امرأة منعدمة الضمير
قبل بضع سنوات، وُكِّلتُ لكشف غموض قضية لا تختلف من نواحٍ كثيرة عن جريمة قتل رود الشهيرة؛ وكان عليَّ أن أُقدم المجرمَ إلى العدالة إذا أمكن ذلك. والقضية هي جريمة قتلِ طفل. كان المنزل الذي ارتُكِبَت فيه الجريمة البشعة عبارةً عن كوخ، يتوسط قطعة أرضٍ واسعةً — ربما تبلغ مساحتها ١٠ أفدنة — يربطها طريقٌ رئيسي، لا يُستخدَم كثيرًا، ولا تمر عليه أيُّ عربات، باستثناء تلك المتوجِّهة من أو إلى الكوخ المذكور أو منزل ريفي مجاور.
أشعر أن لي الحريةَ في الإشارة إلى مكان وقوع هذه الجريمة، فقط بأنه في مقاطعةٍ تقع جنوب إنجلترا.
ومع ذلك، لشرح طبيعة القضية، يجب أن أُشير إلى أن ساكني الكوخ هم أسرة مكوَّنة من رجل نبيل تقاعدَ من تِجارته في لندن وزوجته وأطفاله وخدمه.
كان الرجل متشائمًا، كارهًا للبشر، وميالًا إلى العُزلة بشكل مَرضي. وهو رجلٌ غريب الأطوار، كان يدفع الناسَ إلى التحامل ضدَّه في كل مكان. وحتى التقاعد في هذا الكوخ لم يكن كاملًا بحيث يعزله كليًّا من الاتصال بالعالم، أو يُجنِّبه ذلك التحامل.
لقد تزوج — في وقتٍ متأخِّر من حياته بكثير عن المعتاد بالنسبة إلى الرجال الأثرياء — قبل نحوِ عامٍ من إقامته في المكان الذي وصفته. وزوجته هي فتاة فقيرة، رغم أنها جميلةٌ إلى حدٍّ ما، وفي رأيي، فإن لُطفها وطيبتها عوَّضا مثل هذا الرجل عن افتقارها إلى المؤهلات الفكرية.
وفي اللحظة الآنية التي أحدثكم فيها كان مَن يعيشون في هذا الكوخ هم السيد روبنسون وزوجتَه وطفلَيهما الرضيعَين وخادمتَين للعائلة؛ إحداهما فتاة شابَّة تبلغ من العمر ٢٣ عامًا تقريبًا أحضَروها معهم من لندن إلى هذا المُعتزل في جنوب إنجلترا.
وذاتَ صباح في شهر يونيو، نهضت السيدة روبنسون من سريرها في نحو الساعة السادسة والنصف، وقبل أن ترتديَ ملابسها، كما كانت عادتها، عبَرَت الممرَّ المتعرج وغرفة الاستقبال والطعام إلى غرفةٍ بعدها، حيث ينام طِفلاها بصحبة الخادمة التي تُؤدِّي واجبات المربِّية. وكان كلاهما نائمَين. ومع ذلك، فقد اندهشت لملاحظة أن أحدَهما بدا باردًا عند لمسه. في دهشة ورعب، اكتشفَت المسكينة أن طفلها الأصغر كان نائمًا في حضن الموت!
هُرِعت الأمُّ الثَّكلى بشكلٍ محموم إلى زوجها، الذي كان قد استيقظ للتوِّ من سُباته، وأفاقته إلى وعيه التامِّ بصُراخها وعويلها الجامح. سرعان ما انتفضَ الزوج من فِراشه، وبدا الجميع، كما يجب أن يكون، متأثرًا بالحزن الشديد.
كان الاهتمام الأكثرُ صَخبًا والألم الأكثرُ وضوحًا هو الذي انسكبَ في هيئة البكاء والدموع والاعتراضات وكلمات النعية — كلها غامضة وغير متماسكة وغير محددة — التي صدرَت عن الخادمة.
