الفصل الحادي عشر
اقتحام الدردنيل
وكان الحلفاء قد أقرُّوا على فتح الدردنيل والبسفور عنوةً للاتصال بروسيا من الجنوب،
وتسهيل إرسال العُدَد والأسلحة إليها، واستيراد الغلال منها، واتفقوا أن يهاجم قلاعَ
الدردنيل
أسطولٌ بريطاني كبير، ومعه جانبٌ من الأسطول الفرنسوي، وكان الشُّروع في ذلك يوم ١٩ فبراير
سنة
١٩١٥، واستؤنف يوم ٢٥ منه، وفي اليوم التالي الْتَقَطَتِ السفن الألغام المبثوثة في مدخل
المضيق،
واجتازتْه بعض البوارج، وجدَّدتْ إطلاق المدافع على حصونه، ثمَّ كرَّرتْ ذلك يوم ٤ مارس،
وشدَّدتِ الضرب في ٦ و٧ منه، وظلَّتْ تتقدَّم فيه، وتدمِّر بمدافعها الضخمة البعيدة المرمى
الحصون التي على جانبيه إلى يوم ١٧ منه، أصابتْ بعض الألغام العائمة مدرَّعتين إنكليزيتين
ومدرَّعة فرنسوية فأغرقتْها، وكان ذلك خاتمة الهجوم.
وصرَّ
٣ فأودع الآذانَ وَقرًا
٤
ففيه بوارجُ الحلفاء قامتْ
ترومُ إلى فروق به ممرَّا
له اقتحمتْ رواسيَ شامخات
تُناطِح منه طودًا مشمخرَّا
مجانِقُها رمَتْه ولم يكن ما
رمَتْه به حصًى بل كان جَمْرا
قذائف لو أصَبْنَ صميمَ صخرٍ
أصمَّ أذَبْنَه سحقًا وصهرا
دككْنَ حصونَه الأولى فباتت
وأوغَلَتِ الدَّوارعُ فيه تمْشي
إلى أبراجِه الوسطى السِّبَطْرى
٦
وأصلَتْها قنابلَ ماطِراتٍ
لها بالنار والفولاذ مطرا
فقاضتْها وإذْ كادتْ تُذِيق الـ
أخيرة ضربها الأحمى الأحرَّا
أصابتْ بعضَها متفجراتٌ
من الألغام فيه بُذِرنَ بذرا
فكنَّ ككهرباء يشعُّ منها الضـ
ـياءُ إذا لها لامَسْتَ زرَّا
وذلك الانفجار حمى عبور الـ
ـمضيق وعن فروق الخوفَ سَرَّى
به نُسِفت ثلاثُ مدرَّعاتٍ
كمثل عصافةٍ
٧ بالريح تُذرَى
وأعوزهم على العسرِ اصطبارٌ
ولو صبروا قليلًا صار يسرا
فظلَّ الدردنيل كما نراهُ
طليقًا من قيود الأَسْر حُرَّا