الشياطين … في قبضة العصابة!
ارتفعت الطائرة بعيدًا عن القمم العالية في جبال «الألب»، ودار بها «أحمد» دورةً واسعة يستكشف المكان. اقترب منه قائد الطائرة، وقال: إن الاتجاه غير سليم، وإنه ينبغي أن يتبع بوصلة الطائرة ليأخذ الطريق الصحيح.
ابتسم «أحمد» وهو يردِّد: إنني فقط أستكشف المكان!
أسرع قائد الطائرة يقول: إن الوقود لن يكفيَ، وقد نضطرُّ للهبوط مرة أخرى، ومَن يدري!
ابتسم ثم أكمل: فربما لا يستطيع أحد أن يُنقذَنا هذه المرة!
ردَّ عليه «أحمد» بابتسامة عريضة قائلًا: لا تخشَ شيئًا، ستكون حساباتي دقيقة.
عاد قائد الطائرة وترك «أحمد» ومعه بقيةُ الشياطين … فجأة، قال «قيس»: إنها شفرة!
تساءل «عثمان»: شقرة … ماذا تعني؟
ردَّ «قيس»، وهو يُقلِّب أوراقًا في يده: يبدو أنها شفرة العصابة؛ فقد وجدتها في أوراق «جان» و«جلوب»!
لمعَت عينَا «أحمد»، الذي كان مستغرقًا في التفكير … كان «أحمد» يفكِّر: أن الوقود ينبغي أن ينفد في مكان العصابة حتى نضطرَّ إلى الهبوط، وتكون هذه فرصتنا …
وبدأ «أحمد» يحلِّق فوق المنطقة، التي لم يكن يبدو فيها شيء سوى الثلج الأبيض. نظر إلى «قيس»، وقال: أرسل رسالة إلى العصابة عن طريق شفرتهم؛ فسوف يُفيدنا ذلك كثيرًا.
بدأ «قيس» يُرسل رسالة شفرية إلى العصابة على نفس الموجة المحددة في جهاز الإرسال الذي أخذه من «جان» و«جلوب». قال في الرسالة: نحن أصدقاء. بدأ وقود الطائرة في النفاد، وسوف نضطرُّ للهبوط، نريد مساعدتكم.
انتظر «قيس» قليلًا، في نفس اللحظة أقبل قائد الطائرة، وقف ينظر إلى العدادات الكثيرة في تابلوه الطائرة، ثم قال في صوت متردد: إن الوقود قد أوشك على النفاد فعلًا!
ابتسم «أحمد» ورَدَّ: لا بأس. وثِقْ في تصرفاتنا جيدًا؛ فحتى لو نفد الوقود؛ فإن لدينا وسائلَنا.
هزَّ قائد الطائرة رأسه، ولم يردَّ. في نفس اللحظة كان «قيس» يتلقَّى ردَّ العصابة بطريقة الشفرة. عندما انتهى من تسجيلها أخرج الشفرة الخاصة بالعصابة، ثم بدأ يفكُّ رموزها.
كان قائد الطائرة ينظر إلى «قيس» وهو لا يفهم شيئًا، لكنه في نفس الوقت لم يسأل. انتهى «قيس» بمعاونة «عثمان» و«مصباح» من فكِّ رموز الشفرة، وترجم الرسالة التي كانت تقول: «عندما تظهر اللمبة الحمراء، عليك أن تهبط في محيطها.»
نقل «قيس» ترجمة الرسالة إلى «أحمد» الذي كان يدور ويلفُّ في المنطقة. بعد لحظات تردَّدت إشارة حمراء في نقطة جعلَت «أحمد» يبتسم، فهي نفس النقطة التي يعرفها الشياطين … دار حول اللمبة الحمراء، التي كانت تُرسل الإشارة … كانت هناك مسافة واسعة تمامًا تكفي لنزول طائرة صغيرة.
ابتسم «أحمد» وهو يقول في نفسه: لقد اقترب اللقاء يا عزيزتي «إلهام»!
أخذ يقترب من المصباح الأحمر، وهو يهبط بالطائرة ويخفض سرعتها في نفس الوقت. اهتزت الطائرة برفق عندما لامسَت عجلاتُها الأرضَ المغطاة بالثلج، حتى إن قائد الطائرة ابتسم؛ فقد أثبت «أحمد» أنه قائد ماهر …
ظلت الطائرة تجري فوق الثلج حتى توقَّفت تمامًا … نظر «أحمد» من زجاجها، فلم يرَ أحدًا. كان المكان هادئًا صامتًا. فجأة، التقط لاسلكي الطائرة صوتًا يقول: مَن أنتم؟
ردَّ «أحمد» بسرعة: نحن أصدقاء، وكلمة السر: «قمة»!
كان «قيس» قد عثَر على كلمة السر في أوراق «جان» و«جلوب».
ردَّ الصوت: مِن أين؟
أجاب «أحمد»: مِن «تورنتو»!
سأل الصوت: ماذا تريدون؟
ردَّ «أحمد»: تزويد الطائرة بالوقود.
قال الصوت: انتظروا.
كان الشياطين وكابتن الطائرة يتابعون الحوار الدائر بين «أحمد» و«مقر العصابة». مرَّت دقائق قبل أن يقول نفس الصوت: لا نستطيع تزويدكم بالوقود، لكن الطائرة سوف تذهب إلى «روما»، ويمكن أن تصحب مَن معكم!
ردَّ «أحمد» بسرعة: لا بأس، فهل نغادر الطائرة.
ردَّ الصوت: انتظر.
