لغزُ الدوق
منذ أكثر من خمس سنوات بقليل، ارتُكِبت سلسلة من عمليات السطو على نطاق واسعٍ في غرب لندن. لم يكن هناك تاجرٌ شهير لم يُعانِ من هذه السرقات، التي حيَّرَت لمدَّة طويلة الشرطةَ بكلِّ ما أُوتِيَت من مهارة ويقظة.
بعد انقضاء ما يُقارب ستةَ أشهر من الاعتقاد بأن هذه السرقات كانت نتيجةَ عملٍ منسَّق من قِبَل مجموعة من مجرمي العاصمة، شكَّل الضحايا وأصدقاؤهم لجنةً، وأسندوا إليَّ مهمة التحقيق في القضية.
بما أن الأمر قد اكتسبَ أهميةً كبيرة في ذلك الوقت، فقد وظَّفتُ خمسة مساعدين أو ستة، وبدأتُ التحقيقات على نحو ممنهج. كانت الشرطة أيضًا في حالة تأهُّب، وصدرَت لهم تعليماتٌ خاصة من سكوتلاند يارد بأنه ينبغي لهم التعاونُ معي، أو عمَليًّا، حسبما يُمكنني القول، أن يتصرفوا وفقًا لتعليماتي.
سيكون من المملِّ أن أتحدث عن جميع التنكرات والحيل التي تخيلتها وابتكرتُها. ولكن يكفي القولُ إنَّ نصف دستة من الرجال مرُّوا بتغيُّرات في مظهرهم أكثر من الحرباء، وانتشروا في كل مكان تقريبًا أثناء التحقيقات.
كنت قد اتخذتُ قرارًا بأنَّ هناك عصابةً يجب أن تُسحَق. كما كنت أعلم أنَّ النجاح أو الفشل ما هو إلا مسألةُ وقتٍ ومال. فمن حيث الوقتُ يمكنني أن أُخصِّص منه بقدر ما يمكن أن يدفع مقابله التجَّار المعنيُّون بالقضية. ومن حيث المالُ، أعتقد أنه لن يكون له حدود. إذ إنَّ الأطراف المتضرِّرة، والمعرَّضة للضرر، بعمليات العصابة، على استعدادٍ لإنفاق كل الأموال اللازمة لمعاقبة الجناة.
لم تكن المهمةُ سهلة. وقد وقَعنا في بعض الأخطاء، وتسبَّبنا في بعض الضرر، وإنْ كان الضررُ لم يقَع على أشخاصٍ ذَوي أهمية. كما سلَكْنا في بعض الأحيان مساراتٍ خاطئةً. وفي أحيان كثيرة كنا قريبينَ للغاية من اللصوص، ومع ذلك فشلنا في القبض عليهم. لم يكن أيٌّ منا يفتقر إلى الشجاعة أو ينقصه الصبر. فكلُّ خطوة خاطئة جعلَتنا نسير بحذر أكبر. وكل خطأ جعلنا أكثر حذرًا. وكل اختلاف جعلنا نفحص القرائن المفترضة بدقة أكبر.
وذاتَ صباح جاءني شرطيٌّ هو وأحدُ رجالي بأخبار.
قال الشرطي يو ٩٩: «لدينا دليل، يا سيدي.»
فقلت: «هذا جيد. ما هو؟»
قال مساعدي: «على الأقل نعتقد أنه دليل.»
أضافَ الشرطي: «أنا مَن أخبرتُه عنه. أنا من اكتشفتُه.»
«كلا، لا تقل ذلك. لقد بذلتُ الجزءَ الأكبر من جهدِ اكتشافه.»
«كيف تزعمُ ذلك؟»
«حسنًا، ما مدى معرفتك به قبل أن أُخبرِكَ عنه؟»
«وما مدى معرفتِك به أنت عندما أخبرتَني عنه؟»
رأيتُ أنَّ هناك شجارًا جميلًا يختمرُ بين هذين الموقَّرين، وحاولتُ إيقافه؛ لكن تلك لم تكن بالمهمةِ السهلة مثلما قد يظن القارئ. فإذا فرَضتُ قيودًا على مساعدي من أجل تهدئة الموقف، فقد أكون بشكلٍ عارض أزيدُ من غرور الشرطي، وأجرحُ بشكل تعسُّفيٍّ الفخرَ الجدير بالثناء لمساعدي. وإذا حاولتُ كبح جماحِ الشرطي، فقد أصدُّه بعيدًا عني ليذهب إلى سكوتلاند يارد، حيث سيخبرهم بالدليل ليتبعوه، وتتضرَّر مصداقيتي المهنية مع التجار. ولذا يجب أن أتحمل القليل من هذه المشاجرة، وأحاول تهدئة انزعاجهما.
