ملاحظات
تقديم
(١) هو الزميل الدكتور عاطف العراقي الذي أشرَف على تحرير كتاب تذكاري عن المرحوم الأستاذ يوسف كرم، بتكليف من المجلس الأعلى للثقافة.
الفصل الأول
(١) ميناء مدينة روما عند مَصب نهر التيبر. يبدو أنه تأسَّس في النصف الأول من القرن الرابع ق.م.، وتسبَّبت العواصف الرملية في ردمه وفَقَد أهميته بعد تأسيس ميناء أغسطس. كشفت الحفائر عن ألواح حجَرية تحمل معلومات تاريخية هامة، ومن بينها ألواح نُقشت عليها بعض عبارات الحكماء السبعة، ويرجَّح أنها كانت لتعليم التلاميذ.
(٢) الإلياذة، النشيد الأول، ٤٠٥ وما بعده؛ والنشيد الثالث، ١٤٦ وما بعده.
(٣) هرمان فرنكل، الأدب والفلسفة في العصر الأفریقي، میونیخ، دار النشر بيك، ١٩٦٢م، ص٢٧٤–٢٧٦.
(٤) أفلاطون، محاورة طيماوس، ٢٢ ب.
(٥) أرسطو، نظام الأثينيين، ٥، أ.
(٦) راجع عن «بياس»: «دیوجينیس اللائرسي»، في كتابه عن حياة مشاهير الفلاسفة وآرائهم، ١، ٨٤، ٨٨؛ وكذلك «بلوتارك»، المسائل الإغريقية، ٢٠؛ وشذرة أرسطو عن دستور ساموس، رقم ٥٧٦، روز.
(٧) تاريخ هيرودوت ١، ٢٣، وكذلك ٥، ٩٥؛ وانظر أخبار بریاندو عند أرسطو، كتاب الخطابة، ١، ١٥، ١٣، ١٣٧٥ ب؛ وعند ديوجينيس اللائرسي في كتابه السابق الذكر، ١، ٩٦.
(٨) الشذرة ٣٦٠ من أشعاره الباقية. راجع طبعة ماكس تروي، توسكولوم، ميونيخ، ١٩٦٣م.
الفصل الثاني
(١) راجع في هذا كله: «دیوجینیس اللائرسي»، المرجع السابق ١، ٣٠، ٤٠، ٤٣، ١٢٢.
الفصل الثالث
(١) أي ما يقرب من سبعة كيلومترات.
(٢) راجع الحكاية. كلها في تاريخ هيرودوت، ١، ٢٩–٣٣، ٨٦–٨٨.
(٣) كانت مملكة الليديين تقع في الجزء الغربي من آسيا الصغرى. وقد أدَّى انهيار دولة الفريجيين حوالي سنة ٦٩٠ق.م. إلى ظهورها على مسرح الأحداث. فحرَّرت نفسها من سيطرة الكيمريين، وأخضعت المدن الإغريقية على الساحل الغربي لآسيا الصغرى. أما كرويزوس (ولعله هو قارون المذكور في القرآن الكريم، والكتاب المقدس)؛ فهو أحد الملوك الذين حكموها (من ٥٦٠ إلى ٥٤٦ق.م. بعد جيجيس وألياتيس). وازدهر مُلكهم بعد انتصارهم على الميديين. زحف قورش الثاني ملك الفرس في سنة ٥٤٧ق.م. على المملكة، وحاصر عاصمتها الرائعة سارديس وأسر كرویزوس وهيأ له المحرقة، ثم عفا عنه كما تروي حكاية الحكماء السبعة. وهناك رواية أخرى تُنسب إلى «ألياتيس» ملك الليديين أنه بعث رسولًا يسأل عرافة معبد دلفي: من هو أسعد إنسان فوق الأرض؟ ويبدو أن الملك كان يتوقَّع أن يتلقى الجواب بأنه أسعد السعداء، ما دام يملك القوة والأبَّهة وكنوز الذهب والفضة بغير حساب. ولكن النبوءة قالت: أسعد الناس هو أجلاوس بن بسوفیس. وبحث الملك عن هذا السعيد المجهول، وأرسل جنده يفتشون عنه في كل مكان. ثم جاءه الرسل بعد أن عثروا عليه، فذهل وصاح: فلاح بائس! رد الرسل قائلين: وهو بسيط وتقي صالح. والحكايتان تؤكِّدان أن اعتزاز الإغريقي بوَعْيه وحكمته وكبريائه وبساطته في مواجهة ملوك الشرق بثرائهم وأبَّهة قصورهم وتجبرهم.
