الفراشة … تنقل حديث «بل موري»!
انسحب الشياطين بسرعة من القصر إلى الحديقة، ثم إلى الخارج، كانت بعض طلقات تدوي حولهم، لكنها كانت بلا نتيجة، أسرع الشياطين، يبتعدون عن المنطقة بكاملها، واتجهوا إلى سوق الجزيرة، التي كانت قد استيقظت، وبدأ السوق والشوارع، يمتلئون بالناس.
قال «خالد»: إنَّ معلوماتنا عَمَّا سوف يحدث، ستكون قليلة، ولا أحد يدري، كيف سوف يتصرَّف «بل موري» فمِن المؤكَّد أنه سيعرف، أنَّ مُحاولة سطو حدثت اليوم!
كانوا قد اقتربوا من أحد المطاعم، فدخل «أحمد» وتبعه الشياطين، وبرغم أنَّ الوقت صباحًا إلا أنَّ «أحمد» استدعى الجرسون، وهو يقول: نريد أن نأكل سمكًا مقليًّا ساخنًا.
ابتسم الجرسون وانصرف.
أعاد «خالد» كلماته مرة أخرى، ثم قال ﻟ «أحمد»: أليست مسألة هامَّة؟
ابتسم «أحمد» وقال: بل إنها مُنتهى الأهمِيَّة، نفس أهمية هذه الدولارات الحقيقية التي نَحْمِلها.
قال «خالد» إذن، سوف يكون توقيت القبض على «بل موري» صعبًا!
مرة أخرى ابتسم «أحمد» وهو يقول: إن ذلك لا يفوت على الشياطين، لقد أعددت كل شيء، فهناك أسفل المكتب يوجد أحد أجهزة الشياطين الذي سوف يَنقل لنا كل ما يدور في حجرة المكتب، فهي تُمثل بالنسبة ﻟ «بل موري» أهم الأماكن!
ضحك الشياطين بينما كان الجرسون، يُقدم لهم الأسماك المقلية التي تتصاعد منها الأبخرة.
عندئذ هتف «قيس»: إنني أكاد أهلك من الجوع، خصوصًا بعد هذه الحركة الذكية، التي حقَّقها «أحمد»! ابتسم «خالد» وقال: وخصوصًا ونحن نحمل نصف مليون دولار، فقدها الجاسوس القديم «بل موري» ضحكوا جميعًا، ثم استغرقوا في الأكل.
قال «باسم»: ترى ماذا فعلت الآنسة «جولي» الآن؟ …
قال «أحمد»: لقد لعبت «ريما» دورًا ممتازًا في المُغامرة …
قال «خالد» بعد قليل: ينبغي أن نُرسل لها رسالة؛ فقد تكون لديها معلومات جديدة، خصوصًا وأنَّ «داني» يثق فيها، وسوف يعملان معًا …
انتهوا من طعامهم، ثم غادروا المطعم إلى الفندق.
قال «باسم» عندما دخل الحجرة: إنني في حاجة شديدة إلى النوم الآن.
قال «أحمد»: ينبغي أن نفعل ذلك، فلا أحد يَدري متى يمكن أن ننام مرة أخرى! صمت لحظة، ثم أضاف: فقط سوف أرسل رسالة إلى «ريما».
أخرج جهاز الإرسال، وبدأ يرسل رسالة شفرية إلى «ريما». كانت الرسالة: «٢٥–٦–٢٥» وقفة «٢٠–٢٨» وقفة «١–٢٥–٣–١٧–١–١٠» وقفة «٢–٢٣» وقفة «٢٢–٢٣» وقفة «١٣–٢٨» وقفة «٥–١–٢٦–١١» وقفة «٢٠–٢٥–٨–٢١» وقفة «١–٢٣–٢٥–٥–٥٤–٢٦» انتهى. وكانت ترجمة الرسالة: نحن في انتظار «بل» كل شيء جاهز، فندق النجمة.
انتظر قليلًا، ثم جاءه الرد الشفري: «–١٨–٢٣–٢٤» وقفة «٣–٢٤–٣» وقفة «١–٢٣–٢٤–٢٠–٢١–٢٦» وقفة «٢–٢٣» وقفة «٢٨–١٤–٢٣» وقفة «١٨–٢٥–٨–٢٢–٢٤» وقفة «٢٠–٢٨» وقفة «١–٢٣–١٢–١–٨–١٢–٢٦» انتهى. وكانت الترجمة للرسالة: علم. تمَّت الصفقة، «بل» يصل عندكم في السادسة.
نظر «أحمد» إلى الشياطين، كانوا جميعًا قد استغرقوا في النوم، ابتسم ابتسامة هادئة ثم ألقى نفسه على السرير بجوار «خالد»، ولم تمر دقائق، حتى كان قد استغرق هو الآخر في النوم، كانت السَّاعة تُشير إلى منتصف النهار، عندما ألقى نفسه على السرير، وعندما كانت تدق الرَّابعة فتح عينيه، ونظر حوله، كان الشياطين ما زالوا مُستغرقين في نومهم، فتح جهاز الاستقبال، ليلتقط أي رسالة من جهاز الإرسال الموجود أسفل مكتب «بل موري».
