مقدِّمة الكتاب
جَمَعَني بطائفةٍ من أفاضِلِ الأُدباء مَجْمَعٌ جرى فيه الحديثُ عن المؤلَّفات الدِّراسية الحديثة، وعن أثَرِها الْمُفيد في تهذيب النَّشْء، وعمَّا لا يَزالُ يَنقُصُ النهضةَ الدِّراسيةَ من التأْليف الشِّعْري الذي يَبُثُّ الرُّوحَ الفَنِّيةَ قدْرَ ما يَبُثُّ الرُّوحَ القَوْميةَ في النُّفوس، فاقْتُرِح عليَّ سدُّ هذا الفَراغ بمِثْل هذا الكتاب، ولكنِّي ما أَقْدَمْتُ أخيرًا على تَلْبية هذا الاقْتِراح إلَّا شَغَفًا بموضوعِه، لا ثِقةً بإمكاني التامِّ، فهو جُهْدُ الْمُقِلِّ الْمُوَزَّع الخاطِرِ، ولكنَّه جُهْد المُخْلِص أيضًا، وحَسْبي ذلك عُذْرًا وشَفيعًا. وقد آثَرْتُ الإنشاءَ والتجديد فيمَا وَقَع عليه اختياري، ولم أَقْتَبِسْ من سالِفِ نَظْمي شيئًا في هذا الكتاب الذي أعْدَدْتُه للناشئات والناشئين في المدارس الثانوية.
وحُبًّا في تقسيم الفائدة تقسيمًا مناسبًا، قد جزَّأتُ الكتابَ إلى ثلاثة أجزاء، متدرِّجًا في الموضوعات والأساليب، وقد راعَيْتُ الإيجازَ الْمُجْدِي، كما راعَيْتُ السَّلاسةَ في التعبير؛ فهي أَوْجَبُ ما يكون في مثلِ هذا التَّأْليف، تَسْهِيلًا للحِفْظ، وتَشْويقًا إلى الموضوع.
ورجائي أن أَكونَ قد توفَّقتُ بهذا الكتاب إلى إسْداءِ بعضِ الخدمةِ الوطنيةِ الواجبةِ في مجالِ التأليفِ الدِّراسي، تثبيتًا للحكمة الخالِدة: «حبُّ الوطنِ مِن الإيمان.»
١٩ يناير سنة ١٩٢٦