الخروج من المصيدة!
جلس الشياطين يراقبون «جان» و«جلوب» اللذَين كان يبدو عليهما الغيظ، قال «فهد» بلغة الشياطين: إنني في حاجة إلى النوم!
ردَّ «قيس»: ينبغي فعلًا أن تنام أنت و«أحمد»؛ فغدًا سوف يكون يومًا قاسيًا … فجأة سجَّل جهاز «قيس» إشارةً تعني أن هناك رسالة ما. أخذ «قيس» يتلقَّى الإشارة، وكانت رسالة شفرية.
كانت الرسالة تقول: «١٩ – ٦ – ١١ – ٦»، وقفة «٨ – ١٦ – ١٥»، وقفة «٦ – ١٧ – ١٧ – ٧٠»، وقفة «٣٠ – ١٩»، وقفة «٦ – ١٢ – ٣٠ – ٢٨»، وقفة «١٩ – ١٧ – ٢٩ – ٩»، وقفة «١٩ – ٦»، وقفة «٧٠ – ٢٦ – ٧٠ – ١٦»، وقفة «٩ – ١٦ – ٦ – ١٢»، وقفة «٦ – ٢٩ – ١٨ – ١٩»، وقفة «٦ – ١٧»، وقفة «٢٠ – ٧٠ – ٧٠ – ١»، وقفة «١ – ٧٠ – ٧٠ – ١»، وقفة «١ – ٥٠ – ٢٦»، وقفة «٧٠ – ٨ – ١٦ – ١٥»، وقفة «٦ – ٣٠ – ١٨ – ٦ – ١٩» انتهى.
كانت الرسالة من «إلهام»، نقلَها «قيس» إلى الشياطين، ثم قال بسرعة: ماذا تعني بكلمة «سيئًا»؟
لم ينطق أحد مباشرة، غيرَ أن «عثمان» قال بعد الحظة: يبدو أن العصابة سوف تتخذ معها موقفًا سيئًا.
أضاف «مصباح»: قد يكون شيئًا خاصًّا بنا، وإلا ما معنى أن يظهر أفراد العصابة مرتين؟!
كان «أحمد» يفكر في رسالة «إلهام». وكان معنى الرسالة في النهاية أن يقوم الشياطين بعمل سريع …
لكن ماذا يستطيع أن يفعل الشياطين الآن وقد أُغلق المخبأ؟ إنهم لم يستطيعوا عملَ أيِّ شيء في هذا الليل المظلم جدًّا ووسط الثلوج.
بعد لحظة قال «أحمد»: سوف أنام؛ فأنا في حاجة إلى النوم، خصوصًا وأن حركتَنا لن تبدأ قبل طلوع النهار!
سكت لحظة، ثم أضاف: أعتقد أنكم تستطيعون النوم جميعًا؛ ﻓ «جان» و«جلوب» لن يستطيعَا الحركة. وغدًا أمامنا عملٌ شاقٌّ.
تمدَّد الشياطين كلٌّ في مكانه. وفي دقائق كانوا قد استغرقوا في النوم، إلا أن «سنوي» كان يقوم بمهمة الحراسة جيدًا؛ فقد اقترب من «جان» و«جلوب»، وجلس بجوارهما.
في الصباح، كان «أحمد» أولَ من استيقظ. هزَّ «سنوي» رأسه وهو ينظر له، وكأنه يُحيِّيه تحيةَ الصباح، أو كأنه يقول ﻟ «أحمد» إنه قام بالحراسة فعلًا. كان «جان» و«جلوب» نائمَين، وتحرَّك بقية الشياطين … فقال «أحمد»: علينا أن نُسرعَ، إن الكرات الخاصة بإذابة الثلج يمكن أن تفتح الطريق أمامنا.
وبسرعة أخرج عددًا من الكرات الصغيرة، ثم دفنها قُربَ مدخل المخبأ. مرَّت دقائق، ثم بدأ دخانٌ خفيف يتصاعد. كانت الكرات قد بدأت تتفاعل، ورأى الشياطين الثلج وهو يذوب ليتحوَّل إلى مياه، ظلَّت الثلوج تذوب. في نفس الوقت ذهب «عثمان» إلى المعلَّبات الموجودة، وبدأ يفتح بعضها ويُقدِّمها للشياطين، ولم ينسَ «سنوي»؛ ففتح له عُلبةَ لحمٍ محفوظ، مرَّت نصف ساعة، ثم بدأ الضوء يظهر، حتى إن «عثمان» هتف في فرح: أخيرًا سوف نخرج من «مصيدة الثلج»!
أخذَت الفتحة التي فتحَتها الكرات تتَّسع حتى أصبحت كافية لخروج إنسان. كان «جان» و«جلوب» قد استيقظَا، وكانَا ينظران إلى ما يحدث في دهشة. نظر «أحمد» إليهما، ثم قال: هل ستظلان هنا؟
ردَّ «جان» بسرعة: أرجو أن تفكَّ وثاقنا؛ فسوف نهلِك لو تركتَنا هكذا!
