القسم الثالث
وكثيرًا ما تتخذ حقول الدراسات الأثنوجرافية والفولكلورية من ظواهر ومجالات جانبية، تدور في فلك هذه الأعمال الإبداعية الجمعية الكبرى من سير وملاحم وقصص شعرية — أو شعائرية — طويلة ومستطردة.
التاريخ الفعلي «الأركيولوجي» يسوق لنا عن هذه القضية المتصلة باغتصاب كنوز الأيقونات والتحف واللوحات الكنسية سواء من حيث قيمها، أو بدافع ديني أو شعائري على اعتبار أنها بقايا أوثان وأصنام، كما كان ينظر إليها بالنسبة لحضارات الجزيرة العربية الجنوبية، في اليمن والجنوب العربي من تدبير شعائري للأصنام والأوثان الجاهلية، في اتجاه التبشير بمجيء عصر جديد.
هذه القضية التي تفاقمت إلى حد أنه في عصر الإمبراطور ميكائيل الثاني (٨٢١–٨٢٩) ميلادية، اندلعت حركة تزعمها مناهضٌ أو خارج يدعى توماس الصقلي ضد الحملة المناهضة لعبدة الصور والأيقونات.
وهي الدعوة أو الاتجاه الجديد الذي قاده ليوالا يسوري مؤسس الأسرة الأيزورية التي حكمت روما، والذي تُلقِّبه السيرة بالملك ليوون، والذي تزعم حملة أو اتجاهًا شعائريًا ضد عبدة الأيقونات والصور.
بل إن يزيد بن عبد الملك قد أصدر فرمانًا يسري التعامل به على طول البلدان المفتوحة، عام ٧٢١ ميلادية وبموجب ذلك الفرمان — الأموي — منعت وحرمت شعائر تقديس واقتناء الصور والأيقونات على كلا الجانبين؛ أي في البلاد التابعة للخلافة الأموية في دمشق والتابعة للإمبراطورية البيزنطية في روما.
حتى إن الملكة إيرين التي تسميها سيرة ذات الهمة بالأميرة الملطية، عارضتْ قضية تحطيم الأيقونات من قِبَل الإمبراطور البيزنطي ليو الثالث — أو ليوون — وحدث ذات الانقسام في صفوف العرب الفاتحين أنفسهم.
بل لقد تفاقمتْ هذه القضية التي اندلعتْ في ذلك العصر حول الأيقونات وعبادتها لدرجةٍ وصلتْ إلى حد العنف، خاصة في آخر سنوات حكم ليو الثالث، فاندفع الغوغاء المسيحيون أنفسهم يُتلفون ما تصل إليه أيديهم من صور وأيقونات، يعتدون على الأديرة وحماتها من الرهبان والقساوسة.
ومن جانب ثان تشدد العرب المهاجمون في تحطيم الأيقونات واغتصابها كأسلاب من القصور والكاتدرائيات والأديرة المكتظة.
بل يرى البعض أن الإمبراطورة البيزنطية إيرين هذه قبلت بشروط الصلح والتسليم المذلة التي عرضها عليها هارون الرشيد؛ تجنبًا لنهب وهدم كنوز وأيقونات بيزنطية، وهو ما تفيض السيرة في وصف تفاصيله ودقائقه.
وما دمنا بصدد الحديث عن ذلك الاتصال الحضاري الذي كان مدخله العنف والحرب بين الشعوب والكيانات العربية، وبين التحالف الغربي للروم البيزنطيين في مطلع الإسلام، والذي أفاضتْ في تناوُله والتأريخ له سيرة الأميرة ذات الهمة وابنها عبد الوهاب، دون أن تغفل بالطبع التاريخ بالتالي، ومن منطلق ووجهة نظر أسرة ذات الهمة الفلسطينية المنشأ، سكان الثغور لتلك الأحداث الكبرى الداخلية، مثل نقل الخلافة من دمشق الأموية إلى بغداد العباسية، والدور الشيعي والفارسي في هذا الشأن الذي تفانى في إرسائه أبو مسلم الخراساني، ثم كيفية اغتياله هو ذاته، وكذا دقائق وخبايا أزمة أو نكبة البيت البرمكي.