الفصل الرابع
(١) تقوم هذه اللوحة على ثماني رسائل متبادلة بين عدد من الحكماء السبعة، وكانت تؤلِّف في العصور القديمة شكلًا من أشكال الرواية التاريخية على هيئة رسائل. وقد ذكرها مؤرِّخ حياة مشاهير الفلاسفة، دیوجینيس اللائرسي، ووزَّعها على سير الفلاسفة كل على حِدَة. ولهذا حاولنا الجمع بينها وترتيبها على هذه الصورة التي أوردها الأستاذ «برونوسنیل» في كتابه عن حياة الحكماء السبعة وآرائهم. ويبدو أن الرواية الأصلية كانت أكبر وأشمل مما توحي به هذه الرسائل المتبقية. فرسالة طاليس إلى صولون تشير إلى رسالة سابقة تلقَّاها من بیاس، كما أن المراسلات المتبادلة بين طاليس وفيریكیديس يحتمل أن تكون جزءًا من رواية تاريخية أخرى. ولكن المؤكد على كل حال أنها تشير — كما تفعل الرسائل المتبادلة بين صولون وطاليس — إلى الرحلات التي قام بها الحكماء السبعة، والصلات التي كانت قائمة بينهم والزيارات واللقاءات التي جمعتهم. والملاحظ أن الرسائل لا تذكر غير ستة من الحكماء، كما تستبعد الحكيمين بیریاندر وبيتاكوس اللذين كانا من الطغاة المنفردين بالسلطة. ويرجع هذا إلى الروح السائدة في هذه الرسائل التي تحمل حملة شديدة على الملكية والحكم الفردي المستبد كما تمثل في شخصية بيزيستراتوس. ولهذا كان من الطبيعي أن يُستبعد الاسمان السابقان. والثابت أيضًا أن هذه الرواية التاريخية ترجع للعصر الهلينیستي، ويرجح أن تكون قد نشأت في النصف الأول من القرن الثالث ق.م.، تدل على ذلك الروح الواقعية التي تغلِب عليها. وربما يدل عليه أيضًا أن كاتب الرواية قد استبدل بالشخصيتين اللتين استبعدهما شخصيتين أخريين معروفتين بالورع والتدين، وهما أبيمينيدس الكاهن الكريتي الذي يُقال إنَّه خلص أثينا من وباء الطاعون، وفریكیدیس الذي يُنسب إليه كتاب عن اللاهوت وأنساب الآلهة.
(٢) ملك أسطوري حكم أثينا، ويقال إنه حماها من هجَمات الأسبرطيين، وسقط دفاعًا عنها. يذكر المؤرخ باوزانباس أن المثَّال الشهير فیدياس صنَع له تمثالًا في دلفي، كما يذكر أرسطو في كتابه عن نظم الأثينيين أن الأثينيين من نسل هذا الملك، ولذلك يُسمَّون أيضًا بالكودريین.
الفصل الخامس
(١) ترجع هذه الحكم والأمثال والعبارات المأثورة إلى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وبداية الاهتمام بجمع التراث بوجه عام في مجموعات مختارة. وكان من الطبيعي أن تُنسب معظم هذه الأقوال والأمثال للحكماء السبعة الذين تمثِّل «الحكم» الجارية جوهر حكمتِهم. وقد وصلت إلينا أهمُّ هذه المجموعات المختارة تحت اسم السياسي والفيلسوف ديمتريوس الفاليروني (من حوالي ٣٥٠ إلى ٢٨٠ق.م.) الذي حشد في مجموعتِه عددًا كبيرًا من الأقوال والعبارات التي تغلُب عليها التفاهة والضَّحالة بصورة واضحة. وقد أبقيتُ عليها حفاظًا على الروح الشعبية التي تميزها من ناحية، وعلى الصُّورة الشعبية التي تظهر بها الحكماء السبعة من ناحية أخرى؛ وذلك على الرغم من الملَل الذي يمكن أن تَبعثه في النفس، وخلو معظمها من أي حكمةٍ حقيقية … ولعل هذا يدل على أن الحكماء المشهورين كانوا قد تحوَّلوا إلى شخصيات مثالية تفتقر إلى الحياة، وراح الناس يهيلون على رءُوسهم ركامَ الأقوال والأمثال بلا تمييز.
