بين شبان مصر فئة معروفة بنزعاتها الوخيمة وأخلاقها الذميمة، ومجالسهم أضحوكة الأضاحيك
في
خلوها من الجد وإقفارها من معاني الرجولة والاحترام، وهم يجتمعون ويتفرقون لا يحدو بعضهم
إلى بعض حبٌّ أو إخلاص؛ لأن نفوسهم الوضيعة لا تُحَب ولا تحِب، ولكنها ضرورة الاجتماع
ودفع
السآمة والنقمة تسوق كلًّا منهم إلى مساجرة من يكره ومعاشرة من يؤلمه سرورهم ويسره ألمهم؛
ولهذا يدخر كل منهم لصحابته أقصى ما في وسعه من التنغيص والإيجاع، ويتنقل بعضهم في الليلة
الواحدة بين عشرة مجالس لا يطمئن إلى مجلس منها، ولكنه يضجر من أحدها فيغشي غيره ليُلقي
كلمة لمز أو نميمة فيمن كان معهم قبل لحظة. فهو يبغض جلساءه جميعًا، وهم لا يلقاهم طائفة
بعد طائفة إلا ليشفي نفسه من الغائبين عند الحاضرين، فما أعجبها من مجالس صلتُها الكره
لا
الولاء، ومحورها تبادل الوقيعة والإيذاء، لا تبادل السرور والصفاء. وإنما تنم الوقيعة
على
شيئين كلاهما شر من الآخر؛ تنم على الضعف فلا يستطيع الرجل أن ينتقم من عدوه إلا بإيغار
الصدور عليه، وتنم على سوء ظن الأصحاب، فينجح بينهم السعاة وتروج عندهم الوشاية، وضعف
الثقة
بين قوم دليل على منزلتهم من الرجولة والمروءة وسلامة الدخلة، فكلهم منتظَرٌ منه الخون،
مستبعَدٌ عليه الوفاء، وهذا أدنأ ما تنحط إليه الأخلاق وتسفل إليه النفوس.
ولو أوعبت ما في نفوس هؤلاء المساكين من الضغن والغيظ والقيح المحقون لهالَكَ الأمر،
فحسبتهم يتنافسون على مأرب جسيم أو مأثرة تشخص إليها الأبصار، ولكنك متى حدثتهم عن هذه
المآرب والمآثر وجدتهم يضحكون منها ويخجلهم أن يُظن بهم الاشتغال بها والاكتراث لها وأخذها
مأخذ الجد والحقيقة؛ لأن ذلك في نظرهم غفلة وجهل بفرص الحياة، وما فرص الحياة في نظرهم؟
اللذة التي يبحثون عنها في كل مكان فلا يجدونها، ولا عجب! فإن اللذة أبعد ما تكون ممن
بعدها
الغرض الوحيد من الحياة، وأخوف ما نخافه أن تكون هذه الروح الخبيثة قد سرت من الطبقة
المترفة إلى العامة — وهم صميم الأمة وبنيتها العضلية — فيموت في نفوسهم الجد ويملكهم
العبث
والخفة.
ويسوءنا أن نرى بوادر هذه الروح في عامة المدن والبلدان الصغيرة، فقد أصبحوا لا يجلون
شيئًا عن اللهو والعبث، ولا يرفعون الدين ولا الآداب عن المجانة والرعونة: يؤذِّن المؤذن
فيتطرَّب في أذانه كأنه يدعو الناس إلى وليمة عرس لا إلى الوقوف بين يدي الله، ويقرءون
القرآن تلحينًا كأنهم يترنمون بأنشودة غرامية، ويذكرون الله فيرقصون رقص المخنث في مواخير
الفجور! ويمشون وراء الميت فلا يذهلهم الموت بسلطانه ورهبته عن التنصت إلى أولئك المنشدين
الذين يتسابقون في التنغيم والترخيم لإطراب المشيعين! وهذه هي الأشياء التي إن لم يشعر
بجلالها العامة فما هم بشاعرين بعدها بمظهر من مظاهر الجلال، والإحساس والجلال كما لا
يخفى
عنوان عاطفة الاحترام وتقدير العظمة بين الناس. فكيف يكون في الأمة من يُحترَم إذا لم
يكن
فيها من يَحترِم؟! ألا إن الذل لأفضل من هذه الحالة؛ لأن الذل في جانب يُشعر بالبطش في
الجانب الآخر، ولكن السفاهة في عامة قوم تشعر بالضآلة في خاصتهم، وما ظنك بأمة تلبسها
الحقارة والصغار من أعلاها إلى أسفلها؟!
