من أقوال آدم سميث الشهيرة
(١) عن تقسيم العمل …
إن الزيادة الهائلة للعمليات الإنتاجية في مختلِف الاختصاصات — كنتيجة لتقسيم العمل — هي التي تؤدي في مجتمع الحكم الرشيد إلى ثراءٍ شاملٍ يتغلغل إلى الشرائح الدنيا من الناس.
(٢) … ومنفعته المقارنة
إن استخدام الصوبات الزجاجية والمستنبتات وجدران الاستنبات ذات المداخن الحرارية يتيح لاسكتلندا أن تزرع نوعية جيدة جدًّا من العنب، كما يمكن أن يُصنَّع منه خمر عالي الجودة بتكلفة تبلغ — على الأقل — قرابة ثلاثين ضعف تكلفة أي خمر جيد بالمثل مصنَّع في دولة أجنبية؛ فهل سيكون من المعقول أن نسنَّ قانونًا يمنع استيراد كافة الخمور الأجنبية لمجرد تشجيع صناعة خمر الكلاريت والبُرغندية في اسكتلندا؟
من المبادئ الأساسية التي يعمل وفقًا لها أي ربِّ أسرة حصيف ألَّا يحاول أن يصنع في منزله أي شيء تزيد تكلفة صناعته عن تكلفة شرائه … وما يُعَدُّ سلوكًا حصيفًا من جانب كل عائلة بمفردها، من النادر أن يكون سلوكًا أحمق من جانب أي مملكة عظيمة.
(٣) عن التنافس …
عمومًا، إنَّ أي فرع من فروع التجارة أو أي قسم من أقسام العمل، إن أثبت منفعته للناس، فإن التنافس سيصبح أكثر تحررًا وشمولية وسيزيد دومًا على هذا النحو.
الاستهلاك هو الغاية الوحيدة للإنتاج بأكمله، ويجب ألَّا يخدم المنتِج مصالحه إلا بالقدر الضروري لتعزيز مصلحة المستهلك.
(٤) … وتشويه التجارة
إن الذين يعملون في مهنة واحدة نادرًا ما يلتقون معًا، حتى وإن كان ذلك للمتعة واللهو، لكن حواراتهم في هذه المناسبات تنتهي إلى التآمر على الناس، أو إلى التخطيط لزيادة الأسعار … لكن ما دام القانون عاجزًا عن الحيلولة دون تجمُّع العاملين في المهنة نفسها أحيانًا، يجب عليه أيضًا ألَّا يقوم بأي شيء في سبيل تسهيل انعقاد هذه الاجتماعات، ناهيك عن جعلها واجبة.
إن أي إجراء تنظيمي، يفرض على أصحاب المهن الواحدة في بلدة معينة أن يدوِّنوا أسماءهم وعناوينهم في سجل عام، يؤدي إلى تسهيل انعقاد هذه الاجتماعات …
والإجراء التنظيمي الذي يتيح لأصحاب المهن الواحدة أن يفرضوا الضرائب على أنفسهم من أجل إعانة فقرائهم ومرضاهم وأراملهم وأيتامهم … يجعل هذه الاجتماعات ضرورية.
إن أي اتحاد نقابي لا يجعل هذه الاجتماعات ضرورية فحسب، وإنما يؤدي أيضًا إلى فرض أفعال الأغلبية على الجميع وإلزامهم بها. أما في ظل التجارة الحرة، فلا يمكن تأسيس أي اتحاد فعَّال إلا عبر الموافقة بالإجماع التي يبديها كل تاجر بمفرده، ولا يمكن أن يدوم الاتحاد لمدةٍ أطولَ من المدة التي يظل فيها كل تاجر بمفرده على رأيه. والأغلبية في الاتحاد النقابي يمكنها أن تسنَّ أي قانون داخلي مشتمل على عقوبات ملائمة للحد من التنافس على نحوٍ أكثرَ فاعليةً ودوامًا، بالمقارنة مع أي اتحاد طوعي أيًّا كان.
