الْفَوْزُ بِالرِّهَانِ!
كَانَتْ جَمِيعُ أَبْوَابِ وَنَوَافِذِ مَنْزِلِ فيلياس فوج فِي شَارِعِ سافيل رو مُغْلَقَةً، وَالسَّتَائِرُ مُسْدَلَةً، وَلَمْ تَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ إِشَارَاتٍ فِي الْمَنْزِلِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَادَ، لَقَدْ أَفْلَسَ بِسَبِبِ مُحَقِّقٍ سَخِيفٍ. أَفْلَسَ!
بَعْدَ أَنْ قَطَعَ كُلَّ تِلْكَ الْأَمْيَالِ، وَبَعْدَ التَّغَلُّبِ عَلَى كَافَّةِ الْأَخْطَارِ الَّتِي وَاجَهَهَا وَالْعَوَاقِبِ الَّتِي وَقَفَتْ فِي طَرِيقِهِ، ضَاعَ ذَلِكَ هَبَاءً! لَقَدْ كَانَ يَدِينُ بِبَاقِي ثَرْوَتِهِ إِلَى أَصْدِقَائِهِ فِي نَادِي «ريفورم كلوب»، وَكَانَ كُلُّ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ نُقُودٍ هُوَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ الضَّئِيلَ الْمُتَبَقِّيَ فِي حَقِيبَتِهِ الْقُمَاشِيَّةِ.
وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، خَلَدَ فيلياس إِلَى النَّوْمِ مُثْقَلًا بِالْهُمُومِ وَالْأَحْزَانِ، وَكَذَلِكَ عودا الَّتِي شَعَرَتْ بِالْأَسَفِ حِيَالَ الرَّجُلِ الَّذِي أَنْقَذَ حَيَاتَهَا، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَعْرِفْ مَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَفْعَلَهُ لِمُسَاعَدَتِهِ الْآنَ.
فِي الصَّبَاحِ التَّالِي، عِنْدَمَا أَحْضَرَ باسبارتو لَهُ الْفَطُورَ، طَلَبَ مِنْهُ فيلياس أَنْ يُخْبِرَ عودا بِأَنَّهُ يَوَدُّ أَنْ يَرَاهَا بَعْدَ الْعَشَاءِ؛ فَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ يَوْمَهُ فِي التَّأَكُّدِ مِنْ أَنَّ شُئُونَهُ تَسِيرُ عَلَى مَا يُرَامُ. وَكَانَ أَكْثَرُهُمْ حُزْنًا وَأَثْقَلُهُمْ هَمًّا هُوَ الْخَادِمَ الْمُخْلِصَ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُمْ خَسِرُوا الرِّهَانَ بِسَبَبِ خَطَئِهِ هُوَ؛ فَلَوْ أَنَّهُ أَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِأَمْرِ الْمُحَقِّقِ، لَكَانَ الْمَوْقِفُ قَدْ تَغَيَّرَ.
لَمْ يَسْتَطِعْ باسبارتو السَّيْطَرَةَ عَلَى مَشَاعِرِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «لَكِنْ يَا سَيِّدِي! لِمَاذَا لَسْتَ غَاضِبًا مِنِّي؟ فَكُلُّ ذَلِكَ خَطَئِي.»
– «أَنَا لَا أُلْقِي بِاللَّوْمِ عَلَى أَحَدٍ يَا باسبارتو. الْآنَ، مِنْ فَضْلِكَ اذْهَبْ وَأَخْبِرِ الْآنِسَةَ عودا.»
– «أَمْرُكَ يَا سَيِّدِي.» وَانْطَلَقَ باسبارتو لِيُخْبِرَ عودا أَنَّ فيلياس يَوَدُّ التَّحَدُّثَ إِلَيْهَا بَعْدَ الْعَشَاءِ.
لِأَوَّلِ مَرَّةٍ مُنْذُ أَمَدٍ بَعِيدٍ لَمْ يَتَوَجَّهْ فيلياس إِلَى نَادِي «ريفورم كلوب» فِي تَمَامِ السَّابِعَةِ وَالنِّصْفِ. ولِمَاذَا يَذْهَبُ؟ لَقَدْ تَأَخَّرَ يَوْمًا عَنِ الْمَوْعِدِ، وَكَانَ الشِّيكُ مَعَ أَصْدِقَائِهِ بِالْفِعْلِ، فَكَانَ كُلُّ مَا عَلَيْهِمْ هُوَ الذَّهَابَ إِلَى الْبَنْكِ لِصَرْفِ الْمَالِ؛ لِذَلِكَ ظَلَّ فيلياس فِي الْمَنْزِلِ، وَظَلَّ فِي غُرْفَتِهِ، وَاسْتَغْرَقَ فِي تَفْكِيرٍ عَمِيقٍ، وَكَذَلِكَ كَانَتْ عودا. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، كَانَ باسبارتو فَقَطْ هُوَ مَنْ يَتَجَوَّلُ فِي جَمِيعِ الْأَنْحَاءِ لِيُلَبِّيَ نِدَاءَ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
بَعْدَ الْعَشَاءِ، جَلَسَ فيلياس وَعودا لِيَتَحَدَّثَا، فَقَالَ فيلياس: «عودا، هَلَّا تُسَامِحِينَنِي لِاصْطِحَابِكِ إِلَى إِنْجِلْتِرَا؟ عِنْدَمَا …»
– «مَاذَا تَقُولُ؟ لَقَدْ أَنْقَذْتَ حَيَاتِي!»
