الفصل الثاني

المقالة القصصية الرومانسية

ونعني بها الأقصوصة التي تقترب في سماتها وبنائها من المقالة النثرية المعروفة أكثر مما تحفل بمميزات الفن الأقصوصي الصحيح. وهي رومانسية باعتبار العالم الذي تمتح منه تجاربها والمواضيع والقضايا التي تسجل المضامين الأساسية لها، أي مضامين الحب والعاطفة كعاطفة تؤدي إلى الخيبة والشعور المأساوي، والتفجع على الأحباب وما يعتري النفس من لواعج الهوى والأسى وأحاسيس الوحدة واليأس والحيرة وما يهيمن على ذلك كله من ظلال وسمات الطبيعة وأوضاعها، التي تتسلل بين السطور والكلمات ولا يستطيع الكاتب لها دفعًا، لتحول قصته أحيانًا إلى لوحات إنشائية منمقة.

وهذا الميل إلى الاندفاع وراء المضمون الرومانسي، كان له من الأسباب ما جعل نفوس الكتاب تتجه إليه وتقف عنده زمنًا، وبإمكاننا أن نعتبر الوقوع تحت تأثير الكتاب المهجريين وازعًا أساسيًّا، فكتب جبران خليل جبران خاصة، كانت رائجة ومطلوبة من لدن الكل، وكان سهلًا التأثر بها لجاذبية أسلوبها وظلال التأمل والقتامة السائدة فيها، وهذه كانت تجد سببًا آخر يقوي من التعلق بها في نفس الكاتب المغربي، فمن جهة كان هو نفسه ميالًا إلى التيه في الطبيعة بكافة مكوناتها والاستغراق في شتى مظاهرها١ يدفن فيها أشجانه ويستجلي فيها ما غمض في أفكاره ووجدانه واشتعل في وجدانه إلا أن أهم ما نراه وازعًا إلى خوض المضمون الرومانسي هو ذلك الجو الخاص الذي خلقه المستعمر في شمال المغرب وجنوبه، هذا الجو المتمثل في السيطرة وإقامة الحواجز والموانع وكبح جماح النفوس عما تصبو إليه، مما أدى بالكتاب، أولًا، إلى الانكفاء على أنفسهم نتيجة الصدمة الأولى، والاستغراق في ذواتهم وطلب العون فيما يوحي بالسلام والأمان. وما يدفع عنهم شرور الحياة الجديدة التي ولدتها ظروف الاستعمار. والقصص التي سنعرض لها ضمن هذا الاتجاه المقالي القصصي هي التي ستبرز لنا بوضوح أكبر قيمة هذا الاتجاه وعناصره وقيمه.
نلتقي في البداية بقصة «ذات الثوب الأبيض»٢ بقلم همام٣ وهي تحكي قصة شاب يجلس كل مساء إلى حديقة البيت «المليئة بأطاييب الورود والأزهار، معتكفًا على قراءة كتابه واستشفاف العبير والنسيم» إلى أن كان يوم مرت بحذاء جدار الحديقة فتاة جميلة ترتدي ثوبًا أبيض ناصعًا أكسب جسمها الأسمر النقي، وشعرها الفاحم جمالًا وزينة يذكران الرائي بلطافة وبهاء الملائكة نحو عالم السماء، وشده صاحبنا وأخذت عليه لبه وبات مسهدًا، وأصبح على محياها «وما استوى جالسًا في فراشه حتى تمثل محياها صبوحًا نيرًا» وتمنى أن يشاهدها كل أصيل «لتكون لي مصدرًا قدسيًّا أتناول منه الوحي وموردًا أنهل منه الشعر والصفاء» وتمرُّ الفتاة في الأصيل الثاني فتطلب من الشاب باقة ورد، وما يلبث أن يحاورها ويحكي لها عن أسلوب حياته «إنني أحب الزهور يا سيدتي وأحب أن ألاقي العصافير راقصة على الأغصان المحدودبة» و«أني أكره نفسي على هذه العزلة لأني أمقت حياة التهتك والفجور». ويبدو أن الفتاة لا تطيق هذا الضرب من الحياة فتودع الشاب الحالم دون رجعة وأسقط في يده وباتت الآلام والهواجس تتناوشه.

هذه فكرة عامة عن هذه القصة من خلال الحادثة الحقيقية التي مرت بها، ويمكننا القول إنها تعالج عزلة الإنسان وما يمكن أن تجر عليه، كما إنها تصور عدم قدرة توافق الفرد مع المجتمع أو الحياة وعدم استجابة طبيعية، وقد أنشأ هذا أزمة نفسية تركت (الشباب) نهشًا للآلام والأحزان.

