لاحتواء الثورة وإفشالها وإعادة الحصار من جديد، ولعبت إنجلترا بالحركة الوطنية لعبة الحكم وصراع القط والفأر بين حزب الأغلبية الوطني الوفدي وأحزاب الأقلية المصطنعة والمدعومة من الإنجليز والقصر، ولكن، ورغم هذه اللعبة الجهنمية لم تكد تمضي ثلاثون عامًا أخرى حتى انتفضت مصر بثورة يوليو التي غيَّرت من تاريخ مصر والعرب وأفريقيا وحتى وصل نفوذها إلى أمريكا اللاتينية وكل العالم الثالث، وأكثر من ضربة مجهضة وُجِّهت للثورة حتى جاءت ضربة قاضية في ٦٧ لإعادة الحصار والتحجيم، ولأن الثورة رغم الهزيمة العسكرية كانت لا تزال مستعرة فلم تكد تمضي ست سنوات على الهزيمة حتى انتفض الجيش المصري وكاد لولا التآمر ووقوف أمريكا بجلالة قدرها كلها مع إسرائيل أن تصل إلى قلب إسرائيل نفسها وتحل القضية الفلسطينية بالمرة.
وكان لا بد من تكتيف الأسد هذه المرة وليس فقط محاصرته وتحجيمه، وبالسلام الذي لم تحترمه إسرائيل يومًا كتفونا، وعلى لسان الرئيس مبارك قال بنفسه إن إسرائيل وهي تعد العدة لغزو لبنان وضعت أولًا معظم جيشها ١٦ أو ١٧ فرقة على حدودها الجنوبية معنا في صحراء النقب وتجاه سيناء المنزوعة السلاح بحكم معاهدة السلام لكي ينطلق الجزء الأصغر من جيشها يعربد ويقتل ويجتاح لبنان ويدك بيروتنا ويقتلع المقاومة منها ويذبح تحت سمع وبصر تعهد أمريكي مكتوب بضمان سلامة المدنيين بعد جلاء رجال المقاومة، يذبح الفلسطينيين العزل في صابرا وشاتيلا ويضرب بقرار «الشريك الكامل» في كامب ديفيد عُرض الحائط وتعهده له وتجتاحه حمَّى اغتصاب الأرض وإجلاء أصحابها وبناء المستوطنات وبالعافية والقوة الغاشمة «يفاوض» اللبنانيين، وشريره الجبان شارون يأمر بخصي أي شاب عربي يتمرد في الضفة أو في غيرها.
وليس هذا هو نوع الحصار الوحيد؛ فهو ليس حصارًا ولا تحجيمًا سلاميًّا فقط ولا عسكريًّا فقط، ولكنه عربي واقتصادي أيضًا، والغريب في الأمر أن مصر وهي تتململ محاولة بكل ما يملك المحاصر من قدرة وقوة أن تفك هذا الحصار، الغريب أن كثيرًا من الدول العربية التي يستعملون في وصفها كلمة معتدلة تصرُّ — لا تزال — على إبقاء مصر على وضعها ذاك، ناسية أو متناسية أو ربما متأكدة أن هذا هو ما تريده إسرائيل بالضبط، إبقاء العزلة والقطيعة والتلكؤ في إعادة العلاقات والإصرار على إلغاء كامب ديفيد أولًا وهم يعلمون تمامًا أن هذا معناه الدخول فورًا في حالة حرب مع إسرائيل. مصر بوضعها المحاصر الحالي وبحكم قرار الدول الثلاث بريطانيا وفرنسا وأمريكا أن يكون التوازن العسكري والسلاحي باستمرار لصالح إسرائيل بحيث أن يتفوق سلاحها وجيشها على كل سلاح وجيوش الدول العربية مجتمعة. يعلمون تمامًا هذا ويصرون على هذا الشرط المعجز، بل ويصرون على الحصار الاقتصادي أيضًا؛ فالمال العربي يُستثمر في كل مكان إلا في مصر، ولبنان حريصون هم ونحن أيضًا على عضويته في الجامعة العربية بينما لبنان الرسمي يتفاوض فعلًا مع إسرائيل ولم يطالبه أحد بقطع هذه المفاوضات كشرط لإبقائه عضوًا في الجامعة ولم يقاطعه أحد، العكس هو الصحيح والبحث دائب عن كيفية دعم الموقف اللبناني ومساعدته على إعادة بناء نفسه.