كم ذا أُعاشر من صحبي وأعدائي
من ليس يعقل آمالي وآرائي
عنهم مسافةُ بين الليث والشاء
لو كان يفرقنا بُعد الطِّلاب لما
كنا وكانوا سوى نجم وبوغاء
٣
هم الرجال كما قالوا وليس لهم
من الرجولة إلا فضل أسماء
لا كالرجال ولا كالغيد قد صَفِرت
أكفُّهم من حُلى بأسٍ وحناء
لو تستبين قذاراتُ النفوس لما
مستهم الكف إلا مسَّ إيماء
توعدوني بإعنات وقد صدقوا
قد يُعنت النمل أعضاد الأشداء
كم نملة قتلت شبلًا ويقعدها
عن مثلها خوف أكفاء لأكفاء
ويلي على مصر! قد أمست وليس لها
سوى اعتزاز منوط بالأذلاء
شبان مصر وما أدري أهم زُمَر
من الأناسي أم هم رسم وشَّاء
قد هوَّنوا الأمر حتى لو تكلفُهم
صيد النجوم لراموا النجم في الماء
وصوروا المجد في أخلادهم صورًا
شوهاءَ أغنتهمُ عن كل علياء
يا ليتها صُور نمت على شبه
من الحقيقة أو دلَّت بسيماء
لكنما المجد في تزويق طليتها
ماء السراب لعين الظامئ النائي
خافوا وقالوا: لنا حزم وتجربة!
إن كان ذا الحزم، ما جبن الأخسَّاء؟
تحركوا ثم قالوا لا جمود بنا
أين التأوه من صمت الأصحاء؟
تخايلوا في معاليهم وما علموا
أن التورم لا ينمو بأعضاء
وما تطلع منهم في السماء فتى
إلا بعين عن الأضواء عشواء
آمالهم في المعالي تحت أرجلهم
فما ينالونها إلا بإحناء
قد أكملوا النقص موفورًا فلا عجب
ألا يضيقوا بتنقيص الأجلاء
هم أسرع الناس في قدح فإن طلبوا
ما يجلب المدح أعيوا كل إعياء
أستغفر الصدق، بل لا ينظرون إلى
مدح وما كَلِفوا يومًا بإطراء
أستغفر الصدق بل لا يمدحون سوى
ما يُخلق الوجه من خزي وإغضاء
نحُّوا وجوهَكم عني فقد سئِمت
نفسي المقابرَ في أسلاخ أحياء
في كل دار شباب ينهضون بها
إلى العلا بين جيران وأعداء
لا يحفلون أعاشوا وهي ناجية
أم أصبحوا طي أرماس وإحناء
يعلو بهم ذكر من بادوا ومن لحقوا
وأنتم عار آباء وأبناء
أإنكم بشر؟! إني برئت إذن
من آدم حين يدعوني وحواء
قُدُّوا ملابسكم عنكم فإن لكم
في كل فعلة سوء ألفَ عوراء
مقابحٌ لو تواريها لما استترت
بليلة من ليالي الشؤم ليلاء
أهون بإبداء عورات الجسوم إذا
ما عُرِّيَ الخيم
٥ من فضل وآلاء
يا سُبة الخلق هل في الأرض من دنسٍ
يزري بكم بعد هذا أي إزراء
إن البغِيَّ
٦ إذا استحيت لساخرة