لن أُسهِبَ في الحديث عن الحادث المخيف، ولن أُحاول أن أرسم بالتفصيل فاجعةَ تلك الأسرة وبؤسَها. ربما تكفي الإشارة إلى أن تلك الشائعة الخبيثة قالت كلَّ أنواع الأشياء القاسية. كانت الثرثرةُ المحلية تعكس حالةً كبيرة من عدم الرِّضا عن إجراءات التحقيق؛ فِطْنة قاضي التحقيق، أو عدم فِطنته، وحِكمة هيئة المحلَّفين أو افتقارها إلى الحكمة. وكان من بين الحقائق المروِّعة التي تُؤكدها الشائعة (والتي كانت في أغلب الأحيان تستندُ إلى شكوكٍ ومزاعمَ ليس لها أيُّ أساس من الصحة) في هذه القضية، اتهامات بوجود علاقة حميمية غيرِ لائقة بين المربية وسيد المنزل، وغيرة هذه الفتاة من سيدتها، تلك الغيرة التي قيل إنها أدَّت إلى ارتكابها الجريمة، من خلال رغبةٍ في الانتقام بإذاقة الأم ألوان العذاب. وقد أوعزَ أحدُ المنظِّرين البارزين — الأشبه بعرَّافٍ محلِّي في نظر الكثيرين، والذي كان يظنُّ بنفسه أنه أُوتي الحِكمة كلَّها — بأن السيد روبنسون، ذاك التاجر المنحط الأناني المتكبِّر، خشي أن يُسارع أبناؤه بالتعدي على أرباحه المتراكمة، ومِن ثَمَّ لجأ إلى الوسيلة التركيَّة لتقليص الأُسَر؛ باستخدام يد خادمته الوضيعة — في قضيتنا هذه — لتنفيذ مخطَّطه الحقير.
وقد أقرَّ الجراح الذي أجرى تشريحًا للجثَّة بعد الوفاة — وهو رجلٌ خبير في مِهنته — والذي امتنعَ عن تقريرِ ما إذا كان يرجح نظرية الموت العرَضي أو القتل العَمْد، بعد أن أقسم اليمين، أنه مِن الممكن أن يكون الطفل قد كُتِمت أنفاسه من قِبَل المربية في أثناء الليل عن طريق الصُّدفة.
انقسمَت آراءُ هيئة المحلَّفين لمدة ساعتَين حول الحكم الذي يتعيَّن عليهم اتخاذُه. حيث رجَّح البعضُ حكمًا بجريمةِ قتل عَمْد ضد السيد روبنسون. بينما رجَّح أحدهم أن يُصدر حكمًا بتسليم زوجته إلى حبل المشنقة. في تبرير موقف الأحدَ عشَر شخصًا الآخرين من قِبل هيئة المحلَّفين؛ يُمكنني أن أُضيف أنه كان هناك ميلٌ قوي، وسط جدِّية هذا التحقيق، إلى فرض عقوبةٍ جسدية على الرجل الأكثرِ غباءً. ووُجِدت رغبةٌ قوية للغاية في صدور أكثرِ من الأغلبية في إقرار حكمٍ يُدين المربيةَ بالقتل العَمْد، إما مع أو دون إقحام سيِّدها في تلك الإدانة. ومِن ثَمَّ استُشير القاضي، ومع قدرٍ هائل من الإحاطة، وهو الأمر الذي حيَّر بشدة مساعديه الحكيمَين وأربكهم، أصدر رأيه بأنه لا يوجد دليلٌ كافٍ أمام هيئة المحلفين لتبرير حكم القتل العَمْد ضدَّ أي شخص. كما غامر بإخبار هيئة المحلَّفين أنه ربما من الأفضل لهم أن يجدوا ما أسماه «حكمًا مفتوحًا»؛ وهذا يعني، إما «القتل العَمْد»، دون التكهُّن بالجاني، أو «وُجِدَ مقتولًا»، مع تركِ سبب الوفاة للمزيد من البحث والتحقيق.
وفي هذا الوقت تقريبًا استشارني رجلٌ نبيل، دون تدخُّل أيِّ مُحام، وطُلب مني البحث عن الحقائق بطريقة محايدة؛ وكانت توجيهاتي بعدم التقليل أو التهويل من أيِّ شيء.
مَن كان هذا الرجل؟ ما دافعُه؟ ما الرغبةُ الكامنة لديه حقًّا؟ مَن أراد أن يُبرئ، وعلى مَن رغبَ في توقيع العقوبة المرتبطة بالجريمة المفترَضة؟ يجب أن يعذرني القارئ لعدم قدرتي على التصريح.
