الجزء الثالث
المشهد العاشر
(في
السيرك.)
(نظيم بك
صاحب السيرك ينظر هنا وهناك ثم يتلصص حتى
يصل إلى حائط خيمة، يزيح شق الخيمة فيشع
من الشق ضوء باهر، يوسع الشق كثيرًا فنرى
ميرفت وهي تغير ثيابها والمدير يقول لنفسه
مع كل قطعة تخلعها):
نظيم
:
أما حتة جسم … ماتخلقش … وشرفي ما ح
اعتقك يا بنت الإيه. أيوة كمان … اخلعيه
راخر … لازم … مترددة ليه؟! دا يضايقك في
الهولاهوب … والتاني ده لزومه إيه؟! ما
تيالله … أنا في عرضك يالله … أنا طنيبك،
أنا في طولك … أنا في شعرك … أنا في سمانة
رجلك.
(يكون صوته قد ارتفع رغمًا عنه … حتى
تسمعه ميرفت فتدَّعي أنها تراجع بظهرها
لترى نفسها في المرآة، وتقترب من الشق وهو
مستمر في قوله):
المدير
:
قربي ياختي … قربي تعالي عليَّ …
تعالي في حضن بابا نظيم … تعالي.
(وفجأة تلتفت ميرفت وتواجهه.)
ميرفت
(بغضب شديد)
:
إيه اللي انت بتعمله ده؟
نظيم
:
أنا … آه … أبدًا … أصلي شفت الشق
مفتوح والخيمة منورة قلت أشوف يمكن حد
داخل عايز يسرق حاجة … إنما الحمد لله …
الحمد لله إنك طلعتي انتي.
ميرفت
:
نظيم بك … عيب … دي مش أول
مرة.
نظيم
:
صدف … كلها والله العظيم
صدف.
ميرفت
:
عيب يا نظيم بك … إنت راجل قد
أبويا.
نظيم
:
ميرفت … غلط مش عايزين … قلت لك صدف
… ما بتصدقيش ليه؟ إنتي فاهمة إني بتاع
كده! … الستات على قفا من يشيل … بصباعي
ده أجيب لك عشرة دلوقتي حالًا.
ميرفت
:
إنشا الله تجيب مية يا نظيم بك … بس
هاتهم بعيد عني أرجوك أنا مش منهم.
نظيم
:
إذا كان على منهم إنتي منهم ونص …
أنا سامعك بوداني وشايف قفا زعرب وانت
نازلة فيه بوس. حتى المهرج يا ميرفت؟!
وبتقوليلي مش منهم … والبوس خارق عينيه.
زعرب؟! زعرب؟!
ميرفت
:
ماله زعرب؟!
نظيم
:
حتى المهرج؟
ميرفت
:
ماله المهرج؟ مش أحسن من
البصَّاص.
نظيم
:
ومش مهرج بس … إنتي عارفة هو دايمًا
لابس ماسك ليه؟
ميرفت
:
مزاجه كده.
نظيم
:
لا يا ستي مش مزاجه … ده وشه … وشه
محروق كله يا ست هانم. مشوه … وإذا شفتيه
حترقعي بالصوت … دا الحرق واصل عينه وبقه
… أعوذ بالله! طب اتحداكي إذا قلَّعتيه
الماسك وقدرتي تبصي له ثانية
واحدة.
ميرفت
(لنفسها بصوت
عالٍ)
:
عشان كده! (ثم لنظيم) أنا حرة يا نظيم بك
… مشُّوه مش مشوه … دي حاجة ما
تخصكش.
نظيم
(بقسوة)
:
حرة في بيتكو … إنما ده مكان مقدس …
دا سيرك … مامتك وباباك يوم ما جابوكي هنا
حطوا مسئوليتك في رقبتي … وآدي النتيجة …
اسمعي هما الليلة دي أنا عارف بيتفرجوا …
أنا ح ابعت أجيبهم وأقول لهم على كل حاجة.
ميرفت
:
وأنا ح أقول لهم على كل
حاجة.
نظيم
:
ح يصدقوني أنا.
ميرفت
:
وليه ما يصدقونيش أنا؟
نظيم
:
إنتي عبيطة … هو فيه بنت أهلها
بيصدقوها؟ خصوصًا في المسائل دي! هه؟ أقول
لهم؟!
ميرفت
(تسيل دموعها
وتبكي)
:
اللي تشوفه حضرتك.
نظيم
(متناولًا منديله من جيب سترته
الأعلى)
:
خدي.
ميرفت
(تنظر إلى المنديل طويلًا ثم
تتناوله)
:
كتر خيرك.
نظيم
:
اتفقنا.
ميرفت
(مذعورة)
:
اتفقنا على إيه؟
نظيم
:
إننا ننسى كل حاجة وكأنها ما حصلتش
… ونجدد العقد … إنتي عارفة عقدك يخلص بعد
أسبوع … والمرة دي ح نجدده بدل ۳۰۰، ٦٠٠ …
إيه رأيك؟ موافقة؟
ميرفت
:
موافقة على إيه؟
نظيم
(بلهجة ذات
معانٍ)
:
… على إننا … نجدد … العقد … وننسى
اللي حصل … ونفرَّح بابا وماما بستميت
جنيه … كانوا ح يموتوا عايزين يشغلوكي
بمية … دلوقتي … ستمية … موافقة؟
ميرفت
:
طبعًا موافقة … حد يرفض؟
نظيم
:
طيب بوسة بقى.
(مهمومة تخبط ميرفت «الشورت» بيديها، ثم،
وكأنها تنتهي بسرعة من مهمة سخيفة، تسرع
إليه فجأة وتقبِّله قبلةً سريعة على
خده.)
ميرفت
:
هه.
نظيم
:
كده؟ … دي البوسة بتاعة سكوت وعقد
وستميت جنيه؟ … حد يضحك على بابا نظيم
كده؟ … تعالي.
ميرفت
:
إيه؟
نظيم
(مقتربًا منها وواثقًا من
نفسه، وعلى ملامحه ابتسامة شيطانية
ثابتة)
:
… تعالي … لا لا لا … ما فيناش من
الزق … أيوة … حلوة كده … ريحة عرقك تجنن.
ميرفت
(منتفضة فجأة من حضنه
زاعقة)
:
لا … لا … قول لأهلي اللي تقوله …
ارفدني زي ما انت عايز، وفي ستميت داهية
الستميت جنيه بتوعك … (وتكمل جملتها فجأة في غاية
الغضب والتحفز).
(إظلام)
المشهد الحادي عشر
(مكتب رئيس
التحرير.)
(حسن جالس
في حالة تفكير عميق يحدق في زجاج المكتب.
يرفع سماعة التليفون يدير القرص مرة واحدة
بتراخٍ، ولكنه يعدل عن طلب النمرة ويضع
السماعة في مكانها وتبقى يده موضوعة
فوقها.)
(تدخل إيفا
وهي تتقصع في مشيتها وثمة قلم في فيها تعض
عليه.)
(حسن ينظر
لها وهي قادمة بشيء من التعجب … تقف إيفا
تنظر له أيضًا ببعض
الاستخفاف.)
حسن
:
فيه إيه يا إيفا؟
إيفا
:
فيه واحدة برة عايزة حضرتك ومصرَّة
قوي ما قدرتش أمنعها.
حسن
:
وعايزاني ليه؟
إيفا
:
مارضيتش تقول … كل اللي قالته إنه
موضوع شخصي.
حسن
:
خلاص … وديها لرئيس التحرير.
إيفا
:
هي عايزة حضرتك انت.
حسن
:
ما هو حضرتي ما بقاش رئيس تحرير،
علاء رئيس التحرير.
إيفا
:
لا … هي عايزاك انت يابو
علي.
حسن
:
أبو إيه؟
إيفا
:
لا مؤاخذة … أصلي لما بكلم عنك بيني
وبين نفسي بسميك أبو علي.
حسن
:
وانتي بتكلمي نفسك دلوقتي؟
(تتحرك وتأتي إلى جواره وتحيطه
بيدها.)
إيفا
(بلهجة مصطنعة
تمامًا)
:
بكلم نفسي طبعًا يا حبيبي … ما انت
نفسي … الله!
حسن
:
لا والله نفسك حلوة قوي …
(ثم فجأة وكأنما
ركبه شيطان) إلا إيه رأيك
تديني كباية اللبن السخن دلوقتي.
إيفا
(مبتعدة)
:
… لا لا لا لا … حد يشرب اللبن
الضهر! … ده مش كويس عشان صحتك.
حسن
:
ما كنتي بتسقهولي الصبح والضهر
والعشا!
إيفا
:
كنت ساذجة.
حسن
:
ودلوقتي اتنصَّحتي!
إيفا
:
لا … زهقت بقى إني أدي من غير ما
آخد.
حسن
:
وزهقتي إمتى إن شاء الله؟ من ساعة
الظرف ما جه؟
إيفا
:
تصور من ساعتها ما اعرفش إيه اللي
حصل لي.
حسن
:
لأ … أنا عارف بقى إيه اللي حصل …
وعارف كمان إيه اللي حصل لي … اتفطمت …
كبرت … ما عادش اللبن ينفعني.
إيفا
:
أمال إيه اللي ينفعك دلوقتي؟
حسن
:
السم.
إيفا
:
السم؟ (ثم
مونولوج داخلي على هيئة كلمات سريعة جدًّا
بحيث لا يتبينها حسن) السم؟ يا
نهار أسود! عايز تنتحر؟ ويلزقوها فيَّ …
أنا مالي. مراته أولى به. ده اجنن، أكيد
اجنن. وعايز يلقح جتته عليَّ.
(ثم
تتوقف فجأة وتحملق فيه
برعب.)
