كُتَّاب … يكرهون الحب
الأهرام – العدد ٣٢٧١١
٢ يوليو ١٩٧٦
إن أي شعب يكره الحقد ولا يقبله، والمفروض في الكاتب أن يكون إنتاج شعبه، أي يكون ابنًا شرعيًّا للشعب ولأخلاق الشعب، ولكن هناك كُتَّابًا فيهم لأخلاق الشعب عقوق، فهم يمثِّلون روحًا كريهة مقيتة، ويتخلقون بغير ما يتخلَّق به أبناء شعبهم.
إنهم معذورون …
لقد عاش هؤلاء الكُتَّاب واشتدَّ عودهم في أرض الكراهية، وفي أجواء الحقد، فهم لا يعرفون الحب ولا يحبون أن يعرفوه.
إن الدماء التي تجري في عروقهم حقد، والسائل الذي تمجُّه أقلامهم كراهية، لقد تغذَّوا فما تغذَّوا بغير الحقد والكراهية، ولقد شبعوا وأُتخِموا فما شبعوا ولا أُتخِموا إلا بالحقد والكراهية.
وهم منذ نَشئوا يبذرون بذور الشقاق بين أبناء هذا الشعب، ويُشعلون نيران المقت ويُطفئون إشراقات المودة ويُجفِّفون رحيق الحب.
ولكن الشعب أصيل، رفض مَقْتهم وحقدهم وظلَّ قلبه نقيًّا لا يعرف إلا الحب.
وزال زمانُ الحقد، وجاء عهدٌ يقول إن الحقد هو شرُّ ما يعانيه الإنسان، فطارَ صوابهم، فإنهم بغير هذا الحقد يموتون، إنه النار تشتعل بين جنباتهم ويريدون أن يُشعلوها بين جنبات الشعب أجمعين، ولكن العهد يقول الحب، فإلى أي وجهة يتجهون بنار الحقد فيهم؟
أيحترقون وحدهم؟ وكيف؟ أين يُفرغون النار اللاهبة في نفوسهم؟ لا حيلة لهم إلا أن يهتفوا بالحقد ويعظموه ويبذروه.
ولكنهم مساكين، لقد فشلوا أن يبذروا الحقد وينموه حين الأرض، أرض الكراهية والأجواء أجواء الحقد، فكيف بهم اليوم وهم يريدون أن يبذروا الكراهية في أرض الحب وفي أجواء المودة والتعاطف والتآخي والتآزُر والحب؟ حبطَ سعيهم وخاب رجاؤهم وانتكس عليهم عملهم، وتحيا مصر الحبيبة لا ترعى إلا الحب ولا ينتشر في سمائها إلا الود والإخاء … تحيا مصر.