وقبل أن يطلب مني هذا الزائرُ تولِّيَ الأمر، تلقيتُ تعليماتٍ بالتحقيق في قضية تزوير كُبرى في أحد البنوك. وكنت سأحصل، كمُكافأة مقابلَ خدماتي في حالة التزوير هذه، على مبلغٍ ضخم للغاية؛ وكان لديَّ أيضًا، كما كنت دائمًا، نُفورٌ من التحقيقات في قضايا القتل الغامضة. لم أكن أبدًا الوكيلَ الذي بسببه طوَّق حبلُ المشنقة رقبةَ الجاني. فهذه مسئولية مروِّعة (خوفًا من الخطأ) كنت أتجنَّبها دائمًا. وبصراحة، دعني أقُل، كنت أُفضل تجنُّب هذه المسئولية تمامًا، وقد استطعت، على ما أعتقد، الهروبَ بلباقةٍ من الانخراط شخصيًّا في هذا الأمر، حيث عرَضتُ على الزائر خطابًا يتضمَّن دفعةً مقدَّمة قدرها ١٠٠ جنيه تحت حساب أتعابي عن قضية التزوير. وقد كان رجلَ أعمالٍ حصيفًا، ورأى في الحال أنه لا يُمكنني أن أتخلى عن مهمة مربحة وسهلة نسبيًّا من هذا النوع مقابلَ تحقيقٍ أكثرَ صعوبة وأقلَّ رِبحًا يُريد مني أن أتولاه. ومع ذلك، فقد قبلتُ القضية وأخذتُ دفعة مقدمة، ولكن بشرط؛ وهو أنَّ مَن سيُحقق في القضية هو مساعدٌ ينوب عني، وسأُشرف عليه بشكل عام أو أنصحه وأُوجِّهه.
ويمكن أن أخبر القارئَ أيضًا أنه من خلال تدخُّل أحد أصدقاء زائري، سُمِح لمساعدي بالإقامة في الكوخ، وقيل له أن يستخدمَ هذا المكان المنعزلَ كنقطة مركزية في تحقيقاته.
وبِناءً عليه، فقد وظَّفت أفضلَ مساعد لديَّ أو جعلته يترك القضية الأخرى الموكلة إليَّ، التي احتجتُ فيها إلى بعض المساعدة، وأرسلتُه إلى جنوب إنجلترا.
ولا أعتقد أنَّ هذا الرجل كان قادرًا تمامًا على إنجاز مهمَّته. بالطبع لم يتشكَّل لديَّ هذا الرأي عندما شرَعتُ في إسناد المهمة إليه؛ لكن مراجعة ما حدث الآن تدفعُني إلى الاعتقاد أن أسلوب عمله لم يكن مناسبًا إذ كان يستعرض شكوكَه على نحوٍ صارخ كما كان يكشف عن صفته ولم يكن يحتفظ بسرِّية العمل الذي يقوم به، ولكن ربما كانت لديه أسبابٌ وجيهة.
كان كلٌّ من السيد والسيدة روبنسون مقتنعَين بأن جريمة القتل (إذا كان ثَمة جريمةُ قتل) لم يرتكبها أيُّ شخص في منزلهما. وكان كِلاهما على استعداد لإنفاق أي مبلغ من المال للدفاع عن خادمتهما المشتبَه بها، إذا أُلقيَّ القبضُ عليها للاشتباه. لقد توصلا إلى استنتاجٍ مفاده أن الواقعة المحزنة كانت نتيجةً لحادث، ولم تكن فرضيةً انفعالية.
ومع ذلك، لو كانت القضية تتعلق بجريمةِ قتل —لا يبدو أنَّ هناك دافعًا واضحًا لارتكابها — فلا بد أن يكون قد ارتكبَها شخصٌ ما تمكَّن من الوصول من الخارج إلى الغرفة التي كان الطفلُ ينام فيها، وقد أظهر فحصٌ سريع للمكان بواسطة مساعدي أنه ليس من الصعب بأيِّ حال الدخولُ والخروج من خلال نافذة تنفتح على أحد جوانب الكوخ. وقد كان مساعدي سيتوصَّل إلى استنتاج سريع جدًّا أن وفاة الطفل المسكين كانت نتيجةَ حادث، وكان سيعود إلى لندن، لولا الشكوكُ الظاهرة التي أُثيرَت في حضرته داخل الكوخ نفسِه.
