الفصل الثاني
ردُّ نفسه عليه
فقالتْ لي رويدَكَ لا تسُمْني
تحمُّلَ ما يكون عليَّ وِقْرا١
أفي وقتٍ كهذا تقتضيني السـ
ـكوت ولو سكتُّ لمتُّ قهرا
تحرِّضني عليه وأنت منِّي
لأعلم باستحالتِه وأدْرَى
ولو مثلي افتكرتَ به قليلًا
لما صوَّبتَ فيه قطُّ فِكرا
ومَن يكُ يستطيع اليوم قولًا
ويسكت يُستخفَّ به ويُزرَى
أأسكتُ والجمادُ يئزُّ حولي
ويهدر طالبًا للنطق مجرى
وأنت؟ وأنت من لحمٍ ودمٍّ٢
تظلُّ على سكوتك مستمرَّا
أتُسْكِتني وفي الدنيا اضطرابٌ
شديدٌ قلْقَلَ الأرضين طُرًّا؟!
ألم تَرَ هول هذي الحرب غشَّى
محيَّاها فأدْجَن واكفهرَّا؟!
وناب جمادها فعراهُ ذعرٌ
فجلجل من جراه واقشعرَّا
ألم تسمع حديث الناس عنه
يُكرَّر مرة ويُعاد أخرى
صداه مُردَّدٌ في كل نادٍ
وكلُّ فمٍ به كَلِفٌ ومُغْرى
فإنْ تعرض فليس سواه يُشرى
وإن تكتب فليس سواه يُقرا
وسلك البرق لا يهتزُّ إلا
به فيذرُّه في الأرض ذرَّا
وإنْ يكُ كلُّ هذا غير كافٍ
لرفع القَيْد عنكَ فلستَ حرَّا
وإلا فاجلُ ذهنك يصفُ واشحذ
يراعَك يمضِ منصلتًا مُكِرَّا
وخطَّ به على القرطاسِ شعرًا
يزفُّ إلى نُهى القُرَّاء سِحْرا
١
حِملًا ثقيلًا.
٢
لغة في دمٍ مخففة.