ولا بأس هنا في الاستطراد في ظاهرة أُخرى هامة تبدتْ في الحروب والصراعات الإسلامية البيزنطية، وهي فكرة أو ظاهرة استلاب العرب وتملكهم لأول اختراعات أسلحة المفرقعات التي تسميها سيرة ذات الهمة بالقنابل البترولية، وذلك بعد أن عانت الجيوش العربية كثيرًا من التقدُّم التقني للروم البيزنطيين سواء في التحكم الآلي في خزانات مياه الشرب بحبسها عنهم، إلا أنهم سريعًا ما أجبروا أعداءهم المنهزمين، وأخذوا عنهم علومهم المتفوقة، سواء في التحكم الآلي في المياه أو حيازة أسلحتهم ومفرقعاتهم.
هذا مع الأخذ في الاعتبار أن الجيوش العربية عانت كثيرًا من تفوق أعدائهم بهذا السلاح الحربي الجديد، المشابه بالطبع لما يُعرف اليوم بقنابل مولوتوف.
ففي عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين الرابع (٦٦٨–٦٨٥)، وبعد أن تمكن الجيش العربي في عهد الخليفة المؤسس الأموي معاوية من اقتحام الأسوار الثلاثية للقسطنطينية والوصول إلى ضواحيها؛ أي من خلقيدونة، وحصارها شتاء عام (٦٦٨-٦٦٩) لمدة عام كامل، ولم يُرجعهم عن غزوها إلا تملك قسطنطين الرابع لهذا السلاح الجديد.
كذلك خلال حرب السنوات السبع تمكن العرب من اتخاذ قاعدة بحرية لهم في بحر مرمرة، إلا أنهم تخلوا عنها تحت تأثير ذلك السلاح فهي مادة سريعة الالتهاب، تشتعل حتى وهي طافية على سطح الماء، عرفت أول أمرها بالنار الإغريقية.
والملفت أن أول مَن توصل إلى اختراع هذا السلاح هم العرب أنفسهم، إلا أن البيزنطيين كانوا الأسرع في التطبيق؛ ذلك أن مخترع السلاح الحربي الجديد لاجئ سوري-أموي-دمشقي، وهو الاختراع الذي اعتُبر أخطر اكتشاف تكنولوجي، سجلته معًا الحضارتين العربية والبيزنطية.
فعن طريق استرداد جيوش ذات الهمة لهذا السلاح الذي توصل إليه ذلك الأسير السوري واستخدامه ببراعة أكبر في وجه أعدائهم، تملكوا رودس، وكريت عام ٦٧٤ بهذا السلاح الذي تدعوه السيرة بالنفط، على النحو التالي:
قال الراوي: «فكانت هذه أصواتُ بني كليب الذين أتوا في ملطية — كما ذكرنا — فساروا حتى أشرفوا على آمد فرءوا عساكر الروم في هذا الحال وخيامهم خالية من الرجال ففي هذه الساعة أوقد فيها النار وزعق الحصين، وقال: يا بني عمي دونكم والنفط، فأحرقوا الخيام والقوا أصحابكم أهل الإسلام، فما هم إلا في شدة عظيمة وإلا ما كانوا خرجوا في ظلام الليل، ثم إنه فرق عليهم النفط، وأمره بالتكبير والتهليل والصلاة على البشير النذير، وضربوا النفط في الخيام من كل جانب ومكان، ففي تلك الساعة عادوا الروم فزعين من النار من أهل البلد فرءوا النار في الخيام، فاندهشت عقولهم وتحيروا وساروا بين بحرين زاخرين وقد أخذهم الصياحُ من الجهتين، فوقع بهم الانبهار، هذا وقد فزعت الخيل من النار، فطلبت الفرار، فكان بعضهم لا يعرف الثاني من التهاب النار في الفارس والفرس، ومن وصل منهم إلى الخيام أخذوه بنو كلاب، ومنهم من يرمي نفسه إلى البلد من حلاوة الروح، وكان بالأمر المقدر أن تلك الليلة كانت كثيرة الأرياح، كما يشاء الملك الفَتَّاح، فصارت النار تلتقطهم وتتعلق بأجسادهم وثيابهم، والأرض عليهم ضاقتْ وهم يتجرعون كأسَ المنون والمسلمون وقد اشتفت منهم الصدور وتوسلوا بالملك الغفور، وكلما طال الليل زاد لهيب النار وقد غضب عليهم الملك الجبار.»
