تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
«تسبق ظاهرياتُ التأويل ظاهرياتِ الدِّين، كما تسبق ظاهرياتُ الدِّين بدورها كلَّ محاوَلةٍ لإقامة فلسفة للدِّين. لا يُمكِن إقامة للدِّين إلا بعد فَهم الظاهرة الدِّينية، ويستحيل ذلك قبل وضعِ ظاهرياتٍ مُسبقة. فلسفة الدِّين هي محاوَلة نسقية نسبيًّا تقوم على عناصرَ يُقدِّمها التحليلُ الظاهرياتي وحده.»
يضع «حسن حنفي» ظاهرةَ بنية الوعي الأوروبي وتطوُّره تحت مِجهرِ باحثٍ يمتلك وعيًا مُحايِدًا يستطيع فحص الظاهرة خارج تأثير الذهنية الأوروبية. وكانت الظاهرةُ الدِّينية المجالَ الخِصب لدراسته باعتبارها أحدَ أهم مظاهر هذا الوعي؛ لِما يُمثِّله الدِّين من مَصدر للفلسفة والعلم. وقد وجد في الظاهرياتية مُبتغاه انطلاقًا من كونها منهجَ بحثٍ يقوم على تحليل الخبرات الحية؛ فهي لا تنشغل بإثباتٍ أو نفيٍ ألوهي، بل هي منهجٌ مستقلٌّ يتعامل معه وعيٌ مُحايِد ابتداءً من البدايات الجذرية؛ فقدَّم قراءةً عميقة للمنهج الظاهرياتي في مرحلته الراهنة والمشكلات التي يعاني منها، مشيرًا إلى تطوُّر الظاهريات النظرية في اتجاه النظريات التطبيقية بوصفها منهجًا قابلًا للتطبيق، كما ركَّز على ظاهريات التأويل باعتبارها البدايةَ الجذرية التي تسبق ظاهرة الدِّين، ومهمتها وضعُ منطقٍ للنص المقدَّس من أجل تأسيس الدِّين بعد ذلك على أساسٍ يقيني.