حسن
(محدقًا
فيها)
:
هيه … مالك؟ مالك؟ … عايزة إيه الست
اللي برة دي؟
إيفا
(مستعيدة
نفسها)
:
عايزة حسن بك المهيلمي رئيس
التحرير. أجيبها لك ولا أوديها للأستاذ
علاء؟
حسن
:
علاء يقابل واحدة ست وعندها مشكلة
شخصية. هو بينكشف على رجالة لما يقابل
ستات؟ … وبعدين أنا مش قايل لك مفيش رئيس
تحرير علني هنا غيري؟ … فاهمة؟ … أنا لسة
اسمي ع الجرنال. شايفة؟ (مشيرًا للجريدة
أمامه.)
إيفا
:
بس أنا سمعت أنهم ح يشيلوه بكره.
حسن
:
سمع في عينك … الناس جرالها إيه؟
إشاعات … إشاعات … البلد دي إيه؟ مخبز
إشاعات! ليل مع نهار لت وعجن … لت وعجن …
هاتيها بسرعة دا زمانها مشيت.
(تخرج إيفا.)
حسن
(بزعيق)
:
وما الدنيا إلا مسرح كبير.
(ثم
مستدركًا) لا مؤاخذة يا يوسف
بيه … ما الدنيا إلا سيرك كبير.
(فجأة تقف ميرفت على
الباب.)
ميرفت
:
ممكن أدخل؟
حسن
(بلهفة)
:
تدخلي؟ … طبعا تدخلي (ثم يفاجأ بها مفاجأة كبرى.
يتحسس بلا إرادة وجهه) طبعًا …
طبعًا … اتفضلي … اتفضلي.
(يقوم واقفًا ويرحب بها … هي ترمقه
باستغراب متحفظ … يقودها إلى الكرسي
الموضوع بجوار المكتب.)
حسن
(وقد استعاد نفسه من
المفاجأة)
:
أهلًا وسهلًا … خير
إنشاالله؟
ميرفت
(بعد فترة من ارتباك
وتهتهة)
:
أصلي أنا من قرَّاءك يا أستاذ حسن …
إنت كاتبي المفضل … وكان نفسي أشوفك من
زمان.
حسن
:
صحيح؟
ميرفت
:
بجد والله … بس ما كانش عندي الجرأة
… أنا فين وحضرتك فين؟ أنا في دنيا وانت
في دنيا تانية خالص.
حسن
(لنفسه)
:
بس في سيرك واحد.
ميرفت
:
نعم … حضرتك قلت سيرك؟ … إنت حضرتك
عارف إني بشتغل في سيرك؟ أنا فعلًا بلعب
جمبوك في السيرك المصري … يمكن مرة حضرتك
شفتني هناك. اسمي ميرفت.
حسن
:
آه … طبعًا … هو انتي ميرفت … أهلًا
وسهلًا … إنتي بطلة كبيرة.
ميرفت
(وقد انتابها فرح
طفولي)
:
… وحضرتك تعرفني صحيح …؟ ياي! …
(تقفز فجأة من
مقعدها ثم تعود للجلوس خجلة) …
لا مؤاخذة … أصلي فرحت قوي إن حضرتك
تعرفني … حسن بك المهيلمي كله … ياي!
(تقفز مرة
أخرى.)
حسن
:
وجايالي ليه بقى يا ست
ميرفت؟
ميرفت
:
أصلها حكاية بايخة قوي … وقعدت طول
الليل أفكر وقلت ما حدش ح يحلها لي إلا
حضرتك … إنت الكاتب المفضل بتاعي … فانا
ماليش دعوة … ما دام الكاتب المفضل بتاعي،
يبقى لازم تحل لي مشكلتي.
حسن
:
طب اعرف المشكلة إيه الأول.
ميرفت
:
أنا كتبتها لك كلها هنا (تُخرج ورقة من
حقيبتها).
حسن
:
أنا أحب البق … قوليها لي كده ببقك
… مشكلتك إيه؟
ميرفت
:
نظيم بك وزعرب.
حسن
:
زعرب؟
ميرفت
:
آه … البلياتشو بتاعنا. بلياتشو
إنما جنان … ظريف قوي يا حسن بك.
حسن
:
صحيح؟
ميرفت
:
دا انا بموت فيه.
حسن
:
صحيح؟
ميرفت
:
دا حتة بلياتشو … إنما سكرة … أنا
مش عارفة بحبه قوي كده ليه!
حسن
:
يمكن علشان بتحبي المهرج اللي
فيه.
ميرفت
:
أنا؟ أبدًا … أنا بحب كلامه. وبحب
الراجل اللي فيه … أنا ما بيعجبنيش
البلياتشو أبدًا … الراجل هو اللي عاجبني
… الراجل وكلامه.
حسن
:
وانتي كنتي يعني شفتيه؟
ميرفت
:
طبعًا بشوفه … آه … فهمت … قصدك وشه
يعني ما شفتوش. (ثم
بدهشة شديدة) بس حضرتك عرفت
منين إنه ما بيقلعش الماسك بتاعه
أبدًا؟
حسن
:
أنا قلت كده؟ هو ما بيقلعش
الماسك؟
ميرفت
:
عمره.
حسن
:
وحبتيه كراجل؟
ميرفت
:
قوي.
حسن
(لنفسه
ولها)
:
طب دي تيجي إزاي دي بقى؟
ميرفت
:
حتى ولو كان مشوه زي نظيم بك ما
بيقول.
حسن
:
هو قالك إني … إنه مشوه؟ … ابن
الكلب.
ميرفت
(مندهشة أنه سبه. الدهشة
تدفعها للصمت لحظة)
:
هو فعلًا ابن كلب (ثم تبدأ تنظر ناحيته بحب
استطلاع أول الأمر ثم بتمعن ثم بتفحص مشوب
بالدهشة المتزايدة).
حسن
:
إيه؟ … إنتي بتبصي لي كده
ليه؟
ميرفت
:
أصل مش عارفة … أنا متلخبطة خالص …
أنا بيتهيألي لي إني أعرف حضرتك … أعرفك
كويس … ممكن حضرتك تدور شوية؟
حسن
:
أدور ليه بس؟
ميرفت
:
معلش … عشان خاطري … أرجوك.
حسن
:
أدور ليه بس؟
(حسن يدور ببطء شديد.)
(تصيح ميرفت فجأة حين يكمل
استدارته.)
ميرفت
:
هو ده! … مش ممكن! … هو ده!
حسن
:
هو ده مين؟
ميرفت
:
قفاك … قصدي قفاه … قصدي قفاكو انتو
الاتنين.
حسن
:
مالهم! بيقمروا عيش؟
ميرفت
:
لا … بيخلوني أترعش … بص … شوف إيدي
بتعمل إيه … شوف رجلي بتعمل إيه … أنا أنا
ح اجنن … ممكن فيه راجل يبقى
بقفيين.
حسن
:
اللي اعرفه رجالة بوشين بس … إنما
قفيين دي جديدة قوي.
ميرفت
(فجأة)
:
إنت حضرتك متأكد إنك الأستاذ حسن
المهيلمي؟
حسن
(مقهقهًا)
:
لا … دا انتي دمك خفيف خالص.
ميرفت
(بنفس
الطريقة)
:
حضرتك متأكد إنك مش زعرب؟
حسن
:
زعرب!
ميرفت
(بنفس
الطريقة)
:
حضرتك متأكد إنك ما بتشتغلش
بهلوان؟
حسن
:
بهلوان؟!
ميرفت
(وقد انتابتها
حالة)
:
ياي يا لهوي … عفاريت … جن … بسم
الله الرحمن الرحيم … (تبصق في عبها) بسم الله
الرحمن الرحيم … يا ماما! … إنت … هو انت.
أنا جسمي بيترعش … أنا جسمي ما يكدبش
أبدًا … أنا خايفة … أنا دايخة … أنا … ح
يغمى عليَّ.
(يسرع حسن ويتلقاها بين
يديه.)
(تظهر إيفا عند الباب … ترى المشهد … تدق
على صدرها بهلع.)
إيفا
:
يا لهوي! إلحقوا! إوع تكون سقيتها
الكباية وكانت سخنة قوي … يا
خراشتي!
(إظلام)
المشهد الثاني عشر
(حجرة مكتب
واسعة جدًّا … في نهايتها مكتب فاخر جدًّا
… في وسطه يظهر النصف الأعلى للغرباوي …
الديكتافون الموضوع بجوار التليفونات
الكثيرة المختلفة الألوان
يتكلم.)
الديكتافون
:
حضرتك مدي معاد؟
غرباوي
(مقاطعًا)
:
أيوة.
الديكتافون
:
للأستاذ …؟
غرباوي
(مقاطعًا)
:
أيوة.
الديكتافون
:
بأمارة ما الست …
غرباوي
:
أيوة.
الديكتافون
:
أدخله؟
غرباوي
:
أيوة.
(يفتح الباب ويدخل حسن المهيلمي وحده،
يحدق في الغرفة الواسعة يبحث عن المكتب،
أخيرًا يجده … ويسرع
ناحيته.)
حسن
(ناظرًا إلى المكتب الجالس
عليه وإلى أثاث الغرفة واتساعها … غير
مصدق)
:
نقدر نقول صباح الخير يا
فندم؟
غرباوي
(يتحدث في مودة وثقة كبيرة
بالنفس وكأن التاريخ سيسجل كل كلمة من
كلماته)
:
صباح الخير.
حسن
:
أنا سعيد جدًّا للمفاجأة دي … آخر
حاجة كنت أتوقعها إني أتشرف بمقابلة
سعادتك.
غرباوي
:
خلينا في المهم … إنت عايز تقابلني
ليه؟
حسن
(مستجمعًا
نفسه)
:
أيوة … أيوة … أنا كنت عايز أقابل
سعادتك لأمر في منتهى الأهمية خالص …
حكاية التجميد دي يا فندم.
غرباوي
:
مش أحسن من الرفد؟
حسن
:
يعني هو مش رفد؟
غرباوي
:
ممكن تكون مقدمة.
حسن
:
طب وليه؟ … أنا عملت إيه؟
غرباوي
(يفتح خلفه دولاب فيظهر كوم
هائل من الجرائد الموضوعة بعضها فوق بعض،
ويصل طول الكوم إلى متر
ونصف)
:
عملت دا كله ضدي يا أستاذ
مهيلمي.
حسن
:
غصب عني يا غرباوي بك والله … غصب
عني.
غرباوي
:
حد بيكتب غصب عنه؟
حسن
:
أيوة … توجيهات المحلاوي
شخصيًّا.
غرباوي
:
وحد بيكتب بتوجيهات يا حسن
بك؟
حسن
:
أنا … أنا يا باشا … عمري ما كتبت
إلا بتوجيه. وانا مجنون أكتب من غير
توجيه؟ … أنا مؤمن إن فوق كل ذي علم عليم
… والعليم أكثر يوجه اللي عليم أقل … وانا
الأقل وهو كان الأكثر.
غرباوي
:
يعني كلام مين المكتوب ده؟
حسن
:
كلامي … وتوجيهاته.
غرباوي
:
يبقى رأي مين فيكم؟
حسن
:
رأيه.
غرباوي
:
ورأيك طبعًا؟
حسن
:
أبدًا وحياة سعادتك … ده كفر وانا
ناقل … وناقل الكفر ليس بكافر.
غرباوي
:
مستعد تقول الكلام ده وتشهد
به؟
حسن
:
أقوله بأعلى صوتي … أقف وسط ميدان
التحرير وأقوله … قدام أمن الدولة ولا
المدعي الاشتراكي والمحكمة الدستورية
العليا أقوله … وأنا بموت أقوله … في
الآخرة يوم الحساب أقوله.
غرباوي
:
يعني مستعد تشهد عليه لو قدمناه
للمحكمة.
حسن
:
هي محرجة شوية يا فندم … دا راجل
اشتغلت معاه وعرفته … مش صعب شوية إني
أشهد عليه!
غرباوي
:
تشهد ولا ماتشهدش؟
حسن
:
أشهد … أشهد، أشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمدًا رسول الله.
غرباوي
:
بقى راجل اشتغلت معاه سبع سنين
وعرفته ورقاك من محرر حوادث لرئيس تحرير
قد الدنيا … وتقف تشهد عليه برضه قدام
المحكمة شهادة ممكن توديه السجن ولا توديه
إعدام؟!
حسن
(وبحماس)
:
وإن كان أبويا كمان أشهد عليه … أنا
مع الحق يا سعادة الباشا … أنا مع مصر …
واللي يخرج عن مصر أشهد عليه للصبح … إحنا
ناس بتوع مصر.
غرباوي
:
وبتوع كله؟
حسن
:
إلا كله يا فندم … إحنا بتوع كل
حاجة إلا كله.
غرباوي
(متذكرًا ومقلبًا
الجرائد)
:
بقى أنا يا سيدي عدو الشعب المصري
الأول؟ … الرجل الذي خان الأمانة؟ … صاحب
مزاد بيع مصر؟ … دراسة الخيانة مستمدة
مادتها من طفولة الغرباوي؟ أيها الناس،
احكوا لأولادكم قصة الغرباوي الغول وأمنا
المسكينة مصر!
حسن
:
ما تفكرنيش سيادتك … دي أيام الضلال
… ضللوني يا فندم … ضللني المحلاوي الله
يسامحه. روح منك لله يا محلاوي! مشيت وراك
وأنا مغمض … إنما لو أعرف إنك ضلالي
بالشكل ده … والله ما أخطي وراك ولا
خطوة.
غرباوي
(فجأة)
:
ولد (وكأنما
وأتته فكرة جهنمية).
حسن
:
خدامك يا فندم.
غرباوي
:
تعرف تكتب عنه زي اللي كتبته
عليَّا.
حسن
:
وإزاي دي يا فندم؟
غرباوي
:
زي ما اخترعت لي جرايم تخترع له …
الطوب اللي حدفتني بيه تردهوله طوبة طوبة
… جرادل الطين اللي دلقتها على دماغي
تدلقها على دماغه جردل جردل.
حسن
:
بس كده؟
غرباوي
:
ودي شوية!
حسن
:
لو سبتني سيادتك عليه أعمل فيه
عمايل يلعن فيها اليوم اللي جابته فيه
أمه.
غرباوي
:
إزاي؟
حسن
:
سيبها علي دي أنا بقى.
غرباوي
:
أحب اطمن … إديني مثل.
حسن
:
إذا طلعتهولك إنه كان بيتجسس على
مصر لحساب الروس؟
غرباوي
:
ماتقالت دي.
حسن
:
وإذا طلعتهولك إنه كان بيتجسس لحساب
الروس والأمريكان وإسرائيل؟
غرباوي
:
دلوقتي التهم دي ما عدتش
مهمة.
حسن
:
وحساب ليبيا وسوريا واليمن
والمنظمة؟
غرباوي
:
مالهاش لزوم. إحنا في مرحلة تقارب
عربي.
حسن
:
طب كان بيتجسس لحساب
الخميني!
غرباوي
:
أهي دي جديدة دي … ح تعملها
إزاي؟
حسن
:
بالوثائق يا فندم … عندي وثائق …
وشهود … ومذكراته الخاصة بخط إيده … وصورة
له مع الخميني وهو يباركه.
غرباوي
:
بس إزاي ده كله وانا شخصيًّا أعرف
إنه مالوش علاقة بأي حاجة من دي؟
حسن
:
ده شغلنا بقى يا سعادة الباشا … إدي
العيش لخبازه ومش ح ياكل نصه … آدي الصورة
أهه … مجهزها … اتفضل شوف.
غرباوي
(متأملًا
الصورة)
:
ده مونتاج متقن قوي … دي كأنها
حقيقية.
حسن
:
دا انا اللي واخذها بنفسي يا فندم ح
اكتب وأقول كده.
غرباوي
(ناظرًا
إليه)
:
طب ما تشتغل مع علاء هو رئيس
التحرير وانت المستشار.
حسن
:
يا فندم … علاء دوغري … مش ممكن
يوافق على حاجات من دي … دول ناس بيتعبونا
… بتوع الدوغري دول.
غرباوي
:
بس أنا من الدوغري دول.
حسن
:
الدوغري بتاعك على عيني وراسي يا
فندم محدش يقرب منه، إنما الدوغري بتاعهم
دوغري ملوي ما تعرفوش، ما لهش أول من آخر،
دوغري سعادتك حاجة تانية … دوغري واضح زي
الشمس … دوغري مبادئ … مش مبادئ الدوغري
وطريق البهلوانات.
غرباوي
:
ح تنزل أول مقالة إمتى؟
حسن
:
نزلت يا سعادة البيه … اتكتبت
واتجمعت واتوضبت ونزلت وبالصور
كمان.
غرباوي
(في سره)
:
يا بن الجنية … ده الشغل ولا بلاش …
يعني بكرة ح نقرا.
حسن
:
أول حلقة من كتاب المحلاوي
الأسود.
غرباوي
:
كتاب إيه؟
حسن
:
الكتاب الأسود يا فندم … تمام زي
الكتاب الأسود اللي عمله مكرم باشا ع النحاس ح نفتح للمحلاوي كتابه الأسود …
وعلى حلقات.
غرباوي
(بتفكير)
:
هايل … طب ارجع مكتبك.
حسن
:
والتجميد يا فندم؟ (بفرحة.)
غرباوي
:
اتفك.
حسن
:
وعلاء؟
غرباوي
:
عايزه؟
حسن
:
خليه … بتوع الدوغري اللي مش دوغري
دول بينفعوا كويس قوي يا فندم، بس نرقيه …
نخليه المساعد الأول لرئيس
التحرير.
غرباوي
:
يا بن الجنية … دا انا كنت بكرهك
قوي.
حسن
:
ودلوقتي؟
غرباوي
:
عرفت أنا كنت بكرهك ليه … لأنك
بتشتغل لغيري.
حسن
:
ولما اشتغل لك؟
غرباوي
:
مين عارف … يمكن أحبك.
حسن
:
أنا رقبتي لك يا غرباوي باشا … من
غير ما تحبني حتى إن شا الله تكون بتكرهني
ولا بتحتقرني حتى … إنما أنا بحبك ومستعد
أخلص لك إخلاص مايخلصوش أقرب الناس إليك …
تحياتي للهانم يا فندم … أرجوك أرجوك تبوس
لي إيدها الكريمة … أصل لولا هي ماكنش
أتيح لي الشرف ده كله … عن إذنك يا فندم …
إحنا قدامنا شغل كتير قوي قوي … رقبتي لك
يا غرباوي بك … وبإشارة منك … والله
بإشارة منك … (مشيرًا بيده على رقبته)
أقطعها … وأجيب لك دماغي نفسها على صفحة
الطبعة الأولى.
(إظلام)
المشهد الثالث عشر
(مكتب رئيس
التحرير.)
(حسن ممدد
في تراخٍ على الكنبة الموضوعة في مكتبه،
يتصفح الجريدة ويقرأ في صوت مسموع … إيفا
تفتح الباب فتجده في هذه الحالة، فتقترب
منه وهي تراقبه في إعجاب وتدلُّه
شديدين.)
حسن
:
كتابه الأسود! … أحسن كثير من إنك
تقول كتاب المحلاوي الأسود. فيها (سسبنس)
… كتابه الأسود … فتح ملف المحلاوي … صبي
المطبعة الذي استولى على دار الزمن في
غفلة من الزمن … يسرق الحروف وهو طفل …
يختلس الورق والحبر وهو شاب … الليلة
الرهيبة التي تآمر فيها للاستيلاء على
الدار … متى بدأت الصلة بين الخميني
والمحلاوي؟ … كلمة السر بهلوي، ولماذا
تغيرت إلى بهلوان في آخر لحظة … حين تنطق
الصورة.
(ويطوى الجريدة هنيهةً ويأخذ نفسًا عميقًا
في تنهيدة ارتياح ورضاء عن النفس، يلحظ
إيفا، فينظر لها ويغمز
بعينيه.)
إيفا
(وكأنما تُفيق من
حلم)
:
منظرك حلو قوي يا …
حسن
:
النهارده يا … إيه؟ يا حسن بك ولا
يابو علي؟
إيفا
:
أبو علي دي إيه دي؟ … دي كانت غلطة
لسان يا أجمل حسن بك في كل حسنات
الدنيا.
حسن
(بينه وبين
نفسه)
:
حتى السكرتيرات في الصحافة
منافقين.
إيفا
:
الله … ما تسمعني … حتى لو كلام
قبيح سمعهولي.
حسن
:
يا حوَّا.
إيفا
:
قلنا إيفا … الله (ثم مغيرة لهجتها وناظرة
بعيدًا عنه وكأنها غاضبة)
القارئة المجهولة عايزاك.
حسن
(منتفضًا)
:
القارئة المجهولة؟ … بجد صحيح … دي
بقالها عشر سنين وهي كل أسبوع تبعت لي
جواب. هاتيها بسرعة.
(وإيفا تضحك في كمها بخبث شديد وتسرع
خارجة.)
(وتخرج ويبدأ حسن يتأنق ويسرح شعره ويجلس
إلى المكتب.)
(يفتح الباب ويدخل نجف يرتدي جلبابًا
بلديًّا، وبالطو خفيف وطربوش ويمسك منشة.
حسن ينظر إليه
باستغراب.)
نجف
:
مساء الخير يا أستاذنا
الكبير.
حسن
:
إنت مين حضرتك ودخلت إزاي؟
نجف
:
أنا القارئة المجهولة يا أستاذ
حسن.
حسن
:
إنت؟! إنت القارئة
المجهولة؟!
نجف
:
أعمل إيه بقى وانتو يا صحفيين ما
بتقروش إلا جوابات الستات والمعجبات؟ …
الرجالة بتعمل لكم أرتيكاريا … قلت أمضى
لكم ست يمكن تحنوا … مانا ما ليش شغلة إلا
إن أفلي الجرايد وأبعت للي بيكتبوا … واحد
زميلكو حبني وكل يوميات يكتب لي جواب: إلى
القارئة المجهولة … نعمل لكم إيه بس؟ …
خلتونا نعمل بهلوانات عشان تسمعونا … مش
عايزين تسمعونا … نعمل لكم ستات.
حسن
:
وخطك … دا خطك حريمي خالص … وأنا
ياما تصورت إن صاحبته لازم تكون خريجة
جامعة أمريكية كمان … إنت القارئة
المجهولة؟!
نجف
:
أنا يا حسن بك … محسوبك نجف.
حسن
:
عارفك … نجف بتاع الجمبوك.
نجف
(فاغرًا
فاه)
:
وانت إيش عرفك؟
حسن
:
إيش عرفني؟ (ثم متداركًا نفسه، يهز رأسه ويأخذ وضع
العارف ببواطن الأمور) إيش
عرفني إزاي؟ … مانا عارف كل حاجة … أمال
إحنا بنهزر يا أخ … اسمك إيه؟ … آه … يا
أخ نجف الصحافة دي شغلتها إنها تعرف …
وانا عارف كل حاجة.
نجف
:
حتى الجمبوك … دي محدش يعرفها
أبدًا.
حسن
:
وميرفت … البنت الجديدة
بتاعتكم.
نجف
:
وميرفت كمان … يا نهار أسود … أظن ح
تقول لي …
حسن
:
إنه جالكو بهلوان جديد اسمه
زعرب.
(نجف يصاب بحالة رعب يبتعد عن مكتب حسن
متراجعًا بظهره وكأنما يرى جنيًّا من دم
ولحم.)
نجف
:
إنت في المباحث حضرتك؟ (متحسسًا بلا وعي جيبه خائفًا
على القطعة التي يخفيها هناك)
إوع تكون مباحث!
حسن
:
لا يا سيد نجف … أنا صحافة مش
مباحث.
نجف
:
هم بيسموها صحافة دلوقتي؟
حسن
:
باختصار شديد … حضرتك كنت جايلي
عايز إيه؟
نجف
(مستجمعًا
نفسه)
:
أيوة صحيح … كنت جاي عايز إيه؟ …
عايز إيه؟ … آه … كنت جايلك عشان اللي
كتبته حضرتك النهارده … الكتاب الأسود ده
والمحلاوي … والليلة الرهيبة والخميني.
إيه الحكاية يا أستاذ حسن؟
حسن
:
حكاية إيه؟
نجف
:
مش المحلاوي ده اللي كنت طالع به
السما؟ … أنا بقالي خمس سنين وكل يوم كلام
عن فلسفة المحلاوي … … حكمة المحلاوي … هو
عشان كان يعني صاحب الجرنال ودلوقتي اتقلش
تعمل فيه كده؟
حسن
:
لا لا لا … أبدًا يا أستاذ نجف …
إنت غلطان … أنا كنت مؤمن به زي ما كتبت
تمام … كل كلمة قلتها كنت مؤمن بها. لغاية
ما ابتديت أعرف والبير المتغطي يبان
وحكاية وراء حكاية اكتشفت إني كنت
مخدوع.
نجف
:
وخدعتنا معاك!
حسن
:
أرجوك … خليك حريص في كلامك شوية …
أنا لم أخدع أحدًا … أنا باكتب اللي بشوفه
… وساعتها كنت شايف كده … وشرف الكلمة
يقتضيني إني لما أشوفه في صورة تانية أقول
اللي أنا شايفه … هي المسألة لعبة؟ …
اكتشفت إن الراجل اللي وثقت فيه ده ووثق
فيه الناس كان حرامي ولص وجاسوس واسكت؟!
الشجاعة الأدبية تقتضي إني أقول رأيي …
وده انا قايله … قايل إزاي الراجل ده
خدعنا كلنا وخدعني بشكل خاص … اقرا … اقرا
… (بعصبية يمسك
الجريدة ويريه مكان السطور
ويقرأ) وذات ليلة فوجئت بمن
يطرق عليَّ الباب ويهمس في أذني: هل عرفت
آخر خبر؟ وهززت رأسي بالنفي، فخفض صوته
أكثر، وكأن الآذان لم يعد لها جدران وقال:
صاحبك المحلاوي! قلت: ماله؟ … اقرأ يا
أستاذ نجف وانت تعرف أنا بقول كده
ليه.
نجف
:
مانا قريت.
حسن
:
وما عرفتش؟
نجف
:
عرفت إيه؟
حسن
:
أنا كفرت به ليه؟
نجف
:
عرفت.
حسن
:
ليه كفرت به؟
نجف
:
لأنه اتقلش.
حسن
:
غلط يا أستاذ نجف … أنا كفرت به
لأنه طلع حرامي … وإرهابي …
وخميني.
نجف
:
طلع لوحده كده؟
حسن
:
انكشف.
نجف
:
مين اللي كشفه؟
حسن
:
الغرباوي طبعًا.
نجف
:
لما مسك!
حسن
:
مسك إيه يا جدع انت؟ … هو اللي
اكتشف الخدعة الكبرى اللي اسمها
المحلاوي.
نجف
:
يعني المحلاوي كان خدعة
كبرى.
حسن
:
للأسف.
نجف
:
والغرباوي كان إيه؟
حسن
:
كان مخدوع فيه زينا كلنا … كان
مظلوم.
نجف
:
كان مظلوم ولا كان التعلب الغرباوي
النجس.
حسن
(مذعورًا)
:
إيه اللي بتهببه ده! … مين السافل
اللي يقول كده؟
نجف
:
حضرتك.
حسن
:
أنا؟!
نجف
(يخرج من جيبه الكبير قصاصات
صحف ملصوقة في بعضها البعض على هيئة شريط
طويل جدًّا ملفوف يمسك طرفه
ويفرده)
:
تحب اقرا لك قلت إيه على المحلاوي
قبل كده؟
حسن
:
ما كلنا كنا مخدوعين فيه.
نجف
:
وتحب اقرا لك قلت ع الغرباوي إيه
قبل كده؟
حسن
:
ما قلنا كنا ظالمينه.
نجف
:
يعني لما يتقلش كنا مخدوعين فيه،
يمسك كنا ظالمينه يتقلش ننخدع فيه، يمسك
كنا ظالمينه … يا حلاوة يا ولاد … يعني
عمركوا ما بتعرفوا إلا بعدين.
حسن
:
إحنا بنهزر يا سيد نجف؟
نجف
:
مين اللي بيهزر يا سيد حسن؟
حسن
:
اسمي الأستاذ حسن من فضلك … ماتنساش
نفسك.
نجف
:
مين اللي بينسى نفسه يا … أستاذ
حسن.
(حسن يضغط على الجرس تظهر إيفا
فورًا.)
حسن
:
من فضلك وصَّلي السيد ده
لبرة.
(نجف يلف الشريط ببطء وهو ينظر إلى حسن
نظرة مليئة بالسخرية والرثاء بطريقة
يتململ لها حسن، ويزداد تململه … ثم يصرخ
قائلًا):
حسن
:
اطلع برة.
