مافيا المخدرات … في الطائرة أيضًا!
ظل السؤال يتردَّد في ذهن «أحمد». فجأة، جاءَته رسالةٌ من «خالد»، كانت الرسالة تقول: من الضروري أن نفعل شيئًا.
وجاءت رسالة من «بو عمير» تقول: «هل لاحظتَ أنه يتحدث الإيطالية؟!»
توقَّف «أحمد» عند ملاحظة «بو عمير». قال في نفسه: إذا كان يتحدث الإيطالية؛ فلا بد أن يكون على علاقة بالمغامرة! فكَّر لحظة، ثم أرسل رسالة إلى بقية الشياطين: ما رأيكم؟ أفكِّر في التحدُّث إليهما.
ردَّ «مصباح» على الفور: أخشى أن يتهوَّر أحدهما فتنتهي الحكاية بكارثة.
انتظر «أحمد» لحظة، ثم تحدَّث بالإيطالية، وقال: هل تسمحانِ بالتحدُّث إليكما؟
مرَّت لحظة قبل أن يردَّ أحدهما: مَن الذي يتحدث؟
ردَّ «أحمد»: إنني أحد الركاب!
جاء الصوت يقول: أين مكانك؟
مرَّت لحظة قبل أن يقول «أحمد»: هل يمكن أن أقِفَ وأتحدَّثَ إليكما؟
قال أحدهما: ارفع يدَيك أولًا، ثم قِف!
رفع «أحمد» يدَيه، ثم وقف. عندما أصبحَت عيناه فوق مسند المقاعد، شاهد الاثنين يقفان عند الباب الفاصل بين الدرجة الأولى وبقية الطائرة.
قال في نفسه بسرعةٍ: هذا يعني أن هناك آخرين يسيطرون على الدرجة الأولى، وغيرهم يسيطرون على كابينة القيادة! اعتدل في وِقْفتِه، ثم قال: هل يمكن أن أسأل؟
ردَّ واحد من الملثمين: ماذا عندك؟
قال «أحمد»: هل هناك موقفٌ خاصٌّ بالطائرة، أو أن الموقفَ خاصٌّ بحدثٍ خارجي؟!
جاء الردُّ بصوت حاد: وماذا يعنيك في هذا؟
ردَّ «أحمد»: إذا كان خاصًّا بالطائرة، فيمكن أن أُساعدَكم!
فجأةً، سعَل أحدهما. فكَّر «أحمد» لحظة: هل يكون أحد من الشياطين قد أقدم على تصرُّفٍ ما. فجأة مرة أخرى، أخذ السعال يتزايد داخل الطائرة، وجاء صوت طفل يصيح: عيناي … إنهما تُؤلمانِني جدًّا، وكأنَّ شيئًا حارًّا قد دخل فيهما!
اتسعَت عينَا «أحمد» دهشة، لكنه في نفس الوقت أخفى ابتسامتَه؛ فقد تأكد أن أحد الشياطين، وربما كلُّهم، قد أقدموا على تصرُّفٍ ما! …
لمح أحدَ الشابَّين يدعك عينَيه … ثم رفع اللثام من فوق أنفه، ثم أخذ الآخرُ يفعل نفس الشيء.
فجأة، شاهد «بو عمير» وهو يقفز فوق مقاعد الطائرة، ثم يوجِّه ضربةً شديدة لأولهما، فسقط على الأرض. ثم التفتَ بسرعة ووجَّه للآخر ضربة قوية، فاصطدم بالحاجز الفاصل بين الدرجة الثانية والأولى، ثم سقط، في نفس الوقت أيضًا، كان «خالد» و«فهد» و«مصباح» قد انطلقوا إلى مُقدِّمة الطائرة.
فجأة، اهتزَّت الطائرة بشدة، ووضح أنها قد فقدَت اتزانها، وأن قائدها لا يستطيع السيطرة عليها. قفز «أحمد» هو الآخر على الفور إلى مقدمة الطائرة، واتجه إلى الكابينة، كان بعض أفراد طاقم الطائرة يسعل بشدة، بينما البعض الآخر يدعك عينيه. والطائرة أصبحت كالريشة في الفضاء. أسرع إلى مقعد القيادة، جلس، وبدأ يُعيد إلى الطائرة اتزانها. ويعود بها إلى الطريق الصحيح.
كان «بو عمير» قد أمسك بواحدٍ من الملثَّمين، فقال «أحمد»: يجب القبض عليهم جميعًا قبل أن يُفيقَ أحدٌ منهم.
أسرع الشياطين يقبضون على المجموعة الملثَّمة، وكانت مكونةً من ستة أشخاص، ثم أوثقوهم بالحبال. وأسرع «خالد» ينثر بعضَ الكرات الصغيرة في الطائرة … لتمصَّ الغاز المسيل للدموع. والذي أطلقه الشياطين أيضًا. لم تمضِ ربع ساعة، حتى سمع الشياطين أحدَ الركاب يقول: ماذا حدث؟
فَهِم الشياطين أن تأثير الغاز قد انتهى تمامًا. أسرع «فهد» يقول في ميكروفون الطائرة: لقد انتهت الأزمة، وكلُّ واحد يجلس في مقعده.
أما في كابينة الطائرة، فقد احتضن الكابتن «قائدُ الطائرة» «أحمدَ» وهو يشكره؛ فسلَّم له «أحمد» مقعدَ القيادة ثم غادر الكابينة إلى مؤخرة الطائرة؛ حيث كان الشياطين قد نقلوا الملثمين إليها. كانوا يجلسون في الساحة الخالية عند المؤخرة، وهم موثقون بالحبال.