كانت الخادمة المربية فُضولية جدًّا لمعرفة رأيه، وحريصةً جدًّا على اقتراح نظريات معاكسة وغير محتمَلة، ومسرِفة جدًّا في التعبير عن الاحترام للسيدة روبنسون و«الصغير العزيز ويلي». لقد تابعتُ مساعدي عن قرب بشكل بدا له أنه يُشير إلى نوعٍ من الافتتان أو الرعب. على الأقل هذا ما قاله لي حول سلوكها. هذا وحده جعله يعتقد أن تلك الفتاة هي القاتلة، وقرَّر أن يبقى لأطولِ فترة مُمكنة، مع تصنُّع الظهور بالمظهر اللائق، في الكوخ، واثقًا تمامًا من أن شيئًا ما سيَظهر لإثباتِ الجريمة عليها، وربما على شخصٍ آخر على صلة بها.
كانت الغرفة المخصَّصة له رَحْبة ومُريحة إلى حدٍّ ما، ومجاورة للغرفة التي تُوفي فيها الطفل الصغير، وعلى مسافة قريبة من الغرفة التي تنام فيها مربيته منذ «الحادث». بالطبع لم يكن مساعدي مؤمنًا بالخرافات، ولم تكن لديه مخاوفُ غير طبيعية، ولهذا السبب، ربما، ترك صندوقَ ملابسه مفتوحًا وشفراتِ الحلاقة مبعثَرة أثناء إقامته في الكوخ.
علاوة على ذلك، لم يكن مساعدي يخاف من الأشباح، وهذا من حسن الحظ. وكان مِزْلاج النافذة مكسورًا، وقُفْل الباب متهالكًا، لدرجة أنه لم يكن ليمنعَ دخول أيِّ كلب أو قطة جريئة، ولم يوفر للغرفة أيَّ حماية ضد الأرواح المتطفلة.
في إحدى الليالي، بعد حوالي أسبوع من وصوله إلى الكوخ، كان قد خلَد إلى النوم — وهو ذلك النوع من النوم الذي قد يُسمَح به لرجلٍ في مثل مهنته؛ إذ كان دومًا نومه أقربَ إلى اليقظة، حيث يُمكن لوقعِ أقدامٍ قزَم أن يُثير وعيه دون أن تتحرك عضلةٌ لديه أو يُرفَع أحدُ جفنَيه، ومن هنا لم يكن واردًا أن تُزعجه تحيَّة المدفعية على نحوٍ مفاجئ بما يكفي لإحداث رجفةٍ أو ارتعاشة في جلده أو عضلاته — وبينما هو نائم فُتِحَ ذلك الباب غير المؤمَّن، وظهرت بجانبه هيئة امرأة ترتدي ثوب النوم.
أثارت خطوتها يقظةَ مساعدي وهو مستلقٍ على السرير ووجهُه إلى الباب. ففتح عينَيه برفقٍ وبقدر كافٍ لتمكينه من فحص شكل الزائرة الليلية وتحديده، دون السماح لها بملاحظة تأثيرِ وجودها عليه. ورآها تُقلِّب بصرها في أرجاء الغرفة، التي أضاءتها أشعَّة القمر بشكل كافٍ يسمح برؤية الأشياء الموضوعة على منضدة التزين وفي بقية المكان. ظنَّ مساعدي أن عيون الزائرة أخذَت تُحدق في شفرات الحلاقة المبعثرة، واستغل الفرصة التي أتاحتها له إشاحةُ وجهها بعيدًا عن سريره لتحرير ذراعيه إلى حدٍّ ما من أغطية الفراش. وأصبح الآن على استعداد لمواجهة هجومها عليه ربما باستخدام شفرات الحلاقة.
لكنه قد أساء فَهْم غرضِ المرأة من زيارتها لحجرة نومه في تلك الليلة.
إذ استدارت مرة أخرى في اتجاه السرير. فاعتقد الآن أنه من الحكمة السماحُ لها بمعرفة أنه قد لاحظ وجودها. وجلسَ في هدوء متخذًا وضع القُرفصاء، ومثبتًا عينيه عليها.
ومِن ثَمَّ سألها في صرامة: «ماذا تفعلين هنا؟» ويبدو أن الكلمات قد نبَّهَتها.