فكَّر «أحمد» قليلًا، ثم نظر إلى الشياطين، وقال بلغتِهم: ما رأْيُ الشياطين؟
انتهى الرأي على أن يستولوا على كلِّ ما معهما ثم يتركوهما، وبسرعة كان «فهد» و«قيس» يقومان بتفتيش «جان» و«جلوب»، كانت معهما بعض الأوراق، وجهاز اتصال صغير، وكثير من طلقات الرصاص، وعندما أخذ الشياطين يتحركون في طريقهم إلى الخروج؛ قام «مصباح» بفكِّ قيودهما، ثم خرج مباشرة.
كان «أحمد» يتقدَّم المجموعة، وهو يحمل «سنوي»، وكان تساقُطُ الثلج قد توقَّف وأصبح السير قليل الصعوبة.
فجأة، توقَّف «قيس» وهو يقول: إن هناك إشارة من مكان ما!
توقَّف الشياطين، وبدأ «قيس» يتلقَّى الرسالة. كانوا يتابعون تعبيراتِ وجهه التي ظهر عليها الارتياح، وأخيرًا قال: إنها من الطائرة.
أخذ يتلقَّى الرسالة التي كانت تقول: «إنها ربما تكون آخر رسالة يمكن أن يرسلوها …»
قال «أحمد»: بسرعة … علينا أن نُسرع؛ إن الطائرة تمثِّل لنا فرصتنا الوحيدة في إنقاذ «إلهام».
أسرع الشياطين حتى إن «سنوي» قفز هو الآخر إلى الأرض، وأخذ يجري. وكان يتقدمهم جميعًا، لكنه كلما رأى أنه سبقَهم كان يتوقَّف قليلًا حتى يقتربوا منه، ثم يُسرع من جديد.
فجأة، اختفى «سنوي». أخذ «أحمد» يصفِّر له، لكنه لم يردَّ. قال «عثمان»: ترى هل عثر على الطائرة؟!
ردَّ «قيس»: لا أظن؛ فهي لا تزال بعيدة عنَّا بعضَ الشيء.
فجأةً، مرة أخرى سَمِع الشياطين صوتَ نباح «سنوي» ركَّزوا سَمْعَهم حتى يحددوا اتجاه الصوت، وقال «أحمد»: إنه ينحرف عن الطريق درجتين في اتجاه الشمال الشرقي!
ثم أضاف بعد لحظة: سوف أتقدَّم أنا و«مصباح» في اتجاه «سنوي»، وعليكم أنتم بالاستمرار في الطريق.
انحرف «أحمد» و«مصباح» في الاتجاه الجديد، واستمر بقية الشياطين في طريقهم. كان طريقًا جيدًا، لكنه يبتعد عن نقطة وجود الطائرة. تعالَى صوتُ «سنوي» بشدة؛ فاتجهَا إليه. وقف «أحمد» في دهشة، وقال: كانت هنا حياة!
ثم أسرع في اتجاه «سنوي»، الذي كان يجذب «زحَّافة» جليدية من تحت الثلج المتراكم. أسرعَا إليه، وأخذَا يجذبان الزحَّافة حتى أخرجاها؛ فظهرت زحافة ثانية … نظر «أحمد» إلى «سنوي» الذي كان قد رفع وجْهَه في الهواء، وأخذ يتشمَّم المكان في كل الاتجاهات، ثم فجأة أخذ ينبح بشدة، توالَى نباح «سنوي»، وأخذ يروح ويجيء في المكان. لم يكن أحدٌ يفهم شيئًا. لكن فجأة تردد نباح آخر، فقال «مصباح»: إن هناك كلابًا أخرى قريبة!
أضاف «أحمد»: يبدو أن آخرين قد فاجأهم الثلج بالأمس!
لم يتوقف نباح «سنوي». في نفس الوقت كان النباح الآخر يتردَّد متقطِّعًا ثم يختفي.
فجأة، ظهر كلب ضخم تَبِعه آخر، حتى أصبحوا ستة كلاب. فَهِم «أحمد» ما حدث. لا بد أن بعض سكان المكان قد فاجأهم الثلج أمس، فاضطروا أن يختفوا في مكان. اقتربت الكلاب من «سنوي»، صفَّر لها «أحمد» وهو يُشير إليها، فاقتربت منه. أخرج بعض المعلبات التي يحملها، ثم فتحها ووضعها أمامها. أكلَت الكلاب بسرعة، كان يبدو أنها جائعة تمامًا …
كان «أحمد» يفكِّر أن هذه الكلاب يمكن أن تختصر لنا الوقت، والطريق أيضًا. نظر إلى «مصباح»، وقال: هيَّا نجهِّز الزحافات؛ إنها سوف تنفعنا تمامًا.
