الكون والحياة
أيهما أكبر: الكون أم الحياة الإنسانية؟ إن الحياة إن لم تكن لها غاية بعيدة موصولة
بالغاية التي يسعى إليها الكون برمته فهي ولا ريب أصغر من أن تقاس إليه، أو يفاضل بينها
وبينه. وقد كان يكفينا على هذا الفرض كرتنا الأرضية وحدها أو نظام واحد من أنظمة الشموس
التي لا عداد لها. وإذا كانت الحياة الإنسانية هي الحس الشاعر المفرد في الوجود، فلِمَ
لم
يكن لها من الإحساس القدر الكافي لمعرفة الوجود حق المعرفة؟ ولِمَ لَمْ يتناسب العارف
والمعروف أو يتقاربا؟ ألا نفهم من ذلك أنه لا بد في الوجود من قدرة تعرفه المعرفة الخليقة
به؟ هذا هو الخاطر الذي قام بنفسي عند نظم الأبيات الآتية:
•••
ربِّ إن لا يكن لحي حياة
غيرُ ما قد علمتُ دهرًا فدهرا
من جسوم من الثرى وَإليْه
ونفوس عن طلعة الحق حسرى
فحياة الأنام أهون من أن
تتحرى لها الدُّنى مستقرا
وهي أدنى من أن تدير عليها
فلكًا عاليًا وشمسًا وبدرا
فبحسب الحياة قفر يباب
يسع العالمين أُولى وأخرى
ما جمال الأرضين تزخر بالذ
رِّ وحسن النجوم في الأفق تترى
١
ما امتداد الفضاء إن كان هذا الجـ
ـسم للنفس لا محالة قبرا
أنت هيَّأتنا لأمر فهل هيـ
ـأت للكون غير ذا الأمر أمرا؟
فاجعل الكون كالحياة وإلا
فاجعل الساكنيه بالكون أحرى
ما أجلَّ الوجود غفرانك اللـ
ـهم عن ساكنيه قدرًا وعمرا
أنت الملوم
أمسى يعد لنا القطوبا
ذنبًا، وما عرف الذنوبا
ويلومنا فيما نلو
م الناس فيه والخطوبا
عتب الغني على الفقـ
ـير يعالج العيش الجديبا
يلحاه أن يدع الدمقـ
ـس ويلبس الطِّمر المعيبا
لو كنت تنصف ما عذلـ
ـت على كآبته كئيبا
أحسبتنا نقلي السرو
ر ولا نهيم به قلوبا
من كان يضحك حيث شا
ء رأى البكى شيئًا عجيبا
مهلًا لتعلم من تلو
م إذا كرهت بنا قطوبا
أنت الملوم فلو أرد
تَ رأيتني جذلًا طروبا
من ذا تلوم الشمس إن
عابت على الدنيا شحوبا؟
وإذا المحب شكا فلا
تلمِ المحب بل الحبيبا