والحقيقة هي أنَّ شخصًا ما — سائق حافلة، حسبما أظن — قد أخبَر الشرطيَّ أن شيئًا ما اعتادَ على رؤيته كان «أمرًا غريبًا للغاية». ومِن ثَمَّ كرَّر الشرطي، الذي كان يُغطي نفس مسار البحث المكلَّف به مساعدي، معلوماته على مسامع مساعدي الذي يعرفه جيدًا، وقد ردَّد رأيَ سائق الحافلة بلُغته العاميَّة. فأيَّد مساعدي الرأي الذي عبَّر عنه بالفعل، وبحث فيما وراءه.
قال مساعدي: «إنه أمرٌ غريب، كما قلت.» وأضافَ: «أعتقد أن هذا دليلٌ على ما نريد أن نكتشفه على وجه الخصوص. عليك أن تأتي معي إلى الحاكِم غدًا، عندما تفرغ من عملِك، وسأُقدمك له. وإذا أحسنَّا الاستفادة من الدليل، فسيُصبح سخيًّا معنا. سوف يجعل الأمر يستحقُّ جهدك، هذا ما أضمنه لك بكل تأكيد.»
ثم تجاذبا أطرافَ الحديث حول القضية، وأستطيع القول إنَّ مساعدي قد أطلعَ الشرطي على سرِّ تعليماتنا بما يكفي لمساعدته في فهم خطورة الآثار التي قد يُؤدي إليها هذا الدليل.
أظن أنَّ القارئ الشَّغوف دائمًا سيسأل: «ما هو، إذن، هذا الدليل؟»
لقد كان أمرًا بسيطًا. ولا يبدو أنه يشير مباشرةً إلى المعلومات التي أريدها، لكن العديد من الأدلة الحقيقية لم تُصبح كذلك إلا بعد تتبُّعِها حتى نهايتها. كان مثل ثمرة جوز صغيرة، تحتاج أن تكسر قشرتها. فربما يكون بداخلها النواةُ التي أريدها، أو ربما لا.
مع عدم وجود أي شيء مثلِ انتظام الوقت أو فترات الظهور، ولكن مع تَكْرار كبير، يمكن مشاهدة عربة بروام متهالكة يجرها حصان بائس عند أو بعد الغسَق تسير على طول الطريق المؤدِّي عبر الامتداد الغربي للعاصمة داخل الضاحية الغربية الجميلة. بدأ الدليل الذي نحن بصدده مع تلك العربة عند الطرف الشماليِّ الشرقي من جرين بارك، وانتهى عند المدخل الشرقي لقرية … كان الأمر مثيرًا للشكوك لأنَّ تلك العربة لم يكن يقودها الرجل نفسُه طَوال المسافة بالكامل. حيث يقودها السائقُ حتى منتصف الطريق تقريبًا، ثم ينزل من مقعده، ويُسلِّم السَّوطَ إلى شخصٍ آخر (دائمًا هو الشخص نفسُه) ودائمًا يقابله عند النقطة نفسِها.
كانت تلك العربة من العربات المسجَّلة في سمرست هاوس كعربةِ أجرة. وهي عربةٌ خاصة، بدَت وكأنها مِلك مدير أحد مكاتب البريد أو سمسار فقير.
إلى أين تذهب هذه السيارة ومن أين تأتي؟
كان من بين الصعوبات في قضيتنا هذه تتبعُ البضائع المسروقة. أعترفُ أنه لم يكن من الجيد عدمُ استطاعتنا تتبع أي جزء من البضائع. لقد بحثنا في جميع الأوكار المشبوهة لتداول البضائع المسروقة. لا أعتقد أن هناك مكانًا واحدًا معروفًا منها لم نفحَصْه. هل يمكن أن تكون عربة بروام تلك هي وسيلة لنقل المسروقات بكميات صغيرة إلى مخبَئِها ومنه إلى مكانِ أو أماكنِ تحويلها إلى أموال؟ كنا عازمين على الإجابة عن تلك الأسئلة.