نزع «أحمد» لثام أحدهم ثم سأله: من أين أنتم؟
نظر له الشابُّ لحظة، ثم قال: من البرازيل!
انتظر «أحمد» قليلًا ثم قال: لا … لستم من البرازيل.
ثم سكت لحظة وأضاف: أنتم من «إيطاليا»، ونحن نعرف لماذا تفعلون ذلك!
نظر له الشابُّ في دهشة، فعرف «أحمد» أنه قد أصاب، وأن هؤلاء الشبان يتبعون إحدى عصابات المافيا، لكن تردَّد في خاطره سؤال: لماذا يفعلون ذلك؟
مرَّ بعضُ الوقت، ثم ظهر أحد ملَّاحي الطائرة. أخذ يقترب من الشياطين، حتى وقف بجوار «أحمد»، وقال: إن الكابتن يرجو أن تنضمَّ إليه؛ فنحن لا ندري ماذا نفعل الآن؟ صحبه «أحمد» إلى الكابتن، الذي سأله: هل ننزل في مطار «ديجول» في «باريس»؟
قال «أحمد»: أعتقد أنه ينبغي أن نسلِّمَ هؤلاء إلى أقرب مطار!
قال الكابتن: إننا نقترب من مطار «روما» الآن!
فكر «أحمد» لحظة، ثم قال: أخشى أن تكون هناك مشكلة أخرى في «روما»؛ فأنت تعرف ماذا تفعله عصابات المافيا هناك!
مرَّت لحظة قبل أن يقول الكابتن: علينا أن نَصِل إلى «روما» أولًا، ثم نتحدَّث إلى سلطات المطار، وساعتَها يمكن أن نقرِّر قرارنا الأخير!
سأل «أحمد»: هل يكفي وقودُ الطائرة رحلتنا بين «روما» و«باريس»؟
نظر الكابتن في تابلوه الطائرة، ثم قال: نعم.
قال «أحمد»: إذن نتَّجه إلى «روما».
أضاف الكابتن: خصوصًا وأن معنا بعضَ الركاب سوف ينزلون هناك!
عاد «أحمد» إلى مؤخرة الطائرة. كان الركاب يحيُّونه وهو يمرُّ بينهم. فجأة، استوقفه أحدُ الركاب، وسأله: ماذا يريد هؤلاء؟!
ابتسم «أحمد» وقال: إنهم أعضاء إحدى العصابات!
ظهرَت الدهشة على وجه الرجل، ثم تساءل: وما ذنبُنا نحن؟! إننا لا نملك ما يريدون!
مرة أخرى ابتسم «أحمد»، وقال: إنها قضية كبيرة، لكننا سوف نتخلص منهم عند أول محطة.
ثم أخذ طريقَه إلى حيث يقف الشياطين. وما إن وصل إليهم، حتى رأى وجوهَ الشياطين تنطق بشيء، فسأل: ماذا حدث؟
قال «فهد»: لقد عرفنا هدفهم من خطف الطائرة!
ابتسم «أحمد» وقال: إنها نفس المغامرة التي نقوم بها!
أضاف «خالد»: نعم؛ فقد قبضت شرطةُ «كولومبيا» على زعيم عصابتهم، فأرادوا مساومةَ السلطات «الكولومبية» لإطلاق سراحه!
سأل «أحمد»: هل عرفتم اسمَ زعيمهم؟
ردَّ «بو عمير» مبتسمًا: إنه ليس «بوجوتي» على أيِّ حال! ضحك «مصباح»، وقال: لو كان «بوجوتي» لكنَّا قد انتهينا من المغامرة!
ابتسم «أحمد» وقال: إن المغامرات لا تنتهي يا عزيزي «مصباح»، ومَن يدري فقد تكون لنا أكثر من مغامرة هناك!
فجأةً، جاء صوت ميكروفون الطائرة يقول: إننا نقترب من مطار «روما».
قال «أحمد»: يجب أن أنضمَّ إليهم لنعرف ردَّ مطار «روما».
علَت الفرحةُ وجوهَ ركاب الطائرة عندما سمعوا كلماتِ الميكروفون، وامتدَّت أيدٍ كثيرةٌ تُصافح «أحمد»؛ فلم يكن الركاب يصدِّقون أنهم قد دخلوا دائرة الأمان. عندما وصل «أحمد» إلى كابينة القيادة، قال قائد الطائرة: هل تتحدث إلى سلطات المطار؟
ردَّ «أحمد»: أرجو هذا!
جلس على المقعد، وبدأ اتصاله بالمطار، ثم شرح لهم بسرعة ما حدث. وكان ردُّ المطار أن هناك حالة طوارئ، وأنهم في انتظارهم. ولم تمضِ ربعُ ساعة حتى كانت الطائرة في المطار في الوقت الذي شاهد فيه الشياطين حالة الطوارئ، لكثرة الجنود، وبعض المصفَّحات الحربية.
ابتسم «خالد» وقال: إنها فعلًا حالةُ حرب!
وما كادت الطائرةُ تلمس عجلاتُها أرضَ المطار حتى دوَّى انفجارٌ رهيب، وعلَت في فضاء المطار سحابةٌ كثيفة من الدخان. لقد كانت مفاجأة لم يكن ينتظرها أحد.