الفصل السادس
غزوة الألمان للبلجيك
في ٣ أغسطس سنة ١٩١٤ اجتاز الألمان حدود البلجيك، وهاجموا حصون لياج، وفي السادس منه دمَّروا ثلاثة منها، وفي اليوم التالي دخلوها، وفي ١٥ منه أسقطوا بقية حصونها، وفي ١٧ منه انتقلتْ حكومة البلجيك من بروكسل إلى إنفرس، وفي ٢٠ منه دخل الألمان بروكسل، ثمَّ دوَّخوا نامور، واكتسحوا معظم بلاد البلجيك، وغادروها هي وأهلها في شرِّ حال.
على البلجيك ما ذُكرتْ سلامٌ
يفوح فيملأُ الأفواهَ عطرا
يُشنِّفُ إذْنَ سامعِه صداه
ويشرح منه إذْ يتلوه صدرا
سلامٌ لا أرى في الأرض طرًّا
بنفحته من البلجيك أحرى
ومَن أولى به منها وفيها الـ
ـفخارُ أقام والشرف استقرَّا
أتتْ في حفظها لهما فِعالًا
تنال بذكرها مدحًا وشكرا
فعالًا في سجل الدهر أضحتْ
تدوَّن كلُّها سطرًا فسطرا
وفيها ذكر أهل الأرض هذي الـ
ـبلاد يظلُّ حيًّا مستمرَّا
•••
بلاد في سبيل المجد ضحَّتْ
بأغلى ما به الأمجاد تُشرى
بأرواحٍ وإن كرُمتْ وعزَّتْ
رأتْها دون ما صانتْه قدرا
أراد الخائن الغدَّارُ منها الد
خولَ إلى فرنسا كي يَكِرَّا
ورام بها المرورَ فأنذرَتْه
بأن يرتدَّ عنها لا يمرَّا
ولَمَّا أنْ رأتْه غير صاغٍ
لها وعلى المرور بها مُصرَّا
تصدَّتْ غير خائفةٍ لصد الـ
ـمُغير تُذيقُه منها الأمرَّا
وذي نامور شاهدةٌ لها بالـ
ـجهاد وقد تكون لياجُ أدرى
•••
بلادٌ كالجنان غدت مثار الـ
ـوغى ولبُؤْسها صارتْ مقرَّا
وباتتْ كلُّها قَفْرًا يبابًا١
وكانت في رُبى العمران زهرا
وإقليم كغارِ الليث أضحتْ
دماءُ بَنِيه فيه تُراق هدرا
تحمَّل من يد الألمان ما لو
عرا صخرًا لكان أذاب صخرا
ومطمار٢ الفناء امتدَّ فيه
وغادره من الفتيان صفرا
وأوسع أهله الباقين ضيقًا
وتنكيلًا وإرهاقًا وقهرا
وجرَّ وراءه ثُكْلًا ويُتمًا
وترميلًا لهم وهلمَّ جرَّا
فهذا نادبٌ لأبٍ وعمٍّ
وذي زوجًا وتلك ابنًا وصهرا
ويا ويل الظلومِ فسوف يلقى
عقابًا عبرةً يبقى وذكرى!
١
خرابًا.
٢
خيط البنَّاء.