ونحن إزاء هذه القصة لا نجد أنفسنا مضطرين للبحث عن أية خامية قصصية؛ إذ الكاتب لم يقصد وهو يكتبها إلى معالجة قصصية أو صنع ما قدر ما كان يهدف إلى إعطائنا فكرة خالصة عن الوحدة والانعزال، أو عن الاستغراق في الطبيعة والانجذاب إلى حياة تلونها الأحلام والمناجاة، وما يجره هذا على الفرد من وحدة وانعزال يفصمان عراه مع الآخرين. والحق أن هذه تجربة إنسانية حية ولكنها في حاجة إلى تمثل فني وفكري عميقين لتقدم لنا في إهاب قصصي كامل. ولكن ما كان أصعب ذلك في وقت كان الفن القصصي عندنا في أنفاسه الأولى، مما جعل هذه القصة تنهج النهج المقالي، فتفسر بدلًا من أن تصور وتتشرح بدلًا من أن تستبطن، كما أنها تبقى تائهة في أذهاننا لا تحمل انطباعًا محددًا تستطيع توصيله إلى القارئ، تعتمد عنصر الأخبار أساسًا لها «كان الشاب عاطفيًّا ومعزولًا وبقي كذلك. وظهرت منه نزعة قوية إلى العزلة والانزواء، وكان رفاقه في المدرسة يمرحون وهو دائمًا في إعراض عنهم» وجاء البعد الرومانسي رئيسيًّا في هذه القصة. فالكاتب، بدأ يلونها بألوان الطبيعة، ذات الظلال الحالمة، ويقدم لنا شعور الشباب على أنه شعور حزين بل مائع، وهو ذو نفس تائهة في ظلال الكون تبحث عن سبيل يفطر لوعتها غير المفهومة. إن هذا كله يأتي إلينا بأسلوب لا يثير في أنفسنا مقابلًا شعوريًّا … إنها مشاعر ذات نفس رومانسي، ولعلها تجد في الواقع ما يبررها. وإن كانت تكشف عن نزوع فردي قلق، حالم بالمحبة تعويضًا عن فراغ الواقع وسقوطه، قد يكون هذا وقد يكون ذلك، ولكنها في ختام الأمر تقدِّم لنا نموذجًا للمقالة القصصية التي اتخذت وجهة رومانسية.

وقريب من قصة «ذات الثوب الأبيض» نجد أقصوصة «عن ضحايا الحب»٤ لكاتبها حسن الصبيحي، تكاد تأخذ نفس المنحى في تصوير حزن الإنسان وتمزق الذات بين هموم متشابكة غير واضحة وفي تعثُّرها وسط أجواء من الألم الذي يعبر تعبيرًا صريحًا عن قلق الفرد وتهالكه في هموم ذاتية بعد أن أعياه العالم الخارجي من الفهم والتأمل، أو بعد أن لم يجد خلاصه فيه، خاصة وهو واقع في كماشة الاستعمار. ويكون البديل آنئذٍ، بالنسبة للكاتب، هو أن يبحث عن شكل لأفكاره ومتنفَّس لأحاسيسه، فتجيء في نسق إخباري حول فرد من أفراد المجتمع غير متميز بذاته، بحيث أن ملامحه لا تتوفر على سمات مميزة، إذ يمكن إلصاقها بأي شخص، لكن المهم بالنسبة للكاتب هو الفكرة ذاتها التي يسعى لتقديمها أو الإحساس الذي ينشد التعبير عنه، ما دام الحزن هو المهيمن فإن نسج خيوط حدث ملائم لذلك هو المقصود. وقصة الصبيحي هي قصة شاب في الثامنة عشرة من عمره أي في نضج فتوته، يتعهده موسيقي إيطالي تعهدًا بالغًا. شاب فقير «رومي الأصل ذابل الوجه نحيف الجسم» وهذه أوصاف ذات جرس خاص في الإيقاع الرومانسي، كان الشاب دائم الحزن والبكاء والذهول، وكان يجد من أستاذه خير مؤنس وعاطف. والحزن والبكاء والذهول لهما دلالة خاصة لكنها تبقى طافية متراصة بشكل اعتباطي، لا تسقط ضوءًا على نفسية الشاب، ولكنها تشبه شارات معلقة على كتفَيه أو جبينه. وهذا أمر بدهي؛ إذ القاص لا يهدف إلى تقديم شخصية قصصية ولكنه يعطينا جوًّا فكريًّا ونفسيًّا بذاتيهما. ثم مات الأستاذ وترك وراءه بنتًا أحبَّت شابًّا يهوى الرقص وفرَّت معه. ولما بذر في بطنها جنينًا تخلى عنها وكانت نهاية مأساوية. وحين علم الشاب بمصيرها كان منهوك القوى حزينًا فمات إثرها. نلاحظ أنه لا شيء يحدث حدوثًا حيًّا حركيًّا، فلا حركة داخلية أو خارجية، لا تركيب للحدث ولا تنسيق في ترتيبه وسرده. والأصح هو عدم المطالبة بشيء كهذا؛ إذ إنه بعيد عن مرمى القاص وإدراكه. وإن ما يحرص عليه، أساسًا، هو هذا التلوين الخارجي للجو الذي يغطي ما يحسبه حادثة أو يحدث، أو الجو عامة «في منتصف الليل سمع أنغامًا موسيقية … يداعب أغصان شجرة نسيم عليل فتتمايل فروعه ويهوي بعضها على الأرض، فتلثم أفواه الجداول السائرة على نغم واحد إلى ما لا نهاية» ولا جدال أننا أمام وصف بديع تظهر فيه الطبيعة في تمام زهوها. وقد نعجب بهذا الوصف لو كان القصد تدبيج لوحات إنشائية. إننا نستقصي القصة فنجد الصبيحي قد ابتعد كثيرًا عن قصده ورسم جوًّا عامًّا زرع فيه شخصيات شبحية تفيض حزنًا، ونسج هذا في لبوس عاطفي رومانسي، لا يتوخى فيه الكشف عن تجربة أو حدث ما حاصل بالفعل أو بالضرورة. غير أن كل التباس يرتفع حين نستعيد إلى ذهننا أن الصبيحي يكتب مقالة تفتعل ما يشبه الحدث، خالية من أية دلالة فكرية وما يطبعها هو الضحالة الشديدة، والأسلوب يبدو مستعارًا من كتابات عديدة ومتناثرة لكتاب إنشائيين معروفين.
إن المقالة القصصية ذات النفس الرومانسي، كما تتبين لنا، توقع على نغمة الحزن وترتعش بالألم وافتقاد البهجة، وإذا ما انساق الكاتب وراء ما يضفي على الحياة صبغة من الانشراح ويلجأ إلى نوع من التجميل بها بدلًا من إغراقها في ظلال الكآبة، فإنه يحقِّق تواصُلًا آخَر مع الحياة، تواصُلًا رومانسيًّا تكون الموسيقى المطربة هي أداته وبث الانشراح في النفوس غايته. هذا الإحساس أو هذه فكرة قد تطرق ذهن كاتب من الكتاب فيرغب في إن يصوغ منها قصيدة أو قصة أو شيئًا شبيهًا بهذا، كيف يمكن ذلك حقًّا؟ هذا ما سنراه من قصة «المغني الجبار»٥ لكاتبها (شيخ الجبل)٦ إنها تحكي قصة شاب يجيد الغناء ويفتن سامعيه ويتمنع في إنشادهم. وفي حضرة الحاكم تمنع كذلك — في قصر ابن زيدان — إلى أن هدد بالجلد «وإذ ذاك غنى فسحر، أبدع وتفنَّن وتنقَّل بين الأنغام، فكان يعلو حتى يشبه الأرغن الأجش ويتيامن ويتياسر بين النبرات المرتعشة … وذهب بألباب القوم وانقلب المجلس، إلى مجون وفجور …» إلا أن أحد الفقهاء من الحاضرين يستنكر ما ترى عيناه، ويطلب اللطف.