(٢) تعتمد هذه الحكاية عن «الكأس الذهبي» على أبيات من الشعر للعالم والشاعر السكندري المشهور كاليماخوس، الذي عاش وكتب في النصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد. وفيها نجد شخصيةً لعجوز الأركادي باثیكلیس، وقصته مع أبنائه على نحو ما أوردتها في بداية هذه اللوحة. وقد روی دیوجینیس اللائرسي الحكاية نفسها نثرًا في كتابه عن سير الفلاسفة (١–٢٩)، وأكمل بذلك الأبيات التي يقولها الشاعر السكندري على لسان روح الشاعر الإغريقي القديم هیبوناكس (حوالي ٥٤٥ق.م.)، التي صعدت من عالم «هادیس» السفلي لتسخر من علماء النحو السكندريين، وتحثهم على ترك خلافاتهم العقيمة … والمهم في رواية كاليماخوس أنه يضع الكأس الذهبي في مكان المبخرة ذات القوائم الثلاثة التي وردت في روايات شحيحة ترجع إلى ما قبل العصر الهلينستي. ولعل الروايتين معًا أن يكونا صورةً أخرى من الأسطورة القديمة عن النِّزاع الذي وقع بين الإلهات الثلاث هيرا وأثينا وأفرودیت عن أجملهن وأحقِّهن بالتفاحة الذهبية، واحتكامهن إلى «باريس» للفصل بينهن. ولعل شخصية سقراط الذي رفض أن يصدق نبوءة دلفي المشهورة بأنه أحكم الأثينيين قد أثَّرت أيضًا على صورة الحكماء المتواضعين.
الفصل السادس
(١) يبدو أن أغنيات الشراب «سكوليا»، الواردة في هذه اللوحة على لسان الحكماء السبعة، كانت جزءًا من كتاب شعبي ضائع عن مأدبة ضمَّتهم في دلفي، أو في قصر الملك كرويزوس، أو في مكان آخر لا نعلم عنه شيئًا. ويبدو أيضًا أن هذا الكتاب الضائع قد كان نواةً لكتب المآدب، وأحاديث الفلاسفة التي توالت بعد ذلك من «مأدبة» أفلاطون المعروفة، حتى مأدبة الحكماء السبعة للمؤرخ بلوتارك في أواخر العصور القديمة (عاش من حوالي ٤٦ إلى حوالي ١١٩ ميلادية). والمهم أن الأغاني التي تضمُّها هذه اللوحة تدور حول اللغة التي يمكن أن تعبِّر عن أحاسيس البشر تعبيرًا صادقًا، كما يمكن أن تُستخدَم للغِش والخداع والتمويه والمماطلة. والظاهر أن المكان والعصر الذي نشأت فيه هذه الأغنيات (وهو أثينا القرن الخامس ق.م.) قد واجَها نفس الأسئلة التي تُلح علينا اليوم أمام سيل الكذب والزَّيْف والاتجار بالكلمة، وتحريفها عن مواضعها.
(٢) يُروى هذا القول على لسان هيراقليطس، وقد ذكره ديوجینیس اللائرسي ١، ٢٥.
(٣) يحكي أرسطو هذه الحكاية الشهيرة في السياسة، أ ١١، ١٢٥٩ أ.
(٤) يؤكد أفلاطون هذا الجانب النظري والتأمُّلي الخالص بحكايته المشهورة على لسان سقراط لمحدثه ثيودوروس عن وقوع طاليس في برِكة ماء؛ لانشغاله بالنظر إلى قبة السماء وتأمُّل النجوم، بحيث ضحِكت عليه فتاة تراقبه مرِحة، رأته مصادفة وسخرت من شغَفه بمعرفة ما في السماء، وانصرافه عن معرفةِ ما يجري أمامه وتحت قدمَيه. ويدافع سقراط عن طاليس بأن هذه السخرية تنطبق على كلِّ من يحيا في الفلسفة، ويهتم بالبحث عن ماهية الإنسان. ليایتيتوس، ٢٤، ١٧٣ ﺟ – ١٧٤.