قال الراوي: «فوالله ما طلع النهار وبقي من الكفار ديار ولا نافخ نار، وقد احترقت الملكة ملطية وجميع ما معها من البطارقة، والذي سلم منهم أسروه بنو كلاب فكان جملة الأسرى عشرين ألف أسير، وبقيت النار تلتهب إلى ضحى النهار، فتبادروا لها الناس بالطفي، وقد انطبقت الجبال والأحجار، وصارت البرية من حول آمد كأنها غمامة سوداء، هذا وقد أقاموا في طفي النار يومًا وليلة حتى عبرت لهم بنو كلاب واجتمعت الأحباب بالأحباب، ودخلوا البلد فرحين بالنصر، وشكروا الله تعالى على النجاة، وقد حدثوا بنو كلاب الأميرَ عبد الله بقتل باغة وخلاص السبي وفتح ملطية، وقالوا: إننا قد عولنا الإقامة فيها، ونأكل حلالًا طيبًا من أموال الروم، ونعبد الحي القيوم، فقال لهم الأمير عبد الله: هذا هو الصواب، وما الأمر إلا أننا نكاتب أهلنا والأولاد، ونرسل من يأتي بهم إلى ههنا من أرض الحجاز، فقال الأمير مظلومٌ: أنا أمضي في نفر من بني عمي وآتيكم بكل ما يتعلق بكم وبنا وخلفائنا وخلفائكم، ولكن أريد الكتب إلى سائر بني سليم، فقال الأمير عبد الله: أنا أفعل ذلك.»
(مع ملاحظة أنه من الثابت تاريخيًّا أنه عقب فتح مالطة عين الأمير عبد الله ابنه عمرًا حاكمًا عليها، كما يذكر الطبري، إلى أن تُوفي عام ٢٤٩ هجرية.)
وعلى هذا النحو من الدقة تفرط السيرة مطولًا في الكيفية التي كان يتبعها المسلمون الفاتحون، سواء فيما يتصل بالدعوة أو التبشير بالدين الجديد، أو فيما يتصل بكيفية وقواعد تقسيم الغنائم والأسلاب للبلاد المفتوحة.
بل إن سيرة ذات الهمة ستقف بنا مطولًا في سردها للكيفية التي كان يتم بها اقتحامُ المعابد والأديرة والكنائس البيزنطية، ونهب كنوزها من تحف وجواهر وأيقونات وأعمال تحتية مكدسة منذ ما قبل مطلع القرون الوسطى.
والسيرة هنا تجيء متسقة مع التاريخ الفعلي المدون، لما يعرف بحروب الأيقونات ونهب كنيسة آيا صوفيا الشهيرة.
وهو ما سنتناوله في هذا الكتاب عن هذه السيرة التغلبية الفلسطينية، للأميرة ذات الهمة.
ولا يقتصرُ أمر اتخاذ أو اقتطاع أحداثٍ وظواهر جانبية من ذات صلب السيرة أو الملحمة، على مثل هذه الأنماط الأدبية-الشفهية، بل قد يتصل الأمر بقضية — أو افتراض — منهج تثيره سيرة أو عمل عيني، مثل مدى المؤثرات الفارسية الآرية على سير وملاحم: فيروز شاه، حمزة البهلوان، عمر النعمان، عنترة.