نجف
(هازًّا رأسه وهو
يخرج)
:
إذا مسك كنا ظالمينه … وإذا اتقلش
كنا مخدوعين فيه … وانتو اللي على طول
ظالمينا واحنا اللي على طول مخدوعين فيكم
… اللي يمشي وراكم يلاقي المحلاوي زي
الغرباوي والمنوفي زي البحراوي والدمياطي
زي الطنطاوي زي الأسيوطي … خليتونا لا
إحنا عارفين غرب من شرق ولا شمال من جنوب
… إلهي يجازي اللي كان السبب.
حسن
(بصوت مفاجئ
غريب)
:
ومين اللي كان السبب؟
نجف
:
اللي صحي بدري وسبق وكل
النبق.
(حسن يشعل سيجارة بعصبية … الولاعة لا
تشتعل … يقذف بها.)
حسن
:
كبريت … عايز كبريت (بزعيق
هائل).
(تدخل إيفا في هلع وتمسك بولاعة المكتب
وتشعل سيجارته. يأخذ نفَسًا عميقًا … ثم
فجأة يبتسم ويقول):
حسن
:
ولا تعكر نفسك … ناس جهلة ما بتفهمش
… إذا كان واحد عامل ست عشان تقراله …
القارئة المجهولة قال … حتى لو كانت
معلومة … قراء إيه دول بتوع آخر زمن … أنا
يهمني قارئ واحد بس فيهم كلهم.
إيفا
:
فشر! … إنت بيقرا لك آلاف.
حسن
:
بس اللي يهمني واحد بس … أنا أصلي
من بتوع القارئ الواحد … واحد إنما بمليون
… حد برة؟!
(إظلام)
المشهد الرابع عشر
(غرفة نوم
حسن المهيلمي.)
(شرشر واقفة
في وسط الحجرة تحدث
نفسها.)
شرشر
:
ماهو أنا لازم أعرف بيروح فين كل
ليلة، وأنا ابتديت أضبط عليه الساعة. كل
يوم الساعة تمانية بالضبط ألاقيه لابس
البدلة العرة القديمة بتاعته وخارج. ويقول
لي رايح الجرنان. أسأل عليه في المكتب
يقولو لي في المطبعة. أسأل عليه في
المطبعة يقولولي في التوضيب. أسأل في
التوضيب يقولو لي … كل مرة ألاقي جواب
شكل.
طب إذا كان مرافق يتنيل على عنيه
يلبس البدلة القديمة ليه؟ يبقى لازم اللي
مرافقها واحدة جربوعة. لازم كده. ساكنة في
الدراسة ولا ميت عقبة. مفيش إلا كده.
تعملي إيه يا بت يا شريفة؟ تعملي إيه؟ جتك
نيلة في نافوخك. أمك مش قايلالك مفيش إلا
التفتيش. الست لما تشك في جوزها قبل ما
تقول له أي حاجة لازم كل ليلة تفتشه. في
ليلة لا بد ح تقع وتلاقي حاجة ولا محتاجة.
أفتشه … وديني لأفتشه، قبل ما يخرج من
الحمام لازم أفتشه. هي فين البدلة
الجربانة دي. (تفتح
الدولاب) لا دي ولا دي ولا دي
… ولا هنا خالص. بيشيلها فين بس؟ أهه …
شوف المجرم … حاططها في قعر الدولاب
(تتناول البنطلون
بسرعة محمومة وتجري يدها في
جيبه)، جنيه مطبق ومنديل. آخ.
فيه أحمر أهه يا ناري. (بحمًى أكثر تمسك
الجاكتة) هه … هه … (تخرج جيوبها الخارجية ثم تدخل
يدها في الجيب الداخلي) مفيش
حاجة … معقول ده! استني كده (تدرك أن هناك شيئًا ما داخل
الجاكتة، تطبقها فتجد أن الشيء موجود،
تفتش الجيوب فلا تجد فيها
شيئًا) إيه الفزورة دي؟ فيه
حاجة جوة أهه. (وتمسكها) أوصل لها إزاي بس.
آه … آخ. (تدفع
يدها إلى الجيب الخارجي وتهزها فتجد أن
بطانة الجيب مثقوبة فتظل تدفع يدها
وتستخرجها واحدةً وراء الأخرى، وصوتها
يتصاعد على هيئة صراخ متصاعد الدرجة، كل
مرة أعلى): روج … صباعين روج …
طبعًا جربوعة واخد لها روج وبودره، أحمر
وأبيض، يا لهوي، وكحل وماسكارة! يا
مصيبتي! وإيه ده! يا أمه! إيه ده!
(تكون قد أمسكت
بالأنف الصناعي) دا لازم عمل،
يا لهوي! عمل! (تبصق في عبها، تدوخ، تتمالك نفسها، تجمع
الأشياء كلها وتقذف بالجاكتة والبنطلون
إلى الدولاب، تذهب والأشياء معها إلى حيث
السرير، وكأنما انتابتها نوبة إغماء، تضع
الأشياء تحت المخدة ثم تتمدد وتتنفس بعمق
وكأنها ستموت حالًا.)
(من
الخارج يأتي صوت حسن يغني أغنية
ويصفر.)
حسن
:
أنا من ضيع في الأوهام عمره … نسي
التاريخ أو أنسي ذكره غير يوم (يبدأ يترقص ويقطع الأغنية
طبقًا للرقصة) غير يوم … لم
يعد يذكر … غيره … يوم أن قابلته أول
مرة.
شرشر
(تتمم من بين
أسنانها)
:
أول مرة وآخر مرة يابن العبيطة!
(حسن يدرك وجودها،
يقبل عليها وهو يرتدي الروب دي شامبر على
اللحم وما زال الماء يتساقط من شعره رغم
الفوطة.)
حسن
:
شرشر حياتي … باموت فيكي يا ماما …
وديني باموت فيكي.
(شرشر تفتح عينيها وتنظر ناحيته في
سخرية.)
شرشر
:
صحيح؟
حسن
:
إنشالله أتسخط قرد باموت …
فيكي.
شرشر
:
لا يا شيخ … هئ … هئ هئ … هئ هئ هئ
(وتبدأ تضحك بسخرية
طاغية، حسن ينظر لها مستعجبًا أول الأمر
ثم يبدأ يشاركها القهقهة المكتومة على
طريقتها، وتتحدد قهقهاتها وتعلو وتعلو …
وفجأة تصرخ شرشر وقد غيرت ملامحها إلى
شراسة منقطعة النظير).
شرشر
:
بتضحك على إيه؟
حسن
(خائفًا)
:
بضحك على … … على … على اللي انتي
بتضحكي عليه.
شرشر
:
طب باضحك عليك.
حسن
:
وأنا باضحك عليكي. قصدي بضحك عليَّ.
وفيها إيه لما اضحك؟ حد طايل يضحك.
شرشر
:
وتحب تضحك أكثر! … تحب؟
حسن
:
قوي قوي.
شرشر
(تمد يدها وتتناول إصبع الروج
من تحت المخدة وتريه له في حركة استعراض
وشماتة … حسن يتجمد … وينظر إليها فيجد
ملامحها المبتئسة ثابتة بطريقة مرعبة ثم
بعد صمت)
:
ما تضحك … ساكت ليه؟
حسن
:
أضحك على إيه؟
شرشر
:
على نفسك … حضرتك بتشيل روج في
جيوبك؟
حسن
:
أنا (ثم
لنفسه ومن بين أسنانه المقفلة)
فضلت ماشي على الحبل لما وقعت يا زعرب،
أقع بقى تنقطم رقبتك (ثم بصوت عالٍ
جدًّا) أنا؟
شرشر
:
ولا كلمة! أنا لسة مطلعاه من جيبك
حالًا.
حسن
:
أنا؟
شرشر
:
ولا كلمة! اللي اسألك تجاوبني عليه،
شايل ده معاك ليه؟ راجل شايل صباع روج في
جيبه. يبقى إيه يا حسن بك؟ يبقى راجل ولا
آخر الزمن … انقلب؟ انطق.
حسن
:
ما انقلبش.
شرشر
:
أمال شايله ليه؟
حسن
:
أصلي … أصلي …
شرشر
:
والبودرة دي … والكحل؟ …
والماسكارة؟ … بتحط ماسكارة كمان … هو
صاحبك بيحب رموشك لفوق يا حسن؟ … إوعى
تكون عملت عملية كمان من ورايا وأنا مش
دارية … وريني كده (تهجم عليه).
(حسن يفر مبتعدًا، ويقف بعيدًا تمامًا في
الركن.)
حسن
:
عندك! خليكي عندك وأنا ح اقول لك
على كل حاجة.
شرشر
:
والله والله لو كدبت في كلمة ما
واخدة الحاجات وبدلتك ومودياهم الجرايد
التانية … انطق.
حسن
:
ما عادش بدها بقى! أصلي أنا باشتغل
في سيرك بالليل.
شرشر
:
في إيه؟!
حسن
:
في سيرك.
شرشر
:
واللي بيشتغل في سيرك بيحط بودرة
وروج وماسكارة … ليه …؟ بيشغلوك رقاصة ولا
إيه؟
حسن
:
لأ … بهلوان.
شرشر
:
بهلوان؟! بتشتغل بهلوان في سيرك؟!
إنت عايز تاكل بعقلي حلاوة؟ إنت فاهمني
عبيطة؟ … فاهمني بريالة؟
حسن
:
باس! بس فين بقية الحاجات؟
شرشر
:
قصدك العمل اللي عاملهولي؟
(وتمد يدها تخرج
بقية الأشياء.)