وأنا لا أسوق هذا الكلام من قبيل العتب أو اللوم ولكن لأوضِّح فقط مقدار الحصار المضروب حولنا، وكأن قوة مصر معزولة عن القوة الذاتية العربية وكأن إضعافها ليس إضعافًا للعرب عامة، وكأن الزمن ليس عاملًا مهمًّا أبدًا، فلتعد العلاقات بعد سنة بعد خمس بعد عشر، ليس هناك وجه أبدًا للاستعجال فالعجلة من الشيطان.
وإسرائيل سعيدة تمامًا إذ عجلة الشيطان، شيطانها، تدور مع الزمن، ولصالحها وهي الأخرى، مثل سوريا، ليست في عجلة من أمرها ومن أمر الجلاء عن لبنان، ما هذا الوضع العبثي؟ ولمصلحة مَن؟ وهل هذا هو الرد على موقف مصر من الغزو الإسرائيلي للبنان، ومن الحرب بين العراق وإيران وعلى رفضها الباتِّ لأية قواعد عسكرية أجنبية ستصوِّب مدافعها عبر البحر الأحمر، وصمودها، وإصرارها ألا تخرج من الحصار، ساعدنا أحد أم لم يساعدنا إذ هو أمر لا نملك له ترددًا أو تأجيلًا، وإذا كانوا يريدوننا أن نختنق بأصابع مطبقة على رقبتنا من الخارج وفي تنسيق غريب مع أصابع أخرى تحكم القبضة من الداخل فإن مصير الحصار إلى زوال؛ فخمسة وأربعون مليون إنسان لا يمكن أن تحاصرهم حفنة، وإذا كانت «الموضة» السائدة هي أن يُنقب خلف كل خطأ في حروب مصر مع إسرائيل أو سياستها وسياسيِّيها أو حتى في صميم قضاياها الداخلية دون أن يجرؤ كاتب مصري أو سياسي مصري أو صحفي مصري على أن يخدش حياء أي نظام حكم عربي أو يشير إليه بأصبع ماسَّة، فإني سأسمح لنفسي أن أفض ستار النفاق هذا وأقول إن الدول العربية ترتكب خطأً أكبر بهذا الموقف المساعد تمامًا لحالة الحصار المضروبة حول مصر، وأن ما قامت به مصر إلى درجة سحب سفيرها وإعلان عدم عودته إلا بجلاء إسرائيل عن لبنان لموقف لا يمكن أن يتجاهله ويتجاهل المعنى السياسي الذي وراءه إلا أناس عن عمد يريدون أن تظل مصر بعيدة عن وضعها العربي الطبيعي ليبقوا هم وحدهم أبطال وقادة الأمة العربية. حسن جدًّا. ليبقوا قادة أمة لا مثيل لما وصلت إليه من ضعف بفضل هذا الموقف. ولكني أقولها وأنا مؤمن تمامًا بعروبتي وإيماني بمصريتي وبشرقاويتي أنه موقف تستنكره الشعوب العربية كلها من المحيط إلى الخليج، وإذا كان قِصَر النظر لدى البعض يجعلهم يعتقدون أن من الممكن أن يكسب العرب بدون مصر قضية العرب فإنهم بهذا يعتبرون ضد القضية العربية نفسها ولحساب العدو إن كانوا حقيقة يعتبرون إسرائيل عدوًّا ويصرون في إذاعتهم لدى الإشارة إلى إذاعة إسرائيل: قالت محطة إذاعة العدو. حاربوا إسرائيل إذن ما شئتم بعداوتها إذاعيًّا، وحاربونا فعلًا بالحصار الذي تضربونه حولنا فهو الوضع المثالي لضياع القضية الفلسطينية والقضية العربية، ومن قال إنها قضايا تهمُّكم خارج إطار كلمة إذاعة العدو.
يا بعض الحكام العرب، هذا موقف واضح عار لا تخفيه ورقة توت ولا صوت إذاعي جهير يندد بالعدو، هذا موقف ستحاسبون عليه بشدة، ويوم الحساب قريب.
ولن نستطيع هذه المرة، لاعتبارات المساحة، أن نناقش، نطرح ونناقش الأسئلة الخطيرة التي أُثيرت في ندوة كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ففي المرة القادمة إن شاء الله سأختار عددًا من أدق الأسئلة التي يريد الشباب ويلحُّ أن يعرف عنها إجابات، وفيها — في تلك الأسئلة — سأقول رأيي، وإلى الأسبوع القادم بإذن الله.