في ١٤ مايو سنة ١٩١٦ هجم الجيش النمسوي هجومًا عنيفًا على الإيطاليين في ترنتينو،
واضطَرُّوا
الجيش المدافع أن يتقهقَرَ أمامَه جالِيًا عن عدة مُدن وقُرًى وحصون، وكانت روسيا تتأهَّب
لهجوم كبير
على النمسا، وقد ضربتْ له موعدًا في أول شهر يوليو، ولكنها عجَّلتْ فيه إغاثةً لإيطاليا،
وولَّتِ الجنرال برسيلوف قيادة جيشها العامة في الجنوب الشرقي، فهجم في ٤ يونيو هجومًا
واسعًا
من مستنقعات بربيت إلى حدود رومانيا، فاجتاح بيكوفينا وجانبًا كبيرًا من غاليسيا، وأسر
في
ثلاثة أشهر نحو ٤٠٠ ألف، وبهذه الوسيلة اشتدَّ ساعِدُ الإيطاليين، فكرُّوا على النمسويين
واستولَوْا على غورتيزا، وتقدَّموا في الكارسو.
رأتْ دولة النمسا التقادير سائرةْ
على مشتهاها وهْي بالرُّوس ظافرةْ
توهَّمتِ النصر الذي نِيلَ أنَّه
على يدها مع أنها عنه قاصرةْ
وقد نسيَتْ تعضيد ألمانيا التي
على روسيا كانتْ لها هي ناصرةْ
وظنَّتْ على إيطاليا الكرَّ ممكنًا
فكرَّتْ تُمنِّي النفس بالنصر باشرةْ
ولكنْ جيوش الروس كانتْ تأهَّبت
وصارتْ على استئنافها الحرب قادرةْ
فهبَّتْ لها من كل حدْبٍ وأزمعتْ
على البطش بالنمسا إليه مبادرةْ
وكان برَسِيلوف الشهير يقودها
فكرَّتْ سيوفَ العزم والفتك شاهرةْ
وشنَّتْ على الأعداء أصدق غارةٍ
مُضَعضِعةً منها قواها وقاهرةْ
وكالتْ صفوف النمسويين ضربةً
بها انقطعتْ أوصالها متناثرةْ
وردَّتْ على الأعقاب من أرض روسيا
طلائعها منكودة الجِدِّ عاثرةْ
تفرُّ وبَرْسيلوف يُنضي وراءَها
ركائب جُرْدٍ بالفوارس طائرةْ
يشدُّ عليها بالطِّراد مغادرًا
عزائمها من وطأةِ الضغط خائرةْ
تحاول بالفرِّ النجاة من الردى
فلا تجد المنجى فترتدُّ حائرةْ
ولما رأتْ أنَّ النجاة تعذَّرتْ
وأنَّ سراياها إلى الهُلكِ صائرةْ
وأنَّ إليها كيدها لمصوَّبٌ
وإنَّ عليها الدائرات لدائرةْ
وأنَّ كماة الروس تغشى غليسيا
عليها لِوا التدويخ والفتح ناشرةْ
وتحتلُّ فيها أشهر المدن والقرى
لها فِرَق الغازين كالسيل غامرة
لأنهارها مجتازةً وحصونها
مقوِّضةً حتى المضايق عابرةْ
رأتْ عُبر عينيها لما تم نشرها
له أذُنيها
١ فانثنتْ عنه خاسرةْ
ولبَّت نداء الآمِرين لها بأن
تدين بتسليم إلى الروسِ صاغرةْ
فسلَّم منها في ثلاثة أشهر
جماهير كانتْ بالحياة مُقامرةْ
ومجموعها بالعدِّ عشرون فرقةً
لها روسيا في ساحة الحرب آسِرةْ
وذلك نصرٌ رنَّ في الأرض ذكره
وسكَّان روسيا تهادَوْا بشائرَهْ