من الصيانة سخرًا يضحك الرائي
وأعجب الأمر أن الفضل يخجلكم
بُهرًا، ولم تخجلوا من عار نكراء
يطأطئ المرء منكم لو يقال له
صنعتَ صنعَ كريم النفس أبَّاء
ينافق المرء منكم وهو يزعمه
ظَرفًا يُشيد به بين الأخلاء
ويغدر المرء منكم وهو يحسبه
عفوَ البديهة من لؤم وإيذاء
ويضحك المرء منكم وهو عن عرُض
يرمي بلمز وإيقاع وبغضاء
يخشى على ثوبه نقْطَ المداد ولا
يخشى على عِرضه تمزيق فرَّاء
٧
لتحسبنَّ مريد الجاه بينهم
يمشي إلى حانة أو بيت فحشاء
يمشي ولو كان وَقرًا ما يسير به
من المساوئ أنضته بأعباء
ضاق المجال بطلاب العلا فمشى
إلى العلا كل همَّاز ومشَّاء
جدوا وصلى
٨ الكرام الصيد خلفهمو
ما الطِّرف
٩ في كل ميدان بعداء
تعيا الجياد وتستن
١٠ الخراف إذا
تجاولا بين أسداد وأفناء
ويلي على مصر قد أمست وليس بها
ضرب من الصدق إلا قول هجَّاء
تجنبوا الصدق حاشى في شتائمهم
فهم نبيون في ظن وإنباء
مشهَّرون أسروا الأمر أم جهروا
فليس إخفاؤهم إلا كإفشاء
الحرام والحلال
أمَا آن للحسن أن يعدلا
وللقلب في الحب أن يعقلا
لقد وضح الحسن للمبصريـ
ـن، فما لهوى الحسن قد أشكلا
حبيبي الذي لست أعني سوا
ه إذا فُهت بالقول مسترسلا
وقِبلة شعري التي أنتحي
إذا أجمل الشعر أو فصَّلا
كأن مآقي ما رُكِِّبت
إلا لترعاك أو تأفُلا
فما أعشق الحسن إلا عليـ
ـك، وكالوحش بعدك ريم الفلا
وما عمهت مقلتي عن سوا
ك، ولكنما القلب منك امتلا
حذقت بكيدي فهل علَّمو
ك فما أحسب الكيد مستسهلا
ولو علموك لأخطأتني
فقد يخطئ الطاعن المُفْصَلا
•••
أحين صرفنا إليك القلو
ب، قضيت فحرَّمت ما حُللا؟
قبيح بعينيَّ أن تنظرا
ولكن لعينك أن تقتلا
وحب الجمال حرام عليَّ
وأما اختيالك فيه فلا
ولا ضير أنك حلو المذا
ق، شهي العناق سريُّ الحُلى
ولكنَّ ضيرًا بنا أن نذو
ق، وإن كان لا بد أن نفعلا
ولا بدع أن تُذهل الناظريـ
ـن، ولكن من البدع أن نذهلا
وكن أنت شمس الضحى رونقًا
وكن أنت نبت الربى مُخضلا
فإن نحن كانت لنا أعين
فقد عظم الجرم واستفحلا
ولُح أنت في صحراء الزما
ن، نهرًا يهيج الصدى
١١ سلسلا
فإن قاربتك شفاه الظِّما
ء عجبتَ وأعجب أن تجهلا
وكن شجرًا موقرًا بالثما
ر، وفاخر بتفاحك الحنظلا
وقل: «ثمري الغض أحلاهما
وإن لم يمسا ولم يؤكلا!»