وُضِعت دوريات مراقبة دَءُوبة على مراحل من جرين بارك إلى …
في مساء اليوم التالي، لم تظهر العربة، ولا في المساء الذي يليه؛ ولكن في المساء الثالث، شُوهِدَت تخرج من حارة في بيكاديللي، بالقرب من شارعٍ يوجد فيه إسطبلٌ وضيع. ومِن ثَمَّ جرى تتبُّعها ومراقبتها طوال رحلتها. ورأيتُ السائق قد تغيَّر.
لقد فحصتُ وجهَ السائق بدقة.
خارج قرية … وعلى الطريق السريع، كان هناك منزلٌ ريفي، ليس في أفضلِ حالة، مع جراج وإسطبل لعدد من العربات والخيول أكثرَ مما يبدو أن الساكن يستخدمُه. كان المنزل، كما يُمكنني أن أوضح، متواريًا عن أنظار المسافرين بسياجٍ قريب من الأوتاد الخشبية، وبوابة عالية، وسياج طويل كثيف مورق من الشجيرات.
وقد توقفَت العربةُ في هذا المنزل الريفي. ونزلَ السائق، ووضع الخادمُ الحصانَ والعربة في المباني الملحقة المخصَّصة لهما، التي يدخل إليها من الخلف.
كلُّ هذا بدا لي مريبًا للغاية. ومع ذلك، فقد عقَدتُ العزم على متابعة تحقيقاتي. إذ لم تكن هناك أدلةٌ كافية حتى الآن، في رأيي، لتبرير طلب مذكرةِ تفتيش، أو توقيف أيِّ شخص بتهمة جنائية.
لم تُسفِر التحقيقات في القرية والحيِّ عن الكثير؛ لكن القليل من الأدلة الوقائعيَّة البسيطة التي حصَلنا عليها تَميل إلى تقوية الشكوك حول وجود وكرٍ للسرقة.
لقد اعتصَرْنا التجارَ باستفساراتنا، لكن هؤلاء الذين يُعتبرون آبارًا للشائعات أو الفضائحِ كانوا جافِّين تقريبًا ولا يعلمون أيَّ شيء. الحقيقة هي أنَّ هذا المنزل الريفيَّ لم يكن يسترعي الانتباهَ بمظاهرِ ترفُّهٍ أو عكس ذلك. ما يحتاجه يطلبه ويدفع ثمنه. فلم تكن التجارة التي تتمُّ بين نزلائه وأصحابِ المتاجر الذين يتعاملون معهم كبيرةً بما يكفي لإثارة حسد مُنافسيهم. قد يُدهَشُ بعض الناس، الذين تُعذِّبهم الفضيحة، أن يعرفوا أن الشائعاتِ يمكن تجنُّبها أو «التلاعب بها»، إذا كنت تعرف كيفية القيام بهذه المهمة.
بينما كنت منخرطًا في هذه التحقيقات، مع اثنين من مساعديَّ، كان المساعد الذي تحدَّث إلى الشرطي، كما أوضحت، قد أجرى معه حديثًا مرةً أخرى، وأسماه «خلافًا حادًّا». وقد ذكر الأمر، على ما أعتقد، في مقرِّ شرطة العاصمة، وتولت السلطاتُ التحقيقَ فيه.
استدعاني رقيبٌ نشط في شرطة المباحث، وطلبَ مني معلوماتٍ، اعتقدتُ أنني ليس لديَّ الحريةُ في رفض تقديمها، ولذلك أعطيتها إياه. فشرعَ على الفور في العمل، وحصل على أوامرَ بتفتيش المكان والقبضِ على النزلاء.
كان الوقت الذي اختاره للانقضاضِ على المشتبَهِ بهم هو الساعة الثانية عشرة ليلًا.