فَتَابَعَ: «أَرْجُوكِ، دَعِينِي أُكْمِلْ حَدِيثِي، عِنْدَمَا أَحْضَرْتُكِ إِلَى هُنَا، بَعِيدًا عَنْ وَطَنِكِ، كُنْتُ رَجُلًا ثَرِيًّا، وَكَانَ بِإِمْكَانِي مُسَاعَدَتُكِ لِبَدْءِ حَيَاةٍ جَدِيدَةٍ، أَمَّا الْآنَ فَأَنَا مُفْلِسٌ.»
قَالَتْ عودا: «أَعْلَمُ يَا عَزِيزِي فيلياس، وَلَكِنْ كُلُّ مَا أَطْلُبُهُ مِنْكَ هُوَ أَنْ تُسَامِحَنِي لِأَنَّنِي كُنْتُ جُزْءًا مِنْ ذَلِكَ الدَّمَارِ الَّذِي لَحِقَ بِكَ؛ فَلَقَدْ كَانَ خَطَئِي لِأَنَّكَ اضْطُرِرْتَ لِإِنْقَاذِي.»
– «هَذَا هُرَاءٌ، لَقَدْ كُنْتِ بِحَاجَةٍ إِلَى الْأَمَانِ، وَهَا أَنْتِ ذِي آمِنَةٌ الْآنَ.»
فَقَالَتْ: «هَذَا صَحِيحٌ، وَلَكِنْ مَاذَا سَيَحْدُثُ لَكَ؟»
نَظَرَ فيلياس إِلَى الْفَتَاةِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي تَجْلِسُ أَمَامَهُ وقال: «لَيْسَ لَدَيَّ أَصْدِقَاءُ حَقِيقِيُّونَ، وَلَا عَائِلَةٌ، وَلَكِنَّنِي سَأَكُونُ عَلَى مَا يُرَامُ.»
فَقَالَتْ عودا: «حَسَنًا، إِذَا قَبِلْتَ بِي زَوْجَةً لَكَ، فَسَأَكُونُ عَائِلَتَكَ، وَيُمْكِنُنَا مُوَاجَهَةُ الْمُسْتَقْبَلِ مَعًا.»
نَهَضَ فيلياس وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَاذَا يَقُولُ، فَقَطْ لَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وَارْتَجَفَتْ شَفَتَاه، وَلَمْ تَتَفَوَّهْ عودا بِكَلِمَةٍ، بَلْ وَقَفَتْ تَنْتَظِرُ أَنْ يَتَحَدَّثَ هُوَ.
فَقَالَ: «إِنَّنِي أُحِبُّكِ حَقًّا! نَعَمْ، بِحَقِّ السَّمَاءِ إِنَّنِي أُحِبُّكِ! لِنَتَزَوَّجْ.» وَأَمْسَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِيَدِ الْآخَرِ بِقُوَّةٍ وَتَشَابَكَتْ أَيدِيهِمَا.
دَخَلَ باسبارتو إِلَى الْغُرْفَةِ، وَرَأَى كِلَيهِمَا يَبْتَسِمُ فِي سَعَادَةٍ.
قَالَ فيلياس: «سَنَتَزَوَّجُ! هَلْ تَظُنُّ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ تَأَخَّرَ لِلتَّحَدُّثِ إِلَى الْكَاهِنِ فِي أَبْرَشِيَّةِ مارليبون؟»
سَأَلَ باسبارتو: «هَلْ تَرْغَبَانِ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ غَدًا، يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ؟»
أَجَابَ فيلياس: «نَعَمْ، غَدًا.»
وَرَدَّدَتْ عودا: «نَعَمْ.»
فَأَطْلَقَ باسبارتو سَاقَيْهِ لِلرِّيحِ.
•••
هُرِعَ باسبارتو عَائِدًا إِلَى غُرْفَةِ الْجُلُوسِ حَيْثُ كَانَ فيلياس وَعودا يَنْتَظِرَانِهِ.
وَقَالَ وَهُوَ يَلْهَثُ: «الزَّوَاجُ … مُسْتَحِيلٌ غَدًا.»
