الفصل الرابع عشر
دخول إيطاليا في الحرب
في أول مايو سنة ١٩١٥ أعلنتْ إيطاليا خروجَها من المُحالَفة الثلاثية، وشهرتِ الحرب
على
النمسا، واجتاز جيشُها التخوم النمسوية في ٢٤ منه، وأخذ يتغلَّب على مصاعب يتعذَّر على
القلم
وصفُها، وفي ٧ يونيو زحفتْ جنودُها نحو تريستا، فاستَوْلتْ على منفلكوني في ٩ منه، وعلى
كستلنوفو
في ٢٨ منه، وهاجمتْ غوريتزا في ٢ يوليو، وكان ذلك بداءة معارك الأيسنزو الشهيرة التي
تكرَّرتْ
فيها هجمات الإيطاليين، فأبدَوْا من ضروب البسالة والكرِّ والإقدام واقتحام الأخطار،
والصبر على
احتمال المشقَّات وتذليل أكبر الصعوبات؛ ما أدهش العالَم قاطبةً ونالوا على أعدائهم
انتصارات باهرة.
بينا أبطال الرُّوس عن الـ
ـكربات تصدُّ وترتدُّ
ترتدُّ مُدافعةً وعليها
الضغط يزيد ويشتدُّ
يشتدُّ وفي بولندا يد الـ
ألمان تطول وتمتدُّ
تمتدُّ وفي التنكيل بها
ما أجدى السعيُ ولا الجهدُ
سلَّ الإيطاليون لها
صمصامًا أظمأهُ الغمدُ
قطعوا حبل الجرمان وفي
أن يتبعوا الحلفا جدُّوا
والحرب على النمسا شهروا
فذَكَتْ واشتدَّ لها وقدُ
واجتازوا حدَّ الإيسنزو
بعزائم ليس لها حدُّ
بكتائبَ فوق بيارقها
كتبت «ألنصر أو اللَّحْدُ»
كالسيل انصبَّتْ جارفةً
وطمَتْ لا يُوقِفها سدُّ
يتهيَّبُ جانبَها الأُسْدُ
وغدَتْ تتوقَّل
٢ في قُنَنٍ
٣
ما بعدَ تعاليها بَعْدُ
عنها ينصاعُ الفكرُ عيًا
والطرف كليلًا يرتدُّ
لو حلَّق نسرٌ يقصدها
لارتدَّ وأعجزَه القصدُ
فيها المتنِصَّت يسمع حو
ل العرش ملائكَهُ تشدو
والراصدُ للأفلاك بلا
منظارٍ يمكنه الرصدُ
هذي لتسوُّرها الإيطا
ليون عزائمهم شدُّوا
فرأَوْا قُدَّام طلائعهم
عقبات أسهلها نَجْدُ
وجيوش النمسا زادتها
تحصينًا ليس له ندُّ
فيكون مهاجمُها هدفًا
لمخاطرَ أيسرُها الصدُّ
لمدافعَ تقذف من فمها
برقًا يتخلَّلهُ رعدُ
وسيول قنابل إن لطمت
طودًا يندكُّ وينقدُّ
وركام الثلج تحيط بها
كالجِيد يُطوِّقه العِقدُ
هذي إن ينجُ مهاجمها
من نارٍ يهرأهُ البرد
أمَّا الإيطاليون فما
رهبوا الأخطار ولا ارتدُّوا
وإذِ اقتحمتْ أبطالهم الـ
أطواد قواعدها هدُّوا
وعليها استَوْلَوْا لم يدفع
عنها التحصينُ ولا الجندُ
ولسوف تظلُّ بسالتهم
أثرًا يحتاط به المجدُ
وبها يبقى ذكر الإيطا
ليين يفوح له نَدُّ