مئة كتاب
كثير من القراء يحتاج إلى تعيين الكتب «الأصلية» التي يحتاج المثقف إلى قراءتها، وهذه الكتب عامة لا يُراد منها التخصص، أو هي تُعَدُّ ضرورة كي نصل بقراءتها إلى الرقي البشري الذي يحملنا إلى مستوى الروح العالمي السامي.
وواضح أن الشاب الذي عني بتربية ذهنه لا يحتاج إلى أن ندله على أسماء هذه الكتب؛ لأنه هو يعرفها، أو سوف يعرفها إذا كان قد سلك الطريق السوي في الثقافة، ولكن هناك مع ذلك مؤلفات قد تخفى قيمتها على من لم يسمع بها، ومن هنا فكر كثير من رجال الذهن في تعيين بعض الكتب وإيثارها على غيرها من حيث قيمتها في التثقيف العام، وللدكتور إليوت «مدير عام» جامعة هاردفرد سابقًا بالولايات المتحدة قائمة مؤلفة من مئة مجلد، نشرتها شركة «كوليار أند صن» في مجلدات على نمط واحد من حيث الطبع والتجليد والورق، وأنا أنقل للقارئ الاسم والعنوان بالإنجليزية كي يتصل بالناشرين إذا شاء:
ويجب على القارئ أن ينتبه أن هذه السلسة مؤلفة من مئة مجلد، وليس مئة كتاب؛ لأن هذه المجلدات تحوي ٣٠٢ من الكتب؛ أي إن الدكتور إليوت وضع نحو ثلاثة من المؤلفين في كل مجلد، وهو بالطبع قد بنى الاختيار على قواعد معينة من حيث وحدة الموضوع أو مشابهة المؤلفين أو نحو ذلك، وهو يبدأ بمؤلفات الإغريق القدماء حتى يصل إلى عصرنا، والحق أنه جمع أفضل المؤلفين في جميع العصور الماضية، وليس بين هذه الكتب واحد يمكن أن يقال إن في مستطاع المثقف الاستغناء عنه.
ومئة اسم آخر وضعه الدكتور «هتشنز» مدير جامعة شيكاجو الآن، وهي أيضًا تبدأ من عصر الإغريق إلى عصرنا، ولكنه يختلف عن الدكتور إليوت في التفاته الأكبر إلى مؤلفي الولايات المتحدة الأمريكية، وقد نشرت «مجلة التربية الحديثة» التي تصدرها الجامعة الأمريكية بالقاهرة أسماء هذه الكتب في سنة ١٩٤٣، ويجب أن ننبه هنا إلى أن هذه المئة إنما هي مئة مؤلِّف، وقد يكون لكل مؤلِّف بضعة كتب، فالمجلدات تزيد على مئتين.
وقد يحسن بأحد الأساتذة في كلية الآداب بجامعة القاهرة أن يذكر لنا مئة كتاب عربي يمكن أن يقتنيه من ينشد الثقافة على النمط الذي سنَّه الدكتور إليوت والدكتور هتشننز، ولكن كلًّا من هذين إنما يقصد إلى ثقافة بشرية عامة، وإلى مؤلفين عالميين في عصور وأمم مختلفة، ولم يقصد أحدهما إلى تعيين قائمة بأسماء المؤلفين الأمريكيين أو الإنجليز وحدهم.
والمؤلف يرى أن مجموعة الدكتور إليوت من خير المجموعات التي تستحق الاقتناء.
وإلى جنب هذه المجلدات المئة يحتاج القارئ إلى موسوعة للمراجعة والاستشارة، وأكبر الموسوعات هي «الموسوعة البريطانية»، ولكن غلاء ثمنها الذي يبلغ الآن نحو ١٦٠ جنيهًا يحول دون تعميمها؛ ولذلك يمكن اقتناء أي موسوعة أخرى أصغر منها.
والموسوعات بالطبع لا تُقرأ، ولكنها تُراجع، وفائدتها كبيرة إذا كانت حسنة، ولكن يجب الحذر من الموسوعات الإنجليزية (التي تُنْشَرُ في إنجلترا) لعظم عنايتها بالألعاب الرياضية والأرستقراطية البريطانية والتاريخ البريطاني، وأيضًا لأنها مستغرضة حولاء في نظرها إلى سياسة الاستعمار والمبادئ الإمبراطورية خاصة، ولا يمكن قارئًا أن ينتفع بهذه الموسوعات، ويجب أن نذكر هنا أن «الموسوعة البريطانية» تُطْبَعُ وتُنْشَرُ في الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من اسمها، وهي عالمية النزعة.
ولكن مع هذا الذي ذكرنا عن قيمة الموسوعات، يجب أن نؤكِّد قيمة الكتاب أولًا وآخرًا؛ فإن الكتاب يثير العاطفة كما ينبه الذهن، ومؤلفه لا يكتب موجزًا في موضوعه، بل يتوسع في الموضوع أو في ناحية معينة منه، ويمكن الاستغناء عن الموسوعات، ولكن لا يمكن الاستغناء عن الكتب، ولو خُيِّرَ القارئ بين المجلدات المئة التي وضعها الدكتور إليوت أو الدكتور هتشننز وبين الموسوعة البريطانية لوجب عليه أن يؤثِرَ الأولى على الثانية؛ لأن الأولى ثقافة عامة أما الثانية فدليل فقط.
وفي الفصول السابقة ذكر لأسماء عدد غير صغير من الكتب يجب ألَّا تُهْمَلَ.