الفصل التاسع
دخول تركيا في الحرب
قضى الاتَّحاديون القابِضون على زمام السلطة الحقيقية في تركيا ثلاثة أشهر يتحفَّزون
لجرِّ
دولتهم إلى الحرب تلبيةً لدعوة ألمانيا، وعلى رغم تكرار نصائح الحلفاء لهم بالْتزام الحِياد
واجْتِناء منافِعه المادية والأدبية، فعبَّئوا الجيوش، وأعدُّوا المعدَّات بحجة الاستعداد
لدفع
الطوارئ، وفي ٢٩ أكتوبر غزَتْ بوارِجُهم أوديسا وغيرَها من ثغور روسيا على البحر الأسود،
واضطرُّوا روسيا أن تشهر الحرب عليهم في أول نوفمبر، وما لبث الباقون من الحلفاء أن حذَوْا
حَذْوَها، وأعلنوا الحرب على تركيا. وما أبطأ الجيش الرُّوسي أن اجتاز التخوم التركية
في
إرْمِينِيَة، واحتلَّ بيازيد وكوبر كوي ودنا من أرضروم، ثمَّ تراجع متقهقِرًا ودخل الجيش
العثماني
القوقاس، واحتلَّ ساريكاميش وأولتي وباطوم والقارص وبلغ أردهان، ثمَّ نكص مرتدًّا أمام
الجيش
الرُّوسي، وقد خسر خسارةً كبيرة من رجاله ومعدَّاته.
ثلاثةُ أشهر مرَّتْ ونار الـ
ـوغى مشبوبةٌ برًّا وبحرا
وليلُ الحرب جَنَّ
١ وطال حتى
حسبنا الموتَ منه اجتثَّ
٢ فَجْرا
وأظهر الاتحاديون فيها
رواغًا ساسة الحلفاء غرَّا
بهم مكروا وقالوا قد لزمنا
حيادًا لا نرى منه مفرَّا
وإنْ مِلْنا فليس يكون إلَّا
إليكم مَيْلُنا سِرًّا وجهرا
كذا قالوا. وأنور كان سرًّا
إلى الألمان ضمهم أقرَّا
وفي استعداده للحرب معهم
قضى التسعين يومًا مستمرَّا
وأقحم قومَه فيها اعتباطًا
٣
وأَوْغَرهم
٤ على الحلفاء صدرا
وهاجوا الدُّبَّ فانهمرتْ عليهم
فيالقهُ من القوقاس همرا
ودارتْ بينهم حربٌ عَوانٌ
تَراوَح سَيْرُها مدًّا وجَزْرا
وبينا أنورٌ يرجو انتصارًا
إذا الأقدار قد رمقَتْه شزرا
فحاق بجيشِه الغازي انكسارٌ
مُرِيعٌ بعدَه لم يَلْقَ جبرا
ودبَّ إليه في القوقاس سوس الـ
ـخطوب وعظمُه أوهاه نَخْرا
فمَن لم يَقْضِ في الهيجاء منهم
وسهم الرُّوس أخطأ منه نحرا
فمِن ظمأٍ ولغبٍ أرهقاه
وجوعٍ ما استطاع عليه صبرا
ومَن لم تُرْدِهِ هذي البلايا
هراه الزمهريرُ فمات قَرَّا
٥