الفصل الثاني عشر
وصف غزوة غليبولي
وبعد غزوة الدردنيل عزمتِ الحليفتان بريطانيا العظمى وفرنسا على إنزال جنودهما في
شبه
جزيرة غليبولي لتدويخها، والزحف منها برًّا على الآستانة.
وكان الجانب الأكبر من جيش هذه الغارة بريطانيين، معظمهم من الأستراليين والنيوزيلنديين
الذين كانوا قَبْلًا في مصر، وكان القائد العام الجنرال السير إيان هملتن.
ففي ٢٥ أبريل سنة ١٩١٥ نزلوا في غليبولي بحماية الأسطول، وعلى رغم ما اعترض نزولهم
من
المصاعب الطبيعية ومقاومة الأتراك الشديدة، احتلُّوا عدة أميال من تلك الأماكن الوَعْرة
الحصينة، ودارتْ بينهم وبين الأتراك ومَن معَهم من الألمان عدة معارك شديدة في كريتيا
وساري
باير وإتشي بابا وخليج سوفلا وغيرها. وقد بلغتْ خسارة تركيا فيها بأقل تقدير ثلاثة أضعاف
خسارة الحلفاء،
١ وكانت أكبر ضربة أصابتْ جيشَها في هذه الحرب.
وفي ٨ ديسمبر سنة ١٩١٥ شرع الحلفاء في الجلاء عن غليبولي، فأتمُّوه في ١٩ و٢٠ منه؛
أي بعد
ما أقاموا فيها نحو ثمانية أشهر.
إليكِ غَلِبُّلي من مصرَ تُطْوَى
تحيَّتُنا فتحكي المسكَ نشرا
وإن ضاعتْ
٢ فلا عجبٌ لأنَّا
ليومِك حافظون أجلَّ ذكرى
ففيه البأس خطَّ على روابي
بطاحكِ بالدم المهراق سطرا
تلاه الخافقان وسوف تبقى
له الدنيا مدى الأيام تَقْرا
وأيًّا كان قارئه نراه
بترديد السلام عليكِ مُغرى
يعظِّم من غُزاةِ حِماكِ شأنًا
ويرفع من حُماةِ حِماكِ قدرا
وشتْكِ يد الربيع فلُحتِ روضًا
وكان لروضك الجيشان زهرا
وكنتِ لجرأة الجيشين مجلًى
وكنتِ لنخبة الجيشين قبرا
كلا الجيشين أظهر فيكِ بأسًا
كساه وزادَه شرفًا وفخرا
فذاك مهاجِمًا جلَّى اقتحامًا
وفاقَ بسالةً وامتاز كرَّا
أتى أبطال أنزك
٣ ما أطم الـ
ـوَرَى رَوْعًا وغشى الأرض بهرا
فحقُّ نيوزلندا وأُستراليا
بهم أن تشمخا عِظمًا وكبرا
وهذا في الدفاع أرى ثباتًا
أفاد الصخرَ كيف يكون صخرا
وعنكِ بطعنةٍ نجلاءَ بكرٍ
تلقَّى طعنةً نجلاء بكرا
حماكِ كما أردتِ فعظِّميه
ووفِّي حقَّه مدحًا وشكرا