في ذلك المساء، خرجت عربة بروام المتهالكة من الإسطبلات، وشقت طريقها في الوحل والزحام عبر ميدان بيكاديللي، وفي المكان المعتاد تقريبًا، تغيَّر السائق. ثم ابتعدَت العربة مرة أخرى بوتيرة متسارعة قليلًا، كما لو أن لجام الحصان قد أُرخي. ونزلَ السائق أمام المنزل الريفي، ودخلت العربة والحصانُ إلى الإسطبل كالمعتاد.
في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف، دخلَت مجموعةٌ من رجال الشرطة إلى المنزل الريفيِّ من الخلف. وأُوقِظَت الأسرة الصغيرة بأكملها. كان رعب الآنسة جودوين عظيمًا، وكاد شقيقُها أن يُقتَل بسبب الذعر. وعن البقية ليس هناك شيءٌ مختلِف يُمكن أن يقال. كان السائسُ والسائقُ (شخص واحد) ومدبرة المنزل والخادمة العامة (أيضًا شخص واحد)، وهما بقية الأشخاص الموجودين بالمنزل، مذعورين للغاية.
أصرَّ الرقيب شديدُ الذكاء على فحص المنزل بدقة وتفتيش الإسطبلات واستكشاف الحديقة. وفي هذه الأثناء، طُلِب من السيدة والسيد والخدم اعتبارُ أنفسهم رهن الاحتجاز.
عبثًا احتجَّ الرجلُ المحترم على هذا الانتهاك، وفي بعض الأحيان هدَّد بلطفٍ بإسقاط كلِّ انتقام القانون على معذِّبي أخته. تعامَلَ الرقيبُ مع التهديد بازدراء، وسخَرَ من ادِّعاء السجين القرابةَ مع الآنسة جودوين. وكان الرد على جميع التوسلات والتهديدات والاحتجاجات والوعيد بأنه يؤدِّي واجبه، أو الإشارة إلى أنه يعرف ما يفعلُه وما هو بصدده.
لم يكشف البحثُ والاستكشاف عن شيء. وأُصيبَ الضابط بخيبة أملٍ شديدة، لكنه لم يكن قد شعرَ بالإحراج بعد. ورأى أنه، في كل الأحوال، سيكون آمنًا إذا استمرَّ، وأنه إذا تراجع فقد يُعرِّضُ نفسَه لتهمةِ الإهمال. كان هناك ما يكفي من الخطأ، أكثر مما هو كافٍ من الغموض، لتغطيةِ أيِّ إفراط في اليقظة، أو أي تجاوز في أداء الواجب. لذلك قرر أن يُواصل.
عندما قيل للسيد جودوين إنه يجب أن يرافق الضابط كشخص رهن الاعتقال، وإنه يجب على الآنسة أيضًا أن تنالَ نصيبها من هذا الإزعاج، قدَّما مرةً أخرى كل شكلٍ من أشكال الاحتجاج. كلها كانت عديمةَ الفائدة. كان الضابط عنيدًا ومرتابًا. وقد عبَّر بوقاحةٍ عن عدم تصديقه للزعم القائل بأن المستأجر اللطيفَ للمنزل الريفي كانت سيدةً شابة نقيَّة وبريئة، صاحبةَ ترِكة مستقلَّة صغيرة، وأنَّ الزائر هو شقيقُها ووصيُّها. وقال إنَّ هذه التوضيحات قد تُفيد القاضيَ غدًا، لكنها لن تكون ذاتَ فائدة بالنسبة إلى الشرطة.
لم يكن هناك مخرجٌ من الفوضى المروِّعة. حيث نُقِل السيد والآنسة جودوين من قِبَل الرقيب، بموجب أوامرِ توقيفه، إلى قسم شرطة العاصمة الرئيسي، واحتُجِزا في زنازينَ مبتذَلة.
في بعض الأحيان خلال الرحلة البائسة إلى لندن كان السجينان يُقاومان، وفي أحيانٍ أخرى غَرِقا في اليأس.
ومرةً أخرى، وهما في الطريق إلى العاصمة، قالت السيدة لرفيقها:
«لا تهتم، يا عزيزي جورج؛ نحن لسنا لُصوصًا؛ لقد فتَّشوا كلَّ جزء من منزلي، لكنهم لم يجدوا شيئًا.»