وخف أن تُمدَّ إليها يدٌ
فتجنيَها غير أيدي البلى
أليس من الفقد أن تُشتَهى؟
أليس من الصون أن تذبلا؟
عذيري من الحسن في قصده
وما قُصِدَ الحسن إلا غلا
يرى جوده سرفًا متلفًا
ويفرح بالقصد إن أهملا
فيا ظالمين وما همُّنا
سواكم من الناس أن يعدلا
ويا باخلين وإن تبخلوا
فأهوِنْ بمن شاء أن يبذلا
أبيحوا لنا الحب أو فاحجبوا
قوامًا تثنَّى ووجهًا حلا
ولا تُوجروا
١٢ العين خمر الهوى
وتأبوا على القلب أن يثملا
وإلا فكونوا كحور السما
ء يُسمَع عنها ولا تُجْتَلى
لقد كان وجه الثرى جنة
من القبح لو من جمال خلا
العام الجديد
تمنيتَ لي الإسعاد فاسعد وأمِّل
وعللتني بالخير فاسلم وعلل
وبشرت بالعام الجديد كأنني
أُبدِّل حالًا بين ماضٍ ومقبل
فبشِّرْ بعام زال عنا مذمَّما
وإلا فما البشرى بعام مزمَّل
١٣
برمنا بما يمضي الغداة، فبُعده
أحب إلينا من ملاقاة ما يلي
ذَرِ النجم يمضي في الفضاء لشأوه
ويعبر منه منزلًا بعد منزل
ويبدل أيامًا بأخرى ويومُنا
على الدهر يومٌ ليس بالمتبدل
سفاهًا لعمري عدُّنا الخطوَ بعده
إذا كان لا يدنو بنا من مؤمَّل
بجد فيقصينا عن الغفلة التي
نعمنا بها في أمسنا المترحل
ويُبعد ما بين الشباب وبيننا
فيُعجلنا عن نظرة المتمهل
ويلقي علينا عند كل محلة
١٤
بوقر، فما استبشارنا بالتنقل؟
وتالله ما الأيام إلا عِداتنا
تدير علينا جحفلًا بعد جحفل
تُولِّي بأجزاء الحياة غنيمة
وتُقبل إقبال الكَمِيِّ لأعزل
تُولي بمحيانا وتُقبل بالردى
ففيمَ نلاقيها لقاء مهلل
ألا لا تبشرني بما سوف ينجلي
فإنك لا تدري غدًا عمَّ ينجلي
إذا ما انثنى الماضي وهيهات ينثني
إلينا فبشرني بماضيَّ واجذل
ألا لا تبشرني بعهد غريبةٍ
لياليه عني، فهو مني بمعزل
وبشِّر بماضيِّ الحميم فإنما
لياليه من جسمي وقلبي المضلل
ففي كل يوم منه قلب ثَكِلْتُه
وفي كل ليل منه عرق يحن لي
مصارع لذات وإطلال صبوة
ومَدرج أحلام وقبر تعلل
فيا ليت لي في ذلك العهد وقفةً
لأقضيَ حقًّا عند رسم معطَّل
ويا ليت لي في ذلك الوَرْد رجعةً
لأملأ منه النفس قبل الترحُّل
وكيف وأيام الزمان مطية
أَزِمَّتها في كف أخرقَ مُعجَل
ومن عاش يومًا بعد يوم فإنما
يقطَّع منه مفصل بعد مفصل
دعوني أسرْ في ساحة العيش مفردًا
مغمَّى، فلا أدري مصيري وأولي
ولا تعذلوني إن يئست فإنني
أرى اليأس أعلى من رجاء المذلل
أروني رجاءً فوق يأسي فأنبري
إليه وعدُّوا عن رجاء التسفِّل
إذا لم يكن في النجح فضل لناجح
على مُخفِقٍ فالنُّجح بغية أخطل
دعاني أبي (العباسَ) يا صدق ما دعا
أكان نذيرًا لي بما سوف أَبتَلِي
١٥
ولو شاء لم يجعل إلهي قضاءه
على فم هذا الوالد المتفضل
القريب البعيد
بعيدُ مدًى منك القريب المؤمِّل
وأقرب منه النازح المتعلل
فما دون من يبغيك في البعد حاجب
ولا للذي يبغيك في القرب مَوصِل
ولو كان للمضنَى شفيع من الضنى!