ونفس الشيء أو التساؤل، حول الأُصول الآرية أو الهندو أوروبية على الكثير من سيرنا وملاحمنا، وأخصه هنا مخزون الحكايات التي جاءت بها ألف ليلة وليلة، وهي المناقشات التي اندلعت منذ أواخر القرن الماضي، وشارك فيها من علماء الآرية والسامية: «تيودور بنفي»، و«شليجل»، و«غولد ميستر»، والكثير من المستشرقين وعلماء السامية، الذين أبدوا تحمسًا للأصل الهندي الفارسي الآري لليالي في مواجهة العقل والمخيلة العربيين، منذ ظهور ترجمة أنطون جالان لألف ليلة عام ١٧٠٤، وما صاحبها من حملات الهجوم الضاري على العرب الساميين بعامة، خاصة من المستشرقين والمهتمين بالدراسات الهندية أمثال «فيبر» و«جراي» و«شربنتيه» بالإضافة إلى علماء السامية أمثال «ميللر» و«ستوب» و«ليتمان» وهم الذين اتخذوا أو هم أجمعوا على رأي أكثر موضوعية في القول بأن حكايات ألف ليلة وخرافاتها ما هي في نهاية الأمر، سوى محصلة نهائية لكلا المخيلتين عربية سامية وفارسية آرية.
من ذلك ما أشار به عالم الآريات «أوستوب» في القول بأن بعض الحكايات والمأثورات ذات أُصول هندية آرية، ومن ذلك حكاية أوفبيولا «حسن البصري»، بالإضافة إلى الكثير من العناصر والسمات في أسلوب صياغة بعض حكايات المخاطر الاستطرادية، وكيفية التتابع من عنصر لما يعقبه وعلى رأس هذه المواضيع والموتيفات ما يتصل بإدانة المرأة وخيانتها، مضافًا إليه — بالقطع — حكايات الحيوان الشارحة والطوطمية.
بل وصل الأمر إلى حَدِّ الادعاء بأن قصص السندباد، والأسفار والمخاطر دخيلةٌ بكاملها على الآداب العربية من فولكلورية وتقليدية أو كلاسيكية، متناسين — بالطبع — أقدم وأعرق قصص الأسفار المخاطر، وهي ملحمة جلجاميشي البابلية العربية.
ثم تجيء بعد ذلك الإضافات القيمة للعالم «ل. ألكسندروف» والتي نشرت تباعًا بمجلة المستشرقين منذ عام ١٩٣٥، تحت عنوان «شواهد جديدة على الأصل الهندي لألف ليلة وليلة»، وتوصل فيها إلى الجذور السامية لليالي، متفقًا في هذا مع برزلسكي، وهي العناصر السيامية المعروفة بالسفيمفرا، وهي عناصرُ وسماتٌ فولكلورية أو شعبية، كان لها أهم التأثير في مجمل الآداب والمدونات السنسكريتية، بين الهنود الأوائل الذين كانوا يقيمون في الهند فيما قبل نزوح العنصر الآري إليها.
ومن هذه السمات ذات الأصول السامية، ما يتصل بالدمى السيامية وما يُشاع حولها، ومن ذلك الطيور الآدمية، أو الطيور الآدمية الراقصة التي عرفناها في باليه تشايكوفسكي بحيرة البجع، ومدى تأثير الريش كعنصر سحري فولكلوري، مثلما يُشاع عن هدهد بلقيس ملكة سبأ، الذي تواتر إلى ريش — عرف أو تاج — رأس الهدهد وقوته السحرية الجنسية.
فمثل هذا العنصر حول الطيور الآدمية وريشها الجذاب، يتبدى في حكاية أو خارقة حسن البصري في ألف ليلة وليلة، وهي الحكاية التي تعرضت لسيول من الدراسات المقارنة، أهمها — كما ذكرنا — دراسةُ ألكسندروف الذي ذكر أنها حكاية هندية فارسية، أهم عناصرها: موتيف سرقة الريش، رغبة في التفوق والطيران.
بما لا ينسينا الرغبة الأزلية القديمة للإنسان — في عمومه — بالطيران، ولو عن طريق أبسطة ألف ليلة المحلقة الطائرة بالبطل.
وما أن يقوم الملك بنفسه بتجريب هذه الأشياء الثلاثة، حتى يجدها كما وُصفت له، إلا أن ابنه الوحيد ما أن يركب الحصان حتى يطير به جانحًا.
