لا حقد اليوم
مجلة الإذاعة والتليفزيون
العدد: ٢١٤٠
٢٠ مارس ١٩٧٦
إن تكن قد وجدت الحقد في عناصر التركة يا سيدي الرئيس، فلا جناح عليك فقد محوته.
ليس في مصر اليوم مصري حاقد، لقد استطعت بالحب أن تمحو كلَّ ما كان في النفوس من حقد، وما يتكلم واحد منا إلا من منابع الحب التي أصفيت، ومن فيض السماحة التي أغدقت.
لقد عارضتُكَ في يوم ووقَّعت على بيان غضبتَ منه، وأعلنتَ غضبك هذا أرفقَ ما يكون الإعلان، ثم ها أنت ذا تتيح لي أن أجري قلمي في حب مصر، ولا يفعل هذا إلا رجل يعرف كيف يمنح الحب، ولا حقد مع الحب.
نسينا يا سيدي الرئيس ما كان، وأحببنا أيامنا مهما تكن شديدة، لا أمل لنا اليوم إلا حب مصر … مصر التي لا تعرف إلا الحب، في مصر الحب هذه يا سيدي نبتة من غرس النبوات تجعل شعبها ينسى ما يُسيء ويذكر ما يُسعد.
في مصر الحب هذه نسمة مباركة من أنفاس الملائكة تجعلنا لا نطيق أن تحمل بين جوانحنا إلا الحب.
اختلف على حكمنا ناس وناس، واحتلنا المحتلون ومرَّ بنا التاريخ وئيد الخطو شديد المراس، ولكن ناس مصر لم يبقَ في نفوسهم إلا الحب، فإن عراهم الحقد فترة فما هي إلا هنيهة في عمر الزمن ثم إلى الحب نعود.
إن تكن التركة المثقلة قد شملت الحقد فيما شملت.
فقد كان فيها أيضًا الهزيمة وجعلتها نصرًا.
وكان فيها — كما قلت — العائلة العربية الممزقة فجمعت بددها، ورأبت صدعها ورتقت فتقها.
وكان فيها عالَم يكرهنا من شرق وغرب، فأرغمته على احترامنا، ثم أحسَّ بالحب عندك فإذا هو يحبنا.
أما الحقد يا سيدي الرئيس فقد زال يوم أقفلتَ المعتقلات وأطلقتَ السجناء، وأرسلتَ الكلمة حرة نظيفة تمرح مرتاشة الجناح في سماء مصر الخالدة.
سيدي الرئيس، هناك بيت قديم لعزيز أباظة أحب أن أهديه إليك: