الفصل التاسع عشر
أرادت زكية أن تُقيم لابنها فرحًا، ولكن الشيخ سلطان أبى عليها ذلك. أمَّا حميدة فقد استطاعت أن تُقنع رضوان أفندي بإقامة الفرح فأقامه. وكانت ليلة. واستطاع لطفي أن يخلو إلى وهيبة، والناس في شغل عنهم بالعروسَين، وقال لطفي: مبروك يا وهيبة!
وقالت وهيبة في خجل: مبروك أنت أيضًا.
وقال: العقبى لنا.
وأطرقتْ وهيبة وقد ملأَت الحمرة وجهها، وقال لطفي: أشكرك يا وهيبة.
– علامَ؟!
– عرفتُ بالخطيب الذي جاء لكم.
وضحكتْ وهيبة وسكتت، وقال لطفي: ماذا فعلتِ لتجعليه ينصرف؟
– قمتُ بواجباتي. ألم تقل لي إن عليكِ واجبات؟
– نعم، كيف نفَّذتِها؟
وضحكتْ ثانيةً وقالت: بسيطة.
– كيف؟
– لبست منديلًا على رأسي، واخترتُ ثوبًا أعرف أنه يجعلني أبدو غايةً في الغباء.
– ولكن الشيخ سلطان كيف قبل أن يراكِ العريس؟
– كنتُ متأكِّدةً أنه سيقبل؛ عملًا بالحديث الشريف.
– «أن يراها مقبلةً مدبرة، فإنه أحرى أن يُؤدم بينهما.»
– هو هذا.
– وطبعًا حين رآك في المنديل والفستان.
– لا تقل فستان، ثوب، ثوب، لم ألبسه إلا في البلد.
وقهقه لطفي وقال: لم يعُد العريس طبعًا. وماذا فعل الشيخ سلطان؟
– فهم أني لا أُريد العريس وسكت.
– عظيم، ولكن …
وأطرقت وهيبة، وقال لطفي: أخشى أن يجيء غيره.
وظلَّت وهيبة ساكنة، وإذا لطفي يقول فجأة: اسمعي! ما رأيك؟ أُكلِّم أبي يُكلِّم الشيخ سلطان الآن.
وقالت وهيبة في فرح خجلان: الآن؟
– نعم، وهل نجد مناسبةً مثل هذه؟
– أتستطيع أن تُكلِّم أباك؟
– البركة في أمي.
– الآن!
– نعم الآن، وهل هناك أحسن من الآن؟