فقال الضابط: «لا تقولي أيَّ شيء من شأنه أن يضرَّكما أثناء وجودي معكما. لا أريدكما أن تُوقِعا نفسَيكما في جريمة. واعلما أنني سأُقدم كلَّ ما أسمعه كدليل؛ ولا أُمانعُ أن أقول إنه لا يروق لي كثيرًا ما تبدو عليه الأمور. «لم يعثر على شيء!» حسنًا، إذا لم يكن هذا النوع من الكلام ثرثرةَ لصوص، فلا أعرفُ ماذا يكون إذن. لم أجد شيئًا بعد؛ ولكن إذا تقرَّر حبسُكما احتياطيًّا، فسأعثرُ على شيء حتمًا!»
ارتجف السيد جودوين. بينما كانت الآنسة جودوين بليغة في استنكارها للموقف.
كان الرجل، بحلول وقتِ وصول الجمع إلى قسمِ الشرطة، قد تمالكَ نفسَه. وطالبَ بحقِّه في الاستعانة بمحامٍ. وقد حصَلَ عليه. واختار اسمَ محامٍ جنائيٍّ مشهور؛ واحد من أبرع المحامين وأكثرهم احترامًا.
عرَف المحامي المحترفُ موكلَه. حيث كُلِّف من قبل في ملاحقة قضائية كوكيل لمحامي عائلة ذلك الموكل.
وفي غضون ١٠ دقائق من وصول المحامي إلى القسم، فُتِحَ باب زنزانة السيد جودوين، واصطحب الرجل مع محاميه إلى الشقة الخاصة للضابطِ الذي يعيش في المبنى نفسِه. وقد حصلَت الآنسة جودوين أيضًا على رعاية بقدر كبير من المعاملة الطيبة أثناء إقامتها في المقرِّ المدَني هذا.
وبعد مقابلةٍ قصيرة أخرى بين المحامي والرجل المحترم، وتبادُل بضعِ كلمات مع السيدة الموجودة في مقرِّ الانتظار الجبري، عُقِدَ اجتماع بين القاضي وكاتِبه المخضرم والمحامي.
ثم عُرِضَ السيد والآنسة جودوين بعد ذلك على القاضي في غرفة سيادته الخاصة، وأُطلِقَ سراح الأخِ والأخت بناءً على تعهداتهما الخاصة.
لم تُتخَذ أيُّ إجراءات أخرى في القضية ضد سكان المنزل الريفي. ولم تتخذ أيُّ إجراءات من قِبَل تلك الآنسة والسيد النبيل ضد أيِّ شخص آخر لتفعيل القانون ضدَّهما. وقد حصَلَ الرقيب اليقظ على ترقية. وسأدعُ القارئ يُخمِّن، بناءً على أي نظرية وبأيِّ تأثير. هل كانت مكافأةً على خدمةٍ حصيفة وبارعة؟ هل كانت ثمنَ الصمتِ الدائم؟ هل كانت لإخفاءِ أمر غامض؟
لا أستطيعُ أن أشرح لماذا عُومِل الرقيبُ بهذه الطريقة. ولكن بقدرِ بعض الأمور الأخرى التي يُمكنني شرحُها بشكل صحيح، سأفعل.
أولًا: دعني أقُل إنَّ الشرطة لم تُمارس المزيدَ من التدخلات في خُططي للكشفِ عن اللصوص الحقيقيِّين، وإنني قد ألقيتُ القبضَ عليهم وقدَّمتُهم إلى العدالة.
ثانيًا: يُمكنني أن أخبر القارئ أن السيد جودوين لم يكن سوى اسمٍ مستعار لسموِّ دوقٍ ما، وهو رجلٌ نبيل يتميز بنسَبٍ عريق، وكان والده شديدَ الفخر بالتقاليد التاريخية لعائلته. والدوق الحيُّ لديه سجلُّ إيجارات ضخم، جزءٌ ضئيل منه يذهب إلى الآنسة جودوين، التي وإن لم تكن أختًا، فهي في علاقة حميمة جدًّا معه. وقد كانت لديه أسبابٌ خاصة به، في رأيي، لاختياره الطريقةَ الهادئة، أو الغامضة، كما ينبغي أن أقول، التي يُخفي بها زياراتِه إلى المنزل الريفي في الضاحية الغربية.