إن زيادة رقعة السوق وتقليص المنافسة يصبُّ دائمًا في مصلحة المتعاملين في السوق … واقتراح أي قوانين أو إجراءات تنظيمية جديدة للتجارة تستند إلى هذه المنظومة يجب أن يُنظَر إليها دائمًا بحذر شديد، وألا تُطبَّق أبدًا إلا بعد تدقيق النظر فيها مطوَّلًا وبحذر، دون الاقتصار في ذلك على توليتها أدق انتباه فحسب، وإنما بتوجُّس شديد أيضًا؛ حيث إن هذا الاقتراح يأتي من مجموعة من الأشخاص الذين لا تتطابق مصالحهم البتة مع مصالح الناس، والذين لديهم عمومًا مصلحة في خداع الناس بل حتى في اضطهادهم؛ ولذلك فإن هناك الكثير من الحالات التي تشهد بأنهم خدعوا الناس واضطهدوهم.
(٥) عن الحكومة …
إن من قمة الوقاحة والجراءة … لدى الملوك والوزراء أن يتظاهروا بأنهم يعتنون باقتصاد الشعب ولا يطلقون العنان لنفقاتهم … فهم أنفسهم، ودون استثناء، أكبر المسرفين في المجتمع؛ فالأَولى لهم أن يراقبوا حجم إنفاقهم، وربما أيضًا يستأمنون الشعب على هذا الأمر. وإذا لم يؤدِّ إسرافهم إلى تدمير الدولة، فإن إسراف رعاياهم لن يؤديَ أبدًا إلى هذه النتيجة.
إن رجل الدولة الذي يجب أن يحاول توجيه الأفراد إلى أسلوب استثمار رءوس أموالهم، لن يكلف نفسه عناء الاهتمام بأمر غير ضروري تمامًا فحسب، وإنما سيتولى أيضًا مسئوليةً ليس من السهل إسنادها إلى أي شخص أو هيئة أو مجلس أيًّا كان، وهي سلطة لا يمكن أن يكون هناك أخطر منها عندما تقع في يد رجل يمتلك من الحماقة والوقاحة ما يكفي لدفعه إلى الاعتقاد بأنه قادر على ممارستها.
(٦) … والضرائب …
ليس هناك من فنٍّ تتعلمه الحكومة على نحوٍ أسرعَ من سائر الحكومات كفنِّ سحب الأموال من حافظات أموال الشعب.
إن رعايا أي دولة يجب عليهم أن يسهموا في دعم الحكومة بما يتناسب قدر الإمكان مع قدرات كلٍّ منهم.
إن الضريبة التي يُلزَم كلُّ فرد بدفعها يجب أن تكون محدَّدة، وليست اعتباطية؛ ويجب أن يكون من الواضح والصريح — لدافع الضرائب وللجميع أيضًا — موعدُ تسديدِ الضريبة، وطريقةُ التسديد، والمقدارُ.
كل ضريبة يجب أن تُجبَى في الموعد، وبأكثر طريقة يجدها دافع الضرائب ملائمة له.
يجب أن يُخطَّط لاستقطاع كل ضريبة من الناس وعدم ردها إليهم بأقل قدر ممكن من المال، بغض الطرف عمَّا تحدثه في حالة الخزانة العامة للدولة.
إن صاحب المخزون هو مواطن عالمي بكل ما تحمله الكلمة من معنًى، وليس هناك ما يربطه بالضرورة بهذه الدولة أو تلك، وقد يميل إلى ترك بلده الذي يتعرض فيه إلى استجواب مزعج لتقدير ما يجب عليه دفعه من ضريبة مرهِقة، وقد ينقل مخزونه إلى بلدٍ آخر يتيح له الاستمرار في أعماله، أو التمتع بثروته أكثر كيفما يشاء.