اغتسل ثم عاد، فَكَّرَ قليلًا، ثم قال في نفسه: ينبغي إرسال رسالة إلى رقم «صفر»، حتى يتمَّ كل شيء حسب الخطة …
انتظر لحظة، فسمع صوت «خالد» يقول: ألم تنَم؟
قال «أحمد»: نمتُ وصحوت، هذا يكفي.
فجأة قفز «باسم»، ثم «مصباح» الذي هتف: ما هي أخبار «ريما»؟ …
شرح لهم «أحمد» الرَّسائل المُتبادلة بينهما، ثم قال في النهاية: أقترح أن نُرسِل رسالة إلى رقم «صفر»! …
ردَّ «قيس»: لقد فكَّرت في ذلك فعلًا، وكنت سأقترحه عليكم! …
بسرعة جلس «أحمد» إلى جهاز الإرسال، ثم أرسل رسالة شفرية مفصلة إلى رقم «صفر» وعندما انتهى منها، قال: سوف نَنتظِر الرد …
فجأة دقَّ جهاز الاستقبال، ومن خلاله استقبل «أحمد» رسالة، وكانت من «ريما»، التي قالت في رسالتها: لقد تحرك «بل موري» إلى «هاواي»، بعد أن أتم صفقة فيلَّا «هونولولو»، يصل عندكم في الخامسة، بدلًا من السادسة، ويعود إلى نيويورك في نفس الليلة!
نقل «أحمد» الرسالة إلى الشياطين، وهو ينظر في يده، التي كانت تُشير إلى الرابعة والنصف، قال: لقد أَزِفَ الوقت …
مرة أخرى، دَقَّ جهاز الاستقبال، استقبل «أحمد» رسالة أخرى، وكانت من رقم «صفر»، كانت تقول: كل شيء جاهز.
عندما انتهت رسالة رقم «صفر» أعطى جهاز الاستقبال إشارة، فقال «أحمد» لقد وصَل «بل موري»! … بدأت الأصوات تصل إلى الشياطين، كان صوت أقدام مُسرعة، ثم صوت يقول: لكن كيف حدث هذا؟ … كان هو صوت «بل» مرَّت لحظة صمت، ثم سمعوا أصواتًا ضعيفة، لا تُحدِّد معنى لشيء، وإن كان «أحمد» قد قال: لا بُدَّ أنه صوت رفع السجادة، مرَّت لحظات أخرى صامتة، ثم جاء صوت «بل» مرة أخرى: لا شيء قد ضاع، إنَّ النقود كما هي لم تُمسَّ! …
ابتسم الشياطين، وجاء صوت «بل» مرة أخرى: يجبُ استدعاء الشرطة فورًا، إذا كنتم قد نجحتُم هذه المرة، فإنَّ هذا لا يعني أنكم قد تنجحون في كل مرة! ثم صمت لحظة وقال: انتظر قليلًا، دع مسألة الشرطة الآن، حتى أتم هذه الصفقة! …
مرت لحظة صمت، ثم قال «بل»: خذ … صمت جديد، طال الصمت قليلًا هذه المرة، ثم قال: كم معك الآن؟ … أجاب صوت آخر: مليون دولار … قال «بل»: إنَّ هذا هو ما اتفقنا عليه …
مَرَّ لحظة صمت أخرى، قال «بل موري» في نهايتها: إنني غير مُطمئن لما حدث، ضع المليون في هذه الحقيبة … صمت جديد، ثم قال صوت «بل»: اتبعني إلى القاعة الخضراء، فهناك يوجد السيد «ليمون»، والسيد «جاكو» اللذين عقدت معهما الصفقة، سكت لحظة، ثم أضاف: استدع السيد «جيرار» المُحامي، لكتابة العقد … تحركت خطوات في الحجرة، ثم صوت إغلاق الباب.
عندئذ قال «قيس»: إنَّ الصفقة سوف تتم الآن، لكن، هل يكتشف السيد «ليمون»، أو السيد «جاكو» هذه الدولارات المزيفة؟
قال «أحمد»: أعتقد أنَّ رقم «صفر» قد جهَّز كل شيء، ومن يدري، فقد يكون السيد «ليمون» والسيد «جاكو» من رجال المباحث.
سكت الشياطين بعض الوقت، ثم قال «قيس»: إنها فكرة طيبة، وإن كان ذلك سوف يُعرِّضنا للمشاكل، إذا اكتشف أحد من حرس القصر وجودنا!