حسن
:
وريني (يحاول
أن يأخذ منها القناع ولكنها تزوغ
منه).
شرشر
:
لا يمكن أسلمهولك … دي مستندات … دي
مستندات … مستندات طلاقي وفضيحتك .
حسن
(بهدوء
جدًّا)
:
خلِّي المستندات معاكي. وريني اللي
بتقولي عليه عمل ده (بأمر) وريني
(تقذف له بالقناع،
يأخذه ويضعه فوق أنفه) آدي
العمل يا ستي.
شرشر
:
إنت بتضحك عليَّ! أمال الروج
والبودرة دول إيه.
(حسن يقترب منها وقد بدأت ترتبك وتشك في
المسألة، بسرعة شديدة يأخذ منها البودرة
ويضع منها على وجهه، ثم يتناول الروج
ويصنع له فمًا كبيرًا، وهي تراقبه في
ذهول.)
(وحين ينتهي ينظر في المرآة
ويقول):
حسن
:
آدي زعرب البهلوان يا ستي.
شرشر
:
أعمل إيه يا ربي؟ (فجأة تنخرط في
البكاء) بعد عشر سنين جواز
تطلع زعرب البهلوان … (تقولها وهي تنهنه)
يا بختِك المهبب يا شريفة … يا قسمتك
السودة!
(حسن ينكس رأسه ولا
يتكلم.)
(وشرشر تتخلص بصعوبة من الحالة التي هي
فيها وتقول):
شرشر
:
أنا مش داخل مخي الكلام ده … بقى
علشان تهرب من خيانة تعمل لي بهلوان …
قلتلك ميت مرة إني مش عبيطة زي ما انت
فاهم. أنا أحيانًا بستعبط بس إنما أنا مش
عبيطة. عايز تفهمني إنك بتشتغل بالنهار
رئيس تحرير وبالليل بهلوان. ده معقول ده؟
وتعمل كده ليه؟ … إيه اللي زانقك على كده؟
… بيدولك فيها فلوس كتير؟ … ولا واحدة من
بتوع السيرك عاجباك؟ … ما هو لازم أعرف
راسي من رجليه … إيه اللي يجبرك إنك تشتغل
بهلوان؟
حسن
:
عشان أتوازن يا شرشر.
شرشر
:
تِتْ إيه؟
حسن
:
أتوازن. طول النهار بشتغل جد جد.
وشغلنا كله كدب كدب ولازم أكدب وأنا جد.
وأبقى جد جدًّا وأنا بكدب. استحملت في
الأول … كان فيه هدف قدامى إني أمسك جرنان
وأبقى رئيسهم كلهم. بالكدب … بالذوق …
بالجد
… بالعافية … بمهاودة كل واحد على عقله …
بسكك الجن الأزرق نفسه ما يقدرش عليها …
وصلت وبقيت رئيس تحرير. ولقيت نفسي مش
قادر أواصل بقى … خلصت … كل الكدب اللي
عندي خلص … وكل النفاق اللي عندي خلص …
وكل الفهلوة والفبركة والضحك على الدقون
خلص … طول الوقت كان في حتة بتتفرج على
اللي بعمله وتضحك في سرها. فِضلت تكبر
وتكبر، وتلح، وعايزة تضحك علني والناس
تسمعها. ومن صغري وانا بحب السيرك، وبحب
البهلوان، وأحب أقلده، قعدت أتمرن عليه،
أقفل عليَّ المكتب وأتمرن عليه، وأزوغ
وأروح السيرك في النهار وأدي بقشيش للي
هناك وأتمرن على الألعاب … وأخيرًا ما عدش
بدَّها بقى … قلت أبقى بهلوان علني …
وشغلوني … وضحَّكت الناس … موتهم م الضحك
ع البهلوان … مع إني في السيرك ما بقولش
كلمة واحدة غير مؤمن بيها … وسعدت سعادة …
بقيت ح اطير … ح اجنن م الفرح وانا خارج
أول ليلة وحاسس إني لأول مرة أبقى نفسي …
ألاقي نفسي … أقول اللي عايز أقوله …
واتشقلب زي مانا عايز … أنا كان حاجة م الاتنين … يا افضل جد زي مانا واتجنن، يا
افضل جد زي مانا الصبح بس … وبالليل أشتغل
بهلوان … مش أحسن ما اجنن يا شرشر؟
شرشر
:
أنا عندي تجنن أحسن … أقله ح تقعد
في مصحة محترمة … ويقولوا عليك عبقري مخه
من كتر الذكاء طق … ومن كتر الشغل فوت …
إنما تروح الشغلانة الخطيرة دي … بهلوان!
… أبقى مجوزة بهلوان!
حسن
:
مش أحسن ما تبقي مجوزة
مجنون؟
شرشر
:
المجنون أحسن … على الأقل عيان …
إنما البهلوان دا مش عيان … واتهزأ وعايز
يهزأ نفسه.
حسن
:
على العموم دا رأيك … رأيك … وانا
أحترم رأيك … أنا مختلف مع رأيك ولكني
مستعد إن أموت دفاعًا عن حقك في قول
رأيك.
شرشر
(فجأة وكأنما تُفيق من
كابوس)
:
بس انا مش مصدقة الحكاية دي كلها …
هو أنا كل ما اقفشك متلبس تخترع لي حكاية؟
… إنت فاهمني إيه؟ … عيلة؟ … أنا مش
مصدقة.
حسن
:
خلاص … تعالي النهارده السيرك
المصري العالمي الساعة تسعه ونص وشوفي
بنفسك.
شرشر
:
أشوفك بهلوان؟!
حسن
:
وفيها إيه!
شرشر
:
فيها إني إذا رحت وما شفتكش هناك
ولقيت بهلوان تاني … وديني وما أعبد لأحط
لك سم ع الأكل … سم … عارف … سم السيانور
بتاع المشير.
(إظلام)
المشهد الخامس عشر
(حجرة رئيس
التحرير.)
(يجلس حسن
المهيلمي إلى المكتب في حالة نشاط محموم،
يرفع سماعة التليفون ويضغط على زرار،
ويقول في البوق):
حسن
:
ناديلي الأستاذ علاء.
(نجد علاء يفتح الباب أثناء الكلام
داخلًا.)
علاء
:
مساء الخير.
حسن
:
والله انت باينك ابن حلال بجد. إنت
حسيت إني عايزك ولا إيه؟
علاء
:
أبدًا … أنا اللي كنت عايزك، فجيت،
وسمحت لنفسي أدخل من غير ما أفوت ع
السكرتيرة.
حسن
:
يا سيدي ما تدقش … خير … كنت عايزني
ليه؟
علاء
:
أفتكر من حسن الأدب إني أعرف أولًا
إنت كنت عايزني ليه؟
حسن
(هازًّا
رأسه)
:
على كيفك … أنا كان مفروض أقولك م
الصبح … أنا قلت بقى خليها لبعد الظهر.
شوف يا سيدي … مسألة التجميد دي انتهت
خالص. أنا قابلت امبارح الغرباوي بك
واتفاهمنا على كل حاجة.
علاء
:
دا واضح.
حسن
:
واضح من إيه؟
علاء
:
من حكاية الكتاب الأسود بتاع
المحلاوي، والحلقة الأولى، والصور،
والتجسس لحساب الخميني.
حسن
:
حاجة غريبة يا علاء … أنا عمري ما
كنت أتصور إن الراجل اللي كنا شايلينه على
روسْنا من فوق يطلع كده … لص وحرامي
وجاسوس وفيه كل البدع … دا لسة ح تشوف في
الحلقات الجاية حاجات تشيب.
علاء
:
هو فيه حلقات جاية؟!
حسن
:
يوهوه … ماتعدش!
علاء
:
والغرباوي بك ماعاتبكش على الحلقات
اللي كنت بتكتبها عليه.
حسن
:
عاتبني … إنما على مين يا علاء؟ …
كلته … وحياتك كلته … في خمس دقائق بالضبط
كان هنا في جيبي.
علاء
:
مش غريبة عليك … وانت ياما كلت ناس
… طول النهار طالع نازل تاكل.
حسن
:
إنت بتتريق يا علاء؟!
علاء
:
بكلم جد والله … بس أنا مكنتش متصور
إن الغرباوي بك م الناس اللي بيتاكلوا …
دا عضمه ناشف قوي كلته ازاي؟
حسن
:
إذا كان عضمه ناشف … فانا معدتي
تهضم الحديد … ها ها ها.
علاء
:
وشال التجميد طبعًا؟
حسن
:
شاله … ورجعني رئيس تحرير وبعلاوة
تلتميت جنيه في الشهر … سماها بدل تكدير
(يضحك)
أما انت فاتفقت معاه إنك تشتغل مساعد رئيس
تحرير، نرقيك يعني … ابسط يا حلو … أقصى
ماهية في الدولة وسكرتاريه وعربية مازدا
بتليفون … حاجة ألِسطة خالص … (ثم وكأنه يتذكر شيئًا فجأة،
يرفع سماعة التليفون ويدير
رقمًا) إنت فين يا زفت يا
برهان؟ … فين البروفة بتاع الصفحة بتاعتي؟
… أيوة الحلقة التانية من كتاب المحلاوي
الأسود … إيه ماجاتلكشي … إزاي الكلام ده؟
… اجري اسأل عليها فورًا في الجمع ولا في
التصحيح وقولي حالًا بالتليفون … بسرعة …
هوا … (ثم ناظرًا
لعلاء) ما قلتليش بقى إيه رأيك
في حكاية مساعد رئيس التحرير؟ دي حاجة كده
زي مساعد رئيس الجمهورية تمام … بوس على
إيدي … (يمد له يده
بحيث تكاد تمس فمه. علاء، بلباقة وبحسم
يزيحها.)