واضح أن ما يحكيه الكاتب قريب إلى القصص القديمة التي يجتمع فيها الندامى للعربدة وسماع الفناء إلى أن يختلط الحابل بالنابل، واللغة القصصية هنا أكثر قربًا إلى النشر العربي القديم منها إلى لغة القصة البعيدة عن التزويف في الوصف. غير أن ما يلفت النظر بعد ذلك هو أن الكاتب يأخذ على الفقيه استنكاره، ويلقي إلينا بعبارات صارخة ومفهومة القصد لتكون مسك الختام: «إن الفناء يرهف المشاعر، ويربي ملكة الذوق في الإنسان» إنها نتيجة وفكرة منطقية بدون شك، ولكنها أكثر من ذلك أساسية بالنسبة للكاتب؛ إذ هي المنطق الأولي في ذهنه، وهي المتكأ الحقيقي للحكاية التي أوردها، وهي بالتالي تؤيد ما نذهب إليه من أن كاتب المقالة القصصية لا يشغل نفسه بالصياغة القصصية أو ما له صلة وثقى بالأقصوصة، ولكنه ينطلق انطلاقًا ذهنيًّا يحاول أن يجعله يتوازى بخطوط حكائية ووصفية.

وإلى هذه الخاصية الأساسية تضاف خاصية بارزة أخرى تطبع المقالة القصصية ذات النحو الرومانسي، وتتلامح بين أكثر من نص مقالي قصصي لتجعله يقترب من الخاطرة الأدبية، والخاطرة٧ نثر فني يطلق فيه الكاتب العنان لمشاعره وما يعتلج في نفسه من أحاسيس ثرة دون أن يتقيد في ذلك بأي قيد أو بأي شرط فكري يقنن به كتابته.
ولقد درج النثر المغربي٨ الحديث في بداياته على هذا السبيل أثناء محاولة تحرره من إسار شكليات النثر القديم ومواضيعه، وطرَقَ الكتَّاب المغاربة فن الخاطرة، كلٌّ يكتب فيها ما يهواه فكره وشعوره، وهو في ذلك يسعى إلى تقليد ما يتصل به من قراءات وأساليب جديدة، وكذا إلى تطوير كتابته إذا أراد لها أن تطرق أيضًا أبوابًا جديدة في فنون الأدب، وقد سبق أن أسلفنا الحديث عن هذه النقطة، لكن ما يعنينا هنا هو أن الخاطرة الأدبية تحفر لها مجرًى خاصًّا داخل المقالة القصصية الرومانسية، وتتلبس بها، الأمر الذي يوقعنا في تساؤل ذي وجهين: إلى أي لون تنتمي النصوص التي نبحث فيها؟ ولا تخفى أهمية هذا مما قد يكشف عن نسق تطور الأجناس الأدبية ضمن الأدب الواحد وما يرافق أو يسبب هذا التطور، ومن هذا التساؤل ينبع آخر: ترى ألا تزال الخاطرة ذات امتداد وتأثير في الكتابات (القصصية) النثرية للأربعينيات؟ وإذا كان الأمر كذلك، ألا يدعونا هذا إلى القول أن الكاتب أو القاص المغربي لم يكُن يفقه بوضوح طبيعة الأرض التي تخطو فوقها، وهذه نقطة لا شك أنها ذات أهمية بالغة وقد تجد لها مكانها لتُثار بصورة أعمق في غير ما نخوض فيه الآن. على أننا نرى، إلى هذا، أن استمرار الخاطرة في قالب المقالة يكاد يكون بدهيًّا نظرًا للتقارب الحاصل بين الكاتب المغربي في معالجة هذه الألوان النثرية ونظرًا لأن القصة نفسها كانت ما تزال جد بعيدة عن محك الإتقان والتخلص من الزوائد وإذا كانت قصة «ذات الثوب الأبيض» السابقة يبرز فيها ملمح الخاطرة، فإن قصة «دموع يتيمة»٩ تطغى عليها، وتزاحم فنيًّا ما يقصد الكاتب إليه من هاته القصة: «أماه: رجعنا إلى المنزل بعد أن دفنت زوجك ودفنت أبي الوحيد الذي كان موضع عطفي وحناني، فدخلت الدار التي كانت من قبلُ جنة فأصبحَت اليومَ قبرَ همومي ورمس أحزاني … يا رب أخذت أبي في بحبوحة الشباب حيث تركتنا صفر اليدين ليس له ولا ثوب لنعشره فيه، لندفنه، ولا مال لنشتري به قبره … كلا أماه، أماه، ماذا أصنع؟ أرى الدنيا مسودة أمامي، أرى شبح الموت يأتي مسرعًا.» ويبدو أن قصد الكاتب ميسور الكشف والتأويل، إنه ينعى على الحياة هؤلاء الذين تُفقرهم من كل شيء، حتى الموت لا يرتاحون وهم في الطريق إليه، بينما يبقى الجرس الأقوى رنينًا هو جرس الانتحاب والحزن الفائض، فإذا الكاتب يزاوج بين النقمة على الحياة والمجتمع، نقمة تركبه مطية امتلائه النفسي الغاص بالمشاعر الملتهبة، وإذا القصة تفلت من قبضة عامة لتجد لها هذا المنطلق الفسيح الذي تنهار عنده كل الحدود، إنه منطلق الخاطرة الأدبية، ولعل الموضوع نفسه كان يقود إلى هذا المنطلق.

وحين نتحدث عن المقالة القصصية المصطبغة بالصبغة الرومانسية لا بد أن نقف وقفة خاصة عند «محمد الخضر الريسوني» كرائد من رواد القص القصير في المغرب وكمساعد أساسي في هذا الاتجاه الذي نحن بصدد درسه.

إن النغمة العاطفية، تستحيل في كثير من قصص الريسوني إلى إيقاع كاسح شديد الرنين يتجاوب في أطراف العمل القصصي كله مؤلفًا سمفونية تتهادى بين الحزن والفرح وتختال في دروب حالمة تنهج فيها النفس وتتهافت فيها العاطفة سعيًا وراء التحقيق والاستجابة، وترتفع خطوط ترسم علامة التوتر حينًا والكآبة حينًا آخر، وتحدث الصدمة وتفاجئ وتتملق إحساس القارئ بسذاجة في أغلب الأحيان، تدغدغ نفسه وتقصر إلى هز وجدانه، وتستمد كتابة «الخضر الريسوني» نسغها وروحها من إشعاع العالم الرومانسي وبتكويناته المختلفة، يقول الريسوني: «أروع درس كنت أتلقاه في حالة أنسي بجمال الكون درس في الطبيعة المحبوبة التي تقمصت في نفس الشاعر العاطفي البحتري.»١٠ فالريسوني مشغوف بالطبيعة ومن خلالها يتأمل الحياة ويترك نفسه تنداح بعثًا وتعلقًا بتألق الجمال وجوهر الإنسان، إذ «أي قيمة لهذه الحياة إذا أُترعت بالعمل دون أن تبقي لنا وقتًا نقف فيه ونحملق في جمال الكون؟»١١ فالطبيعة عند الريسوني وعند كل الرومانسيين هي المحراب الحقيقي الذي تنحني فيه نفوسهم، فالرومانتيكيون كما يرى الدكتور محمد غنيمي هلال: «ينشدون السلوان في الطبيعة، ويبثونها حزنهم ويناظرون بين مشاعرهم ومناظرها … ولا شك أن لرهافة الحس وشبوب العاطفة عند الرومانتكيين أثرًا عظيمًا في هيامهم بالطبيعة في جميع مظاهرها، فهم يريدون أن يستعملوها ويستوحوا أسرارها، وأن يكون أدبهم صدى للشعور الصادق بما يتجلى لإحساسهم من مناظرها»١٢ والريسوني يميل نحو ذلك كله ميلًا شديدًا، وهذا الميل سيكون له خطره وفعاليته في خط هذا القاص وفي المواضيع والأجواء التي سيرصد لها ويصورها، وسيجعل كتابته تعبق بطيوب الجنان الرومانسية. كما أن إثارة الانفعال في ذات القارئ هو الأمر المنشود وليس تحريك الفكر أو إخصاب الذهن والخيال، نظرًا لأن الانفعال هو المحرك الأولي لدى الكاتب وحافزه إلى اقتحام عالم الكتابة القصصية، «كنت أطيل التفكير والتأمل عندما أشعر بالوحدة، فأتناول القلم وأكتب، علني أخفف من طاقتي شيئًا ما، ودفعني شعوري إلى كتابة القصة»،١٣ إن العمل القصصي، إذَن، تنفيس،١٤ باصطلاح علم النفس، وتفريجًا عن كربة، وليس تعبيرًا عن موقف إزاء الحياة أو لقضية فكرية.