ردَّ «باسم»: أعتقد أننا نستطيع أن نكون على مسافة تكفي أن نُراقب، ونسمع، دون أن يرانا أحد …
وافق الشياطين على الفكرة، وفي لمحِ البصر، كانوا يغادرون المكان. عند نهاية السلَّم قابلتهم السيدة «مادلين» التي ابتسمت قائلة: هل تبقون هنا لعدة أيام؟ …
نظر الشياطين إلى بعضهم، غير أنَّ «أحمد» تصرف بسرعة، فقد أخرج مجموعة من الدولارات عدَّ جزءًا منها، ثم قدمه إلى السيدة «مادلين» وهو يقول: يومين فقط، نُريد حجرة أخرى منذ الليلة …
ظهرت الدهشة على وجهها، وهي تسأل: هل سينضمُّ إليكم أحد؟ …
أجاب «أحمد»: نعم، وسوف نخرج الآن لاستقباله.
ثم انصرفوا بسرعة.
وما إن خرجوا، حتى ابتسم «باسم» قائلًا: إياك أن تكون الدولارات مزيَّفة …
ضحك الشياطين، وأضاف «أحمد»: إنها دولارات الجاسوس السابق «بل موري»، وهي دولارات حقيقية مائة في المائة، إلا إذا كانوا قد خدعوه وأعطوه دولارات مزيفة أيضًا … ضحكوا جميعًا واستمروا في سيرهم في اتجاه الشاطئ.
كان قصر «بل موري» يظهر من بعيد، أسرعوا في السير، وعندما أصبحوا على مسافة كافية أخرج «أحمد» من حقيبتِه فراشة إليكترونية، ثم وجَّهها، وأطلقها، طارت الفراشة في اتجاه القصر لتلتصق بجداره، تبعًا لذبذبات الصوت، انتظروا قليلًا، ثم فتحوا جهاز الاستقبال الدقيق الذي سوف يستقبل ما تُرسله الفراشة.
بعد قليل جاءت الأصوات، قال «بل موري»: أعتقد أنني يمكن أن أتسلم الفيلَّا غدًا! …
رَدَّ صوت: بالتأكيد، فقط بمجرَّد أن يصل السيد «جيرار» المحامي، ونكتب العقد …
دارت أحاديث جانبية كثيرة، ولم يتطرق «بل» إلى حادثة السطو، رأى الشياطين سيارة سوداء صغيرة، تأخُذ طريقها إلى القصر، ثم تدخله، جاء صوت «بل»: يبدو أنه السيد «جيرار»! … صوت أقدام، ثم صوت رفيع يقول: مساء الخير، هل أنهيتم كل شيء؟ …
قال «بل»: ليس بعد، فنحن في انتظارك!
مرت لحظة صمت، ثم جاء صوت «جيرار»: التوقيع هنا، نعم! ثم قال بعد لحظة: هل تسلَّموا النقود؟
رد «بل»: الآن يتسلَّمانها! … ثم ضحك قائلًا: إنه مليون كامل، وتستطيعان عده! وتردَّدت بعض الضحكات.
ثم فجأة، جاء صوت خشن: هل أحضرت هذه الدولارات من البنك اليوم مثلًا؟! …
نظر الشياطين إلى بعضهم.
قال «بل» ضاحكًا: لا، منذ شهور.
سأل نفس الصوت: هل أنت مُتأكد؟ … رَدَّ «بل» في دهشة: ماذا تعني؟ …
قال الصوت الخشن: هذه الدُّولارات مزيفة!
صاح «بل» مزيفة. كيف؟ …
رَدَّ الآخر: إنها جميعها مزيفة يا سيد «بل» … صمت لحظة ثم أضاف: أظن أن بوليس الجزيرة يجبُ أن يتدخل في هذا الأمر!
صاح «بل»: أرجوك لا تقل مثل هذا الكلام، إنني أعرف أموالي جيدًا، وأتعامل بها منذ شهور!
في نفس اللحظة كان صوت سيارات الشرطة يتردَّد في المكان، ثم ظهرت مُسرعة في اتجاه القصر حتى دخلته، ولم يعد الشياطين يسمعون شيئًا نتيجة أصواتها العالية، وعندما هدأ صوتها بدأ الشياطين يسمعون مرة أخرى! … «بل موري» أنت مقبوض عليك بتهمة ترويج الدولارات المزيفة!
صرخ «بل»: مستحيل … مُستحيل إنني رجل شريف!
ضحك الشياطين، بينما كان صوت جاد يقول: أرجو أن تُثبت ذلك في التحقيق! مرت دقائق، ثم ظهر «بل موري» بين رجال الشرطة، حتى ركب معهم.
ابتسم الشياطين، ورفع «باسم» إصبعيه علامة النصر، وأرسل «أحمد» رسالة إلى رقم «صفر»: لقد انتهى كل شيء، ووقع الجاسوس، لينال عقابه، في صمت، وجاء ردُّ رقم «صفر»: أهنئكم إلى اللقاء.
أرسل «أحمد» رسالة أخرى إلى «ريما»: الشياطين في انتظارك لقضاء إجازة في جزيرة المغامرة! ثم اتجهوا إلى الفندق، وهم يَضحكون.