(٥) انظر هذه الأغنيات في كتابي عن سافو، القاهرة، دار المعارف، سنة ١٩٦٦م.
(٦) وردت الحكاية عند الكاتب اليانوس (حوالي سنة ٢٠٠ ميلادية)، وقد أخدها عن موسوعة المؤرخ ستوبایوس ٣، ٢٩، ٥٨. وهي التي ضمَّت مجموعة ضخمة من المختارات الشعرية والنثرية من الأدب اليوناني، انتخبها صاحبُها في أوائل القرن الخامس قبل الميلاد؛ لتعليم ابنه سبتيموس، ورتبها ترتیبًا موضوعيًّا من الميثافيزيقا إلى التدبير المنزلي.
(٧) وردت أغنيات الشراب «سكوليا» في كتاب دیوجینیس اللائرسي السابق الذكر ١، ٣٥–٦١–٧١–٧٨–٨٥، ٩١. ويلاحظ أن بریاندر طاغية كورنثة لم يرِد ذكره في هذه المأدبة، ولا في صيغها المتأخرة، كما أن أفلاطون يُغفله أيضًا في كلامه عن مأدبة الحكماء السبعة في محاورته و«بروتاجوراس»؛ مما يدل على اعتماده على الكتاب الشعبي، الضائع الذي سبقت الإشارة إليه.
(٨) عن بلوتارك (من حوالي ٤٦ إلى ١٢٠م)، مأدبة الحكماء السبعة، ١١، ١٥٤ د. ويُلاحَظ في هذه المجموعة والمجموعات التالية من «الإجابات» أنها تمثل جنسًا أدبيًّا ازدهر فيما بعد منذ العصر الهلينستي والعصور التالية. وكان السؤال دائمًا يُوجَّه بصيغة أفعل التفضيل: ما الأحكم أو ما الأفضل؟ وكانت الإجابات تُنسَب عادةً إلى الحكماء السبعة، وإن كان معظمها يرجع لوقت متأخر، سادَتْه روح مختلفة. ونحن نقابل لعبة السؤال والجواب في حكايات أخرى غير الحكايات المأثورة عن الحكماء السبعة، كما في حكاية اللقاء الذي تمَّ بين الإسكندر الأكبر والبراهمان الهندي، أو في صورٍ أخرى من قصة الإسكندر في التراث الديني والشعبي، كقِصة ذي القرنين مع الخَضر عليه السلام، ثم في كتاب «سندباد نامه» الذي تعتمد عليه اللوحتان الأخيرتان في هذا الكتاب.
(٩) بلوتارك، مأدبة الحكماء السبعة، ١٢، ١٥٥ج.
(١٠) وردت هذه الإجابات عند ستوبایوس ٤، ٢٨، ٧، ٢٧، ١٦، ٢٥، ٥.
(١١) بلوتارك، مأدبة الحكماء السبعة ٩، ١٥٣ق.م.؛ ودیوجینیس اللائرسي ١، ٣٥؛ وستوبایوس ١، ٣٤، ٧٣، ١٠٢، ١٥٧.
الفصل السابع
(١) هو ديسيموس ماجنوس أوزونیوس، العالم الشاعر وأستاذ النحو والبلاغة، الذي ولد حوالي سنة ٣١٠ للميلاد في مدينة «بوردو»، ومات في أواخر القرن الرابع. عمل مربيًا للأمير جراسيان الذي أصبح قیصرًا فيما بعدُ، وقلَّده المناصب العالية. وبعد اغتيال جراسيان سنة ٣٨٣ ميلاديًّا انسحب إلى ضيعتِه بالقرب من مدينته بوردو، وتفرغ لشعره وكتاباته المتنوعة التي تفوَّقت قيمتها التاريخية والحضارية على قيمتها الفنية والأدبية. وقد كتب هذه المسرحية القصيرة أو هذه اللعبة التمثيلية عن الحكماء السبعة، وهو في شيخوخته حوالي سنة ٣٩٠ ميلادية، عندما أصبحت الثقافة جافَّة ضحلة، وانعكست الضَّحالة والجفاف على شخصيات الحكماء السبعة الذين يتتابعون على المسرح، كأنهم آلات تحركها ساعة آلية، ويلقون كلماتهم كما يفعل تلاميذ المدارس الذين يردِّدون أدوارهم المحفوظة … وعلى الرغم من رداءة الأشعار وخطأ كثير من المعلومات؛ فإن لهذه اللعبة أهميتها في وقت انعدم فيه الشعر الدرامي أو كاد.