في مجموعة «أفراح ودموع» نجد عدة قصص سارت في هذا الضرب من التحليل الذي قدمنا، هناك «مآسي الإنسانية» و«دموع الحب والفرح» و«البدوية الجميلة» و«شجرة الورد» وكلها من مجموعة «أفراح ودموع» وفي كل هذه القصص نجد الكاتب ينسج خيوطًا حكائية ترتع فيها شخصيات شبحية غالبًا، أي ليست ذات ملامح محددة، وهي تتناوب مع الكاتب في التعبير عن المشاعر وتقديم بعض المشاهد وفي إقامة أركان القصة وأية قصة، وغالبًا ما نجد تسلسلًا تندرج عبره بداية ووسط ونهاية، وهذا دون تبيين طريقة عرض هذه الحلقات أو مدى ترابطها أو أخذها بأعناق بعضها بحيث تتجنب الافتعال والتمحل. ولكأن هذه الملاحظات تبدو غير واردة أو ضرورية نظرًا للقالب الفني الذي نعالج، وإن ألح الريسوني ونظراؤه وتعنتوا في إخضاع قصصهم لشكليات القالب القصصي القصير، اعتقادًا منهم أن ذلك يعطيهم الضمان الفني للنجاح أو يجعلهم يشعرون بالوفاء للضوابط الفنية للقص القصير. على أن هذه الضوابط تصبح في المقالة القصصية الرومانسية رخوة جدًّا ما دامت الكتابة خاضعة للانفعال الهائج، وما دامت مقيدة بتحركات العاطفة وذبذبات النفس والوجدان، مما يجعل الشخصية تغدو متجاوزة وبما يحيل سير العلاقة البشرية إلى تيار رهيف مشدود بين قلبين وعاطفتين يأتي منطق الحياة، والذي يؤدي إلى الفاجعة، (المناحة الرومانسية) مخالفًا له، وهذا المنطق غالبًا ما يقوم عند الريسوني على الصدفة وفي غياب تام عن المنطق الصحيح.

ويبقى المضمون القصصي أو المقالي واحدًا في كل القصص لا يتغير، أي أنه متوحد النبع والمصب، بالرغم من تغير المصير أو تبدل الوضع النفسي والبشري، فهو يتراوح بين مشاعر الحزن والفرح، الشقاء والسعادة، من الوجوم إلى الإشراق والتألق، من الأمل والحنين إلى اجتراع المرارة وحصد الخيبة والفشل.