وهكذا تُواصل الخرافةُ استطرادَها حين ينتقل الحصان بابن الملك في حكايات جانبية إلى مدينة مسحورة، وقصر هائل لبنات ملك أسرى، ما أن يتعرض لإنقاذهن حتى يأسره ملك المدينة، ولا ينقذه إلا حصانه السحري، المغطَّى بالأزرار للإسراع والهبوط، كمثل حافلات الفضاء الحديثة، ثم كيف تعرضت هذه الفرس السحرية، لتكسير وتدمير الملك الأب في النهاية.
وقد ادعى كل من عالِمي الساميات والآريات: تيودور بنفي، وإستوب أنها حكاية ذات جذور هندية فارسية واضحة.
ذلك أن عنصر الحصان السحري المدجج الطائر، جاء ذكره في مواضعَ عدة من مجموعة الحكايات أو الأسفار الهندية الخمسة في البنكاتانترا، فالملفت هنا أن معظم المتحمسين للأصل الهندي لألف ليلة وليلة ركَّزوا جهودهم على عنصر، أو خرافات الطيران والمخترعات الطائرة باعتبارها عناصر هندية آرية وردت بكثرة في مدونات الحكايات الخرافية الهندية الأكثر قدمًا — كما ذكرنا.
ولا بأس من إيراد أصل الحكاية العربية من ألف ليلة، الذي سبق أن أورده عالم الآريات ألسدروف، والذي ركز بحثه في مجمله على المنابت الآرية لليالي، وموجز الحكاية الهندية يرد على النحو التالي:
كان يجلس على عرش مدينة «تامرليتي» ملك يُدعى «ريبوادمنا» وكان ينادمه تاجر من أغنى الأغنياء، وفي ذات المدينة كان يعيش نجار فقير مات مخلفًا طفلًا لم يورثه سوى البؤس والتعب، وكان هذا الطفل الفقير المعدم يقتات من قشر الحبوب؛ لذلك أطلق عليه الأهالي اسم «كوكسا».
عطف عليه التاجر الغني، فاصطحبه معه في مركبته المليئة بالبضائع إلى بلاد اليونان، وهناك تعرف على نجار، لمح في عينيه الذكاء فعلمه صناعة النجارة التي أتقنها كوكسا عند عودته إلى الهند.
حتى إنه لكي يلفت إليه أنظار الملك صنع حمامتين، كان يرسلهما يوميًّا إلى مخازن أرز الملك لتعودا إليه ببعض المحصول، وحين علم الملك من حُرَّاسِهِ بما يفعله كوكسا، طلبه فَمَثَلَ بين يديه وقص عليه صادقًا حكايته. أعجب به الملك، وكلفه بصناعة مركبة تطير في الأعالي، فأعدها كوكسا وطارا معًا وشاهدا عجائب الكون.
وتمضي الحكاية كاشفة عن قدرات ذلك المخترع الصغير كوكسا، صانع مركبات الفضاء، الذي ذاعت شهرته من ملك لآخر، إلى أَنْ صنع فرسين تطيران، ركبهما الأميران ابنا الملك فطارا بهما، وكانا لا يحسنان قيادة الأحصنة الطائرة، وكانت نتيجة ذلك إقدام الملك على إعدام كوكسا، وتدمير مخترعاته، وبالطبع لم يتوقف ذلك المستشرق ألسدروف بإيراده لحكاية ذلك المخترع الخرافي كوكسا، بل دعم آراءه حول الأصول الآرية لألف ليلة وليلة، بالكثير من العناصر والتمايُزات القابلة للمقارنة مع الأصول أو النص العربي لليالي، واستفاضته في المخترعات السحرية، والرغبات الدفينة للاختراع والتفوق والسيطرة على المقدرات العلمية منذ عصور ما قبل العلم، وهو ما سبق أن بَشَّرَتْ به الليالي، كمحصلة نهائية لكلتا المخيلتين المتتاخمتين الآرية والسامية العربية.