(٧) … والإعانات
تُمنَح المكافآت التي تحصل عليها مصائد أسماك الرنكة حسب الوزن بالطِّنِّ، وتكون متناسبة مع حمولة السفينة، لا مع اجتهادها ونجاحها في الصيد. ومن المؤسف أنه قد أصبح من السائد أن تُجهَّز سفن الصيد من أجل هدف واحد هو صيد المكافآت، وليس صيد السمك.
(٨) عن ضوابط الاستيراد
ولأن الغني يُعَدُّ على الأرجح زبونًا أفضل لأصحاب الأعمال المجتهدين في محيطه بالمقارنة مع الفقراء، فإن هذا الأمر يسري على الأمة الغنية أيضًا. عندما تهدف [قيود التجارة] إلى إفقار كافة جيراننا، فإنها تميل إلى جعل التبادل التجاري معنا عديم الأهمية، بل وتافهًا.
إن تقييم ما إذا كانت مثل هذه الإجراءات الانتقامية [أي التعريفات المفروضة على الدول الأخرى التي تفرض تعريفات عالية] قد تُنتِج على الأرجح مثل هذا التأثير، ربما لا يدخل في اختصاص المشرِّع، الذي يتعين الحكم على مشاوراته وفقًا لمبادئ عامة لا تتغير على الإطلاق، تتعلق بمهارات شخص عنيف وماكر ومخادع، يدعوه الناس رجل دولة أو سياسي، والذي تتوجه المجالس التي يقودها وفقًا للتقلبات اللحظية التي تشهدها الأمور.
(٩) عن الحوافز …
الخدمات العامة لا تُنجَز أبدًا على نحوٍ أفضل من إنجازها عندما تكون المكافأة نتيجةً لأدائها، وتكون أيضًا متناسبة مع مقدار الجد والاجتهاد المبذول في أدائها.
(١٠) … والحوافز الضارة
من مصلحة كل شخص أن يعيش وفق النمط الذي يحقِّق له أكبر قدر ممكن من الراحة؛ وإذا كان أجره ليبقى هو نفسه بالضبط، سواءٌ أدَّى أم لم يؤدِّ عملًا كادًّا، فمن المؤكد أن من مصلحته … أن يهمل عمله تمامًا، أو … يؤديه بغير إتقان وبلا مبالاة.
(١١) عن العدل …
إذا زال [العدل]، فلا شك أن النسيج العظيم الهائل للمجتمع البشري … سيتفتت إلى ذرات في لحظة واحدة.
إذا أردنا وصول الدولة إلى أعلى درجات الثراء انطلاقًا من أدنى درجات البربرية، فلا نحتاج إلى الكثير من المتطلبات، وذلك إذا توفَّر السلام والضرائب السهلة وقَدْر مقبول من تطبيق العدل. أما العوامل الأخرى فيتكفل بها المسار الطبيعي للأمور.
(١٢) … والمشاركة الوجدانية من الآخرين
مهما بلغت الأنانية بالإنسان، فلا شك أن هناك بعض المبادئ في طبيعته تجعله يهتم بثراء الآخرين، وتجعل سعادتهم ضرورية له، دون أن يكون هناك ما يستمده منها سوى متعة مشاهدتها.
(١٣) عن الدافع للتحسين …
إن الجهد الطبيعي الذي يبذله كل فرد لتحسين أحواله … يكون في غاية القوة، حتى إنه بمفرده — ودون مساعدة خارجية على الإطلاق — لا يتمكن فقط من دفع المجتمع إلى الثروة والازدهار، وإنما يستطيع أيضًا التغلب على مئات العقبات الكَأْداء التي جعلها جهل القوانين البشرية تعرقل الكثير من عمليات المجتمع.