أسرع «أحمد» و«مصباح» بتجهيز الزحَّافات، فاقتربت الكلاب، وكأنها تفهم ما هو مطلوب منها. اتجه ثلاثة إلى «أحمد» وثلاثة إلى «مصباح» … وتراصَّت في طابور بجوار الزحافة، بدأ «أحمد» يربط الأحزمة حولها. وفي دقائق كانت الزحَّافتان جاهزتَين للانطلاق. قفز «أحمد» إلى واحدة، وقفز «مصباح» إلى الأخرى. حاول «أحمد» أن يحمل «سنوي»، إلا أنه رفض وكأنه لا يريد أن يُغضب كلابَ الزحافات.
انطلقَت الكلاب وكأنها تعرف اتجاه الشياطين. فجأة … سجَّل جهاز الاستقبال الذي يحمله «أحمد» إشارة، تلقَّاها فعرف أنها من الشياطين، يسألون عمَّا حدث، فردَّ «أحمد» وهو يبتسم بإشارة أخرى، يقول فيها: إنها مفاجأة! …
ظلَّت الكلاب تتقدَّم بالزحافتَين. فجأةً، نبح «سنوي» الذي كان يتقدم الجميع؛ فَهِم «أحمد» أنه يلفت نظر الشياطين. مضَت عشر دقائق، ثم ظهر الشياطين الذين التفتوا في دهشة عندما شاهدوا الزحافتَين والكلاب.
وهكذا أسرعوا جميعًا، كانوا يتناوبون ركوبَ الزحافتَين حتى لا يتعبوا. فجأة، أخذ «سنوي» يجري بسرعة رهيبة حتى اختفى. فَهِم الشياطين أن «سنوي» قد شمَّ رائحة الطائرة. ولم تمضِ ربع ساعة حتى كان الشياطين يرَون عن بُعْد جبلًا من الثلج على شكل طائرة. هتف «فهد»: إنها هي!
وبسرعة اقتربوا منها؛ فأخرج «أحمد» عددًا من الكرات الخاصة، ودفنها في جوانب الطائرة المثلجة. بعد لحظات بدأ الدخان يتصاعد، ولم تمضِ ثلث ساعة حتى كان جسم الطائرة قد بدأ يظهر وبدأ الثلج يتحول إلى ماء، ثم يأخذ طريقَه إلى أسفل الجبل في مجرًى يُشبه نهرًا صغيرًا، وشيئًا فشيئًا بدأت الطائرة تظهر بكاملها.
أسرع الشياطين إليها، وشاهد «أحمد» من خلال الزجاج بعضَ الأشخاص يتحركون في بطء. أرسل إشارة إلى ركَّاب الطائرة، وبسرعة كان باب الطائرة يُفتح. قفز «أحمد» قفزة عالية، فأصبح داخلها … أسرع إلى ركَّابها. كانوا في حالة سيئة، فَهِم أن البنزين متجمدٌ في خزانات الطائرة، أسرع بوضع كرة خاصة في خزان الوقود. بعد قليل اتجه إلى مقدِّمة الطائرة، ثم أدار محرِّكَها، فدار بسرعة وعملت أجهزة التكييف.
ولم تمضِ دقائق حتى كان ركاب الطائر يبكون من شدة الفرح، أما بقية الشياطين فقد دخلوا الطائرة هم الآخرون. وبسرعة تحركوا لتجهيز بعض المشروبات الساخنة.
ولم تمضِ نصف ساعة حتى كان الجميع يجلسون، وكأنهم في صالون أحد الفنادق … في نفس الوقت كان «سنوي» يرقد في حِضن صاحبته التي كانت تضمُّه في حنان …
قال «أحمد»: لقد كان «سنوي» بطلًا في كل تحركاتنا منذ وجدناه!
تساءَلت السيدة: «سنوي» مَن؟
أشار «أحمد» إلى الكلب، وقال: هذا هو «سنوي»!
ابتسمت السيدة وهي تقول: إن اسمه «وايت»!
ابتسم «أحمد» وقال: إننا لم نختلف كثيرًا.
عندما اتجه كابتن الطائرة لكابينة القيادة، استأذنه «أحمد» أن يقوم هو بالقيادة، وعندما جلس وقعَت عيناه على الكلاب أسفل الطائرة؛ فهتف يطلب «قيس»، وقال: لقد نسينا بقية الفريق!
سأل «قيس»: أيُّ فريق؟!
أجاب «أحمد»: أصدقاؤنا سائقو الزحَّافات!
لمعَت عينَا «قيس» وأسرع في قفزة واحدة، وخلال دقائق كانت الكلاب والزحافتان داخل الطائرة. ودقائق أخرى وكانت الطائرة تحلِّق في الفضاء إلى حيث توجد «إلهام».