هذه هي المحاور الأساسية التي تتعاقب عليها القصص وهي في اللحظة التي تبرز مشاعر الشخصيات وتحدد أوضاعها وتفرع سلوكها وردود أفعالها، فإنها في الوقت ذاته ترسم المسارب التي سيجري فيها صوت الكاتب مجلجلًا وتبث فيها انفعالاته متدفقة «دفعني الحماس وهيجتني العاطفة لأن أنتج وأخطو الخطوة الأولى في الرحلة الطويلة.»١٥ فالمضمون القصصي هو صوت الكاتب، أحاسيسه المبلولة بالحزن، المذوبة في سبائك الحرمان والكآبة التائهة بين رحاب الطبيعة وتكويناتها وظلالها، وهذا أيضًا هو مضمون المقالة القصصية الرومانسية سواء عند الريسوني أو عند غيره ممَّن نحَوْا هذا النحو.١٦
إن أقصوصة «ألحان ودموع»١٧ تمثل في نظرنا نموذجًا طيبًا للمقالة القصصية الرومانسية كما كتبها «الريسوني»، تُجلي لنا سماتها، ما يقدم جوهرها وما يكشف عن مكوناتها وفجواتها أن القصة في مجملها تتحدث عن تكوُّن علاقة حب بين «أحمد» و«فاطمة» منذ الصغر وتوثق أسباب هذا الحب مع الزمن، والفتى ابن عم للفتاة، وولي أمرهما واحد، وحين يدرك العم أن هذه العلاقة أصبحت خطيرة على الفتاة، يبعث بالفتى إلى المدينة بحجة إتمام الدراسة، وهنا يحدث الصدع الأول (الفراق) ويرحل «أحمد» إلى المدينة ليعيش هناك لوعة الفراق والحرمان وتبقى «فاطمة» وحيدة تربط بينهما رسائل الحب والشوق «منذ أن غادرت القرية يا عزيزي أحمد وأنا أشعر بالأسى والحزن يفصمان قلبي، وتحوَّل النهار لديَّ إلى ليل مظلم» و«إن نأيك عن القرية سيفصمها ولا شك، وما كانوا يعلمون أننا اتخذنا شعارًا لحُبنا ألا وهو «القلب للقلب ولو شط المزار».» غير أن العم يبادر بتزويج بنته لحاكم المدينة ويستدعي «أحمد» للحفل دون إعلامه بالخبر فيتلقى هذا الصدمة بقلب منكسر ويائس «وسار في خطوات بطيئة متجهًا صوب الحفل الجميل حيث جلس تحت صفصافة … وراح يرسل من قيثارته الألحان ومن عينيه الدموع» ولكن هذا الحزن والانكسار لا يدومان؛ إذ سيموت الحاكم بقدرة قادر، وتعود «فاطمة» إلى حبيبها الذي كان في انتظارها، فيلتم الشمل، ويتحقَّق الوصال بعد الفراق والأسى الذي عانى منه الشابان.

ويلفت انتباهنا هنا هذا التسلسل العادي للحدث المتضمن للبداية التقليدية، وكيف يقود القاص الوقائع ليبلغ بها مستوى من التأزم، تنفجر خلاله العاطفة الملتهبة ويتردد الصدى الرومانسي الذي يتبدى غير عميق، بل صادر عن احتكاكات خارجية وتأتي النهاية طبيعية جدًّا يتحقق فيها شوق العاطفتين وهو تحقيق رومانسي صرف، والنهاية عنده ذات بال إذ الحزن والفرح وجهان لعملة واحدة هي التي يداولها الكاتب، وبالتالي فالأمر عنده مجرد وليس سوى إحداث توازن بين الاستجابة لنداء القلب أو الانكفاء على الذات الممرورة. والحدث في القصة مبتسر لا يسنده أي دعم من الواقع ولا من الفن، قائم على التلفيق، وفي الفن لا نلفق ولكننا نحبك وننسق ونشكل مجموعة من العلاقات والوقائع ذات البعد الموضوعي والارتباط المحكم وداخلها تنداح المشاعر والأفكار وتتحدد المواقف الفنية والفكرية.

وقد نتساءل أين هي الشخصية في الأقصوصة وما دورها؟

والجواب أقرب من حبل الوريد، إنها في قبضة الكاتب وإن لم نذهب أبعَد من هذا فنقول بعدم تجسدها تجسيدًا حقيقيًّا، وأن وجودها محصور في «أحمد» و«فاطمة»، أما سلوك هاتين الشخصيتين فينسجم غاية الانسجام مع دوافع الكاتب وتصوره. إن الشخصيتين ذاهلتان عن نفسيهما ذهول العاطفة المحبة المتدلهة تركب الحزن والتيه والآلام، وتركن إلى الطبيعة محراب الرومانسيين «فكانا يخرجان معًا إلى الحقول الخضراء ويجلسان معًا على حشائش الربيع يستمعان إلى تغريد البلابل وألحانها.» أما أحمد فإنه «يقضي بالمدينة عامين متصلين لا يغادرها … وبلغ به الحنين أشده إلى القرية حيث كان ينعم فيها برؤية فاطمة، وهيجته ذكريات الطفولة وأضحى يرسل حنينه وشوقه بقيثارته.»١٨

ثم ما هي الصفات أو الملامح الخاصة لهذه الشخصيات والتي قد تكسبها حضورًا متفردًا في مواجهة الواقع الخارجي والداخلي؟ نستطيع القول بأنها تعدم كل حضور أو تفاعل مع حركة الحدث التي أبنَّا عن ضعفها وانحباسها في قبضة وتلفيق الكاتب، إنها تترنَّح بين نثار من المفردات، تكون بنودًا رئيسية في المعجم الرومانسي (الألحان – الدموع – الكآبة – العشق – وطأة الحب – الغاب – الكهف الصغير – الجداول – القيثارة – الغصن – المياد – الحقول الخضراء – حشائش الربيع – تغريد البلابل وألحانها – الحنين – شقشقة الطيور – اليأس – الصفصاف)، ثم هذا الشعار الهائل: «القلب للقلب ولو شط المزار.»