– «مَا الَّذِي تَتَحَدَّثُ عَنْهُ؟»
– «غَدَ … غَدًا هُوَ يَوْمُ الْأَحَدِ.»
أَصَرَّ فيلياس: «كَلَّا، إِنَّهُ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ.»
قَالَ باسبارتو: «كَلَّا فَالْيَوْمَ هُوَ … هُوَ السَّبْتُ.»
ثُمَّ جَذَبَ فيلياس مِنْ يَاقَتِهِ وَدَفَعَهُ مَعَهُ، وَقَفَزَا فِي سَيَّارَةِ أُجْرَةٍ، وَكَانَتْ عَقَارِبُ السَّاعَةِ تُشِيرُ إِلَى الثَّامِنَةِ وَالنِّصْفِ مِنْ مَسَاءِ يَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ دِيسَمْبِرَ، وَكَانَ لَدَى فيلياس فوج خَمْسَ عَشْرَةَ دَقِيقَةً فَقَطْ لِلْوُصُولِ إِلَى نَادِي «ريفورم كلوب».
•••
جَلَسَ شُرَكَاءُ فيلياس فوج فِي لُعْبَةِ البريدج فِي الْقَاعَةِ الْكُبْرَى فِي نَادِي «ريفورم كلوب» يُرَاقِبُونَ السَّاعَةَ، وأَخَذُوا يَنْظُرُونَ إِلَى بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ، وَحَاوَلُوا تَمْضِيَةَ الْوَقْتِ فِي قِرَاءَةِ الصُّحُفِ، وَبِالطَّبْعِ كَانَ مِحْوَرُ حَدِيثِ الصُّحُفِ هُوَ فيلياس فوج؛ لِذَلِكَ كَانَ مِنَ الصَّعْبِ تَجَنُّبُ الْمَوْضُوعِ!
قَالَ توماس: «حَسَنًا أَيُّهَا السَّادَةُ، لَدَى فيلياس رُبْعُ سَاعَةٍ فَقَطْ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ الْمَوْعِدُ الْمُحَدَّدُ، هَلْ تَظُنُّونَ أَنَّهُ سَيَنْجَحُ؟»
فَقَالَ أندرو: «لَوْ كَانَ قَدِ اسْتَقَلَّ الْقِطَارَ الَّذِي يَنْطَلِقُ فِي تَمَامِ السَّابِعَةِ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ دَقِيقَةً مِنْ ليفربول، لَكَانَ قَدْ وَصَلَ إِلَى هُنَا بِالْفِعْلِ؛ أَعْتَقِدُ أَنَّنَا رَبِحْنَا.»
قَالَ صموئيل: «لَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَلَيْنَا اسْتِعْجَالُ الْأُمُورِ الْآنَ، فَفيلياس دَائِمًا يَصِلُ فِي مَوْعِدِهِ الْمُحَدَّدِ تَمَامًا.»
قَالَ توماس: «لَكِنَّ الْحَقِيقَةَ تَزَالُ كَمَا هِيَ؛ فَهَذِهِ الرِّحْلَةُ بِأَكْمَلِهَا كَانَتْ نَوْعًا مِنَ الْمُقَامَرَةِ، وَالتَّأْخِيرُ لِمُدَّةِ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَقْضِيَ عَلَى فُرْصَتِهِ فِي الْعَوْدَةِ فِي مَوْعِدِهِ الْمُحَدَّدِ.»
أَصَرَّ أندرو: «لَقَدْ خَسِرَ أَيُّهَا السَّادَةُ، لَقَدْ خَسِرَ؛ فَالْبَاخِرَةُ الْوَحِيدَةُ الَّتِي كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَتْنِهَا هِيَ «تشاينا»، وَأَنَا أَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَتْنِهَا. وَفِي ظَنِّي أَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَلَى الْأَقَلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا.»
فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ كَانَتْ عَقَارِبُ السَّاعَةِ تُشِيرُ إِلَى الثَّامِنَةِ وَأَرْبَعِينَ دَقِيقَةً، فَقَالَ رالف: «لَمْ يَتَبَقَّ سِوَى خَمْسِ دَقَائِقَ، أَعْتَقِدُ أَنَّ أندرو سَيَصْرِفُ الشِّيكَ مِنَ الْبَنْكِ غَدًا.»
نَظَرَ الرِّجَالُ الْخَمْسَةُ إِلَى بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ، وَكَانُوا جَمِيعًا يَشْعُرُونَ بِالْقَلَقِ، وَحَاوَلُوا التِقَاطَ أَوْرَاقِهِمْ وَإِنْهَاءَ الْجَوْلَةِ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَيٌّ مِنْهُمْ أَنْ يُبْعِدَ نَاظِرَيْهِ عَنِ السَّاعَةِ.
