الفصل العاشر
هجوم الأتراك على قناة السويس
وكانتِ الحكومة العثمانية قد بعثتْ بجمال باشا وزير بحريتها إلى سورية، وولَّتْه قيادة
جيوشها العامة، فأخذَ يتأهَّب في بئر سبع للهجوم على مصر، وفي شهر يناير سنة ١٩١٥ سيَّر
جيشًا
مؤلَّفًا من ٢٥ ألف مقاتل بقيادة الجنرال فون كروس الألماني، فاجتازَ حدود شبه جزيرة
سيناء
عن طريق نخل، واحتلَّ قطية في ٢٩ منه، واستأنف الزحف قاصدًا قناة السويس، وفي ٣ فبراير
بلغتْ طلائع الجيش المهاجِم شفَةَ القناة الشرقية، ونشبت بينهم وبين حُماتها معركةٌ شديدة
أسفرتْ
عن انكسار المهاجِمين ورجوعهم يتعثَّرون بأذيال الخيبة والفشل، وقد خسروا عددًا كبيرًا
من
القَتْلى والجرحى والأسرى.
وممَّا الاتحاديون كانوا
أطاعوا فيه للألمان أمرا
إغارتُهم على مصرٍ ففيها
يُسام الإنكليز أذًى وضرَّا
فتُفْلِتُ مصرُ من يَدِهم ويمسي الطـ
ـريق إلى بلاد الهند وَعْرا
كذا ظنُّوا، وكان الظن هذا
عليهم كلُّه إثمًا ووِزْرا
وأنور في تعسُّفه تمادي
وظلَّ على ضلالته مُصِرَّا
عليه الغيُّ ران ومن فروق
١
أراه في الكرى أهرام مِصرا
فرام حيازَ مصرَ وإنَّ مصرًا
لأمنعُ مِن جبين اللَّيْث قطرا
بظلِّ حُماتها الممدود عَزَّتْ
على مَن رامَها فانصاع قصرا
وعصبة أنور اشتُرِيَتْ بمالٍ
عليها مِن سما الألمان درَّا
فباعتْهم نفوسًا أرهقوها
فكانتْ أرخص السلعات سعرا
وقد ولَّوْا قيادتَها جمالًا
وقالوا اشْطُرْ بها سيناء شطرا
وجُزْها قاذفًا بالجيش عبر الـ
ـقناة ومصرَ خُذْها مستقرَّا
فلبَّاهم جمالٌ في غرورٍ
وشمَّر للكريهة مُزْبَئِرَّا
٢
وزجَّ بجيشه في تِيهِ سينا
يُسام صدًى وإعياءً وحَرَّا
وظلَّ الجيش يَطْوِي البِيد حتى
له خطُّ القناةِ بدا فكرَّا
وحاوَلَ أن يجاوزها ولكن
سيوف حُماتها دحَرَتْه دحرا
وغشَّتْه القنابل من ثغور الـ
ـمدافع فاتحاتٍ فيه ثغرا
فسلَّم بعضُه فنجا وبعض
قتيلًا أو جريحًا ثَمَّ خَرَّا
وباقيه أدارَ لمصر ظهرًا
وشمَّر ذيله هربًا وفرَّا