علاء
:
بس انا ما طلبتش منك ترقية يا حسن
بك.
حسن
:
وهو ضروري تطلب … أنا مؤمن بك
وبكفاءتك … إنت تستاهل.
علاء
:
إنت نسيت اتفاقنا ولا إيه؟ … نسيت
إنك طلبت مني أأجل استقالتي يومين بس
لغاية ما تصلح أمورك مع الغرباوي … نسيت
ولا إيه؟
حسن
:
لا مانسيتش … بس ده كان أول امبارح
… النهارده شيء تاني … استقالة إيه اللي
بتقول عليها دي؟!
علاء
:
استقالتي … أنا قلتلك أنا لا يمكن
أشتغل مع الغرباوي ده أبدًا … واستقالتي
أهه.
حسن
:
وانت يا أخينا ح تشتغل معاه؟! … إنت
ح تشتغل معايا أنا … روح قطعها.
علاء
:
أنا مُصر عليها … ما هو معاك حتى
أنقح؛ لأنك أكتر ما هو مع نفسه، غرباوي
أكتر من الغرباوي … وده مش خطي …
الاستقالة أهه يا حسن بك … ما خدتهاش
ح ابعتها لك مسجلة في البوسطة.
حسن
:
يا جدع بلاش جنان بقى … إنت ح تفضل
طول عمرك كده مجنون! … عامل لي بتاع
مبادئ؟ … ما حدش قال لك سيبها … بس جمدها
يا أخي جواك … وماشي الجو! حد ح يفتشك! …
حد ح يعرف إنت مآمن بإيه؟ … حد ح يلومك؟ …
ما كلهم بيعملوا كده.
علاء
:
اللي بيعمل كده له اسم معروف قوي …
دول المنافقين إخوان الشياطين … أنا زي ما
انت عارف.
حسن
:
دوغري. عارف. بس خللي الدوغري ده
هنا … في دماغك … جمده بقول لك.
علاء
:
والله الدوغري اللي مايبانش للناس
يبقى أسوأ من اللي مش دوغري … الصحافة يا
أستاذ حسن مهنة رأي … حتى الخبر فيها … عن
رأي ووجهة نظر … دي مش نجارة تعمل لك كرسي
كويس … دي صياغة أمخاخ الناس … لازم
تعملها على أساس وعلى مبدأ وعلى قيم … ما
انت عارف كويس … وميت مرة اتناقشنا في
المسألة دي … استقالتي أهه … الغرباوي ده
يتنافى مع كل قيمة بأومن بها وكل مبدأ،
وطريقتي غير طريقته خالص.
حسن
:
طب دقيقة واحدة … دقيقة واحدة
(ويمسك سماعة
التليفون ويطلب نفس الرقم) فين
البروفة يا برهان الزفت! … مش في التصحيح
… ومش في الجمع … أمال فين؟! راحت فين؟! …
بيقولوا مش نازلة … مين الحمار اللي بيقول
كده؟ … ده انا اللي يقول ده ينزل وده
ماينزلش … أنا بس … مين اللي قال لكم ما
تنزلش؟ انطق … ماتعرفش؟ (ويحدق ناحية الأستاذ علاء
برهةً طويلة ثم يقول بصوت خافت
منذر) إنت اللي قلت ما
تنزلوهاش يا علاء؟
علاء
:
ولا اعرف إن فيه حاجة نازلة لك
خالص.
حسن
:
دي زمبة من ورايا ولا إيه؟! وجاي
تقدم لي استقالتك بعد ما عملتها؟! … إنت
عارف معناها إيه إن الحلقة الثانية ما
تنزلش بكرة … معناها خطير جدًّا … معناها
إن كارثة حصلت ووقفت النشر … القراء
يقولوا إيه؟ الحكومة تقول إيه؟ … بتوع
المعارضة يقولوا إيه؟ … ما هو أنا لازم
أعرف مين اللي ما نزلهاش. (يضغط على الجرس يستدعي إيفا،
يتعالى صوته) أنا لازم أعرف
المقالة فين … ومين منعها … (تدخل إيفا فتجده هائجًا
هكذا) لازم أعرف مين اللي عمل
كده.
(من
الباب المفتوح يأتي صوت الغرباوي وقد
انتصب في فتحة الباب):
غرباوي
:
أنا اللي منعتها.
(الجميع يتطلعون إليه في استغراب وحين
يجدونه الغرباوي يقفون جميعًا في أماكنهم
مسمرين.)
حسن
:
أهلًا يا فندم أهلًا أهلًا أهلًا …
دي إيه المفاجأة المفرحة دي؟ … دا المكتب
اتشرف يا فندم.
غرباوي
(مقاطعًا)
:
أنا اللي منعتها.
حسن
:
ليه؟ خير يا فندم؟ هي فيها حاجة كده
ولا كده معاذ الله!
غرباوي
:
أبدًا … بس أنا منعتها … ووقفت
السلسلة خالص.
حسن
:
خالص؟
غرباوي
:
خالص.
حسن
:
طب والقراء اللي قلنا لهم إنها على
ثلاثين حلقة … يقولوا إيه؟
غرباوي
:
يقولوا اللي يقولوه.
حسن
:
وأنا يبقى موقفي قدامهم إيه؟
غرباوي
:
أنا مايهمنيش موقفك.
حسن
:
إزاي يا فندم وأنا رئيس التحرير
المسئول … على الأقل قدامهم.
غرباوي
:
ما عُدتش رئيس تحرير ولا
مسئول.
حسن
:
عدت يعني لوضع التجمد … زي
بعضه.
غرباوي
:
أكتر شوية … تبخرت … اختفيت …
اترفدت.
حسن
(يبتلع ريقه عدة مرات قبل أن
يقول)
:
مش مشكلة إني اترفدت … ولا مشكلة
إني أشتغل رئيس تحرير خالص … المشكلة إني
أقدم لسيادتك أي خدمة … حتى بدون اسم أو
وظيفة أو أي حاجة … ويهمني جدًّا جدًّا
كواحد بيحبك ومخلص لك … نفسي أعرف إيه
اللي زعلك وخلاك ترفدني.
غرباوي
(يضحك ضحكة
صفراء)
:
طبعًا … ما انت فاكر إنك كلتني …
ولا زي ما بلغني حطيتني في جيبك … ليه
التسرع ده يا حسن؟ … مش كنت تستنى شوية
علشان تعرف مين أكل مين، ومين اللي حط
التاني في جيبه؟ … أنا سبتك تقول على
المحلاوي ما قاله مالك في الخمر، نفس
المحلاوي اللي كنت بتقول عليه لغاية
الأسبوع اللي فات حاجات بترفعه فوق مرتبة
البشر … سبتك لما وريت للناس حقيقتك … إنت
بنفسك فضحت نفسك … وبعدين بالشلوت … اللي
زيك ما ينفعنيش … بالشلوت.
حسن
:
طب ليه يا فندم؟ … أنا عملت
إيه؟
غرباوي
:
لا يا شيخ! … نسيت؟! الغرباوي عدو
الشعب المصري الأول … الرجل الذي خان
الأمانة … صاحب مزاد بيع مصر … دراسة عن
الخيانة مستمدة من وقائع حياة الغرباوي …
الغرباوي الغول وأمنا المسكينة
مصر.
حسن
:
دي أيام الضلال يا فندم … أنا قلت
لسيادتك … أيام الضلال.
غرباوي
:
واتلفت أنا كده ولا ييجي المحلاوي
كده، وترجع لأيام الضلال يا ضلالي … برة!
(مشيرًا إلى
الباب).
حسن
:
يا فندم.
غرباوي
(وكأنه يطلق
النار)
:
برة! إيفا هاتي السعاة يجرجروه
برة.
حسن
:
وعلى إيه! … حاضر … ممكن آخد
أوراقي!
غرباوي
:
بعدين … إوع تخطي هنا تاني … ح نبعت
لك كل حاجة … برة.
(حسن يردد بصره بين الثلاثة الغرباوي
وإيفا وعلاء؛ وكأنه ينتظر معجزة في آخر
لحظة … وحين لا تحدث يندفع مغادرًا الحجرة
على أطراف أصابعه وكأنه يتبخر
فعلًا.)
(حين يزول أثر الموقف السابق بعد فترة
صمت):
غرباوي
:
إنت ح تبقى رئيس التحرير يا
علاء.
علاء
:
بس أنا يا فندم …
غرباوي
:
ما بسش … ده أمر تكليف … اقعد ع
المكتب ده.
علاء
:
آسف يا فندم … مش ح اقدر.
غرباوي
(باستنكار
مذهول)
:
مش ح تقدر … ليه؟!
علاء
:
أنا مختلف مع آراء سيادتك تمامًا …
ولا يمكن أخالف ضميري واشتغل معاك.
غرباوي
:
ليه؟ … هو أنا سكة؟! أنا فضيحة؟ أنا
كخة؟!
علاء
:
العفو يا فندم … بس دي مسألة مبادئ،
ومع احترامي الكامل للي بتؤمن بيه … أنا
بأومن بحاجات تانية خالص.
غرباوي
:
بالمحلاوي يعني … مبادئ
المحلاوي!
علاء
:
أنا لا محلاوي ولا غرباوي يا فندم …
أنا علائي.
غرباوي
:
وتطلع إيه علائي دي … مبدأ
جديد؟
علاء
:
مبدئي يا فندم … آرائي …
طريقتي.
غرباوي
:
الدوغري؟
علاء
:
الدوغري.
غرباوي
:
إنت مُصر؟!
علاء
:
مسألة مبدأ يا فندم، والمبادئ ما
فيهاش مساومة.
غرباوي
:
مساومة؟! هي حصَّلت مساومة؟! أما
سفالة صحيح … برة.