بَدَأَتِ الثَّوَانِي فِي الْعَدِّ التَّنَازُلِيِّ: خَمْسُونَ، وَاحِدٌ وَخَمْسُونَ، اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ. وَفِي الْخَامِسَةِ وَالْخَمْسِينَ، سَمِعُوا صَوْتَ جَلَبَةٍ عَالِيَةٍ بِالْخَارِجِ تَبِعَهَا تَصْفِيقٌ، وَوَقَفَ الرِّجَالُ الْخَمْسَةُ، وَفِي الثَّانِيَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ، فَتَحَ فيلياس فوج بَابَ الْقَاعَةِ الْكُبْرَى، وَقَالَ: «هَأَنَذَا أَيُّهَا السَّادَةُ!»
لَقَدِ اسْتَطَاعَ فيلياس فوج السَّفَرَ حَوْلَ الْعَالَمِ فِي ثَمَانِينَ يَوْمًا، وَفَازَ بِالرِّهَانِ، وَلَكِنْ كَيْفَ؟ أَيْنَ سَقَطَ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ حِسَابَاتِهِ؟ لَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ يَحْرِصُ بِشِدَّةٍ عَلَى مُرَاقَبَةِ الْوَقْتِ. يَبْدُو أَنَّ فيلياس وَباسبارتو قَدْ نَسِيَا وَضْعَ الْمَنَاطِقِ الزَّمَنِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي عَيْنِ الِاعْتِبَارِ، وَلَا بُدَّ أَنَّهُمَا عِنْدَمَا سَافَرَا إِلَى الشَّرْقِ، كَانَا يَرْبَحَانِ سَاعَةً هُنَا وَهُنَاكَ، وَعِنْدَمَا عَادَا إِلَى لَنْدَنَ كَانَ لَدَيْهِمَا يَوْمٌ كَامِلٌ! ولَوْ كَانَتْ سَاعَتُهُمَا تُشِيرُ إِلَى الْأَيَّامِ أَيْضًا بَدَلًا مِنَ السَّاعَاتِ فَقَطْ، لَأَدْرَكَا هَذَا!
إِذَنْ لَمْ يَخْسِرْ فيلياس ثَرْوَتَهَ، وَكَانَ مَسْرُورًا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ كَانَ هُنَاكَ سُؤَالٌ آخَرُ يَدُورُ بِذِهْنِهِ «هَلْ لَا تَزَالُ عودا تُوَافِقُ عَلَى الزَّوَاجِ مِنْهُ؟»
فَقَالَتْ هِيَ: «أَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَلَيَّ أَنَا أَنْ أَسْأَلَكَ هَذَا السُّؤَالَ، الْآنَ وَبَعْدَ أَنْ أَصْبَحْتَ ثَرِيًّا مَرَّةً أُخْرَى، هَلْ لَا تَزَالُ تَرْغَبُ فِي الزَّوَاجِ بِي؟»
فَأَجَابَهَا: «عَزِيزَتِي عودا، لَوْلَاكِ مَا كَانَ لَدَيَّ أَيُّ أَمْوَالٍ، إِذَا لَمْ تَطْلُبِي مِنِّي أَنْ أَتَزَوَّجَكِ، لَمْ يَكُنْ باسبارتو لِيَذْهَبَ لِرُؤْيَةِ الْكَاهِنِ.»
فَقَالَتْ: «يَا إِلَهِي، عَزِيزِي فيلياس، كَمْ أَنْتَ رَائِعٌ!»
•••
بَعْدَ يَوْمَيْنِ، كَانَ فيلياس وَعودا قَدْ تَزَوَّجَا، وَاسْتَمَرَّ باسبارتو فِي عَمَلِهِ خَادِمًا لَهُمَا، وَكَانَ سَعِيدًا فِي وَظِيفَتِهِ.
لَقَدْ فَازَ فيلياس فوج بِالرِّهَانِ، وَقَامَ بِجَوْلَةٍ رَائِعَةٍ حَوْلَ الْعَالَمِ؛ فَقَدْ رَكِبَ الْفِيلَ، وَاشْتَرَى قَارِبًا، وَاسْتَقَلَّ الْعَدِيدَ مِنَ الْقِطَارَاتِ، وَأَبْحَرَ عَلَى مَتْنِ الْعَدِيدِ مِنَ الْبَوَاخِرِ، وَحَظِيَ بِمُغَامَرَةٍ رَائِعَةٍ. فَمَاذَا رَبِحَ مُقَابِلَ عَنَائِهِ؟ حَسَنًا، لَقَدْ فَازَ بِامْرَأَةٍ رَائِعَةٍ، جَعَلَتْهُ يَشْعُرُ بِسَعَادَةٍ غَامِرَةٍ فِي حَيَاتِهِ، أَوَلَيْسَ ذَلِكَ كَافِيًا لِأَيِّ رَجُلٍ صَالِحٍ؟