وبالنسبة للريسوني فإن تداول هذا المعجم يشير إشارات صريحة إلى اقتباس من المؤلفات الرومانسية الغربية عمومًا، والإسبانية منها على الخصوص والتي أتاحت ثقافة الكاتب المحدودة باللغة الإسبانية الاطلاع عليها١٩ وهنا لا تفوتنا الإشارة إلى التأثير الذي مارسته الثقافة والآداب الإسبانية على الأدب المغربي في الأربعينيات وبعدها من هذا القرن، وخاصة على الشعر الذي كانت تزخر به المجلات الصادرة بالشمال وخاصة تطوان: (تمودا – الأنوار – الأنيس، وغيرها من الجرائد والدوريات الأخرى) ويظهر التأثير جليًّا في كتابات كاتب مغربي معروف هو محمد الصباغ مغموسًا إلى نهايته في النبع الجبراني والكتابات المهجرية الأخرى، لقد استطاعت هذه الكتابات وغيرها من الشعر الذي ينتمي إلى التيار الرومانسي في المشرق العربي، ومصر على الخصوص، استطاعت، جملة وتفصيلًا، أن تضع النتاج الأدبي المغربي شعرًا وقصة في دائرة الإفادة والتأثير مما يمثل في نظرنا التجاذب المثير بين الآداب العربية، وطموح الأدباء — بالمثل — لاقتحام عوالم التجديد مستفيدين من سابقيهم ومدفوعين بضغط قوى الواقع المرير الذي كانوا يحيون وسطه.

بيد أن هذا التأثير لا يحفر مجراه عميقًا وإنما يتلامح في الخارج، أي في المسحة العامة للعمل الأدبي والقصصي، يطفو في شكل تلوينات، غالبًا ما تتخذ لها أدوات للتعبير حصيلة من الألفاظ والتعابير والصور الفنية المتداولة في نطاق النتاج الأدبي المتأثر به. ولا غرو في هذا، فبلوغ صعيد النقل والتمثل للرؤية والمثال الفنيين يستدعي — في كل الأحوال — زمنًا ليس يسيرًا وجهدًا ومعاناة تستمدان حرارتهما ونفسهما من تكوينات الذات المبدعة من جانب، ومن محيط الواقع الاجتماعي السياسي من جانب آخَر.

على أنه إلى جانب هذا التأثير المشار إليه يبقى الواقع المقبوض بين براثن الاستعمار الإسباني-الفرنسي، وما يسلطه على الأفراد والجماعات من ضروب القمع والإهانة المشينة، بجانب الشعور اليائس بالانتقال إلى أفق منفرج، مضافًا إلى ذلك التوترات الفردية إزاء العالم ككل (عناصر ثقافية فلسفية تأملية) كل ذلك بعد عوامل حساسة تقود القاص المبدع إلى بحران الذات يستقطر منها عصارة الأسى والحرمان، مفرغًا إياها في كتابات نثرية تقصد الانتظام والانضباط داخل القالب القصصي وقد تستجيب لها بعض عناصر هذا القالب، وتفلت منها أكبر أجزائه، لتتفرق بعدئذٍ بين المقالة والخاطرة والأقصوصة.

إن المقالة القصصية الرومانسية، إذَن، هي قارب النجاة في خضم متلاطم بالأزمات الذاتية والاجتماعية، بل إن الإلحاح على بعض الرؤى والألوان الرومانسية عند قصاصين آخرين في مرحلة الصورة القصصية وغيرها مما سنراه استقبالًا، هو تعبير عن أزمة الذات وأزمة الواقع، تعبير عن انكفاء الذات على نفسها بعد أن عجزت عن مقاومة التحدي الخارجي أو لم تتبين طرق مجابهته.

هذا وأننا إذ نصل إلى خاتمة الفصل الخاص بالمقالة القصصية الرومانسية نجد من الملائم، وقد رأينا أن الخضر الريسوني، من أجلى وأرسخ من ساهم فيها وأبان عن وجوهها، نجد ملائمًا أن نعمد إلى سرد الأسس العامة الرومانسية، كما عبرت عنها محاولاته الأولية في القص.

  • (١)

    إن النبرة العاطفية هي صاحبة السيادة في كل ما كتب، هي بوصلة النظر إلى عالم الذات وأشياء الخارج، فكل ما تطاله براعة القاص أو حسه لا بد أن يميس ويتسربل بهذا الرداء العاطفي.

  • (٢)

    إن العاطفة المنوه بها، هنا، سطحية، وساذجة أميل إلى التعلق بظواهر الأشياء من لجوئها إلى العمق في المشاعر.

  • (٣)

    لا شك أن سبب هذه السطحية والسذاجة راجعة إلى أن القاص لا يصدر فيما يكتب عن معاناة بعيدة الغور قدر ما يقع أسير العبارات التي يحفل بها العالم الرومانسي، وعاطفة الحب بالذات التي تُعد ركنًا أساسيًّا في هذا العالم، ولذلك نستطيع القول بأن رومانسيته منقولة أكثر منها مكابدة.