(علاء يقذف بالمظروف الذي فيه الاستقالة
على المكتب ويخرج بخطوات واثقة
سريعة.)
(والغرباوي ينظر إلى إيفا ولكنه لا
يخاطبها، وإنما يخاطب
نفسه):
غرباوي
:
يعني يا الواحد فيهم يبقى بهلوان
مالوش مبدأ … يا يبقى دوغري دماغه ناشفة
زي دماغ الحمار … ما فيش ناس كده نُص نُص
… بهلوان صاحب مبدأ ولا دوغري إنما
بهلوان؟! … لازم فيه نوع تالت كده … لازم
… (ثم
وكأنه اكتشف شيئًا
فجأة) أنا ح اشتغل رئيس تحرير
وأوريهم الشغل ازاي! (بسرعة يذهب إلى حيث كرسي
المكتب ويجلس عليه، ويعدل من جلسته، ثم
ينظر ناحية إيفا ويقول)
هاتيلي كباية لبن سخنة!
(ظلام)
المشهد السادس عشر
(في
السيرك.)
المذيع
:
سيداتي سادتي … إنتو عارفين إن
دلوقتي موسم امتحانات، وزعرب البلهوان
بتاعنا برضه عنده امتحان … قال إيه … عايز
يترقى باش بهلوان … إحنا يا مصريين كده …
غاويين امتحانات … المدير بتاعنا بعد ما
شاب رايح ياخد الابتدائية … ناس عايزة
تفضل تلامذة طول عمرها.
(زعرب يقتحم الساحة،
مهمومًا.)
زعرب
:
إحنا غاويين امتحانات ولَّا انت
اللي غاوي ميكروفونات ! … أعوذ بالله من
الناس دي … الواحد منهم ما يصدق يتلايم
على ميكرفون وهات يا رغي، هات يا رغي …
عندنا ميت إذاعة وكل إذاعة بتشتغل أربعة
وعشرين ساعة، والشغل إيه؟ كلام، بطل بقى
وامتحني بقى.
المذيع
:
بطَّلنا يا سي زعرب … مستعد
للامتحان؟
زعرب
(بقرف)
:
اتوكل على الله.
المذيع
:
مذاكر كويس؟!
زعرب
:
شوفوا برضه عايز يرغي … ما تتنيل
بقى وتمتحن.
المذيع
:
نمتحنك بقى وأمرنا إلى الله … ياللا
… اللغة العربية … السؤال الأول …
زعرب
:
نسيبه … هات التاني.
المذيع
:
لأ … ده إجباري … من هو أشهر
الشعراء في العصر الحديث؟!
زعرب
:
عمك سيد بيرة.
المذيع
:
عمك مين إيه؟
زعرب
:
عمك سيد بيرة … مش عارفه يا
جاهل؟
المذيع
:
وده أشهر الشعراء في العصر
الحديث؟
زعرب
:
أما انت جاهل بشكل … مش عارف يا واد
عمك سيد بيرة مؤلف المعلقات الحديثة …
السح الدح امبو … وحبة فوق وحبة تحت …
وأمه نعيمة … وحاجة كده إيه ببلاش.
المذيع
:
لا لا لا لا … دا أدب هابط ده …
إحنا عايزين الشعر … الشعر.
زعرب
:
إنت مش بتقول في العصر الحديث … دول
شعراء العصر الحديث.
المذيع
:
أمال شوقي وحافظ!
زعرب
:
دول عصر ما قبل التاريخ … إحنا
دلوقتي بنصنع التاريخ … بنغير اللغة
والأذواق … بنعلم طاعة الوالدين … فيه
أروع من ده معنى … إدي الواد لأبوه … آدي
الأخلاق … مش نديه لامُّه يطلع ابن أمُّه
… لا … إديه لأبوه … شوقي مين وحافظ مين؟
… مش شوقي ده اللي قال: إنما الأمم
الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم
ذهبوا … لو كان عاش للنهارده ما كانش
استجرا يقول الكلام ده … كان لقى الأخلاق
ذهبت والأمم اللي زينا لسة موجودة.
المذيع
:
ده طعن … ده تشكيك … إنت على فكره
حاقد وموتور وباينك شيوعي كمان … حتى شكلك
ملخبط كده زي الشيوعيين … إنت لك صلm
بالخميني يا ولد.
زعرب
(مروعًا)
:
يا نهار أسود … لا … لا … إوع تقول
كلام من ده … لحسن تكون عامل لي صورة معاه
كمان … لا لا لا لاه … شوف حد تاني غير
الخميني وحياتك … بلاش الإيراني ده …
خلينا في العربي.
المذيع
:
السؤال الثاني …
زعرب
:
إجباري برضه؟
المذيع
:
لا … ده اختياري … بما إنك استشهدت
بقصيدة السح الدح امبو … فاذكر شيئًا عن
حياة شاعرها.
زعرب
:
ولد الشاعر الكبير في زقاق المدق،
وتربى في عطفة خوخة … وتعلم في شارع محمد
علي، ونما وترعرع على قهوة المعلم حسب
الله صاحب مشروعات التعمير والتكييف …
وركنه المفضل هو ناصية درب العوالم وحارة
خمسة باب، ومشروبه المفضل هو البيرة
الساقعة، ولم يُذكر عنه مرة واحدة إنه
شربها ساخنة أبدًا … كفاية كده.
المذيع
:
كفاية قوي … دانت متبحر في كل اللي
خارج المنهج … خلينا في المنهج … ونرجع
تاني لقصيدة السح الدح امبو … أعرب (امبو)
دي … موقعها إيه من الإعراب؟!
زعرب
:
موقعها إيه؟! كلمة حشرية … لا محل
لها من الإعراب، صلة الموصول.
المذيع
:
غلط … غلط … غلط … دي خبر يا
واد.
زعرب
:
خبر؟ بجد خبر؟! طب فين المبتدأ بقي
يا فالح؟
المذيع
:
السح.
زعرب
:
طب والدح؟
المذيع
:
اسم دلع.
زعرب
:
مفيش في العربي اسم دلع يا روح
مامتك.
المذيع
:
لأ فيه … دا العربي كله أسماء دلع …
أمال شمس الشموسة دي إيه؟ … الشموسة مش
دلع …؟ الإنجليز ما عندهمش كده … شمس يعني
صن … عندهم صنينة؟ ما عندهمش.
زعرب
:
الصنينة دي عندنا إحنا … واسم دلع
برضه … يا أخي افتكر لينا الحاجات الحلوة
… صنينة قال! … جتك البلى في ذوقك!
المذيع
:
الحساب!
زعرب
:
الحساب ع الباب.
المذيع
:
لا … هنا … في قلب الخيمة … الضرب …
يالا الضرب … أربعة في واحد بكام يا
زعرب؟
زعرب
:
أربعة في واحد تبقى مش مسألة حساب.
تبقى مسألة أخلاقية … إزاي أربعة يضربوا
واحد … دي مش جدعنة … دي هيافة … قلة أدب،
ما أجاوبش السؤال ده أبدًا ولو جبت لي
أربعة يضربوني.
المذيع
:
طيب واحد في أربعة بكام؟
زعرب
:
خمسين.
المذيع
:
واحد في أربعة بخمسين يا
زعرب؟!
زعرب
:
إيه؟! رياضة حديثة! ما سمعتش عليها
يا جاهل؟ … واحد في أربعة عملية جدعنة …
واحد ضرب أربعة … يبقى شارب من لبن أمه …
وديتها إيه؟ … خمسين قرش غرامة … محضر
تعدي … يبقي واحد في أربعة بخمسين … يا
بني دي الرياضة الأمريكاني الجديدة … دا
فيه أكتر من كده … واحد في تلات سنين
يساوي ١٥٩ مليون … عمر جابر بن حيان فكر
في الحكاية دي؟ … حكاية واحد في واحد دي؟
… ولا واحد على واحد (بطل ضحك ياللي هناك
… عيب) ولا أربعة في أربعة بستاشر دي كانت
على أيامكم … حاجات تقليدية … راحت عليها
… إحنا دلوقتي في العصر اللي فيه واحد
يعني مليون، وإذا سبتها سنة يبقى ٩ مليون
… كمان سنة يدخل في المليار … بعد ستة
أشهر يعبر، عارف يعبر يعني إيه؟ … يعني
يعدي المليار … وانت جاي تمتحني في أربعة
في واحد علشان أقول لك بشرف كده يساووا
أربعة، تبقى حضرتك حمار … وانا إذا قلت
كده أبقى حمار.
وحيث إن كل أسئلتك غبية … تبقى
ساقط.
المذيع
:
أنا الممتحن … أبقى ساقط؟!
زعرب
:
ساقط في العربي … ما تعرفش عمك
السيد بيرة! … وساقط في الحساب بجدول
الضرب بتاعك القديم ده … وساقط في
كله.
المذيع
:
معلش … ساعة النتيجة يفرجها ربنا …
العملي بقى … ياللا العملي.
هاتوا الصندوق … (يحضر العمال صندوق لعب الفقير
الهندي، حيث يغرز عدة سيوف في صندوق مقفل
على زعرب، ويخرج منه سليمًا)
دلوقتي نمتحنك في لعبة الفقير
الهندي.
عرب
:
الفقير ال إيه؟! ودي إزاي
دي؟
المذيع
:
آدي الصندوق أهه … فاضي من برة ومن
جوة زي ما انت شايف … ح ندخلك فيه … وندخل
السيوف دي بالطول وبالعرض … ومن فوق ومن
تحت، والشطارة بقى إنك بعد ما نفتح
الصندوق نلاقيك صاغ سليم ما فيكش أي
خدش.
(إظلام)