فأجابت بلهجة متلعثمة وجُمَل متقطعة: «ماذا؟ أريد أن أراك. لماذا تنظر إليَّ طَوال اليوم؟ ماذا تقصد بالنظر إليَّ هكذا؟ هل تقصد أن تقول إنني قد قتلتُ ويلي؟ قل أيَّ شيء ضدي وسأُدمرك. عِدْني أنك لن تقول أي شيء ضدي وإلا فسأصرخ عاليًا.»
ثم حدَّقَت فيه بثَبات، وقالت ما كانت بلا شكٍّ هي الكلماتِ الوحيدةَ التي تنوي قولها: «إذا لم تَعِدْني هنا، وأنت جالس على هذا السرير، بأنك لن تشكَّ فيَّ، وأنك لن تقول أي شيء ضدي، وأنك لن تنظر إليَّ كما تفعل ولن تُحاول جعل الناس يشكُّون فيَّ، فسأصرخ. وأقول إنك طلبتَ مني أشياءَ غير لائقة؛ وإنك أغويتني، وإن ضميري قد أيقظني من نومي، وأنا أخاف من مخططاتك الشريرة الأخرى.»
«أوه، سوف تفعلين، حقًّا؟ وماذا بعد؟»
«ماذا بعد؟ عجبًا، ألن يقولَ الناس إنك بعد أن خدعتَني كي آتيَ إلى هنا وأُمارس معك الفاحشة، تخليتَ عني من أجل تغطية سلوكك غير اللائق؟»
ويعترف مساعدي باعتقاده أن هذا «ذكاء شيطاني». ولو أنه لم يكن هو الضحيةَ المقصودة، فإنه كان على حدِّ اعتقادي معجبًا جدًّا بمهارة هذه الفتاة، لدرجة أنه ربما كان سيعرض عليها أن تعمل في مِهنتنا كمحقِّقة خاصة، وأن يؤسِّس معها مكتبًا للتحقيقات كي يُنافس مكتبي. لكنه رأى الخطر المحدِقَ به، ولم يعجبه أن يصبح هدفًا لتجرِبةٍ مع وجود مثل هذه الحوادث المميتة التي تحيط بها.
وهكذا أمسك معصميها بإحدى يديه، ودفعها باليد الأخرى بعيدًا عن السرير، ثم وضعَ يده على شفتَيها، وأمسكَ بإحدى الشفرات الموضوعة على المنضدة، ووضعها أمام عينَيها لتخويفها دون أن يقول شيئًا، مع ذلك، ثم أسقط الشفرة فجأة بالقرب من المكان الذي يقفان فيه، وأمسك بالفتاة مرة أخرى، وصرخ بكلِّ قوته.
إنَّ مساعدي لم يكن لينخدع.
حيث اتهم هذه الفتاةَ بمحاولة سرقة غرفة نومه؛ لعلمها أنه من السهل فتحُها، وظنِّها أنه سيكون نائمًا، ومعرفتِها أيضًا أنه لم يكن حريصًا بما يكفي أثناء إقامته في المنزل إذ ترك شفراتِ الحلاقةِ الخاصةَ به على منضدة التزيُّن. وأعلن أنه استيقظ فرآها تضع الشفرة على حلقِها، وهي تنوي الانتحار في غرفته، بهدف — حسبما يقترح — إلصاق جريمةِ قتلها به.
سيكون من الضروريِّ فقط توضيحُ مزيدٍ من المعلومات للقارئ، وهي أنه على الرغم من عدم إمكانية تقديم أدلة كافية للحفاظ على لائحة اتهامٍ بارتكاب جريمة القتل العَمْد ضد هذه المربِّية، وعلى الرغم من أنه كان يُعتقَد عمومًا أنها ارتكبت جريمة القتل (وهي حقيقةٌ كان لديَّ شكوك حولها، لأنني أعتقد أن الطفل قد اختنق بالخطأ أثناء نومه، كما هو الحال في كثيرٍ من الأحيان مع الأطفال)، لم يُقدَّم دليل إلى هيئة المحلَّفين لدعم لائحة الاتهام بارتكابها جريمةً يُعاقَب عليها بالإعدام؛ لكنها اتُّهِمَت وعُوقبت لمحاولة الانتحار.