تقدمة
في هذا الكتيب حاولت أن أوضح للقارئ العادي ماهية الشخصية وقيمتها، وكيف يمكن أن نكوِّنها ونخصبها، ذلك أن المجتمع المصري بتأليفه القائم يعوق نمو الشخصية الناجعة، كما أن هناك عادات تفشو بين الشباب وتحول دون رقي الشخصية، والقارئ الذي سيقرأ هذا الكتيب بالترتيب الذي وضعته، بحيث لا يتعجل فصلًا قبل آخر في غير وضعه، جدير بأن يفهم كل ما ينبغي عليه فهمه كي يُنمِّي شخصيته ويرقيها على الرغم من العوائق الاجتماعية القائمة.
كما أن الآباء الذين يهتمون بشخصية أبنائهم يستطيعون الانتفاع في تربيتهم بما سيجدون في هذا الكتيب.
وموضوع الشخصية من الموضوعات التي يحتاج إليها مجتمعنا الجديد الذي خرج — أو أوشك أن يخرج — من الزراعة إلى التجارة والصناعة؛ أي: من القرية إلى المدينة، وفي هذا المجتمع الجديد يحتاج النجاح إلى الشخصية كما يحتاج إلى الذكاء، بل يحتاج إلى الشخصية أكثر مما يحتاج إلى الذكاء.
ويحسن بالقارئ إذا هو قرأ هذا الكتاب قراءة الدراسة وليس قراءة المطالعة؛ أي: يجب عليه أن يكون معه قلم للإشارة هنا وهناك بما يجب أن يلتفت إليه، وأن يلخص كل فصل، ويقارن بين فصل وآخر.
والشخصية التي قصدت إلى شرحها هي الشخصية السليمة، ولم أمس أمراض الشخصية إلا عن بُعد، وفي خفة وإيجاز؛ لأن هذه الأمراض كثيرة وشرحها يحتاج إلى عدة كتب، وقد لا يفهمها غير المختص، وأنا أخاطب في هذا الكتاب الشاب العادي الذي يعيش في المدينة ويختلط بالأوساط الحكومية أو التجارية، أو يعيش ويكتسب بالعمل الحر مستقلًّا أو موظفًا، وهو قبل كل شيء يحتاج إلى النجاح.
وجميع فصول هذا الكتاب قد كُتبت خاصة له، سوى فصل «الخاصة الاجتماعية للشخصية» فقد سبق لي أن نشرته في مجلة الشئون الاجتماعية حين كنت أحرر هذه المجلة، ووجدت أنه يأتلف مع ترسيم الكتاب؛ فأدخلته في باب «ماهية الشخصية».
وقد يجد القارئ تكرارًا في بعض الأمثلة؛ فليفهم أنه مقصود للتأكيد وإبراز الدلالة وتثبيت الفكرة، وأسلوب الكتاب، كما يتضح، تعليمي، وهو يبرر التكرار والتدرج في الشرح.