(١٤) … واليد الخفية …
[الغني] لا يستهلك أكثر من الفقير إلا قليلًا، وعلى الرغم مما في طبعه من أنانية وجشع … فإنه يتقاسم مع الفقير كل ما تتمخض عنه التحسينات التي يبدعها. إن أمثال هذا الغني يتحركون وفقًا لإرشادات يد خفية لتحقيق التوزيع نفسه تقريبًا لضروريات الحياة، الذي كان ليتحقق لو كانت الأرض مقسَّمة إلى حصص متساوية فيما بين كل سكانها، وبهذا فإنهم يعززون مصلحة المجتمع دون نية لفعل ذلك أو دراية بأنهم يعززونها، ويوفِّرون الوسائل اللازمة لتكاثر بني البشر.
كل فرد … لا يبتغي أن يعزز المصلحة العامة، ولا يعلم قَدْر إسهامه في هذا التعزيز … فإنه لا يبتغي من وراء ذلك إلا حماية نفسه، وعندما يوجه هذه الصناعة على هذا النحو تجاه إنتاجية ذات قيمة أعلى، فإنه لا يبتغي إلا ربحه الشخصي. وهو في سعيه هذا — كما في العديد من الحالات — يتحرك بفعل يد خفية لتعزيز غاية لم تكن جزءًا من مبتغاه.
إننا لا نتوقع من الجزار أو صانع الخمر أو الخباز أن يوفر لنا طعامنا على أساس رغبته في عمل الخير، وإنما على أساس اعتباراته المتعلقة بمصلحته الشخصية؛ وبذلك فإننا لا نتعامل مع إنسانيتهم، وإنما مع حب كلٍّ منهم لذاته، ولا نتحدث معهم أبدًا عن احتياجاتنا الضرورية، وإنما عن المنافع التي تعود عليهم.
(١٥) … والتخطيط
إن رجل النظام … غالبًا ما يكون على دراية شديدة بغروره وخُيَلائه، وكثيرًا ما يُتيَّم بالروعة المزعومة لخطته الحكومية المثالية إلى درجة تجعله يرفض أبسط انحراف عن أي جزء منها … ويبدو أنه يتخيل نفسه قادرًا على تنظيم مختلِف أفراد المجتمع الكبير بالسهولة نفسها التي تحرِّك بها اليدُ قطعَ الشطرنج، غير أنه لا يدرك أنه في رقعة الشطرنج الكبيرة للمجتمع البشري، تمتلك كل قطعة مبدأً للحركة يخصها ويختلف تمامًا عما يختار المشرِّع فرضه عليها.
(١٦) عن الجامعات
في جامعة أوكسفورد، معظم الأساتذة العموميين قد تخلَّوا خلال هذه المدة الطويلة حتى عن التظاهر بالتعليم.
الحياة الجامعية مُخطَّطة بصورة عامة لمصلحة، أو بعبارة أنسب لراحة الأساتذة، وليس لمنفعة الطلبة.
(١٧) عن توزيع الثروة …
إن ما يؤدي إلى تحسين ظروف القطاع الأكبر من أفراد المجتمع لا يمكن أن يمثل عقبة للجميع. وليس هناك من مجتمع يمكن أن يكون مزدهرًا وسعيدًا، بينما يرزح معظم أبنائه تحت طائلة الفقر والبؤس.
«لا توجد شكوى أكثر انتشارًا من شكوى ندرة المال.»
(١٨) … وفوائد الحرية
[دون معوقات التجارة] المنظومة الواضحة والبسيطة للحرية الطبيعية تبني نفسها بنفسها؛ وبهذا … تترك لكل فرد الحرية الكاملة في السعي إلى تحقيق مصلحته بطريقته الخاصة … إن الحاكم مُعفًى تمامًا من مسئولية لا يمكن أن تَفِيَ [بها] أي حكمة أو معرفة بشرية؛ وهي مسئولية الإشراف على المجهودات الهائلة التي يبذلها الشعب كأفراد، وتوجيه هذه المجهودات نحو قنوات توظيف تصبُّ بأقصى نحوٍ ملائم في صالح المجتمع.