كان «أحمد» يفكر بسرعة: إن رفضَهم تزويدَنا بالوقود فرصة جيدة؛ فلو كنَّا قد زودنا الطائرة فإن هذا يعني أننا لن ننزل منها في هدوء. الآن، سوف ننزل منها، وفي أمان، وربما إلى داخل المقر نفسه.
جاء الصوت مرة أخرى: سوف نُعطيكم إشارة لينزل الركاب من الطائرة.
ردَّ «أحمد» بسرعة: إن أجهزة الطائرة لا تعمل الآن بسبب نفاد الوقود، خصوصًا أجهزة التكييف والجو بارد جدًّا، حتى إننا بدأنا نفقد قدرتَنا على احتماله!
قال الصوت: انتظر.
كان «أحمد» يفكِّر: ربما تكون العصابة قد دبَّرت شيئًا؛ ولذلك لا بد من الحذر؛ فهي سوف تتساءل من أين لنا بكلمة السر، ثم إننا لا بد أن نُخفيَ جهاز الاستقبال الذي حصلنا عليه من «جان» حتى لا تشكَّ العصابة فينا.
انتظر لحظة، ثم تحدَّث إلى الشياطين بلغتِهم الخاصة، ونقل إليهم ما فكَّر فيه عندئذٍ. قال «عثمان»: أعتقد أن المسألة لن تمرَّ ببساطة.
أكمل «قيس»: إذن لقد بدأنا المغامرة الحقيقية.
وقال «فهد»: المهم أن نَصِل إلى داخل المقر!
وقال «مصباح»: أظن أنها سوف تكون مغامرةَ العمر؛ فنحن نسلِّم أنفسنا بأيدينا للعصابة.
انقضى وقتٌ ليس بالقصير، حتى إن «أحمد» بدأ يشكُّ في الموقف. في نفس الوقت جاء باقي مَن في الطائرة يتساءلون عن مصيرهم، فقال «أحمد»: أرجو أن تكونوا مطمئنين؛ فسوف ينتهي الموقف بشكل طيب.
قال قائد الطائرة: أظن أن هناك بعضَ التوجُّس. وهذه منطقة غير معروفة، ولا أدري كيف تصرفتم هذا التصرف، ولا كيف عرفتم بأن أحدًا يعيش هنا؟!
سكت لحظة، ثم أضاف وهو في حالة تردد: صدِّقوني، إنني لا أفهمكم!
ابتسم «أحمد»، وقال: لا بأس، لكنك سوف تفهم فيما بعد، وسوف تكون سعيدًا بهذه المعرفة.
فجأة، جاء الصوت يقول: سوف يظهر لكم الطريق الآن.
فجأة، انفتحَت طاقة من الثلج، خرج منها صُندوق ضخم، ظل يتمدَّد، ويقترب من الطائرة، فَهِم «أحمد» أنه ممرٌّ سوف يلتصق بباب الطائرة ليمشوا فيه إلى داخل المقر مباشرة. اقترب الممر أكثر فأكثر، في نفس الوقت جاء الصوت يقول: افتحوا باب الطائرة!
أسرع قائد الطائرة ومَن معه إلى الباب. في نفس الوقت قال «أحمد» بلغةِ الشياطين: ينبغي إخفاء ما حصلنا عليه من «جان» و«جلوب» حتى لا ينكشفَ أمرُنا، أيضًا لن نحمل سوى أدواتنا السرية. فمن المؤكد أننا سوف نخضع لتفتيش دقيق قبل وصولنا إلى المقر.
نفَّذ الشياطين تعليماتِ «أحمد» ثم اتجهوا جميعًا إلى باب الطائرة، حيث كان الآخرون قد سبقوهم. همس «مصباح» في أُذُن «أحمد» وهم يمرُّون في الممر: ينبغي أن نأخذ «وايت» معنا؛ فقد نحتاجه، خصوصًا وأنه قد شارك معنا في الأزمات السابقة!
قطع «أحمد» الممر بسرعة مقتربًا من السيدة، وقال لها بأدب: أرجو بأن تسمح لي سيدتي بأن أحمل عنك «وايت» قليلًا فقد افتقدته فعلًا.
ابتسمَت السيدة وناولَته الكلب، الذي تمسَّح في «أحمد» وكأنه كان في شوق إليه. وقف «أحمد» جانبًا حتى مرَّت السيدة ثم زوجها الذي نظر إلى «أحمد» مبتسمًا، وقال: سوف يكون لي معك حديث طويل عندما نعود!
ردَّ «أحمد»: سوف يُسعدني ذلك كثيرًا يا سيدي.
مرَّ طاقم الطائرة، فقال الكابتن: لا أدري ما الذي تفعله بنا، إنني أتصور أننا نمثِّل فيلمًا سينمائيًّا. وأن ما يحدث ليس شيئًا حقيقيًّا!
ابتسم «أحمد»، وقال: إنها تجربة طيبة على كل حال، وسوف تتذكرها كثيرًا.
ابتسم الكابتن، وقال: هذا إذا بقيتُ لأتذكَّرها!
كاد «أحمد» أن يضحك، لولا أنه كتَم ضحكتَه؛ فقد كان تعليقُ الكابتن يدل على يأْسِه الكامل في أن يعود إلى «روما» مرة أخرى.
غادر الجميعُ الممرَّ المعلَّق، وقال «أحمد» في نفسه: ها نحن مع «إلهام» في مكان واحد.
تقدَّم الشياطين إلى داخل مقر العصابة، فانسحب الممر بسرعة، وأُغلقت الفُتحة التي دخلوا منها، لقد أصبحوا جميعًا في يد العصابة وليست «إلهام» فقط.