الفصل الأول
مُناجاةُ الناظم لنفسه
أَعِرْني منكَ يا هاروتُ١ سِحْرا
فإنَّ به يَراعي اليوم أحرى
أَفِضْهُ عليَّ إلهامًا يداوي
جمودَ قريحتي فتَسِيل بحرا
وأوحِ به إليَّ ودَعْه يجري
على قلمي ويقطر منه قطرا
أتى حينٌ عليَّ صمتُّ فيه
وذُدتُ عن الكلامِ النفسَ قَسْرا
وقلتُ لها القريض تنكَّبِيه
وعنه أجملي يا نفسُ صبرا
وحبلُ الشعر غلَّك فاقطعيه
بتاتًا وابْدلي بالوَصْل هجرا
ألستِ تَرَيْنَ رَبْعَ القول أقْوى
وأصبح نُزلُه المعمورُ قَفْرا
وبات بيانُه عيًّا وأمستْ
فصاحتُه كما تَدْرين حَصْرا٢
وقد أغمضتُ عينَ الحَصْر عمدًا
ولستُ بسائلٍ لي عنه عُذْرا
لأنَّ الحصرَ بالتسكين أَوْفى
من التحريك بالمعنى وأَجْرى
مضى زمنُ التنافُس بالقوافي
وحُلْوُ الشعر بالأفواه مُرَّا
إذن فاسْلِيه تاركةً هواه
لمفتون على غَيٍّ أصَرَّا
١
في الأثر أنَّ هاروتَ وماروتَ كانا مَلَكَيْن في بابل يُعلِّمان السِّحْر.
٢
الحصر بالتحريك العيَّ، وقد عُلِّل التسكين في البيتين التاليين.