  • (٤)

    تشكل الطبيعة بما تحفل به من شتى الظواهر والألوان مادة غنية من المواد التي يستعملها الريسوني ويوظفها في كل تدبيج قصصي، فهو شغوف بها شغفًا لا نعرف، تمامًا، إن كانت بيئته الجبلية التي وُلد وترعرع فيها هي مصدره أم إن للولع بالقاموس والرحاب الرومانسية اليد الطولى فيه.

  • (٥)

    يميل الريسوني، كدأب الرومانسيين، إلى التراوح والمزاوجة بين مشاعر الحزن ومشاعر الفرح، بين الأمل والخيبة، بين التطلع المشرق والقلق المدمر.

  • (٦)

    وأخيرًا فإن المادة الرومانسية الكاسحة، فيما كتبه محمد الخضر الريسوني هي جماع التأثر والتقليد للأدب المهجري والكتابة الجبرانية، على وجه خاص، وللأصداء الخافتة التي رنت في سمعه من الأدب الإسباني الذي يحمل الطابع ذاته وبين الاستجابة لمكونات الظرف التاريخي والاجتماعي والنفسي.

هوامش

(١) روى لي القاص محمد الخضر الريسوني أن قصصه الأولى جاءت نتيجة التفاعل النفسي والوجداني الذي تم بينه وبين طبيعة المنطقة الجبلية التي يسكنها، وخاصة لذلك التوق النفسي العارم الذي لم يجد له تعبيرًا معينًا فانساق وراء الكتابة محملًا إياها ما اختزنه من إحساس تكون بين نفسه والحياة التي عاشها في البادية.
(٢) ج الوداد، ع٤٥، ۲۱ نوفمبر، ۱۹۳۹م، س٣.
(٣) لا نعلم الاسم الحقيقي لهذا الكاتب، وهو اسم مستعار بدون شك.
(٤) حسن الصبيحي، «من ضحايا الحب»، المغرب الثقافي، ع١٥، و١٦، غشت، ۱۹۳۸م.
(٥) المغني الجبار، شيخ الجبل، ج الأنوار، ع٨ مارس ١٩٤٨م.
(٦) هذا أيضًا اسم مستعار، والأغلب أن الكتاب كانوا يتورعون عن الإفصاح عن أسمائهم.
(٧) عز الدين إسماعيل، الأدب وفنونه، ص١٥.
(٨) عبد الله كنون، أحاديث في الأدب المغربي الحديث، ص٩٤.
(٩) مجلة الأنيس، التطوانية، ع۱۸، س٣، يوليو ١٩٤٨م.
(١٠) محمد الخضر الريسوني، «أفراح ودموع»، مجموعة قصصية، المطبعة الحسنية، تطوان ١٩٥١م، ص٤.
(١١) المرجع السابق، ص٥.
(١٢) د. م. غ. هلال، الرومانطيكية، مطبعة الرسالة، القاهرة، د.ت، ص١٥.
(١٣) أفراح ودموع، المقدمة ص١٠.
(١٤) الدكتور مصطفى سويف، «الأسس النفسية للإبداع الفني»، ط۲، دار المعارف، القاهرة، ١٩٥٩م، وبخاصة الفصل الثالث حول عملية الإبداع، ص۱۸۲ إلى ١٩٥.
(١٥) أفراح ودموع، المقدمة، ص١٢.
(١٦) أفراح ودموع، المقدمة، ص٥٠.
(١٧) كارمين، أو شهيدة الغرام لمحمد الضرباني، نُشرت مسلسلة في جريدة الوداد في الأعداد والتواريخ التالية:
  • ع٤٩، ١٦ يناير، ١٩٤٠م، س٤.

  • ع٥٠، ٣٠ يناير، ١٩٤٠م، س٤.

  • ع٥١، ۱۰ فبراير، ١٩٤٠م، س٤.

  • ع٥٣، ۱ مارس، ١٩٤٠م، س٤.

انظر أيضًا: حب أمينة، بقلم: الجامعي، الوداد، ۱۰ أبريل، ١٩٤٠م، ع٥٧، س٤. وهي من القصص التي تتغنى بعاطفة الحب وتظهر مزايا تعلق الحبيبين ببعضهما. ويقدم لنا الكاتب شخصية هائمة هيامًا شديدًا بفتاة تدعى أمينة تجادله في فوائد الحب وتحاججه في كون كل شيء في هذا العالم ماديًّا، وهي بذلك تتدلَّل وتتمنَّع بينما يزداد تعلقه بها: «لم تُبقِ لي عيناك وقتًا للاجتهاد والنظر، هما مناط الاجتهاد، أنظر، أحملق، أجحظ إليهما كمَن يريد التهامهما وما أكاد أفعل حتى أحس بأني أصغر، وأستحيل إلى مخلوق منزوع الإرادة، عيناك … الأجمل بنا أن ننساب في زورقنا الأمين ننشد السعادة مختالين مع النسيم المرح الذي يلثم مقبلك ويلمس نهديك ويموج فستانك كما موج الله، جل صنعه، شَعرك الذهبي الجميل …»
(١٨) أفراح ودموع، ص٥٤.
(١٩) الحق أن معرفة الريسوني بالإسبانية جد متوسطة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