ولكن على قدر الغرام التدلل
تعوضتُ لمَّا لم أجد عنك منزعًا
بذكراك، والذكرى شفاء ومقتل
وأني لأستدنيك والليل بيننا
فتُقبل بالذكرى، وما أنت مقبل
وأُغمض عيني كي أراك ممثَّلًا
أمامي، فيسليني الخيال الممثَّل
وأُوهِم سمعي أنني منك سامعٌ
أحاديثَ أشواق تجدُّ وتهزل
وأزعم أني نلت من حبك الرضى
وأعلم أني لا أنال فأجهل
ومن لم يُفده الصدق فالوهم أجمل
وفي النفس منها مستجار وموئل
عشقناك إنسانًا ونلقاك في المنى
خيالَ سمادير
١٦ يُرام فيجفل
وما كان حظي منك أبعدَ غايةً
لَوْ اْنَّكَ نجم في السموات تنزل
وما كنت أقصى عن محبك ملمسًا
لَوْ اْنَّكَ طيف في مرائيه مقفل
فعش في جوار الناس شخصًا مجسَّمًا
وعش في فؤادي صورةً تُتخيَّل
ودعني أنل منك الرجاء ولم تُنِل
رجاء فمني نائل ومنوِّل
وأسديك في نجواي شكر لذاذة
لعلك لو تدري بها كنت تبخَل
لذاذة حُلم لو وجدتَ زمامها
لديك لما كانت على الصبِّ تسهل
الصبابة المنشورة١٨
صبابة قلبي! أقبَل الليل غاضيًا
١٩
فهبِّي فقد يغشى الرفات المغانيا
وقد تهجر الموتى القبور أمينةً
إذا الليل غشَّى بالرقاد المآقيا
وثوبي إلى الدنيا مع النوم فانظري
مكانك قد أقوى وعرشك خاويا
٢٠
ومرِّي به مرَّ الغريب وطالما
تربعتِ فيه قبل ذاك لياليا
ولا تسألي: من بالديار؟ فإنها
على موثق ألا تجيب مناديا
•••
بدا شبح عارٍ من اللحم عظمُهُ
يجاذب أضلاعًا عليه حوانيا
يقارب في قيد المنية خطوه
ويمشي به ليلًا مع الليل ثانيا
وقال سلام! قلت فاسلم وإن يكن
دعائي لميْتٍ بالسلامة واهيا
مَن الطارق الساري؟ فقال صبابة
نعمتَ بها حينًا وما أنت ناسيا
فقلت أرى جسمًا عرى من روائه
وعهدي به من قبلُ أزهر كاسيا
جهلتكِ لولا مسحة فيك غالبت
بشاشتُها أيدي المنون المواحيا
جهلتكِ لولا هِزَّة في جوانحي
يدَ الدهر
٢١ لا تُبقي من الشك باقيا
ألا شدَّ ما جار البلى يا صبابتي
عليك، فكيف استلَّ تلك المعانيا
أأنتِ التي أسهرتني الليل راضيًا
وأنت التي أسكرت عينيَّ صاحيا؟
وأنتِ التي كنا إذا الناس كلهم
تولوا وجدنا مغنمًا فيكِ وافيا
وأنت التي جلَّيت لي الأرض جلوة
أسائل عنها الأرض وهي كما هيا
أسائل عنها كل شيء رأيته
أما كنتَ فينان
٢٢ المحاسن شاديا
نفختِ بها روحًا فغرَّد صامت
ورنَّم جلمود، وأصغيت لاهيا
فلما ألمَّ البين لاذت بصمتها
وأمسيتُ حتى يأذن الله صاغيا
وهل يسمع الصاغي إلى القبر نأمة
٢٣
ولو كان فيه معبد
٢٤ القوم ثاويا
•••
نعم أنت لولا ساتر من منية
وحسبك سترًا بالمنية ساجيا
وإنَّ امرءًا ماتت خوالج نفسه
لقد جمع الشرين حيًّا وفانيا
حياةٌ لها حدٌّ ولا حدَّ للردى
فليت المنايا والحياة تواليا
كما تتوالى يقظة العيش والكرى
وتعقب أنوار الصباح الدياجيا
إذن لتشوَّقنا الحِمام اشتياقنا
إلى النوم واشتقنا الحياة دواليا
٢٥