(٢) وهو الثوب الأبيض الفضفاض المعروف بالتوجا.
(٣) يلاحظ أن حكم الحكماء السبعة وعباراتهم قد وردَتْ في الأصل اللاتيني باليونانية.
(٤) ما بين قوسين إضافة مني؛ لتوضيح معنى العبارة التي تُقال على لسان صولون إلى الملك كرویزوس (انظر اللوحة الثالثة).
(٥) أُذَكر القارئ بحكاية الكأس الذهبي أو البرونزي الذي عثَر عليه الصيَّادون في خليج مسينا، وعليه النقش إلى أحكم الحكماء (اللوحة الخامسة)، كما أذكِّره بأن الحكاية نفسها تُروى في صياغة أخرى عن وعاء ذهبي أو برونزي ذي ثلاثة قوائم يستخدم في المعابد لإطلاق البخور.
الفصل الثامن
(١) الإشارة إلى رسالتين من العصر البيزنطي، عرَف العُلماء أولاهما من عدَّة مخطوطات دُونت ابتداء من القرن الثاني عشر. وفي هذه الرسالة بقية من العصر القديم، وبعض أسماء الحكماء السبعة. أما الرسالة الثانية التي ترجع مخطوطاتها إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر، فتزدحم بخَلط لا مثيل له. ولا نكاد نجد فيها غير أفكار من العهد القديم والعهد الجديد، على لسان شخصيات مشهورة، مثل: هوميروس وأفلاطون وأرسطو وهيرميس مثلث العظمة (وهو في الأصل تحوت إله الحكمة والكتابة المصري). وعندما يذكر الكاتب اسم أحد الحكماء السبعة نجده يخطئ، فهو مثلًا يجعل اسم كليوبوليس كليو ميدبس.
(٢) ولد بالإسكندرية وعلم فيها من حوالي سنة ١٥٠ إلى حوالي سنة ٢١٥ بعد الميلاد. تأثَّر بأفلاطون بوجه خاصٍّ، وبالرواقية وفلسفة فيلون. وهو من رواد الفلسفة المسيحية والغنوص المسيحي. وقد اعتقد أن الكلمة أو اللوجاس ظهر فعله وتأثيره على الفلسفة الوثنية، وخصوصًا فلسفة أفلاطون التي فسَّرها تفسيرًا مسيحيًّا، وتصور أنه لا غنى عنها في التسامي إلى الله والتوجه إليه.
(٣) تصرفت في هذه العبارات المنسوبة إلى الشاعر المسرحي «مینا ندر»، حتى يستقيم المعنى الذي يدور حول الخشوع لله، والتحذير من محاولة معرفته والبحث في طبيعته. وإليك الترجمة الحرفية للأصل: «اخشَ الرب واعرِفْه، لكن لا تبحث عن ذاته ولا من صفاته، وسواء أكان موجودًا أم غير موجود؛ فعليك أن تُجلَّه وتعرفه بوصفِه موجودًا. ذلك أن الجاحد هو الذي يسعى إلى معرفة الله.»
(٤) المقصود هو الرسالة الثانية التي مرَّ ذكرها في هامش سابق.
الفصل التاسع
(١) انظر كتاب سندباد الحكيم (سندباد نامه)، في ترجمته العربية الرائعة عن الفارسية، للدكتور أمين عبد المجيد بدوي، القاهرة، النهضة المصرية، ١٩٧٨م.
الفصل الثاني عشر
(١)
ورَد ذكر الحكماء السبعة ومقتطفات من أقوالهم عند
بعض الفلاسفة المسلمين والمؤرخين للحِكمة وطبَقاتها …
فالبيروني يذكُرهم في معرض كلامه عن قدماء اليونانيين
(تحقيق ما للهند من مقولة، ص٢٤) فيقول عنهم: «إن
قُدماء اليونانيين قبل نجوم الحكمة فيهم بالسَّبعة
المسمَّين أساطير الحكمة، هم: (أ) سولن الأثيني، (ب)
وبيوس الفاريني، (ﺟ) وفاریاندروس القورنتي، (د) وثالس
المليسموسي، (ﻫ) وكيلون اللقاذوموني، (و) وفيطیقوس
لسبيوس، (ز) وتيليبولوس لندیوس.» ويذكرهم الشهرستاني
(الملل والنحل، ج۱، ص ١١٩) فيقول: «الحكماء السبعة
الذين هم أساطین الحكمة من الملطية وساميا وأثينة وهي
بلادهم» … ثم يُورِد أسماءهم، فيخلط خلطًا شديدًا،
ويُدخل فيهم من المتقدمين أنكسیمانس وأنكساغوراس
وأنیاذوقلیس وفيثاغورس، ومن المتأخرين سقراط وأفلاطون.
وذلك على نحو ما فعل بعض الرواة في العصر المسيحي،
متأثرين بمصادر أفلاطونية محدَثة. أما عن آرائهم فيأبى
الشهرستاني إلا أن يجعل منهم فلاسفة يدور كلامهم «على
ذكر وحدانية الباري تعالى، وإحاطة علمه بالكائنات كيف
هي؟ وفي الإبداع وتكوين العالم، وأن المبادئ الأولى:
ما هي؟ وكم هي؟ وأن المعاد: ما هو؟ ومتى هو؟ وربما
تكلَّموا في الباري تعالى بنوعِ حركة وسكون».
وإذا كان الشهرستاني يتتبَّع أخبارهم التي أغفَلها
متأخِّرو فلاسفة الإسلام، فإن ابن النديم في الفهرست
يشير إليهم إشارةً عابرة عند كلامه عن أوَّل من تكلم
في الفلسفة، معتمدًا في ذلك على أقوال قرقوريوس
الصوري، تلميذ أفلوطین وكاتب سيرة حياته. ولعل المفكر
العربي الوحيد الذي اهتم بالحكماء السبعة وذكر أسماءهم
بدقة، وروى بالتفصيل حكايتَهم مع الصياد والمبخرة، أو
المقعد المثلث القوائم (ويسميها طرنبوذا من ذهب!) كما
عُني بجمع أقوالهم، وبخاصة أقوال صولون وسيرة حياته،
المبشر بن فاتك (في كتابه الذي حقَّقه أستاذنا عبد
الرحمن بدوي، وهو مختار الحكم ومحاسن الكلم، ص٣٤، في
هذا كله كتاب من الميثولوجيا إلى الفلسفة عند اليونان،
أو بواكير الفلسفة قبل سقراط. للدكتور محيي الدين
الألوسي الكويت، مطبوعات جامعة الكويت، ١٩٧٣م،
ص٢٥٨–٢٦٧).
(٢) إشارة من بعيد إلى الحكيم الطاوي (نسبة إلى الطاو أو طريق الحقيقة، وجوهر الأشياء في الفلسفة الطاوية في الصين القديمة) الذي يختفي عن الأنظار، بعد أن يحقق الانتصار لشعبه ومدينته. وبالطبع لا يجبر الناس على الاحتفال به، وهو مهزوم أو بعد هزيمته! ويقال إن هذا الحكيم الطاوي هو فان لي، من القرن الخامس قبل الميلاد. لقد وعدوا أن يهدوه نصف المملكة، لو رجع من الحرب منتصرًا، ومعه جيوش «یوریه» الظافرة. ولكنه ركِب بعد تحقيق النصر مركبًا خفيفًا إلى مكان مجهول، ولم يسمع به أحد بعد ذلك أبدًا … (راجع ترجمة كاتب السطور لكتاب تاو-تي-كنج، الطريق والفضيلة، سلسلة الألف كتاب، القاهرة، ١٩٦٧م، ص٢٤).